أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - خالد سالم - سورية في قلب أم الدنيا














المزيد.....

سورية في قلب أم الدنيا


خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 17:11
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    



رغم زعمنا، من المحيط إلى الخليج، بتدثر عباءة الحضارة لا تزال عقليتنا تئن بقبلية وفحولة الجاهلية، متخذين من النساء جسرًا لكسر كبرياء الشقيق العدو في "شرفه"، المتمثل في جسد المرأة، وكأن المرأة هي بؤرة النيل من هذا الشقيق الخصم. وعندما يدعي أحد هذا جراء مصيبة شعب عربي تأتي بفائدة للمتلقي الجاهلي من شعب عربي آخر، يزداد الطين بلة.
منذ أيام شاهدت على شاشة المرناة كاتبة سورية، تقطن القاهرة منذ أكثر من عقد، وهي تبكي جراء ما أصاب السوريات في مصر في إطار الصراع السياسي الدائر، ما أدى إلى انتشار وشاية مفادها أن نكاح الجهاد، الفتوى التي أطلقها داعية من بلد عربي ثالث، بدأ العمل به في ميدان رابعة العدوية حيث يعتصم أنصار الإخوان المسلمين منذ أن أُطيح بهم. السوريات المقيمات في مصر جراء الحرب الطاحنة في سورية يمثلن الطرف الضعيف في هذه الوشاية.
استدعاء عقليتنا القبلية البائسة للمرأة العربية والزج بها في أتون صراعاتنا لا ينفصم عن ماضٍ سحيق لم نبرأ منه. إنها عملية شيطنة للسوريين، وضمنها المرأة السورية للنيل من "شرفها" بغية كسر أنف الرجال الذين قد تسول لهم أنفسهم التدخل في الشأن المصري الداخلي. لا أظن أنها عملية ممنهجة، بل هي آنية وستختفي بفضل حكمة المصريين وعروبتهم التي لم تنل منها الحملات المتكاثرة منذ إتفاقية كامب ديفيد وما لازمها من أخطاء سياسية على يد سياسيي البلدين.
هذه الترهات سبق أن طالت نساء العراق بعد سقوط بغداد اللائي اضطررن إلى البحث عن قوت يومهن في دول الخليج العربي، والوقائع والأحداث يعرفها الأشقاء العراقيون أكثر من غيرهم. إذ كان الغرض منها ضرب نظرية "ماجدات العراق"، وكأننا كنا نضرب نظرية الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وهو ما حققه الجيش المصري في آـخر حروبنا مع العدو، حرب أكتوبر 1973.
يعرف المصريون أن سورية كانت القطر الشمالي لجمهورية مصر العربية، ومن أجلها خاض أجدادهم الفراعنة معركة مجدو، ضد اليهود في فلسطين، في القرن السابع قبل الميلاد، وأن سليمان الحلبي عبر الصحارى والوديان ليقتل الجنرال كليبر قائد الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801م).
قائمة الوشائج القوية التي تجمع الشعبين منذ فجر التاريخ طويلة، وقد أدرك حكام مصر، من قدماء المصريين، أن أمن سورية يشكل جزءًا قويًا من أمن مصر. فلا أحد ينسى أن أبناء بلاد الشام أناروا مصر، بعد هروبهم من ظلم العثمانيين، في القرن التاسع عشر، من خلال فرقهم المسرحية ومثقفيهم وصحفييهم الذين أنشأوا أولى الصحف العربية الباقية على قيد الحياة منذ أكثر من قرن، الأهرام.
لا أنسى في طفولتي درسًا في كتاب المطالعة عنوانه "جول جمال، بطل من سورية"، هذا الضابط السوري المسيحي الذي شارك زملاءه المصريين في تفجير زورقه الطوربيدي ضد البارجة الفرنسية العملاقة جان بارت، أول سفينة مزودة برادار في العالم، قبل أن تأتي على ما بقي من مدينة بورسعيد جراء العدوان الثلاثي على مصر، في ليلة 4 نوفمبر عام 1956، وظلت هذه المعركة، معركة برج البرلس، مبعث فخر لعقود ولأجيال. كان صورة جول جمال الرمز تزين كتبنا. كنا نحاول نسخها في زمن جميل ملئه الأمل، كنا نحلم فيه أن نكون سادة في بلداننا، ولا يتحكم فينا الآخر. ثم حلت محلها صورة بطل عسكري آخر، عبد المنعم رياض، لنواصل تقليدها وتعليقها في غرفنا، في طفولتنا الغضة.
قبل معركة برج البرلس التي شارك فيها البطل السوري جول جمال بيومين، الثاني من نوفمبر 1956، كان الطيران الفرنسي البريطاني قد دك محطات الإرسال الإذاعي في أبي زعبل، على أطراف قاهرة المعز، فما كان من المذيع السوري إلا أن أخذ الميكروفون وأعلن بصوته الجهور" هنا القاهرة من دمشق هنا مصر من سورية. لبيك، لبيك يا مصر"، بينما كان عبد الناصر يستعد لإلقاء خطابه الشهير معتليًا منبر الجامع الأزهر.
لا يغيب عن أحد أن شيطنة السوريين في مصر يدخل في إطار محاولات تعبيد الطريق أمام تنفيذ سايكس بيكون جديدة، وسواء أدرك هذا أم لم يدركه أطراف هذه الحوادث والتشنيع. لكن الشعب المصري الذي يعيش الهجرة منذ منتصف السبعينات، مع بدء الوفرة النفطية وانتهاء آخر الحروب مع إسرائيل، يدرك أن ما يحدث فخًا ولهذا فلن يقع فيه، فالمحلات السورية تنتشر في الحي الذي أسكن فيه حيث حضورهم الكبير ولم أسمع عن حادث تعرض فيه مصري لأحد من السوريين.
ربما لا يعرف كثيرون مكانة السوريين في قلوب المصريين، وهي مكانة لم تتأثر بفعل السياسة، عندما ألغيت الوحدة في زمن عبد الناصر، أو عندما حدثت القطيعة في زمن السادات، وقد تعاطف المصريون مع مأساة الشعب السوري، الذي هرب بعض منه الى مصر جراء المأساة التي تطحن سورية!
هذا التاريخ الطويل من العلاقات الوطنية الحميمة، خاصة التداخل في أيام الوحدة، تركت مساحة للتزاوج بين المصريين والسوريات. وظلت شريحة من المصريين، ممن هم في سن الزواج، يحلم بالزواج من فتاة سورية. لقد عشتها عن قرب في مصر وفي الخارج أيام الدراسة حيث كان بعض الزملاء يبحثون بين عن زوجة بين السوريات. ومع قدوم السوريات تمت زيجات، راحت بعص وسائل الإعلام تنفث السموم حولها، بإشاعة أخبار تفتقر إلى الدقة.
القضية أخذت أكثر مما تستحق من حيز، وكان حريًا للشقيقات السوريات اللائي أثرن هذه القضية أن يتريثن، فما قيل على المصريات، وبعدهن العراقيات، في دول عربية كان كافيًا لنخوض حرب داحس والغبراء في نهاية القرن العشرين وبداية الحادي والعشرين. الإختلاط بين الشعوب دائمًا ما يفسح المجال أمام مخاوف غير مبررة، لكن البعض يستغلها، ليلقي بالمحروقات على النار، نار الأزمات وضيق ذات اليد لدى شرائح كثيرة من المصريين، ما يجعلهم يخافون من القادم الجديد إليهم، الخوف من المجهول.



