|
سقوط الاخوان في مصر .. بداية لسقوط الاسلام السياسي في المنطقة
خدر شنكالى
الحوار المتمدن-العدد: 4151 - 2013 / 7 / 12 - 18:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سقوط الاخوان في مصر .. بداية لسقوط الاسلام السياسي في المنطقة
عندما قامت ثورات الربيع العربي في بعض الدول العربية ، لم يستثني حكم الرئيس حسني مبارك من شرارة وغضب هذه الثورات التي بدأت في تونس على اثر قيام المواطن التونسي ( محمد البوعزيزي ) باشعال النار في نفسه بسبب قيام البلدية بمصادرة عربته التي كان يترزق منها ، وعلى الرغم من الاسباب التي ادت الى قيام هذه الثورات ، فانها قد اطاحت ولحد الآن بالعديد من الانظمة الدكتاتورية التي كانت تحتكر كرسي السلطة طيلة سنوات عديدة دون رقيب او حسيب . وقد سميت هذه الثورات بالربيع العربي ( مجازا ) على امل ان يشهد الشعب العربي ربيعا جميلا مشرقا مليئا بالنمو والعمران والتقدم وتحقيق الرفاهية ، ولكن يبدوا ان الرياح لاتجري احيانا كما تشتهي السفن ، فبعد سقوط نظام الرئيس مبارك قبل اكثر من سنة من الان تحت ضغط المطالبة الشعبية او ما سمي بثورة 25 يناير 2011 ، ومجيء الاخوان المسلمين الى سدة الحكم عن طريق انتخابات رئاسية جرت في البلاد عام 2012 ، حينئذ كتبت مقالة تحت عنوان ( الاسلاميون .. والاختيار الصعب ) منوها الى ان الاسلاميين الذين طالما كان يراودهم حلم الوصول الى كرسي السلطة ، وعلى مختلف تسمياتهم واحزابهم سواء كان حزب النهضة في تونس او حزب العدالة والتنمية في المغرب او الاخوان المسلمين في مصر وغيرهم في ليبيا ، سوف يمرون باختبار وتجربة صعبة ، وان بقاءهم في الساحة السياسية من عدمها مرهون بمدى نجاحهم في هذا الاختبار . بعد مرور سنة على صعود الاخوان المسلمين الى دفة الحكم في جمهورية مصر العربية وادارتهم لمؤسسات ومفاصل هذه الدولة ، الفقيرة الى حد ما بثرواتها الطبيعية قياسا الى عدد سكانها والغنية بامكانياتها البشرية وبحضارتها وثقافتها وفنها ، فقد اثبتوا فشلهم في ادارة الدولة وزيف شعاراتهم وادعاءاتهم المغرضة في اقناع الناس والتلاعب بعقولهم وعواطفهم وانهم وكلاء الله في الارض وان الاسلام هو الحل ولديهم العصا السحرية في معالجة كافة مشاكلهم وغيرها من الامور التي اكل الدهر عليها وشرب ، ناسين بان اليوم هو عصر التقدم والتكنولوجيا والعولمة وان معالجة المشاكل لايتم بالارشاد ووعاظ السلاطين وان مكان هذه الامور هو في المسجد وغيرها من الاماكن الدينية المقدسة التي لها حرمتها بعيدا عن سراديب السياسة ومايدور فيها . لقد اثبت الاسلاميون فشلهم في جميع قطاعات الدولة ، ففي القطاع الاقتصادي مثلا الذي هو يعتبر العمود الفقري لبناء وتنمية الدولة وتقدمها فقد شهد هذا القطاع تدهورا كبيرا اثناء حكم الرئيس محمد مرسي ، فالبورصة المصرية كانت تخسر يوما بعد يوم نتيجة لسياسات حكم الاخوان وفقدان الثقة بالوضع السياسي والمالي والاداري السائد وتراجع السياحة الذي يعتبر مصدر او مورد كبير للدخل القومي المصري ، وبمجرد سقوط النظام الاخواني فقد ربحت البورصة المصرية ملياري دولار وارتفاع مؤشر السوق بنسبة 6,3% وذلك في يوم واحد فقط ، وتراجع الاستثمارات الى حد كبير مع ارتفاع نسبة البطالة وتضييق الخناق على الحريات الشخصية وخاصة في المجال الفني ، هذه الامور وغيرها كثيرة قد ولَد مخاوف لدى الشعب المصري ، المتميز بفنه وابداعاته وتحرره ، من ولادة دكتاتورية اسلامية في مصر مستغلا عامل الدين للوصول الى اهدافهم ، وسرعان ما ادرك الشعب المصري العظيم خطورة هذا الوضع المأساوي على مستقبل مصر مما ادى الى قيامه بانتفاضته او ثورته الشعبية الثانية