|
الشيوعيون الفلسطينيون والموقف من اليهود
عتريس المدح
الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 13:28
المحور:
ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها
يقلق بعض السادة اليهود من ذوي المعتقدات الصهيونية المشوبة بفكر يساري من اطروحات وتعليقات المثقفين الفلسطينيين ، ويخرجون دوما علينا بلازمة ويل لشعب هؤلاء مثقفوه، رأيت في هذا الاطار أن ألخص تعليقات لي يشاركني فيها كثير من الاخوة والرفاق حول مواقف المثقفين وخاصة الشيوعيين الفلسطينيين من اليهود، لكنني أؤكد في هذا الاطار أن الكراهية والبغض التي تملأ كثير من نفوس الشعب الفلسطيني لليهود غير قائمة على أساس ان هؤلاء يهود( يدينون باليهودية)، بل لان اليهود غزاة مستعمرين اغتصبوا حقوق الشعب الفلسطيني وهجًروا أغلبية أفراده من قراهم ومدنهم ، ومازال اليهود يرتكبون بحقهم مثلما ارتكبوا بحق آبائهم وأجدادهم المجازر والمذابح ، يعدما انكروا ومازالوا ينكرون على الشعب الفلسطيني حقوقه، وبأن اليهود صادروا مستقبله وحرموه من التقدم والتطور والاستقلال الوطني، بعد أن أغرقوا المنطقة وشعوبها العربية بصراع دام تسبب في الحد من تطور شعوب المنطقة أسوة بباقي شعوب العالم، وبأن هذه الكراهية (التي تأصلت كموقف سياسي ) ستظل مستمرة وقائمة لانها تأتي من منظور أن هؤلاء اليهود المغتصبين ليس سوى خدم للامبريالية العالمية سلَطتهم الامبريالية على المنطقة وزرعتهم فيها من أجل تأمين أطول فترة للسيطرة والهيمنة الامبريالية على المنطقة، عبر الدعم الغير محدود الذي تقدمه الامبريالية لاسرائيل في اعتداءاتها المتكررة على الشعب الفلسطيني والسوري واللبناني والمصري وباقي الشعوب العربية والاسلامية، حيث ندرك أن الهدف الحقيقي لاصطناع اسرائيل كان ومازال من أجل حماية أطماع الامبريالية التي نصبَت الى جانب اسرائيل عملاء لها في حلف غير مقدس يتشكل من الدول الامبريالية واسرائيل وتركيا و الرجعيات العربية وبعض فصائل واحزاب اسلامية تستغل الدين ضد مصالح الشعوب العربية والاسلامية الى جانب مثقفين مرتزقه يدسهم هذا الحلف ، للابقاء على المنطقة العربية سوقا استهلاكيا لمنتجات الامبريالية ومنجما للمواد الخام تؤمنها بأرخص الاسعار وموقعا استراتيجيا تنشر فيه قواعدها العدوانية لتأمين سيطرتها على باقي المنطقة، والمثقفون الفلسطينيون يرون بأن أحد السياسات التي تنتهجها الامبريالية من خلال اسرائيل وبمساعدة هذا الحلف هو الحفاظ على هذه المنطقة في حال اضطراب وعدم استقرار مسيطر عليه يعيش حالة من الصراع الطائفي والمذهبي وذلك باشعال الفتن والصراعات الداخلية الطائفية والدينية والعرقية. بعد هذه المقدمة المنطلق النظري والتاريخي ينظر الكثير من المثقفين الفلسطينيين والعرب بما فيهم الشيوعيين الفلسطينيون ومن منطلق نظري الى اليهود على أساس أن اليهود ليسوا شعبا، بل هم تجميع ليهود عاشوا كطوائف في دول أوروبا ودول أخرى قامت به الامبريالية ، عبر استئجار بعض المثقفين اليهود وباستغلال الايمان الديني لليهود بأساطير التوراة لتكوين فكر صهيوني يدعي الحق بأرض الميعاد ( أرض فلسطين)، و في هذا الاطار ينكر المثقفون الفلسطينيين وبضمنهم الشيوعيون على اليهود أي حق توراتي أو الهي ، كما ترى شريحة كبيرة من هؤلاء المثقفين