|
بيع الجسد بين المواعظ الاخلاقية وسحق الاحتياجات المادية ظاهرة البغاء تبقى ملازمة للمجتمع طالما هناك شيء اسمه العمل الماجور.
منى حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 19:56
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
رد على مقال الكاتبة فؤاده العراقية والمنشور على صفحات الحوار المتمدن والمعنون دعارة الجسد هي نتاج لدعارة الفكر ذي العدد 4152- في تاريخ 13 /7 / 2013 تقول الكاتبة فؤاده في مقالها ان اسباب تفشي ظاهرة بيع الجسد هو التخلف سواء كان تخلف المراة او الرجل او المجتمع وتصف الكاتبة المراة انها مخيرة جدا ويجب ان تكون قوية الى درجة مواجهة كل الضغوطات والتي اقواها الجوع والفقر الذي يجرد الانسان من كل شيء حتى من المباديء مما لا يختلف علية اثنان ان مهنة بيع الجسد اقدم مهنة في التاريخ اسواق لنخاسة اسواق البيع والشراء بالنساء اسواق تجارية قديمة منذ ذلك الوقت يرتاد هذه الاسواق اصحاب روؤس الاموال اي التجار واختلفت صور التجارة بالمراة وتعددت وتطورت عند ظهور الاديان صارت لدينا زيجات دعر واضحة واخرها زواج المناكحة بالاضافة الى ان هناك سعر يحدد لشراء المراة وبشكل مؤبد ومدى الحياة ومع ما انتجه النظام الراسمالي من مشاكل اعاقت البشرية وشوهت الانسانية هو تعزيز الرواج للاسواق بيع الجسد بداء من افلام صناعة الجنس وانتهاءا بمخلفات الحروب التي حصيلتها الموكدة فقر وجوع واتجار بالبشر وعلى راس القائمة اسواق بيع الجسد لماذا نتحايل على انفسنا ونحاول ان نضيف للمراة مشاكل جديدة عن طريق ادانتها او القاء اللوم عليها فوق ماساة مهنتها وابتلائها بمهنة تجبر على مزاولتها ناتي نحن ونتهمها بالتخلف بيع الجسد ببساطة له مدخل واحد وهو ان العالم الواقعي يستند على المعطيات المادية بالرغم من كل الفلسفات والافكار والايدولوجيات التي تسطرها البرجوازية عن طريق فلاسفتها وكتابها المأجورين ورجالات الدين من مختلف المشارب التي تصف العالم بالمثاليات والاخلاقيات التي موجودة في الاذهان. فالانسان هو نتاج ظروفه المادية "الناس يصنعون تاريخهم بيدهم، ولكنهم ليس على هواهم. انهم لا يصنعونه في ظروف يختارونها هم بأنفسهم بل في ظروف يواجهون بها وهي معطاة منقولة لهم مباشرة من الماضي" (الثامن عشر من برومير-كارل ماركس). تلك الحقيقة لا تريد البرجوازية ان تعترف بها لا لانها غير مقتنعة بها بل لتمرير ديماغوجيتها وتظليلها المستمر للجماهير المحرومة والتي تسلبها حقوقها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كي تستمر اكثر مدة في استغلالها ونهبها لثروات المجتمع والنتاج المادي لعرقهم. انها تقول بأن الانسان بأمكانه ان يتدبر نفسه وان لا يقع في "المعصيات" حسب توصيفات (رجال الدين الاسلامي او المسيحي او اليهودي)، كي تبرر بالاخير بأن لهم الحق في التمتع بالثروات وتقاسمها مع اعضاء طبقته المسيطرة وفي نفس الوقت تضيف ايضا، هذه قسمة للفقير والملايين المرحومة وانها ليس اكثر من عدالة الرب.
ان النظام الرأسمالي خلق ظواهر اجتماعية لا يمكن تفاديها دون هدم اسس ذلك النظام. فالعمل المأجور وتفشي المخدرات في المجتمع والفساد الاداري والمالي والسياسي وبيع الجسد ..كلها ظواهر ملازمة للنظام الراسمالي.
ان ظاهرة بيع الجسد وقد اصبحت من اكثر انواع التجارة رواجا وتدر الملايين من الدولارارت على اصحاب الشركات التي تتاجر به هي اكثر الظواهر البارزة في جميع مجتمعات العالم. وتعتبر هذه التجارة هي اكثر بشاعة في تاريخ البشرية على الرغم ان هذه الظاهر ليست هي جديدة في المجتمع الراسمالي بل تعود جذورها الى الاف من السنين لكن اخذت في المجتمع الرأسمالي شكلا اخر "ان اضطهاد المرأة وإذلالها بذاته ليس من اختراع الرأسمالية. إلا أن الرأسمالية قامت باستكمال هذا الميراث المقيت للتأريخ السابق وحولته إلى أحد أركان العلاقات الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة".(برنامج عالم افضل- الحزب الشيوعي العمالي"، حيث اخذ كل شيء بشكل منظم ومبرمج ومقنون كي تدر ارباحا عالية على اصحاب شركات السمسرة والتجارة في هذا الميدان.
