|
خروف الطاقة و سيّده
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 11:00
المحور:
الادب والفن
كان يا مكان في قديم الزمان ، و سالف العصر و الأوان ، غابة تحكمها وزارة من الخرفان . و رغم أن دوابها كافة كانت سعيدة بأسمائها الفعلية ، إلا أن مجلس وزرائها كان مستاءً كل الإستياء من تسمية كل الدواب الأخرى لأعضائه بـ " الخرفان " . إجتمع مجلس الوزراء بكامل عضويته إجتماعاً فوق العادة في زريبة الأيكة الخضراء للتداول في كيفية حل المعضلة العويصة و الغويصة المتمثلة بإطلاق إسم الخرفان المهين عليهم رغم عبقريتهم الفنّانة و وظائفهم الرنّانة و حوافرهم الطنّانة و قرونهم الخنّانة البنّانة . و قرَّ قرارهم ببعث أفهم خروف عندهم – و هو خروف الطاقة – إلى سيدهم و عمِّهم " أبو العيون الزرقاء و الشرائط الحمراء " لإعلامه بأنهم – مجلس وزراء الزريبة الخضراء – قد ضاقوا ذرعاً بهذه التسمية التي جعلت حتى نعاجهم تحتقرهم ، فاضطروا إلى إستيراد النعاج المهجنة من الغابة الشرقية للتمتع بهن ؛ و لمناشدته بأن يجد إسماً آخر يناسب مكانتهم الراقية في مجتمع الغاب . ذهب خروف الطاقة إلى سيده " أبو العيون الزرقاء و الشرائط الحمراء " تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء . السيّد : مرحباً بك يا خروف الطاقة ! تفضل بالجلوس ! خروف الطاقة ( و هو غاضب و متكدر ) : حتى أنت ، يا سيّدي العم ؟ السيّد : ماذا بك ؟ هل أسأت التعبير ؟ خروف الطاقة : أنا جد مستاء من تسميتي بالخروف . و قد بعثني أشقائي الخرفان في مجلس الوزراء إليكم لتغييره بتسمية أخرى مناسبة ، يا سيِّدي . السيّد : و لماذا ؟ و ما هي التسمية المناسبة ؟ خروف الطاقة : الكل يدَّعي بأننا جهلة و ثرثارون , و هم ينسبون لنا الغباء ، سيّدي . السيد : و ماذا فيها ؟ هذه هي صفاتكم الحقيقية ؛ و لولاها ما سلمنا الغابة لكم دون غيركم ! خروف الطاقة : لا يا سيّدي ، لا ! نحن أذكي من ذلك بكثير . فأنا - مثلاً - لدي أعلى شهادة في إستخراج الطاقة بتحفيز تضريب الخيار بالبطيخ ! السيد : ممتع ! حسناً ، سأختبر ذكاءك ؛ و إذا نجحت بالاختبار ، فسأغير أسماء الوزراء كلهم إلى " حوْلي " . ما رأيك بهذا المقترح ؟ خروف الطاقة : لا بأس ، فالحولي أذكى من الخروف . إنني مستعد للإختبار ، سيّدي . السيّد : كم تحتاج من الوقت و المال لتجهيز الغابة بكل ما تحتاجه من إنتاج الطاقة ؟ خروف الطاقة : حسناً ؛ سيّدي ، أحتاج على الأقل سنتين أو ثلاث سنوات ، زائداً ثلاثين مليار من الورق الأخضر . السيّد : أضاعف لك ؛ مع زيادة للطوارئ : سأعطيك من عمر الغابة ست سنوات ، و من خزينتها خمساً و ستين ملياراً ! هل هذا يكفي لحل مشكلة الطاقة ، يا خروف الطاقة ؟ تذكر أن برج دبي لم يكلف أكثر من مليار و نصف المليار ! خروف الطاقة : أوه ، إن هذا أكثر من المطلوب ، بحيث إننا سنستطيع تصدير الطاقة عام 2013 . جزيل الشكر لك يا سيّدي على مكارمكم السخية ، و أفضالكم الكثيرة علينا نحن معشر الخر .. - أقصد الحولِيَّة ! السيّد : ألم أقل لك أنك غبي ؟ جمع كلمة الحَوْلي هو : حَوَالِيُّ ، أو حَوالِيَّة ! يبدو أنك لم تحفظ جيداً حتى درسك اللغوي في المدرسة المتوسطة . خروف الطاقة ( متوسلاً ) : منكم نستفيد ، يا سيّدي ، فأنتم العباقرة في كل شيء . أرجوك يا سيّدي لا تزعل علينا ؛ و أنظرنا نبيِّض وجهك أمام الحواوينا ! السيّد : " الحيوان " أو " الحيوانات " ، و ليس " الحواوين " ، يا حيوان . خروف الطاقة : العفو ، سيّدي . إنها الضرورة الشعرية ! السيّد : أستطيع أن أرى أنك لست خروفاً غبياً فقط ، بل و خروف دجّال صفيق . أخرج حالاً ، و لا أريد رؤية قرونك إلّا بعد ست سنين ؛ تفو ! بعد سنوات ست ، يزور خروف الطاقة سيده " أبو العيون الزرقاء و الشرائط الحمراء " تنفيذاً للوعد المبرم بينهما . السيّد : مرحبا بك يا خروف الطاقة ! تفضل بالجلوس ! خروف الطاقة ( وهو غاضب و متكدر ) : حتى أنت ، يا سيّدي العم ؟ السيّد : ماذا بك ؟ هل أسأت بالكلام ؟ خروف الطاقة : أنا جد مستاء من تسميتي بالخروف . و قد سبق و أن بعثني زملائي الخرفان في مجلس الوزراء إليكم لتغييره بتسمية أخرى مناسبة ، و أمهلتمونا ست سنين ، و قد انقضت الآن ، سيّدي . السيّد : أتذكر ذلك . و كيف حال إنتاج الطاقة الآن ؟ خروف الطاقة : عال العال ! و الدليل حاضر : أنظر سيّدي كيف أن بيتكم منوّر الآن !
ينقطع التيار الكهربائي الوطني فجأة ، و يسود الظلام الدامس . ثوان ، و يعود التجهيز من المولدة المحلية .
خروف الطاقة : و هذا دليل آخر على سعة إنتاج الطاقة ، يا سيّدي ؛ فهي لم تنقطع أكثر من عشر ثوان ! السيّد : إسمع ، أيها الخروف الدجَّال : أنت تعلم ، و أنا أعلم ، و الدواب تعلم ، و كل العالم يعلم أن إنتاج الطاقة في الغابة الآن هو أسوأ مما كان عليه قبل ست سنوات ؛ و هذا ما يؤكد صحة قرارنا بتسليم مقاليد الغابة لكم دون غيركم من الحيوان ! خروف الطاقة : يا سيّدي : المشكلة ليست بسببنا ، و أنما بسبب البطيخ و الخيار الذي يؤثر الإنغماس في صرف طاقته لنشاطات أخرى غير تجهيز الطاقة للغابة . السيد : أوف من البطيخ و الخيار ! خروف الطاقة : و لكن ، يا سيّدي ، أرجوكم ، لا تنسوا تغيير إسمنا . السيّد : إسمع : بما أنكم – مجلس الوزراء الموقر – قد إجترحتم المعجزات بتبديد ست سنوات و خمس و ستين ملياراً من الورق الأخضر بكل جد و إخلاص ، لذا يحق لكم كل الحق أن تشعروا بالفخر و الإعتزاز و بالزهو لانجازاتكم الفريدة هذه ؛ و كذلك بواقع كونكم فصيلة جديدة من الدواب لم يسبق إكتشافها من قبل ، و لأنكم تمتلكون الآن تسمية علمية كبيرة ، جديدة ، كلها من الأسماء الحسنى ! خروف الطاقة : و ما هي ، سيّدي المبجل ، العظيم ، الكريم ؟ السيد : خروفيوس حراميوس سرسريوس . خروف الطاقة : بارك الله فيك ، يا سيّدي !
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعشوع ، تائه الرأي
-
البومة زلومة المشؤومة و خماسي الحُكم
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 5
-
نمط الإنتاج الأنديزي ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتا
...
-
نمط الإنتاج الأنديزي ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتا
...
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 4
-
كابوس الدوّامة الإنفلاشية
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 3
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 2
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920-1950 / 1
-
الديك و عضو البرلمان
-
الحب الخريفي في ترجمة لقصيدتين عربيتين
-
الماركسية و الأخلاق / 2
-
ثلاثيات عتيقة
-
معالي الوزير السيادي الخطير
-
أحلام زنزانة الإعدام
-
العبقريون الثلاثة
-
الماركسية و الأخلاق
-
قصة حبيبين
-
الغربان و الحمير
المزيد.....
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
-
الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي
...
-
رحيل عالمة روسية أمضت 30 عاما في دراسة المخطوطات العلمية الع
...
-
فيلم -الهواء- للمخرج أليكسي غيرمان يظفر بجائزة -النسر الذهبي
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|