أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبد العزيز - الشاعر نمر سعدي : فوضوي جميل.. يعيش بين أمكنة المرئي واللامرئي















المزيد.....


الشاعر نمر سعدي : فوضوي جميل.. يعيش بين أمكنة المرئي واللامرئي


وجدان عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4158 - 2013 / 7 / 19 - 02:46
المحور: الادب والفن
    


الشاعر نمر سعدي : فوضوي جميل
يعيش بين أمكنة المرئي واللامرئي

وجدان عبدالعزيز


رغم حرارة ريح تموز المتسربة من شباك غرفتي ، تغريني كلمات أصدقائي المبدعين من الشعراء والشاعرات ، فالتزم الصمت ، وارتكن للتأمل ، حيث احلق بأجواء الجمال التي تحمله الكلمات الراقصة أمامي ، فكلمات تتخفى لخجلها في البوح ، ومنها تظهر ما تبطن بهدوء ، ومنها تصرخ منفعلة ، وكل هذا ينطوي برومانسية جميلة تدخل الروح ، فتجعلها محلقة في سماء الطهر والانفعال الجميل ، مؤسسة لفتح نوافذ من حدائق الحب النقي ، بتلك الأدلة المخبئة في قلوب لاتعرف الا الحب ، ولا تكره إلا القبح ، فتراها قلقة منفعلة تبحث عن الحقيقة .. عشت مع كلمات الشاعر نمر سعدي ، وهو يتماهى مع المكان ويمارس نشاطه الشعري في خفاء اللغة وتجلي الصورة .. يقول :

(شاعرٌ هوَ أم داعرٌ إذ يقولُ
ظُفرُ تلكَ التي كنتُ أحببتُها لدقائقَ معدودةٍ في مكانٍ نسيتُ...
ربَّما كانَ في حرمِ الجامعةْ
ربمَّا في القطارِ البطيءْ
ربمَّا في حدائقِ عينينِ صيفيَّتينِ تضيئانِ ما لا يُضيءْ
ربمَّا في الطريقِ إلى الموتِ أو صخبِ الحافلةْ
ربمَّا في مساءٍ بظلِّ المجمَّعِ أو في انتظارٍ طويلٍ طويلٍ لما لا يجيءْ
ربمَّا في ندى الوردِ أو في خطى السابلةْ
كانَ يلعنُ هذي الحياةَ بعينيهِ أو روحهِ الشاعرةْ
كانَ يهذي بغيرِ فمٍ:
ظفرُ تلكَ التي كنتُ أحببتُها لدقائقَ معدودةٍ في جهنَّمَ
حتى ولو سُميَّتْ عاهرةْ
أحنُّ وأفضلُ من كلِّ زوجاتيَ العشرِ....
عانقتهُ ثمَّ وصَّيتهُ بصغارِ الملائكِ..ودَّعتهُ وبكيتُ.. انتهيتُ من الليلِ
ثمَّ مشيتُ.. مشيتُ.. تشقُّ الخيولُ المجنَّحةُ الماءَ فيَّ ولا تستريحُ الخيولُ
شاعرٌ هو أم .. فوضويٌّ جميلُ؟)

وهنا اراه رغم تعففه ، الا انه ينفعل ويتهم الشاعر المتماهي في ذاته بالدعارة الجسدية ، وهو يخفي نقاء حبه ، ويتجول في امكنة حضور الحبيبة ، سواء كانت تلك الامكنة حقيقية مرئية ، ام افتراضية لامرئية ، كحرم الجامعة والقطار ، كمكان مرئي ، وكحدائق العينين او ندى الورد ، وهي امكنة افتراضية لامرئية ، ليؤسس الشاعر نمر سعدي ، بهذا لفلسفة الحضور الجمالي لانثاه ، محاولا الانفعال ضد ثورته الجسدية ، بدليل قوله : (ثمَّ مشيتُ.. مشيتُ.. تشقُّ الخيولُ المجنَّحةُ الماءَ فيَّ ولا تستريحُ الخيول) ، وهنا كناية بالخيول عن الانفعال العاطفي الذي يجتاح ذاته الرافضة لرغبة عابرة ، لاتشبه جمالية الحب ، تلك العاطفة النقية التي تسكن الاعماق وتحركها نحو ما هو اجمل في الحياة .. ومن هذه المسارات (اتجهت القصيدة العربية الجديدة في سياقات تطورها وتحديثها المتنوعة الى الاشتغال على المعنى الشعري بوصفه تجربة تتجاوز حدود الدلالة الكبرى ، لتدخل في فضاء السيمياء ، فكان المكان موضوعا رئيسا واوليا من موضوعات هذه التجربة . وبما ان الجسد الشاغل الاساس للمكان والمنتج الاول للمعنى ، فقد احتفت به القصيدة الجديدة وقاربته بمناخ مختلف ورؤى متعددة ، غير ان ذلك لم يكن بالعمق والاصالة المطلوبين عند الكثيرين ، لكنه عند البعض الاخر الواعي لحساسيات مفرداته وخلفياتها كان عميقا واصيلا ومنفتحا على فضاء الموضوع.)ص138 تمظهرات ، من هنا تخفى نمر سعدي في امكنة مثلت حضور الحبيبة ، بتأويل المعنى الشعري .. وتعايش مع المتضادات في قصيدة (ذئب الغواية) ، بثورة انفاعلية متوترة بين فخي (التفاح ، الدفلى) ، كثنائية متضادة تظهر قلقه ، وكذا في (البنفسج ، الحروب) ، هذا التضاد والتناقض ، حقيقته الحياتية تتسم بالوجودية الحتمية ، باعتبار ان الشر والخير والحق والباطل والجمال والقبح ، موجودة في ساحات الحياة ، وما الشعر ومشروعه الا عمل يقع في دائرة اللاممكن ، لهذا سيبقى الشعر والشعراء ، ينزعون عن هذه الحتمية الوجودية ، ليعيشوا السمو الروحي والبحث الدائم نحو صعود سلالم النقاء والجمال .. يقول أبو الحسن الندوى: "إن الإنسان ليس عقلًا مجردًا ولا كائنًا جامدًا يخضع لقانون أو إدارة قاصرة، ولا جهازًا حديديًّا يتحرك ويسير تحت قانون معلوم أو على خطٍّ مرسوم، إن الإنسان عقلٌ وقلب وإيمان وعاطفة وطاعة وخضوع وهيام وولع، وحب وحنان، وفي ذلك سر عظمته وشرفه وكرامته، وفي ذلك سر قوته وعبقريته وإبداعِه وسرُّ تفانيه وتضحيته، وبذلك استطاع أن يتغلب على كل معضلة ومشكلة" ، فهل يكون الشعر ساحة لصناعة الفكر الجمالي هذا ما يسعى له شعراء العربية اليوم ، ولاسيما بعد التلاقح الفكري بين شعوب المعمورة من خلال المعلوماتية والعولمة الثقافية التي توفر هذا التلاقح ، وتعمق اشكالية التناصية بين الافكار واشكال ايصالها للمتلقي .. وكان حراك الشاعر نمر سعدي باتجاه حجز منطقة متميزة ، يتحرك فيها معلنا عن رؤية ذات موقف محدد ، وهي العيش ضمن منطقة الافتراض الشعري ، ومن ثم التواصل مع فعل الوجود الواقعي ، باسئلة متواصلة ، كما في قوله :

