|
رئاسة اقليم كوردستان بين التمديد في البرلمان وبين العودة لأستفتاء الشعب
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 4156 - 2013 / 7 / 17 - 14:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا نأتي بجديد إذا قلنا ثمة حالة صحية في تداول السلطة في اقليم كوردستان ، واستطاع هذا الأقليم بعد ان تمتع بمساحة كبيرة من الأستقلالية السياسية والأقتصادية والأجتماعية ان يقطع اشواطاً كبيرة في دروب الأستقرار والتعايش المدني السلمي ، ورغم عدم استقرار المدن العراقية بما فيها العاصمة العراقية بغداد فقد استطاع الأقليم ان ينتهج سياسة مختلفة عن السياق السياسي في عموم العراق الأتحادي . إن المناخ التعايشي واختيار المنهج الديمقراطي في الأنتخابات وفي عملية التداول السلمي السلس للسلطة وفقاً لما تفرزه صناديق الأقتراع ، كل ذلك اوجد مناخات ملائمة لقدوم وتنافس الشركات والمستثمرون والتجار واصحاب الأعمال للعمل والأستثمار في الأقليم إن كان في مساهمة بناء الخدمات والبنية التحتية للمواطن ، او في المشاريع الأنمائية والخدمية وفي شتى المجالات العمرانية والزراعية والتجارية والسياحية والصحية وغيرها ، وهكذا انتعش الأقليم اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً في ظل تلك الحركة الدؤوبة من اجل بناء الوطن ، والإنسان يشعرون بأهمية الحياة وعظمتها ، ونتمنى ان يكون العراق برمته كما هي كوردستان . لقد وقعت في السنين الأخيرة حالات التصعيد وتعطيل الحياة العملية السياسية ومعها تعطيل الحياة المدنية والأقتصادية بتحريك الشاراع بالمظاهرات والأعتصامات اي بالعودة الى الشعب وهذا ما اقدم العسكر في مصر الى إزاحة رئيس منتخب ديمقراطياً حينما توجه الملايين من ابناء الشعب الى الشوارع ، ورغم عدم اهلية خطوات العسكر إلا انه هذه الخطوة جاءت ملبية ومعبرة عن آمال الشعب ، وقد عبر الشعب عن استيائه من الرئيس مرسي المخلوع ومباركته لخطوة الجيش بخروجه بمظاهرات جماهيرية لا سابقة لها ، في سنة واحدة من حكم الرئيس الدكتور محمد مرسي انزلقت البلاد الى مختلف الأزمات الأقتصادية والأمنية ، إذ فشل فشلاً ذريعاً في ادارة شؤون البلاد وكان هذا اكبر استفتاء لعزل الرئيس ونظامه ، وتعيين رئيس محكمة العليا كرئيس مؤقت للبلاد . هذا هو قرار الشعب ولا إرادة فوق إرادة الشعب وفي مسألة تمديد ولاية البارزاني لمدة سنتين حسب مقترح الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي جرى الأتفاق عليه في البرلمان الكوردستاني ، لكن هنالك رأي آخر بالعودة الى استفتاء الشعب وهو يستطيع ان يدلي بصوته بكل حرية ، فكردستان اليوم لا زالت بحاجة الى مكانة وكارزمية الرئيس مسعود البارزاني . وفي الحقيقة فإن النظام الرئاسي في كوردستان فيه بعض الخصوصية التي تعتبر ضرورية في الظرف الراهن . ونستطيع إجراء مقاربة بين النظام الرئاسي في اقليم كوردستان والنظام الرئاسي في مصر وايران . في كوردستان تتمتع السلطة التنفيذية ( الحكومة ) بمساحة كبيرة من الصلاحيات ، ورئيس الأقليم لا يتدخل في شؤونها ، وهو يتدخل في حالات تفاقم خلافات بين الحكومة والمعارضة خاصة حينما تصل الأمور الى طريق مسدود ، وفي الحقيقة ان الرئيس مسعود البارزاني حسب رأيي المتواضع هو زعيم اكثر مما هو رئيس ، خاصة حينما يعرب عن افتخاره بلقب ( البيشمركة ) اكثر من افتخاره بلقب رئيس . اما الحكومة في مصر فليس لها اي