|
ماذا بعد تداعيات أنهيار الوضع الأمني ؟!
صبحي مبارك مال الله
الحوار المتمدن-العدد: 4171 - 2013 / 8 / 1 - 15:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ماذا بعد تداعيات أنهيار الوضع الأمني ؟! لقد أصبح المواطن العراقي وجهاً لوجه أمام الأرهاب والقتلة والمجرمين و بدون حماية ، فالتفجيرات والأغتيالات والتدمير المستمر أصبحت سمة للمشهد العراقي مع أنتشار العنف في كل مكان وهذا أن دلّ على شيئ فأنه يدلّ على عجز الحكومة في مواجهة ما يجري بل تخلت الأجهزة الأمنية عن واجباتها ومنها حماية الناس والممتلكات ، وبما أن الملف الأمني مفتوح منذ فترة طويلة ، فأن مايجري الآن هو نتيجة لما تعانيه الأجهزة الأمنية والشرطة الأتحادية والأستخبارتية من ضعف وأختراقات وفساد اداري ومالي ، أسوة ببقية الدوائر في الدولة وما حصل في شهر تموز من تصعيد للعمليات الأرهابية كان مؤشر على ضعف الحكومة في ضبط الأمن والأستقرار ، وكان آخرها ما حصل في سجن التاجي وسجن بغداد المركزي (أبو غريب ) من هروب السجناء وبالمئات وهم من عتاة القتلة والمجرمين ، لقد كانت العملية منظمة وذات تخطيط عسكري دقيق والتنفيذ في وقت واحد من داخل السجون ومن خارجها ، مع العلم أن سجن بغداد وسجن التاجي من السجون المنيعة فكيف تم ّ الأمر ؟ التقارير الأولية تشير الى أن تنظيم القاعدة هو المنفذ كما أعلن مسؤوليته عن ذلك ، ولكن بالتعاون مع عناصر وضباط من داخل الأجهزة المسؤولة عن حراسة هذه السجون ، حيث تم حجز عدد من الضباط الذين أثبت التحقيق الأولي تقصيرهم في أداء الواجب ومن بينهم رئيس أركان الفرقة الرابعة شرطة أتحادية ، وآمر فوج الشرطة الأتحادية المكلف بحماية السجن ومعاونه وأفراد أستخبارات الشرطة الموجودين داخل السجن وعناصر الشرطة الأتحادية المكلفين بحماية السجن أثناء الحادث . كما تقرر طرد مدير عام السجون وأحالته الى القضاء ، ولكن المشكلة أعمق وأبعد من ذلك ، فالتقارير تشير الى أصدار سبعة برقيات أستخبارتية تحذيرية تؤكد على أن هناك تحضيرات للهجوم على السجون ولكن مع الأسف أهملت هذه التحذيرات فهناك أيادي وعمل منظم بهدف الأختراق والسيطرة على السجنين قبل فترة مع توفير وسائل الأتصال بين داخل وخارج السجن وتحديد المهاجمين المسلحين والذين يقدر عددهم ب200 مهاجم مع عدد من العناصر داخل السجن مسلحين يعملون على أثارة الفوضى وأشعال الحرائق ، جرى كل هذا ولم تتخذ الأجراءات السريعة لدحر الهجوم . بعد الهجمات المكثفة على المواطنين بالتفجيرات وكواتم الصوت وتدمير المباني التي أدت الى أستشهاد العشرات والمئات من المواطنين وفي أغلب محافظات العراق وخصوصاً بغداد ، أصيب المواطن بالأحباط واليأس من تحسن الأوضاع الأمنية مع الشعور بأن قوى الأرهاب قد أمتلكت زمام المبادرة وتحديد الأهداف كيفما تشاء ولكن ماهي ردود أفعال الحكومة والبرلمان والأحزاب الحاكمة والأجهزة المتعددة ؟! الجواب على ذلك أصبح معروفاً لدى وسائل الأعلام والمواطنين ، لقد كان رد فعل الحكومة بكل وزرائها ودوائرها الأستغراب والذهول وكأن مايجري ليس له أساس ، فكان الرد بطيئ والبدأ بتوجيه الأتهامات من كل طرف الى الطرف الآخر كما حصل في رد رئيس الوزراء والطرف الآخر يرد بتحميل المسؤولية على رئيس الوزراء وهكذا دواليك . المشكلة