(ماذا تريدُ الأسئلة؟

ما هوَ الظمأُ؟

الأقحوانةُ.. عطرُ الماءِ.. شهوتُهُ
المرأةُ.. النورسُ.. الحوريَّةُ.. الرشأُ
يبكي على يدِها من عشقهِ برَدى
وينتهي في حوافيها.. ويبتدئُ
تُعلِّمُ الشبقَ الفضيَّ في شفتي
طيورُها.. كيفَ حولَ النارِ ينطفئُ
الياسمينةُ أجلوها.. فينثرني
صوَّانُها الرخوُ.. أو يعلو دمي صدأُ؟
تسقي خطايَ فراشاتِ البحارِ ولا
تهذي بغيرِ شظايا.. ما هو الظمأُ؟
قصيدتي جرَّها الفاشيُّ حافيةً
من شعرِها.. والندى الجوريُّ يهترئُ
أكلَّما خمشَتْ عصفورةٌ عُنُقي
جاءَ ابنَ زيدونَ من ولَّادةٍ نبأُ؟
ضحكُ الدمشقيَّةِ الغيداءِ يغسلني
بلهفةِ الدمعِ حتى لستُ أنكفئُ
أروادُ فيها بعينيها تُعاتبُني
وليسَ تغفرُ لي نسيانَها سبأُ)

فنجد هنا تحولات القصيدة عنده في تناصاتها مع اسماء معروفة في عالم الادب العربي كأبن زيدون ، نجدها تتحول الى مايشبه فتاة ، يجرها الفاشي من شعرها ، الا انها تتضمخ بالندى وعطر الجوري اذن (لاتوجد في الفن حقيقة عامة مشتركة ، ولذلك لاتنشأ مشكلة في الفن اذا اختلفت وجهات نظر الفنانين لشيء واحد ، لان لكل منهم حريته في التعبير عن الحقيقة) ، وعبر شاعرنا هنا باسلوب قرأني جميل عن خلجات نفسه الباحثة عن حقيقة الجمال والتي كنّاها بـ(طيورُ المعاني الحبيسة) ، وبهذا التعبير عن الحب من خلال اللغة التي يقول عنها ادونيس : (اللغة اكثر من وسيلة للنقل او للتفاهم ، انها وسيلة استبطان واكتشاف ، ومن غاياتها الاولى ان تثير وتحرك ، وتهز الاعماق وتفتح ابواب الاستبطان . انها تهامسنا لكي نصير ، اكثر مما تهامسنا لكي نتلقن . انها تيار تحولات يغمرنا بايحائه وايقاعه وبعده . هذه اللغة فعل ، نوات حركة ، خزّان طاقات والكلمة فيها اكثر من حروفها وموسيقاها ، لها وراء حروفها ومقاطعها دم خاص ودورة حياتية خاصة ، فهي كيان يكمن جوهره في دمه لا في جلده ، وطبيعي ان تكون اللغة هنا ايحاء لا ايضاحا) اذن لامجال لقول كل ما باح به الشاعر نمر سعدي ، لان شعره يحتاج لعدة قراءات متأملة ، لاسترداد المعاني التي جاءت بها قصائده ..



ناقد عراقي



#وجدان_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مجموعة أديب كمال الدين: (أقول الحرف وأعني أصابعي)
- ديوان (جسر من طين)الشاعر رحيم الغالبي
- موادي خديجة ومعالجاتها الشعرية
- على باب الأسئلة المتوالدة قراءة في شعر حبيب السامر
- دراسة نقدية لمجموعة صمت الغرانيق القصصية
- نجوى عبد الله وجماليات الشعر
- أسئلة بدون علامات استفهام ديوان (قديما مثل هيباشيا) أنموذجا


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبد العزيز - الشاعر نمر سعدي : فوضوي جميل.. يعيش بين أمكنة المرئي واللامرئي