تأثير في المجرى السياسي في الدولة ، لقد بقي هشام قنديل رئيس وزراء مصر لمدة سنة منذ مجئ الأخوان لحكم مصر عن طريق الأنتخابات وبعد ذلك عزلهم عن طريق قرار جماعي من الشعب الذي عبرت الملايين منه ، بضرورة تنحيتهم من الحكم لأساءتهم استخدام السلطة . المهم بقي الدكتور هشام قنديل بلا صلاحيات ولا يستطيع تمرير قرار يفيد الشعب بل كان الأهم تمرير قرارات تخدم الأخوان وهو الحزب الحاكم . لقد كان رئيس الوزراء في مصر موظفاً تابعاً للرئاسة وليس رئيس الوزراء يحكم وفق اجتهاده والذي كان يترتب ان يكون الرجل الثاني في الدولة المصرية . اما في ايران فرغم انه نظام رئاسي وله شبه كبير بالنظام الرئاسي الأمريكي ، إلا انه حكم ثيوقراطي بامتياز إذ ان المرشد الأعلى يمسك بيده زمام الأمور ، وحتى رئيس الجمهورية الذي من المفترض ان يكون الشخص الأول في الدولة عليه ان يفوز بمباركة المرشد الأعلى قبل قبول ترشيحه ، فالمرشد الأعلى له حق الفيتو على اي شخص حتى لو كان رئيس الجمهورية الذي يصار الى انتخابه مباشرة من قبل الشعب ، عموماً إنه يقف في رأس الهرم التنظيمي للنظام السياسي في الدولة الأيرانية . وحين المقارنة هذه بتوزيع السلطات في اقليم كوردستان نلاحظ وجود توافق ووضوح وتوازن بين مختلف الأجهزة والسلطات ، وكل يعرف حدوده ويعمل ضمنها . وتفيد آخر الأخبار عن قبول الرئيس البارزاني في تمديد ولايته لمدة سنتين والذي جاء بناء على مقترح تقدم به الحزب الحليف الأتحاد الوطني الكوردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني وهنا يقول البارزاني : «لم أكن أبدا عاشقا للسلطة والمناصب، واليوم لا أريد أن أبدل تاريخي النضالي من أجل تحرير كردستان بأي شيء آخر، فالإنسان يعرف بنضاله وتضحياته من أجل شعبه ووطنه، وليس بالمناصب والعناوين الوظيفية والإدارية، وقد وقعت قانون تمديد ولاية البرلمان حتى لا يحدث أي فراغ قانوني ودستوري بالإقليم>> . ويختم البارزاني قوله : «احتراما مني لأصوات معظم الكتل البرلمانية ولعدم إحراجهم، أعلن لشعب كردستان أنني سأحمل هذه الأمانة إلى حين انعقاد الدورة الرابعة للبرلمان، ومن الآن أطالب رئاسة البرلمان القادم بالعمل خلال فترة لا تتجاوز سنة واحدة لتحقيق التوافق حول مشروع الدستور وتحديد آليات انتخاب رئيس الإقليم، وأن تنظم الانتخابات الرئاسية حينذاك لكي نسلم هذه الأمانة لمن يحصل على ثقة الشعب». أجل ان البارزاني أراد انهاء الجدل الدائر حول هذا الموضوع ، لكن يبدو للمراقب ان علاج هذا الموضوع كان بمنأى عن الأسترشاد بمصالح الشعب الكوردي بل كان يصب في خانة المعارضة السلبية بدلاً من المعارضة الأيجابية التي تكون مصلحة الوطن هي المنارة التي تسترشد بها بدلاً من المصالح الحزبية . البارزانيون والمكون المسيحي هنالك من يسأل عن الأسباب التي تقف وراء التقدير والأحترام الذي نكنه للبرازانيين ، فأقول هنالك محطات تاريخية تجمع بين المسيحيين والبارزانيين ، واعتقد ان هذه المكانة هي نفسها بالعلاقة الطيبة مع الأيزيدية والمندائيين والأرمن ، وبشان المسيحيين نورد بعض ارئاسة اقليم كوردستان بين التمديد في البرلمان والعودة الى استفتاء الشعب لمواقف التي ورد ذكرها في كتاب مهد البشرية وكان ذلك في في زمن عبد السلام البارزاني ( 1876 ـ 1914 ) وفي ص130 نقرأ : كان ( عبد السلام البارزاني ) يؤمن بالمساواة التامة بين الكردي المسلم والمسيحي على حد سواء ، لكننا