أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مضر رياض الدبس - سورية...الثورة بين جهالتين














المزيد.....

سورية...الثورة بين جهالتين


مضر رياض الدبس

الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 09:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الصفة الوحيدة التي يصِحُ تثبيتها للجهل، بشكل عام، مُتضمنة في تعريف هذة الكلمة بالذات: الجهل هو عكس العِلم، و جَهلَ الأمر يعني خَفِيَ عَنهُ. فإذا كانت لحظات تأسيس الحراك السوري لحظات عِلم و تنوير، لحظات وعي بحقوق المواطنة أمام غطرسة الإستبداد، ولا أعتقد أن بهذا أي شك في لحظة كانت تستهدف كرامة الإنسان و حريته ( رغم أن الحرية تبقى في سياق دلالاتها المعرفية الإجتماعية: المتشبعة معرفياً بأفكار قريبة من مقاربة النظام و التيارات القوموية نفسها ).فإن الثورة تجد نفسها اليوم امام نوعين من الجهل يربكانها و يهددان حضورها الأول هو ما يسمية الكاتب الفرنسي أوليفييه روا "الجهل المقدس " و الثاني هو "الجهل المؤسس" و المصطلح للمفكر الجزائري الراحل محمد أركون.
إن الجهل المقدس هو الذي يأتي مع أفكار دينية معدة للتصدير و عابرة للقارات، تماماً كالسلع في عصر العولمة و اقتصاد المعرفة، فالدين عندما يتم فصله عن ثقافته بشكل ممنهج يصبح سلعة قابلة للتصدير و التسويق، كتلك الحركات التي تسوِّق للحوريات في الجنة. و يأتي بصيغ لدول دينية، من دون أي بعد ثقافي وطنيّ، يتساوى فيها البشتوني مع الكردي مع العربي، ليس بمنطق التعددية بل بمنطق تجريد الجميع من خلفيته الثقافية أمام الديني المحض، الذي انخرط فيه الجميع فأصبح من إنجازات العولمة كذلك: تجريديٌّ معدٌّ للتصدير. هذا بالطبع لا يعني حكماً أن كل ما هو ديني هو جاهل، و لا يعني موقفاً سلبياً ضد التدين و نكران له، بل يعني الحفاظ على الديني ضمن الثقافة التي نشأ فيها و احترام الديني و الرفض أن يكون سلعة للتجارة الدولية و الإقليمية البينيَّة لخدمة اهداف سياسية ضيقة، أو استخدام الإرهاب الذي ينتج من اصطدام الديني المجرد بواقع ثقافي ملموس و راسخ في سورية.
أما الجهل المؤسس فهو ذلك الجهل الذي يتم العمل عليه بشكلٍ ممنهج من قبل الأنظمة الحاكمة، في المناهج الدراسية و في طبيعة التربية المدرسية، فلا يخفى على أحد الطقوس البعثية التي يُرغَمُ التلاميذ و الطلاب على مزاولتها في المدارس من الإبتدائية إلى الجامعات، إنها علمانية الجهل و التجهيل، و إنها أيضاً جهل مقدس و لكن قداسته من الديكتاتور و دوغماه من الثوابت الإيديولوجية الحزبية و ليس من اللاهوت. و إذا كان ذاك الجهل المقدس قد أنتج مجاهدين إرهابين فإن هذا الثاني قد استطاع إنتاج مؤيديين إرهابيين ايضاً، و كلاهما تفنن في فعل الإرهاب لأنه لم يكن إلا "مجرداً اصطدم بواقع ملموس" و هو التعريف الذي اطلقه الفيلسوف المغربي عبدالله العروي على الإرهاب. هذه المقاربة حقيقة تفنِّد النظرية التي تقول: لا مانع من الإستعانة بالتطرف للقضاء على الإستبداد. وذلك لأن الإثنين من نفس الماهية الفكرية.
إن الثورة السورية ثورة سلمية بفطرتها الأولى و ما الحرب إلا نتاج الجهلين المؤسس و المقدس. هي حرب بين من يَقرن المواطنة بالإيمان بالقائد، و بين من يقرنها بالإيمان بالدوغما الدينية المعولمة القابلة للتصدير. و كلا الفكرين مفصولين عن أي ثقافة و لا تعنيهم اي ثقافة، سورية كانت أو غير سورية. فلا ضير عندهم في هدم تمثال المعري و لا ضير من هدم ضريح ابن الوليد. ينظر الإنسان للحرب في البدء على أنها كارثة تحمل طابع الجريمة و يجب تفاديها بما تحمل من الهمجية و العودة بالحضارة و الثقافة لعهود الهمجية الأولى و لكنها، أي الحرب، سرعان ما تبدو محتومة و "تشرع في التطاول إلى أن تبلغ ملء قامة القدر". بينما تزرع الخراب و الدمار، يدأب العقل على إدانتها و القلب على إجلالها شأن كل قوة يقر الإنسان بمجاوزتها قدراته، فتمسي الضحية تَقرَب الحرب كضرورة بعد ان كانت امراً لا مفر منه، و إذا الضحية لجأت للاهوت رأت فيها عقاب الله أو ابتلائه أو حتى نصره القدري القادم من السماء و إذا لجأت للفلسفة فإنها، ربما، صارت من أنصار هيغل...و كأني بالثورة أمام هذا الجهل أن تتلو: "...لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ "( سورة القصص آية 55 ) أو تتلو: "ِإذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ.")رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 4: 18)... نعم فما تَستعِيذ الثورة بالمقدس إلا لكي تتكلم: فلا سياسة و لا ساسة، إلى الآن، أجادوا الكلام باسمها.



#مضر_رياض_الدبس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثابت و المتغير في الحراك الإجتماعي العربي
- حول المجتمع المدني العربي بعد الحراك
- سورية و العقم السياسي
- في يوم العمال...هرطقات بين الإستلاب و الإبداع
- الأقليات السورية...شيزوفرينيا الهوية
- سوريا...وَهِم الطائفية و الإضطهاد


المزيد.....




- بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من ...
- -روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي ...
- منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا ...
- كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
- هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
- منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد ...
- وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن ...
- أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
- سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك ...
- حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مضر رياض الدبس - سورية...الثورة بين جهالتين