|
تصحيح المسار!
صبحي مبارك مال الله
الحوار المتمدن-العدد: 4152 - 2013 / 7 / 13 - 16:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد هزّت هبّة الشعب المصري الجديدة في 30 حزيران 2013 المنطقة والعالم ، والتي جاءت أستكمالاً لثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 التي أطاحت بحكم محمد حسني مبارك ، فخرجت ملايين الجماهير الى الشوارع في مظاهرات منظمة وسلمية تدعوا لرحيل نظام الأخوان ورئيسه محمد مرسي ، فنالت هذه الثورة الجديدة أعجاب الشعوب وتعاطفها ، ولم تأت هذه الهبّة من فراغ وأنما من تفاعل ما حصل من أحداث نتيجة حكم الأسلام السياسي المتمثل بالأخوان والجماعات الأسلامية التي وضعت أقامة الدولة الأسلامية الدينية الأوتوقراطية في مصر وبقية البلدان العربية حسب برنامجها السياسي هدف لها، والشعب المصري يعرف أن هذا النظام يؤدي الى مصادرة الحريات ويمنع القوى السياسية الديمقراطية المؤمنة بالتحولات الديمقراطية نحو بناء الدولة المدنية من العمل السياسي ، كما أنه يعلم بأن هذا الحكم سيكون حكم طائفي وعدواني ولايعترف بمكونات الشعب وخصوصاً الأقباط وأنه سيتجاهل أهداف ثورة 25 يناير ، لقد كانت سيطرة الأحزاب والجماعات الأسلامية من خلال أستغلال الفراغ السياسي والأوضاع السياسية التي نشأت بعد 25 يناير بعدم أستطاعة الثورة أن (تنجح في بلورة قيادة ثورية ميدانية تتولى السلطة وتقود الجماهير لتحقيق أهداف الثورة ) 1 .ولهذا أستغلت الأنتخابات وزورتها بالقوة والضغط ، ففازالأخوان والجماعات الأسلامية المتطرفة وبالتالي سيطرت على البرلمان وأخذت تعد العدة لوضع دستور رجعي منتهكة بذلك حقوق الشعب وفعلاً تمّ أصدار الدستور بخلاف أتفاق قوى الشعب حوله، ثم بدأت التوجهات الى محاربة كل شيئ يدل على الحضارة والتقدم وجعل المرأة أن تكون مواطن من الدرجة الثانية أضافة الى محاربة الفنون والموسيقى والسياحة و غيرها من القيم المصرية . أن المتتبع لما حدث في ثورة 25 يناير ، وجد أن الأخوان لم يتحمسوا ولم يشاركوا في الثورة بأعتبار أن المساهمة تحتاج الى تنسيق علاقات وتحضير وغيرها من المبررات غير المقبولة ، ولهذا بعد أن أنتصرت الثورة وسقط رأس النظام حينذاك تقدموا وخطفوا الثورة وربيعها وتصدروا الحكم وكان البعض من أبناء الشعب متفائل ألا أن الوقائع دحضت تلك الآمال . الشعب المصري لم يهدأ ورأى أن ثورته خُطفت فأستمر في معارضة الحكم الجديد وبدأ النظام صراعه مع العدالة التي يمثلها القضاء المصري فأدى ذلك الى محاصرة رجال القضاء وأحالة البعض منهم على التقاعد بعد أن أعترضوا على الدستور والقوانين ومن ثمّ البدأ في محاربة الأحزاب التقدمية وقوى ثورة يناير 25 مع تدهور الأوضاع الأقتصادية والمعاشية وأنتشار الفساد . ولهذاعادت الجماهير الى الشوارع والميادين ولكن بصورة منظمة وفي حالة لم يسبق لها مثيل ، وكانت حركة تمرد والحركات الشبابية ، وجبهة الأنقاذ التي قادت الحراك الجديد حيث كان له الأثر الكبير في تحشيد الجماهير حول شعار (أرحل ) وغيرها من الشعارات الوطنية ، لقد عمت التظاهرات كل المدن والمحافظات المصرية كما نقلتها وسائل الأعلام. وبعد نجاح الشعب والقوات المسلحة المصرية في أزاحة محمد مرسي والعودة الى مبادئ ثورة 25 يناير والعمل على تصحيح مسارها ، المتجه نحوتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية ،فسوف يواجه الشعب قوى شرسة لمقاومة التغيير بتدخل وتأييد من قوى دولية وأقليمية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والتهديد بقطع المساعدات عن مصر ومعاقبتها وهذا أصبح معروف من وسائل الأعلام المرئية والسمعية ، كذلك الموقف الأيراني وقوى الأسلام السياسي في الدول العربية بحجة الدفاع عن الشرعية ولكن أية شرعية مع نظام أريد له أن يكون طائفي ومستبد سياسياً وأجتماعياً وثقافياً ؟، نظام يعمل بعقلية القرون الوسطى فكيف تتعامل البلدان الديمقراطية الدولية والتي تؤمن بحقوق الشعب والحريات مع هذا الحدث ؟ ان مصالح هذه البلدان وتوافقها مع الحكومات الأستبدادية حفاظاً على مصالحها جعلها أن تقف هذا الموقف . (المتغيرات السياسية التي أحدثتها الأنتفاضات الجماهيرية في العديد من البلدان العربية وتداعياتها وتأثيرها على عموم بلدان المنطقة وموازين القوى السياسية فيهاوالتوقف بشكل أساسي عند محاولات القوى المضادة الداخلية والدولية لأجهاض المحتوى الأجتماعي الديمقراطي المعادي للأستبداد السياسي والأستغلال والتهميش الطبقي لهذه التغيرات )2 (.....وسعي قوى الأسلام السياسي التي تولت السلطة في هذه البلدان لتمرير مشاريع سياسية وأجتماعية وأقتصادية تفرغ الأنتفاضات الثورية من مضامينها وتحولها عن مسارها ....)3 أن المتغيرات السياسية التي تحدث في مصر ليست بمعزل عما يحدث في المنطقة من أحداث سياسة فالأحداث في سوريا والقتال الدائر بتأثير التدخلات الأجنبية والأقليمية ومحاولة تحويله الى صراع طائفي لايعني أن الشعب السوري لايريد الديمقراطية الحقيقية ويريد الحكم الشمولي من جهة أو يريد حكم أرهابي مستبد من جهة أخرى.أن الشعوب جميعها تواقة الى العدالة والحرية والديمقراطية بما فيها الشعوب العربية. كما أن الهجمة الأرهابية الكبيرة التي يتعرض لها العراق منذ تغيير نظام الحكم وسقوطه لم تكن بمعزل عن المخططات الأقليمية والدولية ، ولازال الشعب العراقي يناضل ضد الأرهاب وضد نظام المحاصصة والطائفية والفساد ومن أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية ولهذا يحتاج العراق الى تصحيح المسار وأصلاح العملية السياسية من خلال الحوار والعمل السلمي . أن الأحداث الجارية في مصر وأستخدام العنف تدلل على أن الأخوان قد قرروا نهج سياسة القتل والتدمير لمقاومة التغيير ولكن أرادة الشعب فوق كل أرادة وأن أنكشاف المدعين بالدين والذين يكفروا الآخرين سوف لن يجدوا من يصغي لهم أو يساندهم . ولهذا سوف تواجه المنطقة أوضاع خطيرة جداً قد تؤدي الى أشعال حروب أهلية وتدمير وتهديد أستقلال بلدانها وتعيق السير في طريق الديمقراطية وحكم الدستور . أن الموجة الأرهابية التي تستهدف وحدة الشعوب ونسيجها الأجتماعي وثقافتها وقيمها وحضارتها سوف تفشل فشلاً ذريعاً كما يحصل الآن في مصر التي أعطى شعبها مثالاً على التحدي والصمود والأصرار على السير بكل مكوناته وأحزابه وقواه الوطنية والدييقراطية في طريق التحرروالأستقلال و أن المتغيرات التي حدثت وتحدث في مصر سوف تؤثر على الأوضاع السياسية في المنطقة العربية والأقليمية كما أنها ستكسر حاجز الخوف عند شعوبها وأن الأنتفاضات التي حدثت في تونس واليمن وليبيا سوف تصحح مسارها الذي أنطلقت من أجله كذلك ستكون دافع للشعوب العربية الأخرى في أن تقول كلمتها في واقع نظامها السياسي. الهوامش:- 1-اللقاء اليساري العربي الثالث –بيروت 13-15 يناير 2012 2،3-اللقاء اليساري العربي الرابع –بيروت 7-8 حزيران 2013
#صبحي_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأمُلات وتساؤلات مشروعة !
-
توجهات جديدة في نهج السيد رئيس الوزراء !
-
الكتل السياسية بين الصراع الطائفي والسياسي
-
التيار الديمقراطي العراقي في مواجهة التحديات
-
الأتفاقية بين الحكومة الأتحادية وحكومة الأقليم هل تعتبر مؤشر
...
-
أحداث الحويجة تدق ناقوس الخطر !
-
الحسابات السياسية بين الحاضر والمستقبل
-
الدوران في حلقة مُفرغة !
-
سياسة الحكومة ومسؤوليتها تجاه الشعب
-
أجندات مُعلنة و أجندات مخفية !!
-
هل فقد الشعب الثقة في الحكومة والكتل السياسية ؟!
-
الأزمة السياسية مستمرة تحت دُخان الأنفجارات!
-
القوى الديمقراطية بين الأزمات السياسية والتحضير للأنتخابات
-
عام 2013 والفرح المؤجل
-
التعديل الرابع للقانونرقم 36 لسنة 2008 المعدل
-
ماذا بعد بيان السيد الرئيس ؟!
-
أحداث ساخنة وبرود حكومي !
-
نقد في نقد المشروع الديمقراطي
-
ماذا يجري حول أنتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي ؟!
-
الأنتخابات الأمريكية والأوضاع السياسية في المنطقة العربية وا
...
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|