أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هدى الشاهد - اللامركزية وإعادة هندسة الدولة















المزيد.....

اللامركزية وإعادة هندسة الدولة


هدى الشاهد

الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 15:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتزايد الاتجاه نحو الأخذ باللامركزية كصيغة تنظيمية لإدارة الدول لشئون مجتمعاتها، فباتت طريق من طرق الإصلاح وإعادة هندسة البناء تفرضه متطلبات العصر للتكيف مع التطورات اللاحقة بدور الدولة والتى تحولت من فاعل رئيسى فى صنع السياسات العامة، وممثل للمجتمع فى تقرير هذه السياسات، ووضع خطط المتابعة والتنفيذ، ووسيط بين الفئات والطبقات المتنازعة، ومالكة للمشروعات ومسئولة عن حسن إدارتها وعن إعادة توزيع الدخل، وتقديم الخدمات وعدالة توزيعها.. لتصبح مجرد الشريك الأول بين شركاء متعددين فى إدارة شئون الدولة والمجتمع، الأمر الذى أستوجب إعادة النظر فى دور الحكومات الوطنية، وفى دور القطاع الخاص، والمؤسسات المدنية.. حيث أصبح للفاعلين المجتمعيين دور أكبر فى التأثير على السياسات العامة والإدارة على نحو لم يكن متصورا من قبل.
ومع عجز الحكومة المركزية فى التعامل بفاعلية وكفاءة مع معطيات عصر العولمة أصبح من الضرورى البحث عن اسلوب بديل لإدارة شئون المواطنين يستوعب متطلبات ذلك العصر، ويتعامل بكفاءة مع الموارد المتاحة ويلبى رغبات وطموحات المواطنين فى مستوى حياة أفضل، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال اللامركزية.
وفى هذا السياق لم يعد ينظر إلى مسألة الأخذ باللامركزية كمسألة أفضليات سياسية أو انحيازات ثقافية، وإنما أصبحت ضرورة عملية لدفع جهود التنمية وإعادة ترتيب الأدوار، واسلوب لا غنى عن اتباعه لترشيد إدارة الحكم. وبحسب الصيغة التى تأتى بها (لامركزية سياسية /أم لامركزية ادارية) تساعد اللامركزية فى تحقيق حزمة متنوعة من الأهداف (اجتماعية، وسياسية، وإدارية، ومالية..) تجسد البعد الإيجابى لدولاها فى إعادة هندسة الدولة.
فعلى الصعيد السياسى يفترض أن تساعد اللامركزية فى توسيع نطاق الممارسة الديموقراطية من خلال إشراك المواطنين -فى مختلف أنحاء الدولة- فى دراسة مشكلاتها وإيجاد طرق لحلها، أى إشراكهم من خلال الوحدات المحلية -سواء كانت وحدات إدارية أو وحدات حكم محلى- فى حكم أنفسهم بأنفسهم. وبقدر ما يتيحه هذا النظام من حرية مجال لمشاركة المواطنين فى مناقشة القضايا المحلية والقومية والتفاعل بقدر ما يتعمق لديهم الشعور بالمواطنة والإنتماء. بالإضافة إلى ذلك تسهم اللامركزية فى تحقيق التعاون والتنسيق بين الجهود الشعبية والحكومية فى الوفاء باحتياجات المواطنين عن طريق دعم الجهود الشعبية للإمكانات الحكومية عند تنفيذ المشروعات المختلفة وخلق نوع من المنافسة البناءة بين الوحدات المختلفة فى الوفاء باحتياجات المواطنين.
وعلى الصعيد الاقتصادى توفر اللامركزية قنوات لمساهمة الوحدات المحلية فى إعداد خطط التنمية القومية الشاملة، والإستفادة من الإمكانات الإقتصادية المحلية فى تلك الخطط، وكذلك الإقتصاد فى النفقات على المستويين القومى والمحلى عن طريق التنسيق البينى بين الوحدات المحلية المختلفة وتشجيع تجميع رؤوس الأموال المحلية وتوجيهها نحو مشروعات إنتاجية محلية، فضلا عن إمكانية استخدام الوحدات المحلية كميدان لبحث واختبار برامج ومشروعات جديدة للتنمية لتعميمها -فى حال نجاحها- على نطاق وطنى أوسع، ومن ثم تفادى –فى حال اخفاقها- ارتفاع الخسائر الاقتصادية حيث تكون محدودة بفضل محدودية التطبيق.
وعلى الصعيد الادارى تساعد اللامركزية فى القضاء على سلبيات البيروقراطية التى تلازم تركيز سلطة إتخاذ القرار بالعاصمة، وتباين أنماط الأداء من وحدة محلية لأخرى حسب طبيعة الوحدة وحجمها وحاجات أهلها، وتفادى أنماط الأداء على مستوى الدولة الذى يعتبر من عيوب الإدارة المركزية، بالإضافة إلى أن إعطاء القيادات المحلية سلطة إتخاذ القرارات المحلية يؤدى إلى تنمية قدراتها ومهاراتها الإدارية، ومن ثم خلق كوادر وقيادات إدارية صالحة لتولى المناصب القيادية على مستوى الدولة ككل، والعمل على عدم تمركز الخبرات والكفاءات الإدارية فى العاصمة وتوزيعها على كافة أنحاء البلاد، مما يساعد فى تقوية البنيان الإجتماعى والسياسى والإقتصادى والإدارى فى كافة أقاليم الدولة، وكذلك تحقيق كفاية أداء الخدمات فى ظل محدودية الموارد المتاحة عن طريق رفع مستوى الأداء الذى يتأتى من إشراف ممثلى الشعب على الخدمات التى تؤدى عن طريق المجالس الشعبية المحلية، وتحقيق التنسيق بين مختلف أنشطة الخدمات على مستوى الوحدة المحلية بما يمنع التضارب والإزدواجية عند التعامل مع المشكلات التى تتعلق بأداء أكثر من وحدة خدمية، وتجربة بعض الأساليب الإدارية المستحدثة فى نطاق وحدة محلية، والإستفادة بنتائج التجربة سواء بالإلغاء فى حالة الفشل أو التعميم فى حالة النجاح دون المخاطرة بتنفيذ التجربة على مستوى الدولة ككل لو لم يكتب النجاح لهذا الأسلوب الإدارى المستحدث.
وبالاضافة الى ما سبق تساعد اللامركزية على المستوى الاجتماعى فى دعم الروابط الروحية بين أفراد المجتمعات المحلية بطريقة تحول طاقاتهم إلى أعمال بواسطتها يأخذ كل مجتمع لنفسه وجوداً ذاتياً لتحقيق المصالح العامة المشتركة لأفراده، وتساعد فى التخفيف من أثار العزلة التى فرضتها المدينة على إنسان العصر الحديث، بعد توسيع نطاق التنظيمات إلى أقصى حد ممكن لتحقيق الكفاية والإقتصاد، كما تساعد على تعميق الثقة القيم الإنسانية وتأكيد حرية الفرد واحترام كرامته وكبريائه من خلال مشاركته فى إدارة المجتمع الذى يعيش فيه، فعن طريق العمل الجماعى يرتبط الإنسان بأفراد مجتمعه وبتأكيد إنتماؤه إلى بيئة محلية معينة، يؤثر فيها ويتأثر بها، وينفعل بكل ما يطرأ عليها من مشكلات.
ومع ذلك لا يمكن القول ان اللامركزية بحد ذاتها تضمن إدارة أفضل للحكم، اذ قد تخلق اللامركزية غير الفاعلة أو غير الملائمة من المشكلات أكثر مما تحل، كأن تقود إلى تدنى نوعية إدارة الحكم لاسيما عندما تفتقر الحكومات المحلية إلى القدرة والخبرة الموجودتين لدى المؤسسات الوطنية، كما أنها قد لا تلائم الدول الصغيرة جدا حيث يحقق الحكم المركزى فاعلية أكبر عبر تنسيق عمل الحكومة المركزية بدلا من إيجاد كيانات محلية مستقلة ذاتيا، وقد تقود اللامركزية إلى خسائر فى وفورات الحجم، وإلى عدم الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلى.. لذا يتحتم عند الاتجاه نحو تبنى اللامركزية التأكد أولا من ملاءمتها، والاختيار من منطلق عقلانى رشيد المدخل الملائم لتطبيقها.