نخشى ان الموظفين الأتراك على العموم لا يستحسنون منه هذا السلوك . وبسبب عدالة هذا الرجل كان محبوب من قبل القرويين ولم يقبل اي منهم بإفشاء سره حينما اختفى بين ظهرانيهم فيقول المؤلفان ص 132 : وهنا جنى الشيخ ( عبد السلام البارزاني ) ثمرة معالمته الكريمة للقرويين فلم يخطر ببال احد من رعيته مسيحيين كانوا ام مسلمين ان يخونه ويسلمه الى اعدائه . وفي هذا الوقت بالذات لقيناه لأول مرة وهو متنكر في ثياب خلقة وليس معه غير تابع واحد وهو مختف في إحدى القرى المسيحية فيما يلي إمارته . وفي ص144 نقرأ : .. مسكينة قرية ( أردل ) فهي منسية منعزلة تسبح في ظلام الفقر والجهل وهي اصدق مثل للحياة البشرية السائدة في القرى المسيحية التي يملكها الكورد في الجبال . .. لكن والحق يقال ان ( اردل ) تستحق التهنئة من عدة نواح ، فأهلها يقرون انهم لا يجدون للشكوى من الناحية السياسية لأن صاحب القرية وهو آغا ( سورايي ) فيكون سيدهم الأعلى والحالة هذه شيخ بارزان الذي عرف بلقب ( شيخ النصارى ) لأنه يعامل النصارى وأتباعه المسلمين على قدم المساواة . وتسامحه هذا جعلهم ينعمون بالأمن والحصانة من الأضطهاد من النهب والسلب . من هذا المنطلق التاريخي ومن معطيات موضوعية في الوقت الحاضر في الجانب السياسي والأجتماعي فإن الأقليات الدينية بشكل عام تقف مع القيادة البارزانية ، وهذا ليس سراً بل نمارسه بشكل علني صريح . د. حبيب تومي / اوسلو في 18 / 07 / 2013 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر دبليو . أي . ويكرام ، أدكار . تي . اي . ويكرام " مهد البشرية ، الحياة في شرق كوردستان " نقله الى العربية جرجيس فتح الله المحامي . من منشورات التآخي .بغداد ، سنة 1971
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخطا في خلط المفاهيم الثلاثة لوحدتنا : القومية والسياسية وا
...
-
باسم دخوكا وحبه في الزمن الصعب
-
زوعا خسرت الكثير من شعبيتها بسبب غرورها وقصور افقها السياسي
-
قبس من ذكرياتي في دشتة د نهلا وقرية جمه ربتكي قبل نصف قرن
-
الرئيس البارزاني لا يمكن ان يسمح بالأعتداء او التجاوز على ال
...
-
شمول واعتدال البيان الختامي لسينودس الكنيسة الكلدانية ولنا ب
...
-
الرئيس البارزاني والدستور وكلمة الفصل تكمن في أستفتاء الشعب
...
-
لا يليق بأقليم كوردستان إهمال وتهميش حقوق الشعب الكلداني وال
...
-
لحظات الأفتتاح الكبير للمؤتمر القومي الكلداني في ديترويت
-
اجل الشعب الكوردي بحاجة الى الرئيس (البيشمركة ) مسعود البارز
...
-
ترشيح الرئيس مسعود البارزاني لولاية ثالثة ما له وما عليه
-
ازمة الندايي واليباسي عكست تعلق الشعب الكلداني بتراثه وتاريخ
...
-
انحياز البطريركية لشعبها الكلداني ليس إثماً ..تعليق على توضي
...
-
المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد والمؤتمر القومي الكلداني ا
...
-
مغالطات الأخ ليون برخو في احكامه القطعية
-
دولة كوردستان قادمة لا محالة .. كيف ولماذا ؟
-
ثلاث قراءات لوحدة شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوري
...
-
انا وكتاب الأمم القومية والسيدة الأثيوبية في الطائرة
-
مرقد النبي ناحوم الألقوشي من يعمره ؟ كوردستان ام الحكومة الم
...
-
لنكن كرماء مع غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو وهو يحمل هموم
...
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|