فراس عبد الحسين
الحوار المتمدن-العدد: 4156 - 2013 / 7 / 17 - 16:49
المحور:
الادب والفن
كان الضجيج مرتفع باصوات الباعة الذين يعلنون عن سلعهم المختلفة, يجمعهم الجوع والفقر والوجوه الشاحبة مع شعرهم الاشعث. مثلما تجمعهم اشعه الشمس وهواء السموم اللاهب في ضهيره تموزيه كأنها سعير لجهنم.
وصل بوجه المبتسم الممتلئ عنفوان وعزه بالنفس وهو يلوح من بعيد بورقه بيضاء, لوالدته التي كانت تفترش الارض ببعض الخضراوات . اتكأت على الارض بيديها واستطاعت النهوض بمعاناة و صعوبة بالغه مسحت دموعها الغزيرة المتدفقة عفويا التي توغلت بأخاديد التجعدات على خدها المترب تاركه اثار طبقه خفيفة من الطين .
ركض مسرعا يسابق خطواته وهو يصرخ بفرح: طبيه ..طبيه. احتضن امه وانهاروا بالبكاء معا وهو يقبل يديها بقوه وتقبل رأسه بحنان بعد ان اغرقته بالدموع. اجتمع الباعة معهم بالتهليل والتصفيق والرقص, وهو يصيح الا اعالجكم ببلاش.
وصل رجل ملتحي بوجه عبوس مبتسما بقلق وارتباك . جلس بالمقهى القريب يطالع وجوه الباعة الكادحين والمتبضعين من النساء واطفالهن , حتى وقعت عينه على تجمع الاحتفال الكبير بالام وولدها, قام من مكانه ومشى حتى دخل بالوسط بين الام وابنها والمحتفلين معهم قبل ان يضغط الزر ويصرخ الله اكبر.
عمت لحظه صمت مرعبه, عصف اصفر محمر لاهب تبعه صوت الانفجار المدوي اقتلع الاجسام النحيلة الخاوية من الارض وبعثرها بعيدا, شظايا الكثير من الشظايا حالت الاجساد لأشلاء مقطعه, اجسام الفقراء دائما تكون سهله التقطيع لأنها ضعيفة معصوره وخاليه من الحياه. ثم انتشرت النار التي اذابت البشر والحجر كأنها باب من ابواب جهنم.
اختلطت رائحه الدم بالدخان والتراب. كان الابن ممدد على الارض بين الاجساد المقطعه, تغطيهم برك الدم والتراب المسود, لا يشعر بوجود أطرافه او باقي اجزاء جسمه, رمق بطرف عينه نتيجة الامتحان وهي تتطاير بالهواء حتى التصقت بالصورة الكبيرة القريبة للسيد الرئيس التي اصطبغت بلون التراب والدم الاحمر القاني.
كانت عيونه تبحث بقلق ورعب عن امه الحبيبه عسى ان تكون بخير, سقطت عينه بعيون والدته وهي بين الاشلاء, كانت تنضر له بألم وخوف ودهشه حتى سالت قطرات الدمع الاحمر من عيونها قبل ان تفارق الحياه, اغمض عينه بعدها ببطئ كانوا يتحدثون بالعيون لغه خاصه بين الام وابنها لا يعرفها او يسمعها احد سواهم, حتى كاتب هذه الحروف.
#فراس_عبد_الحسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