تكمن( وكما قالتها القوى الخيرة في بلادنا ) في الأزمات السياسية المتراكمة والمتوطنة والتي لم تجد لها الحلول والمعالجات لحد الآن فهناك صراع سياسي وطائفي وصراع نخبوي بين القيادات حول المصالح والمناصب والمنافع وكل طرف تخندق في مكانه الحزبي الضيق أو الطائفي أو العشائري وقسّمت البلاد عل الأساس المذهبي والقومي والديني فضاعت البوصلة الوطنية فخلال فترة عشرسنوات التي مضت لم يتحقق هدف الدستور في أقامة الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية بل أصبح الميل نحو بناء دولة الأسلام السياسي ، مع خرق مستمر ومخالفات لمواد الدستور الذي شارك في كتابته أصحاب الأزمات . فالأزمات عميقة ومعقدة تحت ظل الأحتقان الطائفي والأثني مما جعل الأمر يتجه نحو التدهور الأمني والدعوة من جديد الى أستنهاض المليشيات المسلحة كلٍ يتبع الخندق الخاص به مما أصبحت وحدة البلاد مهددة والوحدة الوطنية ونسيج المجتمع العراقي مهدد بالتمزق مع أحتمالات الحرب الأهلية . أذن الأزمة هي أزمة نظام وليست فقط أزمة حكومة ، نظام تم تأسيسه على المحاصصة والطائفية ، ولم يستطع هذا النظام أن يعالج مشاكل الشعب المعاشية والخدمية ولم يحقق المصالحة والوحدة الوطنية ، نظام يفتقد الكفاءة في محاربة الفساد المالي والأداري ومعالجة الملفات الأمنية . أما عن ردود فعل البرلمان فأن الخلافات والمجادلات وعدم النجاح في تشريع القوانين المهمة ومنها قانون الأحزاب وقانون الأنتخابات والصراع المستمر بين الكتل المتنفذة من خلال الأتهامات المتبادلة قد أنهكت الجميع ، ولم يستطيعوا أن يحققوا جلسات أستجواب ناجحة مثلاً أستجواب المسؤولين عن الملف الأمني وعن الخدمات ومنها الكهرباء فالجميع يتهرب ، مما أصاب مجلس النواب بالأحباط ولم ينفذ قراره بالتحقيق في حادث هروب السجناء ، أضافة الى عدم أكتمال النصاب دائماً لغرض أتخاذ القرارات أو تشريع القوانين ولكن أستطاع أن يريح ويستريح وسط أشتعال الوضع الأمني وأستشهاد المئات من العراقيين بعد تنفيذ الهجمات الأرهابية ، بأن يتمتع بأجازة مريحة الى ما بعد عيد الفطر ،وترك الحبل على الغارب ، فالبلاد تحترق بنيران الأرهاب والقتل على الهوية وأستهداف الأسواق والمقاهي والجوامع والحسينيات والكنائس ودور العبادة الأخرى وكل شيئ حي أطفال ونساء ،شيوخ وشباب ، وهذا يعتبر تحدي للمؤمنين في هذا الشهرالفضيل شهر رمضان شهر الطاعة والصوم والأيمان ولكن ما يجري لا يثير الأستغراب . لقد أطلقت القاعدة ( على الهجوم على السجون وتهريب السجناء الذين هم من عناصرها ) تسمية (غزوة رمضان ) وأعتقد أن العمليات سوف تزداد كلما تراجع الموقف الكفوء من قبل الأجهزة الأمنية . التداعيات أصبحت واضحة من خلال شعور المواطن بالأحباط من جدوى عمل مؤسسات الدولة الأمنية ، ومن التفكك الواضح بين الأجهزة الأمنية وأستمرار الأختراقات وعدم مكافحتها ،و ضعف الثقة بين الجميع .