سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 4151 - 2013 / 7 / 12 - 19:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
د. ماريانا خار وداكي ، باحثة يونانية في قسم العلوم والعلاقات السياسية الدولية حصلت على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة " ريدنغ " في المملكة المتحدة . تعلمت اللغة العربية في الجالية الفلسطينية في اليونان ، وجرى تشجيعها على التخصص في مجال السياسية الدولية في الشرق الأوسط . ورغم إدراكي لتعقيدات هذا الموضوع وتشابكاته السياسية، فإن الكتاب الذي صدرته د. ماريانا خار وداكي عن دار الفارابي في بيروت بعنوان " الكرد والسياسة الخارجية الأميركية " العلاقات الدولية في الشرق الأوسط منذ العام 1945 " وترجمة الزميل خليل الجيوسي كما في طبعته عن دار آراس للطباعة والنشر في إقليم كردستان العراق ، يشكل مسحاً وتحليلاً مفصلاً وللمرة الأولى للعلاقات الأميركية – الكردية.
هذا المقال كتب من قبل الباحثة د . ماريانا خصيصاً الى موقع الحوار المتمدن . نظراً لكون الموقع هو نافذة معرفية هامة.وأحد المراجع البحثية والمصادر المعلوماتية الأكاديمية.
والمقال يمثل وجهة نظرها الشخصية . وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع الباحثة ، بيد أننا أمام باحثة جديدة واعدة تملك العزم والأدوات وصبر أيوب على فك طلاسم السياسة الدولية في الشرق الأوسط . للباحثة العزيزة كل التقدير والتمني لها بعطاء متواصل . وفي موقع الحوار المتمدن أيضاً.
محادثات السلام الكردية - التركية: قد سبق السيف العدل
بقلم د. ماريانا خاروداكي*
تكمن أهمية حزب العمال الكردستاني في كونه مكون و لاعب اساسي في السياسة الكردية وعلى الساحة الإقليمية و الدولية , فضلا عن دوره الهائل في العلاقات الداخلية والعلاقات البينية الكردية. و هذا مما جعله عنصرا بارزا و مسيطرا فعليا على مجريات السياسة التركية على مدى الثلاثين السنة الماضية.
الاعتراف بالاكراد كشعب كردي ذو اصل كردي و ليس كعرق مميزا قد وضع أسس اشكالية الحالة الكردية. فالكفاح المسلح التركي للاحتفاظ بما تبقى من اراضي الاناضول في اعقاب إنهيار الامبروطورية العثمانية فسر الموقف الرسمي التركي , وحتى الآن , سياسته الكردية , وهذا يدل على خوف الدولة من تمزق إقليمي آخر إذا تعذر إستيعاب وإدماج اعراق غير تركية مما دعى إلى إجبار تركيا على تقديم تنازلات. فسياسة تركيا في قمع سكانها المتعدد الاعراق , بما في ذلك الأكراد , يجب أن يفهم و يكون مرتبطا مع صعود القضية الكردية في تركيا و بروز حزب العمال الكردستاني. و على صعيد القضية الكردستانية فأنها تفاقمت بسبب عدم قدرة الجماعات الكردية لإيجاد تسوية مؤقتة بسبب التنافس الداخلي بين الأكراد الذي أستغل من قبل القوى الخارجية.
و بعد أن وضعت إطارها الإيديولوجي و متابعتها للكفاح المسلح كوسيلة للدفاع , فإن حركة حزب العمال الكردستاني قد أنتقلت إلى المرحلة الثالثة من التحول الديمقراطي. وبالتالي لايجب أن ينظر الى رسالة عبد الله أوجلان في عيد النيروز في 21 مارس 2013 على أنها حالة شاذة و إستتنائية و جديدة بل الاخذ في عين الإعتبار و عدم إغفال برنامج إعلان الحركة منذ بدائة تأسيسها في عام 1978 و الندءات المتكررة لوقف إطلاق النار أو إيجاد حل سياسي للقضية الكردية.