الفلسطينيين وبضمنهم الشيوعيين و من منظور تاريخي بأن اليهود ليسوا سكانا أصيلين في المنطقة بل هم غزاة عبروا المنطقة ودخلوا بصراع مع سكانها الاصليين وانتهي هذا الصراع بزوالهم وبأن وجودهم التاريخي كان طارئا ثم انقطع عن المنطقة ولم يتركوا ورائهم أية آثار تدل على تأصلهم في المنطقة كما تؤكد الكثير من الشواهد والدلائل الاثرية والاركيولوجية بما في ذلك دراسة وتحليل التوراة و أساطيرها، وبأن من بقي منهم في المنطقة لم يشكل سوى أقلية لا تعطيهم الحق بالادعاء أنهم أصحاب الحق في هذه الديار. كما يؤمن المثقفون الفلسطينيون وبضمنهم الشيوعيون بأن اليهود الذين قدموا من أوروبا ما هم سوى أناس دانوا بالدين اليهودي و لايمتون بأية صلات بيولوجية وعرقية لليهود الساميين من أصول شعوب المنطقة التي عاشت قديما في المنطقة، وبأن اليهود القادمين من أوروبا و امريكا ماهم سوى أحفاذ قبائل الخزر (الكازار) أو من أصول اوروبية لافراد دانوا باليهودية، وحيث تؤكد هذه الرؤيا الابحاث التاريخية لأصول يهود أوروبا اضافة الى تأكيدات الابحاث البيولوجية. لكن وحيث أن ما حدث قد حدث في المنطقة إثر الانتداب البريطاني الذي تولى مهمة التواطؤ لاصطناع اسرائيل عبر عمليات التشجيع ليهود أوروبا على الهجرة ومن ثم تسهيل استيلائهم على الاراضي الفلسطينية ومساعدتهم وحمايتهم لبناء المستعمرات والكيبوتسات والمستوطنات وتسليحهم وتدريبهم وتنظيمهم في فرق عسكرية ومساعدتهم في المحافل والمنظمات الدولية في تزوير الادعاءات التاريخية فقد رآى الشيوعيون الفلسطينيون والشيوعيون العرب بأن أهون الشرورهو القبول بقرار التقسيم الجائر الذي أفصح عن انشاء دولتين للعرب واليهود، إلا أن مخاوف القيادات الفلسطينية وقيادات العرب من خطط بن غوريون الذي كان يخطط الى جعل كل فلسطين أرضا لليهود (فقد أعلن بن غوريون ومنذ حزيران 1938، في خطط له أمام قيادة الوكالة اليهودية، بشأن اقتراح آخر لتقسيم فلسطين، عن نيّته في إزالة التقسيم العربي-اليهودي والاستيلاء على كلّ فلسطين بعد أن تقوى شوكة اليهود بتأسيس وطن لهم، إضافة الى أن قيادة كل من الارغون وشتيرن كانت ترفض طيلة الوقت عملية التقسيم ). هذا عدى رؤية القيادات الفلسطينية بأن هذا القرار مجحف حيث يعطي الاقلية الصهيونية التي كان تعدادها لايزيد عن 33% من مجموع العرب واليهود والذي لا يملكون ما يزيد عن 7% من مجموع مساحة الارض 56% من مجموع مساحة فلسطين ، جعل هذه القيادات ترفض قرار التقسيم، وحين اطمئنت بريطانيا الى جهودها في تمكين الصهاينة من وجود كل المقومات بعد أن سيطرة العصابات الصهيونية على مساحات كبيرة من الارض وطرد سكانها سارعت الى اعلان انهاء انتدابها لفلسطين وبعد أن الحقت العصابات الصهيونية الهزائم في جيوش الانقاذ الصورية بمجملها والتي كان بعضها يخضع لقيادات عربية عميلة لبريطانيا ومتواطئة وبعضها يخضع لقيادة بريطانية مباشرة ، واصلت كل من الامبريالية البريطانية والامريكية بعدها مد اسرائيل بالمال والسلاح والخبرات للحفاظ على تفوقها النوعي العسكري، وقد ساعد بريطانيا أثناء زمن انتدابها في تحقيق سياستها فرنسا التي انتدبت لحكم سوريا ولبنان لتمنع النجدة الفعلية التي كان من الممكن للشعب العربي تقديمها للفلسطينيين في نضالهم ضد سياسة الانتداب