كما أن البرلمان أصبح مشلول في المراقبة والمتابعة والتشريع ودوره الضعيف في حل مشاكل الشعب ، كما برزت سيطرة السلطات التنفيذية وتمردها عل السلطة التشريعية مثال على ذلك عدم حضور المسؤولين جلسات الأستجواب ، وكذلك السلطة القضائية تعاني من أضعاف دورها والتمرد على قراراتها مثل قرار المحكمة الأتحادية الخاص بالأنتخابات والذي سمى مصادرة الأصوات للقوائم غير الفائزة الى القوائم الفائزة بغير دستوري والآن محاولة بل العمل و الألتفاف على طريقة سانت ليغو العادلة والعودة الى طريقة هودنت . ولهذا يتطلب من الأحزاب السياسية المشاركة في الحكم أن تتحمل مسؤوليتها والعمل على أعادة الحيوية للمبادرات المتعددة لغرض حل الأزمات السياسية وأن تبتعد عن مصالحها الحزبية الضيقة ، كما يتطلب الأمر أيضاً من الأحزاب غير المشاركة في الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها وأن تنهي دورها المتفرج لتعمل على حمل مطالب الشعب وتتوجه بها الى الضغط على الحكومة من خلال سلسلة من الفعاليات السياسية المشتركة والمتعددة ودعوة القوى السياسية المتنفذة الى الحوار والمطالبة بتصحيح المسار نحو أقامة حكومة وطنية مدنية ديمقراطية ومن خلال صناديق الأقتراع والعمل على تعديل الدستور وأنهاء نظام المحاصصة والطائفية والأثنية الذي أثبت فشله . كما أن الوقوف صفاً واحدا كفيل بمواجهة الأرهاب والأرهابين وأعادة الأطمئنان والأستقرار للشعب . أن ما حصل لايعفي الحكومة و الأحزاب والكتل المتنفذة من المسؤولية ، وأن الشعوب دائماً تعطي الدروس لحكامها ومثال عل ذلك الشعب المصري الشقيق ، لقد أستطاع هذا الشعب أن يهب وينهض ويصحح مسار ثورة 25 ينايرفي 30 حزيران ، مع علمنا بأن لكل شعب خصوصيته ولكن عندنا أصبح من حق الشعب أن يستنكر ويدين الهجمات الأرهابية بنفس الوقت من حقه أن يغيّر الحكومة بسبب فشلها ، وأن على الأحزاب التي رشحت من أعضائها الى دست الحكم أن تغيّر هذا أوذاك وبصورة ديمقراطية وأن تنهي حالة الأحتراب ولهذا لانستبعد نفاذ صبر الشعب عما يواجه من ظروف صعبة . كما لابد الأنتباه أن هناك من يريد أن يستغل غضب الشعب كما حصل في تظاهرات وعصيان الرمادي ، حيث دُست الشعارات والمطالب ( المرفوضة) من قبل الأعداء بغية أعادة العجلة الى الوراء . أن المشاركة في الندوات الحوارية وحملات التواقيع والتظاهرات والأحتجاجات السلمية وعلى نطاق واسع وفقاً لمواد الدستور التي تقر هذه الحقوق سوف تعزز المطالب نحو التغييروالتوجه نحو بناء العراق الديمقراطي الجديد الموحد الآمن المستقر والمانع لتغلغل الأرهاب .
#صبحي_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة الرابع عشر من تموز ... دروس للحاضر والمستقبل !
-
تصحيح المسار!
-
تأمُلات وتساؤلات مشروعة !
-
توجهات جديدة في نهج السيد رئيس الوزراء !
-
الكتل السياسية بين الصراع الطائفي والسياسي
-
التيار الديمقراطي العراقي في مواجهة التحديات
-
الأتفاقية بين الحكومة الأتحادية وحكومة الأقليم هل تعتبر مؤشر
...
-
أحداث الحويجة تدق ناقوس الخطر !
-
الحسابات السياسية بين الحاضر والمستقبل
-
الدوران في حلقة مُفرغة !
-
سياسة الحكومة ومسؤوليتها تجاه الشعب
-
أجندات مُعلنة و أجندات مخفية !!
-
هل فقد الشعب الثقة في الحكومة والكتل السياسية ؟!
-
الأزمة السياسية مستمرة تحت دُخان الأنفجارات!
-
القوى الديمقراطية بين الأزمات السياسية والتحضير للأنتخابات
-
عام 2013 والفرح المؤجل
-
التعديل الرابع للقانونرقم 36 لسنة 2008 المعدل
-
ماذا بعد بيان السيد الرئيس ؟!
-
أحداث ساخنة وبرود حكومي !
-
نقد في نقد المشروع الديمقراطي
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|