#خالد_سالم (هاشتاغ)       Khaled_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرؤيا في شعر البياتي
- لا تجبروا جيش الشعب المصري على أن يكون فاعلاً على غرار جيوش ...
- أزمة اللغة في -المسرح الجديد- في إسبانيا
- مشاهد بعد معركة الإخوان المسلمين
- العرب بين الإنتحار واللهو بتطبيق الشريعة: مصر على شفا جَرف ه ...
- من البنية إلى البلاغة في السميوطيقا البصرية
- التأليف الموسيقي في خدمة الصورة السينمائية (الخطاب الموسيقي ...
- توظيف وتطبيق العلامات المسرحية
- حركة الإستعراب الإسبانية من الداخل
- مكان الطقس في سميوطيقة العرض
- السارد في المسرح
- سميولوجيا العمل الدرامي
- الشاعر أوكتابيو باث في ذكراه:على العالم العربي أن يبحث له عن ...
- المسرح والخيال
- عبد الوهاب البياتي محلقًا عبر أشعاره وحيواته في العالم الناط ...
- مسرحية -القبيحة- وتقاليد إسبانيا العميقة عبر إقليم الأندلس
- الصراط المستقيم وتخلف العرب المبين: الهنود الحمر نموذجًا
- ألفونصو باييخو: التقاء الكتابة والطب في البحث عن الواقع المع ...
- نصر أبو زيد الغائب الحاضر وتجار الشنطة الجدد
- شعر المنفى عند عبد الوهاب البياتي ورفائيل ألبرتي: إلتقاء وإل ...


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - خالد سالم - سورية في قلب أم الدنيا