في 30 يونيو 2013 بعد حملة توقيع من مايقارب ( 20 ) مليون شخص ووأد التجربة الاخوانية واسقاطها دون رجعة . لاشك ان سقوط الاخوان المسلمين في مصر قد اثبت عدم اهلية او صلاحية الحركات او التيارات الاسلامية للحكم ، وقد تكون هذه بداية لسقوط الاسلام السياسي في كافة الدول العربية ، وخاصة في الدول التي شهدت الربيع العربي مثل تونس والمغرب وليبيا ، والتي بدت ظواهر الفرح والبهجة على شعوبها حال سقوط الاخوان في مصر ، وان تختلف الحالة في سوريا الى حد ما ، فقد جاء هذا السقوط السريع لحكم الاخوان لصالح النظام في سوريا وقد يؤدي ذلك الى تغيير جميع قواعد اللعبة السياسية في سوريا والمنطقة وهذا ما قد نلاحظه في الافق القريب من بلورة وايجاد حل سياسي للازمة السورية . ان تداعيات سقوط الاخوان في مصر ، قد لاتقف عند حدود الدول العربية فقط ، وانما قد يتعدى الى الدول الاقليمية ايضا ، وخاصة تركيا التي ارادت وخططت لقيادة هلال اخواني سني ابتداءا من المغرب وانتهاءا بتركيا التي طالما تحلم باعادة مجد الامبراطورية التركية الغابرة ، ولكن هذا الحلم قد تبدد بسقوط اول تجربة اخوانية في مصر ، كما ان المظاهرات التي قامت وتقوم بها التيارات العلمانية والليبرالية وغيرها في تركيا ينعكس ايضا على مدى رفض الشارع التركي لاسلمة تركيا العلمانية ولسياسات حزب العدالة والتنمية ، وكذلك الهلال الشيعي بقيادة ايران والتي يبدوا الى حدما غير مهتما اوغير متأثر كثيرا بما يجري من انهيار للمعقل الاخواني في مصر ، الا ان فوز الاصلاحي حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية في ايران وما عبَر عن ذلك من مظاهر الفرح التي عمت الشارع الايراني ونزع النساء للحجاب والرقص في الشارع العام يبعث برسالة واضحة الى المحافظين والمتشددين الى ان التغيير قادم في ايران ايضا وان كان بطيئا . ان ما حدث في مصر يشكل ضربة قوية لجميع الحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي ايضا ويدعوها الى ضرورة مراجعة سياساتها وايدولوجياتها ومواقفها المتزمتة والمتشددة ازاء الكثير من القضايا ، بل ويمكن نعته بسقوط الحجر الاول لدومينو الاسلام السياسي الذي طالما اتخذ من الدين وسيلة للوصول الى اهدافه ، وحان الوقت لان يحذوا جميع الشعوب العربية والاسلامية حذو الشعب المصري العظيم وانهاء هذه الازدواجية الفكرية التي لاتجلب سوى الدمار والتخلف والجهل والعنصرية . فالف تحية للشعب المصري العظيم الذي اثبت بان مصر الحضارة ومصر الفن والفنانين ومصر التي انجبت ام كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الاطرش واسمهان وغيرهم كثيرون ، لن تقبل بغير الحرية والابداع ولن تقبل بالعودة الى الوراء ابدا ، والف تحية للجيش المصري العظيم الذي ساند الشعب في ثورته السلمية واكد بان مصلحة وارادة الشعب فوق كل اعتبار اخر . خدر شنكالى كوردستان – العراق
#خدر_شنكالى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خروج العراق من الفصل السابع .. وتحديات كبيرة
-
مقومات بناء المجتمع المدني في كوردستان
-
كيف السبيل الى لقياك
-
في زيارة السيد المالكي الى مدينة كركوك الكوردستانية
-
قصائد حب قصيرة
-
الشعب الكوردي امام فرصة تاريخية لاعلان دولته المستقلة في جنو
...
-
قمة بغداد .. وتساؤلات كثيرة
-
شعر
-
اوراق الخريف
-
سوريا بين اللعبة الدولية ومنطق العقل
-
العراق بين خيارين
-
خطوات من اجل التعايش والتسامح في اقليم كوردستان
-
البحث عن وطن
-
العراق .. وحلقة جديدة من مسلسل الصراع الطائفي
-
القرار الاخير
-
الاسلاميون .. والاختبار الصعب
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|