الصهيونية . الان وبعد كل المراحل التاريخية التي تتالت منذ العام 1948 وحتى اليوم لعام 2013، ما زال الشيوعيون الفلسطينيون ومعهم جزء كبير من المثقفين الفلطسنيين والعرب يناضلون من أجل القبول بدولة فلسطينية في حدود العام 1967 وفق قرارات الامم المتحدة ذات العلاقة بهذا الشأن، رغم معرفة المثقفين والشيوعيين الفلسطينيين والعرب بأن الامم المتحدة وكل المنظمات التابعة لها ماهي إلا منظمات عاجزة عن تحقيق أية قرارات لا توافق عليها الامبريالية الامريكية تحديدا بصفتها زعيمة اللصوص الامبرياليين، وقراراتها تعبر فقط عن مصالح الدول الامبريالية المهيمنة على مؤسساتها، وقد واجه الشيوعيون الفلسطينيين مصاعب جمة وكبيرة وصلت حد تعرض مناضليهم للقتل والاغتيال والسجن والاتهام بالتخوين والاتهام بالتبعية ، حيث أٌستغل ضد نضال الشيوعيين قوى الامن والمخابرات والسجون والاخوان المسلمين خدم الرجعيات العربية والبلطجيين ..الخ، والان وحيث وصلت م.ت.ف كممثل وحيد وقائد للشعب الفسطيني الى قناعة الشيوعيين ،فقد قامت اسرائيل وبشكل غير مباشر بمساعدة القوى الدينية ذات العلاقة بالاخوان المسلمين وغضت النظر عن تمويلهم لقسمة الشعب الفلسطيني عبر تشجيع عملاء لها على خلق عوامل استغلها الاسلاميون لتبرير الانقسام، تماما كما استغلتهم سابقا عبر مسيرة النضال الفلسطيني منذ العام 1967 في محاولة اضعاف المد التقدمي والقومي والوطني بما في ذلك غض النظر عن وصول السلاح الى أيدي هذه الجماعات وحتى تسهيل بعض العمليات التفجيرية ضد يهود، والان وبعد ان انتهجت قيادة م.ت.ف نهج التفاوض من أجل السلام يرى الشيوعيون والمثقفون الفلسطينيون وكثير من المثقفين العرب بأن عدم تحقيق بناء الدولة الفلسطينية وتحقيق سلام شامل وعادل هو بسبب العوائق التي تضعها اسرائيل المدعومة من الامبريالية الامريكية على وجه الخصوص في وجه عملية السلام، ويرون بأن أهم هذه العوائق: سيطرة اليمين الاسرائيلي الجانح باتجاه الفاشية والعنصرية على مفاصل القرار والحكم عبر الاحزاب التي تترجم السياسة النيوليبرالية، وكذلك انتهازية يمين ووسط اليسار الاسرائيلي الذي يشكل الاغلبية العظمى والذي يعلن قولا عن قبول قرارات الامم المتحدة مع سعيه الى تعديلات على أجزاء من هذه القرارات، في الوقت الذي تنافق فيه هذه الفئات من اليسار اليمين العلماني واليمين الاستيطاني والديني الحريدي وتخشى من الاعلان عن موقف شجاع بقبول قرارات الامم المتحدة كما هي بهذا الشأن وهي بذلك تؤكد على جبنها ونفاقها وانتهازيتها، وحيث ان هذه المواقف للاطراف الرئيسية في الشارع الاسرائيلي تدفع باتجاه تشجيع الاستيطان الاسرائيلي المتنامي بشكل متسارع لتترجم بذلك رفضها للسلام إضافة إلى تذرعها برفض الانسحاب من غور الاردن تحت ذريعة الامن والابقاء على قواتها من أجل الدفاع عن أمن اسرائيل إضافة الى الاسطوانة المشروحة حول اعتراف الفسطينيين بيهودية الدولة. ويرى المثقفون والشيوعيون الفلسطينيون بهذه العقلية الاسرائيلية ليس سوى انعكاس لما تبطنه القيادات الاسرائيلية من ضرورة تحقيق ما كان يخطط له بن غوريون ويؤكد عليه بيغين وشامير من رفض تقسيم فلسطين ووجود دولة فلسطينية، لكن الشيوعيين الفلسطينيين ما زالوا يؤمنون بأن هنالك بواقي فرصة رغم التعنت الاسرائيلي ، لذا تراهم يصرون وقد انضم اليهم الكثير من الكوادر المثقفة بضرورة استمرار النضال الشعبي والجماهيري لتحقيق سلام يقود إلى بناء دولة فلسطينية في حدود العام 1967 بانسحاب اسرائيل وانهاء الاستيطان والاحتلال المتواطيء مع الاستيطان وبعودة القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين العتيدة مع تحقيق قرار عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق ما نصت عليه المواثيق الدولية. لكن ومع هذه الرؤيا عند الكثير من الكوادرالشيوعية، فانهم يتطلعون مع جزء كبير من المثقفين الفلسطينيين الى خلع اسنان اسرائيل العنصرية الاستيطانية الساعد الايمن للامبريالية وفك عرى ارتباطها وتبعيتها للغرب الاستعماري بمظاهره العولمية، حيث و بذلك تتهيأ الفرص لاستكمال الفلسطينين واليهود للنضال الطبقي ضد الرأسمالية بكل مظاهرها الشوفينية والفاشية والدينية العنصرية من أجل تحقيق وحدة أرض فلسطين مرة أخرى بدولة موحدة يعيش فيها الفلسطينيون واليهود الموجودين حاليا مع أبنائهم متساوين في الحقوق والواجبات. فلمن يبحث عن تطمين لنفسه من اليهود أو حجة ضد الفلسطينيين ، أقول بأن هذه هي دخيلة نفوس معظم الفلسطينيين فاطمئنوا أو لا تطمئنوا فهذا سيان، فالمسألة تحتاج الى تغيير موازين القوى في العالم و في المنطقة وارهاصات التغيير بدأت بالتشكل وإن طال الزمن أو قصر فالشارع العربي بدأ بالخروج من غفوته وتحرره من شوائب الفكر الديني والسلفي الوهابي، وقد عرف طرق الميادين و أهمية النضالات الجماهيرية ، وتحرر الافراد من الخوف و من البطش والقمع وبايمانهم بحركة الجماهير الثورية أخذ بالترسخ داخل الوعي الفردي والجمعي ، و لمن لا يدرك هذا عليه أن يعرف بأن تغيرا نوعيا في وعي و ضمير الشعوب العربية قد تشكًل، وهو الاساس لكل ما هو قادم، فالخلاص آت لا محالة والتحرر من القمع والديكتاتورية وتلبية مطالب وهموم الجماهير المعيشية والوطنية والقومية هو الذي سيساهم في تحرير كل المنطقة. يجهد الان الحلف الغير مقدس الامبريالي الاسرائيلي التركي الرجعي الى عكس هذا الاتجاه عبر اغراق المنطقة بمزيد من الاضطرابات لتحقيق مشروع الفوضى الخلاقة والشرق الاوسط الاسرائيلي، لكن هيهات ..هيهات فالوضع الحالي لن يكون سوى القابلة ( وهي هنا ليست كونداليزا رايس أو هيلاري كلينتون قابلات الشرق الاوسط الصهيوني) لتتحرر الشعوب وبما فيها الشعب الفلسطيني واليهود الاسرائيليين من هيمنة وسيطرة الامبريالية وخدامها الصهوينية والرجعية.
#عتريس_المدح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاذكاء الصهيوني العنصري لنيران الكراهية ويهودية دولة اسرائي
...
-
الجمود العقائدي لدى المتمركسين والتطورات العالمية
-
اليسار العربي الذي نريده
-
حصاد الجماعات الاسلامية لغراس الانتفاضات الجماهيرية
-
لماذا لم تتم المصالحة الفلسطينية حتى اللحظة؟؟!!!
-
ثورة..ثورة مضادة .. مع سوريا .. ضد سوريا.. كل هذا اللغط!!
-
الحل العادل والحل المنصف للقضية الفلسطينية بين اليمين واليسا
...
-
غضب الطبيعة والاحتلال الاسرائيلي
-
الهرطقة الصهيونية – الى يعقوب ابراهامي
-
سوريا الى أين ؟
-
الصهيونية اليسارية – مرة أخرى
-
الصهيونية اليسارية
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
المزيد.....
|