|
ازمة مصر ليست صنيعت الشيطان
علي ديب الترامسي
الحوار المتمدن-العدد: 4158 - 2013 / 7 / 19 - 00:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن مصير الأمة المصرية بات مهدد بالانزلاق باتجاه الفوضى والتشرذم فما يحصل اليوم هو نقطة تحول خطيرة في مسيرة العملية الديمقراطية المصرية التي كان يفترض بكل النخب الوطنية المصرية حمايتها والحفاظ علي تلك لتجربة الديمقراطية الوليدة في الحياة السياسية المصرية فنجاح تلك التجربة ستشكل الخيمة التي ستستظل بظلها كل القوى السياسة المصرية مستقبلا ولكن مع كل أسف إن صراع الإيديولوجيات المقيت المتأصل في المجتمعات العربية عاد ليطفو من جديد ليعطل مرور سفينة الدولة المصرية إلي بر الأمان لتنزلق كل النخب الوطنية في صراع محموم علي سلطة الدولة متناسيين أصول اللعبة الديمقراطية التي كان يجب احترامها إلي النهاية والبحث عن مخرج للازمة الأخيرة بالطرق السلمية بحيث تحفظ للكل الوطني حقوقه في المشاركة في إدارة الأزمة وصنع القرارات الإستراتيجية التي تحسم مصير الدولة والأمة المصرية ولكن الأحقاد الايديولويجة والخوف من الأخر والخشية من الذوبان والانصهار التي كانت تشعر به كثير من القوي والتيارات المصرية كان محركهم للأنقاض علي السلطة مستغلين حالة الاستياء في الشارع المصري من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي وصلت إليها البلاد والتي هي بالأساس ليس نتيجة ممارسات حكومية خاطئة بقدر ما هي غوغائية بعض النخب السياسية المصرية وأياديهم الخفية التي تعبث في كل مفاصل الحياة والاقتصاد المصري هادفة من وراء ذلك إلي تعطيل عجلة البناء والتنمية والعودة بقاطرة الزمن إلي الوراء. إن مما لا شك فيه أن النخب الوطنية العربية التي طالما نادت بالديمقراطية واعتبرتها ضرورة اجتماعية وثقافية قد تحمل المجتمعات العربية من حالة البؤس والتراجع الحضاري والثقافي إلي مرحلة النضوج والوعي الوطني الذي قد يجعلنا نخطو الخطوة الأولي علي طريق تعزيز القيم الإنسانية في حياتنا ومستقبلنا باتت الآن تعيش في موقف لا تحسد عليه فهي في مأزق كبير وأمامها اليوم استحقاق تفسير هذا التناقض الكبير ما بين النظرية والتطبيق فهي تحتاج الآن للكثير من الجهد والوقت لتعيد ثقة الجماهير العربية بالمنهج الديمقراطي برمته ، وهذا ما ينسحب أيضا علي المجتمع الدولي وعلي رأسه القوي الليبرالية الكبرى ممثله بالولايات المتحدة والتي ما انفكت عن الدعوة إلي الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات والتي كلها الآن باتت في مذبح واحد بعد أن داست بساط ير العسكر علي كل شي وأطبق الصمت وما زال علي أفواه دعاة الديمقراطية وباتت الجماهير العربية أمام الحقيقة المقدسة.والتي تتضح يوم بعد اخر لتبين ان نهوض هذه الأمة لا يأتي إلي بجهود أبنائها وإعادة صياغة علاقتهم الوطنية يبعضهم علي أسس الاحترام المتبادل والانفتاح علي الأخر لا بالاستقواء بالخارج الذي لا يريد لهذه الامه غير تمرير مشاريعه المشبوهة والتي تتقاطع مع مصالحهم الامبريالية لا أكثر، إن أزمة مجتمعاتنا العربية ابعد من تغير نظام حكم او إجراء انقلاب هنا او هناك فالأزمة لها خصائص فكرية وثقافية واجتماعية واقتصادية تحتاج منا أن نعمل بجد واجتهاد علي تحسين مركزنا الثقافي والحضاري بين الأمم كي لا تصبح الديمقراطية ممارسة للحقوق الدستورية فقط وإنما كي تكون جزء من ثقافتنا وموروثا وطنيا تعتز بيه الأجيال قاطبة ومن هنا صار لزاما علينا ان نعمل علي تعزيز المشاركة السياسية بشكل أوسع لتشمل الشباب العربي والذي يمثل إرادة التغيير ويأمل بمستقبل أفضل يحقق فيه شيئا من طموحه وآماله ، كما يتوجب علي الجميع العمل بكل المستويات كي تنشأ الأجيال القادمة علي قيم التسامح و المشاركة والانتماء وتقبل الآخر والانفتاح عليه فهذه هي الانطلاقة الحقيقة باتجاه ترسيخ الديمقراطية كمفهوم ومنهج . إن ما تحتاجه مصر الآن هو إعلاء قيم التسامح الوطني بين مكوناتها الاجتماعية وأطيافها السياسية وان تبني المعادلة السياسية الجديدة علي قانون واحد لا غالب ولا مغلوب فلا يمكن إن يبني النظام السياسي المصري الحديث علي الإقصاء والتهميش وإنما يبني علي المشاركة الحقيقة بين كل مكونات الطيف السياسي والاجتماعي والمؤسسي في الدولة المصرية فهذا هو الممر الآمن الذي قد يخرج المشهد المصري من ضبابيته المحتومة . ومن هنا لا يمكن اعتبار الأزمة المصرية صنيعة الشيطان وإنما هي صنيعة العابث والحاقد والجاهل وأدواتهم ممثله بالإعلام المضلل والذي يحاول تصدير الأزمات إلي الخارج هروبا من المسئولية الاخلاقيه اتجاه المجتمع .
أ. علي ديب الترامسي باحث في الشئون الاقتصادية والسياسية
#علي_ديب_الترامسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|