الحالات المتعاقبة لوقف إطلاق النار من جانب حزب العمال الكردستاني ( إبتداء من 17 مارس 1993 و 15 ديسمبر 1995) و النداء من أجل تسوية سياسية للقضية الكردية حتى عام 1998 إنما تدل على إرادة الحركة للتحول و منذ فترة طويلة من النهج العسكري إلى النهج السياسي لكفاحها إلى حد إقتراح الحلول الفيدرالية. ومنذ 1994 قد ظهر عبد الله اوجلان مستعدا لبدء عملية بنيوية لنهاية كاملة للصراع المسلح و على أساس أن الحلول السياسة ستناقش على طاولة المفاوضات و عليه فإن الإعلانات المتكررة في وقت لاحق و التي كانت تصدر من سهل البقاع في لبنان عندما كان حزب العمال الكردستاني جاهزا و على إستعداد لتحول إلى أساليب سياسية والذي هو نابعا من قناعة بأن الحركة لاتبحث و ببساطة عن حل في سياق الحرب بل في سياق سياسي جدي .
وقد أكد إعلان رسمي لحزب العمال الكردستاني في مؤتمره السابع عن التخلي عن الكفاح المسلح والانتقال إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من دستوره الذي قضى بتسييس استراتيجيته بالفعل. وعلى نفس المنوال في عام 1999 جادل أوجلان بأن القضية الكردية لا يمكن حلها دون إجماع الاتراك و لا يمكن تحقيق أدنى تقدم يمكن لتركيا أحرازه مع حزب العمال الكردستاني دون حل القضية الكردية. ولذلك نظمت الحركة نفسها وكلفت فريقين لدراسة مسألة الحل الديمقراطي للقضية الكردية. إن قبول تركيا لاقتراح مؤتمر حزب العمال الكردستاني في 20 يناير 2000 والذي ينص على أن القوميتين ينبغي تعايشهما و إدماجهما في دولة واحدة، ضمن الحل المحتمل لجمهورية ديمقراطية هو أيضا مؤشرا يدل على النية الموجودة بالفعل لتسهيل وتفعيل حل سياسي للقضية الكردية.
و في هذا السياق، فإن سجن زعيم حزب العمال الكردستاني منذ عام 1999 قد ابرز القضية الكردية و أعطاها مزيدا من الدفع و القوة على الصعيد الدولي و دعم الرأي العام الدولي، و أيضا عزز الخطاب عن الحاجة الملحة إلى الديمقراطية في الشرق الأوسط. و عليه فإن مبداء بوش المعروف بالنظام العالمي الجديد ، وتغيير حزب العدالة والتنمية للسياسة التركية بدرجة 180 درجة بما في ذلك سياساته إتجاه القضية الكردية، والأزمة السورية التي حطمت محور أنقرة - طهران - دمشق و ابرزت العامل الكردي الذي دفن طويلا إلى الواجه جنبا إلى جنب مع الدعم الكردي الداخلي ، كلها تطورات إقليمية أدت إلى المفاوضات المباشرة اليوم بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني بالإضافة الى فتح اتصالات مع شخصيات سياسية كردية أخرى لإنهاء الصراع الكردي- التركي طويل الأمد.
و بناء على ماسبق , فإن التحول السياسي لحزب العمال الكردستاني منذ عام 1992، والذي استمر لعامي 2002 و 2003 وأدى في نهاية المطاف إلى وقف إطلاق النار من جانب واحد (كونغرا جل) في يونيو 2004 وأكتوبر 2006 على التوالي، إنما يشير إلى أن حركة حزب العمال الكردستاني وخطابها الإيديولوجي وممارستهاعلى الارض لم تتغير، لكن البيئة المحلية والإقليمية المحيطة بها قد تغيرت فعلا. بالإضافة إلى إن نضج القضية الكردية، جنبا إلى جنب مع معرفة أردوغان بأن تركيا لا يمكنها أن أن تلعب أو تأمل بلعب دورا محوريا في المنطقة دون حل القضية الكردية مما جعل حل القضية الكردية الآن امرلا مفر منه.
*د. ماريانا خاروداكي: باحثة في قسم العلوم السياسية و العلاقات الدولية, جامعة ريدينغ (المملكة المتحدة). اهتماماتها البحثية تتنوع من العلاقات الدولية إلى تحليل السياسة الخارجية للعلاقات الدولية في الشرق الأوسط بصورة عامة. وهي مؤلفة لكتاب الأكراد والسياسة الخارجية الأميركية: العلاقات الدولية في الشرق الأوسط منذ عام 1945، (روتليدج، 2010) ترجم إلى العربية من قبل دارالفارابي للترجمة و النشر (لبنان 2013).
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