#هدى_الشاهد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللامركزية.. قراءة نظرية فى الأبعاد والصيغ التنظيمية
- بناء القدرات المؤسسية للبرلمان: مقترح ثلاثى الأبعاد
- إشكاليات بناء قدرات مؤسسات البرلمانات العربية: مجلس الشعب ال ...
- بناء القدرات المؤسسية كمدخل للإصلاح البرلمانى


المزيد.....




- منهم ولي عهد أبوظبي.. صور أمراء وشيوخ ورؤساء وملوك بجنازة ال ...
- انفجار ضخم وأضرار جسيمة بميناء في بندر عباس جنوبي إيران
- غزة.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي لمنزل في الصبرة
- يوتيوب: العالم الخفي تحت ظلال خوارزمية
- لقاء يجمع ترامب وزيلينسكي في روما قبل جنازة البابا فرنسيس
- -نيويورك تايمز-: مسؤولون أمريكيون أبلغوا كييف بأن الإدارة ال ...
- مسؤول عسكري مصري رفيع يتفقد مقاتلات متقدمة في دولة أوروبية
- الكرملين: غيراسيموف أبلغ بوتين بتحرير مقاطعة كورسك بالكامل م ...
- تركيا: توقيف نحو 50 شخصا في إطار التحقيق مع رئيس بلدية إسطنب ...
- انتهاء القداس ونقل نعش البابا فرنسيس من ساحة القديس بطرس نحو ...


المزيد.....

- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هدى الشاهد - اللامركزية وإعادة هندسة الدولة