|
الحزب الأغلبي بين: مصلحية ترميم الأغلبية الحكومية وموضوعية الاتجاه نحو صناديق الاقتراع
سامر أبوالقاسم
الحوار المتمدن-العدد: 4152 - 2013 / 7 / 13 - 20:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما يتبين اليوم فيما يخص حزب العدالة والتنمية هو أن لا منظومة أخلاقية ولا سياسية ولا دينية تؤطر ممارسة وتصرف وسلوك قادته، لأنهم قدموا بالحجة والبرهان أنهم مستعدون للتحالف مع الشيطان فقط للدفاع عن مصالحهم والاستماتة من أجل البقاء في الموقع الحكومي، وهذا الانقياد غير المشروط للبقاء في موقع السلطة، هو ما دفعهم في السابق إلى التحامل على الأحزاب والفاعلين ونفث سمومهم وشن حملات التقديح والتشويه.
و"لأن الطبع يغلب التطبع" فقيادة الحزب الأغلبي لا تتوان في المزج بين الاستمرار في أسلوب السب والشتم والقذف، وبين تحقيق هدف المحافظة على الموقع الحكومي ولو اقتضى الأمر التحالف مع أشد الخصوم ومع "من كان محسوبا على الفساد"...
إن التأييد المطلق واللامشروط للممارسات السياسية اللاأخلاقية، الدافعة في اتجاه التشبث بالكراسي على حساب إرادة الشعب المغربي التواق للإصلاح، لا يمكن أن يكون محل غرابة عن المشرب الديني المغالي والمتعصب الذي يمتح منه الحزب، ولا بعيدا عن مشروعه السياسي/الديني المتسلط، لذلك فقيادته تسارع إلى الالتفاف على الوضع والقيام بكل ما يلزم في محاولة لدفع كل الطبقة السياسية إلى السير في منحى تغليب خيار ترميم الأغلبية "ولو" بالتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري.
من حق هذا الكائن الحزبي أن يعبر عن رغبة في التموقع، التي تعبر عن جوهر مشروعه المتسلط، ومن حقه أن يضع نفسه في خانة الأحزاب غير المبالية بالإرادة الشعبية في سياساتها الفاشلة، ومن حقه أن يكون معبرا بامتياز عن السرقة الموصوفة التي حدثت للحركة الاحتجاجية لشباب 20 فبراير.
لكن من حقنا أن نخاف على استقرار المغرب وعلى مسارات إصلاح أوضاعه، من حقنا أن نخشى على بلدنا من حَمَلة الفكر الديني القاعدي أو الوهابي أو الطالباني، لأن عمل الحزب الأغلبي على توقيف وتيرة الإصلاح والذهاب بالاقتصاد إلى الأفق المسدود وعرقلة تنزيل الدستور وضرب القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين... يؤدي إلى إغراء كل الحركات الدينية في العالم، خاصة وأن موجة الإسلام السياسي تجتاح اليوم العالم لكي ترخي بظلال تسلطها عليه.
لم غائب عن أصحاب المشروع السياسي/الديني أن تواجدهم في موقع إدارة الشأن العام سيؤدي بالبلاد إلى الاندحار إلى أعماق التخلف الذي طال أفغانستان/الطالبان، ولم يكن بتاتا غائبا عنهم بأن مشروعهم هذا هو ضد كل مشروعية سياسية وديمقراطية وشعبية، بل إن حقدهم أعمى قلوبهم وأقساها على قوى الدمقرطة والتقدم، ووصلت الضغينة لديهم إلى درجة العمل على إضاعة حلم المغاربة ورغبتهم في قيادة ديمقراطية للموقع الحكومي، والله أعلم بما هو قائم لحد الآن في مكنون صدورهم تجاه المنافسين السياسيين وما يحملونه من تفكير إقصائي تجاههم.
إن أخطر ما يمكن أن نعيشه اليوم كمغاربة، هو الموقف الذي ما فتئ يعبر عنه تيار الإسلام السياسي، على اعتبار أن حركاته وجماعاته وأحزابه هي الحامية للديمقراطية في البلاد، مريدا بذلك أن يجعل شعبا بكامله ناسيا لما اقترفه هذا التيار من كبائر في حق الوطن والمواطنين؛ من قتل وتعزير وتشهير وتكفير وتفجير... وهذا ما يجعلنا نستنتج أن الحزب الأغلبي اليوم يستبطن رؤية سياسية خطيرة "أنا في الموقع القيادي للعمل الحكومي أو الطوفان"، وهي الرؤية التي قد تعصف بالبلاد إذا ما لم يتم التصدي لها بحزم ومسؤولية من طرف القوى الديمقراطية والتقدمية.