ان ظاهرة البغاء او بيع الجسد جزء من استلاب المرأة ليس لحقوقها الانسانية فحسب بل لكينونتها وماهيتها الانسانية. انه بنفس القدر الذي يستلب العامل كينونته الانسانية عبر العمل المأجور الذي يزاوله كل يوم كي يأمن لقمة عيشه وعيش افراد اسرته، بنفس القدر تستلب المرأة كينونتها الانسانية عندما تبيع جسدها كي تديم معيشتها ومعيشة اطفالها. ان هذه المسألة لا يراها اصحاب الوعاظ الاخلاقيين، لانهم يجردون المرأة من انسانيتها ويربطونها بحزمة من الاخلاق الذي هو الاخر نتاج الوقائع المادية التي يعيش فيها البشر. ويحاولون ان يبنون احكام وفلسفات من وحي اذهانهم. فهم لا يجدون تفسير ان ظاهرة البغاء تكون قليلة في المجتمعات المرفهة اقتصاديا وان كانت لا يمكن خلوها من تلك الظاهرة طالما هناك اللامساواة في توزيع الثروات في المجتمع. ان منظومة الاخلاق عند اولئك هي منظومة متناقضة، فهي لا تحاسب او تدين النظام الذي يسلب العامل النتاج المادي لعمله او الذي حولت تلك المرأة الى عاملة تبيع جسدها، بل تدين من هو الذي وقع عليهم الظلم والاظطهاد. فبدلا من ذلك تذهب لتصنيف البشر الى اذكياء فتحولوا الى اصحاب رؤوس اموال واغبياء الى عمال، الى اخيار اصحاب الشركات واشرار العمال الذين يضربون ويتظاهرون من اجل تحسين ظروف معيشتهم، دون معرفة الاسس المادية التي حولت البشر الى هذه التصنيفات. ان تفشي ظاهرة زواج المتعة على سبيل المثال لا الحصر في المدن المصنفة "الشيعية" في العراق مرتبط بشكل مباشر لما الت اليه الاوضاع الاقتصادية في العراق التي يعيش 40% من سكانها بأقل من دولار يوميا. ان زواج المتعة هو شكل من اشكال الدعارة مثله مثل دفع الاهالي لبناتهم القاصرات في الزواج المبكر كي يتخلوصوا من اعالتهن. ان هذه الظواهر تصنف المرأة كجسد وفقط كجسد وتباع وتشترى سواء بشكل مؤقت مثل حال بيع الجسد او بشكل نهائي مثل الزواجات المذكورة، تجرد المرأة من انسانيتها وتحولها الى بضاعة تنتقل حسب الحاجة في الاسواق. وعندما تكون المرأة لوحدها بدون قوانين تحميها او ضمان اجتماعي وضمان سكن وضمان بطالة لها ولعيالها فلن يكون امامها الا خيارت صعبة ومرة من اجل ابقاء اسرتها على قيد الحياة. ان سياط الغضب والنقد يجب ان توجه الى الدولة والنظام الذي يولد الفقر والفساد والعوز، الى الجاني الذي ينعم بكل خيرات المجتمع. ان ظاهرة البغاء تبقى ملازمة للمجتمعاتنا طالما هناك شيء اسمه نظام العمل الماجور.
الامضاء قلم التحرر والمساواة لكل نساء العالم
#منى_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أرهاب الختان.. في مواجهة النساء في كردستان
-
هذه المرة النساء العاملات.. دولة القانون الى اين
-
يوم الارامل العالمي
-
افتراس القاصرات وغيبوبة السرير
-
تساقط أوراق الاسلام السياسي
-
أحكام وقوانين التمييز لن توقف النضال التحرري للمرأة
-
أتفاقية السيداو ينسفها حق الدول الأعضاء في التحفظ على بعض مو
...
-
العاجل في كردستان بطيء وآجل
-
حوار الجسد هاجسهم الوحيد.. حلولهم أقتصرت على التصفية والقتل
...
-
التطهير الطائفي يعصف بمكتسبات المرأة في العراق
-
حصاد الدم العراقي في بستان الطائفية
-
أسلمة الثقافة على حساب جسد المرأة
-
أدامة بقاء النظام الطبقي يمر عبر بوابة عزل المرأة عن النضال
...
-
اللاجئات السوريات في مواجهة أسواق النخاسة الجديدة
-
الحصول على مقاعد في الجنة أم مقاعد في المجالس.. النساء المرش
...
-
شرعنة سوق النخاسة بأسم الجهاد
-
كفاكم تمادي اصحاب الصلوات والتعبد والزيارات
-
الحركة العمالية مشلولة ومعاقة من دون مشاركة المرأة
-
المساواة التامة بين المرأة والرجل بوابة العالم الأفضل
-
الثامن من مارس ليس يوما لمناسبة روتينية
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|