فعلا، من حقنا كديمقراطيين أن نخشى على بلادنا من حَمَلة الفكر الديني المغالي والمتعصب، ومن أن يقوم هؤلاء بإعادة إحياء النموذج الأفغاني والسوداني على مستوى الحكم والبطش بالشعب والتلاعب بمقدراته الاقتصادية والاجتماعية، إنهم أصحاب فكر انقلابي لا يمكن الاستكانة إليهم ولا الاطمئنان لجانبهم، إننا نخشى أن تكون جينات طالبان والقاعدة والوهابية قائمة في خِلْقَة مثل هذه الكائنات الحزبية، ونخشى أن يكون مبدأ التقية لا زال ساري المفعول فيما يخص شعار "الإسلام هو الحل"، كما لا زلنا نخشى أن يكون هؤلاء لا زالوا على عهد الولاء لـ"الأمة"، أمة الإخوان المسلمين المتعاهدين على برنامج في السياسة والدين، ولا زالوا يعتبرون الوطن بدعة من بدع الغرب المسيحي المستوطن.
نأسف لمن ظل من الأحزاب والفاعلين صامتا يوم نهب حزب العدالة والتنمية مصير حركة 20 فبراير، واستغل ثمار احتجاجاتها وانتظاراتها وتطلعاتها، لكي يربح سياسيا موقع قيادة العمل الحكومي الفاشل، ونأسف اليوم لمثل هؤلاء الذين لا يأبهون بما يقوم به الحزب الأغلبي اليوم من تمييع للحياة السياسية ومن تحالف حتى مع الشيطان فقط للتشبث بالكراسي الوتيرة والمريحة داخل الجهاز الحكومي المشلول.
إننا رفعنا التحدي أمام حزب العدالة والتنمية، ونقولها اليوم بكل الصراحة التي تلزمنا بها أخلاقيات العمل السياسي تجاه شعب بكامله، لا يمكن ولا يستطيع هذا الحزب أن يقنع اليوم الشارع بما قام به من إنجازات على مستوى الأداء الحكومي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإداريا وماليا، والسبب بكل بساطة هو أن لا شيء تم إنجازه حتى الآن وهذا الحزب لا تهمه مصالح المواطنات والمواطنين بقدر ما يهمه التشبث المريب بموقع السلطة والامتياز.
وهذا العجز الكلي عن القيام بالمهام والصلاحيات لا يمكن إدخاله سوى في خانة الأعمال التي تمس مكتسبات الإصلاحات الهيكلية الكبرى واستهداف دستور 2011 المتقدم والانقلاب على الحياة السياسية برمتها والاستقواء بالشارع، وهي كلها أمور لا يمكن أن تصدر إلا عمن ثبت فشله من الساسة المتدينين المنتهية صلاحيتهم.
فعن أي تحالف يتحدث الحزب الأغلبي اليوم؟ إن موقف وموقع هذا الكائن الحزبي الخرافي لآية من آيات الانحطاط والتخلف القيمي والأخلاقي، ولتعبير عن معاداته للديمقراطية والديمقراطيين والحرية والأحرار. أي حزب اليوم يشارك حزب العدالة والتنمية إيديولوجيته إن كانت؟ أي حزب يتقاسم مع حزب العدالة والتنمية تصورا أو برنامجا أو حتى ممارسة أو سلوكا؟
تثبت مواقف حزب العدالة والتنمية اليوم، وتحيزه وانجرافه وراء احتمالات ترميم أغلبيته الحكومية بالتفاوض سياسيا مع بعض الأحزاب التي توجد فكريا وسياسيا على النقيض منه، بما لا يدع مجالا للشك أن رهانه لا ولم ولن يكون قائما على الشعب أو على التباري الديمقراطي أو على الديمقراطية التمثيلية أو التشاركية أو المنظومة الأخلاقية الدينية، وإلا لكان قرار الحزب الأغلبي اليوم هو الاتجاه نحو صناديق الاقتراع.
#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الفساد- والإنقاذ من الضلال
-
التجربة الحكومية لحزب العدالة والتنمية ومعاداة كل الفرقاء ال
...
-
العمل والزمن: بهما يحصل التقدم، وبسببهما يتم السقوط في مستنق
...
-
الحزب الأغلبي والعودة إلى تقوية شروط التطرف
-
سن الزواج بين الرشد والترشيد
-
وصاية الأب في تدبير العمل الحكومي أمر لم نُسْتَفْتَ بشأنه
-
انقلاب الحكومة على شرعيتها السياسية
-
مقدمات الحل السياسي لأعطاب الحزب الأغلبي
-
عدم الثقة في التزام الحكومة بالديمقراطية
-
فتنة -الإسلام الحقيقي-
-
فتنة شعار -الإسلام هو الحل-
-
-وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَو
...
-
-المؤمن إذا عاهد وفى-
-
خيار الاندماج وعلاقته بإعادة هيكلة الحقل الحزبي الوطني
-
الأداء الحكومي وإشكال تعزيز الثقة في المؤسسات
-
الأستاذ عصيد وسؤال مراجعة أنماط التفكير في الحقل الديني بالم
...
-
اليوم العالمي للمرأة وطريقة تدبير العيش المشترك
-
علاقة القوانين التنظيمية والعادية بالجدولة الزمنية والسياسية
...
-
عواقب تملص الحكومة من واجب عرض مشاريع القوانين التنظيمية على
...
-
الدستور الجديد وموقع الجهات من معادلة فصل السلط
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|