|
واقع المرأة السورية اليوم
مية الرحبي
الحوار المتمدن-العدد: 1189 - 2005 / 5 / 6 - 11:01
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
خطت المرأة منذ عصر النهضة العربية في نهايات القرن الثامن عشر وحتى اليوم خطوات هامة باتجاه تحررها ، منتقلة بذلك من عصر الحريم الذي كان يعتبرها شيئا من ممتلكات الرجل ، إلى العصر الحديث الذي بدأ يقر بإنسانيتها ، ووجوب اعتبارها مواطنا كامل الحقوق والواجبات ، وفردا فعالا من أفراد المجتمع ، إلا أن ذلك لا يلغي أن المجتمعات العربية بالعموم والمجتمع السوري بالخصوص ، لا تزال مجتمعات تمييزة ضد المرأة بامتياز ، ويتجلى ذلك واضحا في جميع مناحي الحياة ، ويتطلب جهدا دؤوبا من المرأة ومناصريها للنهوض بواقعها ، والوصول بها إلى المكانة التي تليق بها ، إنسانا كامل المؤهلات والحقوق والواجبات .
نظرة المرأة لنفسها ونظرة الرجل إليها :
أعتقد أن الانطلاق من هذه النقطة ، هي المحدد الرئيسي لواقع المرأة اليوم ، ويتعلق ذلك بالإرث التاريخي الذي صنف المرأة عبر قرون عديدة في مرتبة إنسانية أدنى من الرجل ، وحولها إلى شيء من ممتلكات الرجل ، وقصر وظيفتها في الحياة على الوظيفة الإنجابية ، ولخص وجودها كرمز للإثارة والمتعة ، مما جعل حجبها في أجنحة الحريم ، واجبا اجتماعيا يحتم على المجتمع ممارسته ، لحمايته من الفوضى والتسيب ، مما ألغى عن المرأة صفتها إنسانا عاقلا مفكرا مبدعا . ونتيجة استمرارية هذه النظرة للمرأة قرونا عديدة ترسخ في ذهنها واعتقادها هي نفسها ، مرتبتها الدنيا مما جعلها تستسلم لهذا الواقع وتقتنع به ،بل وتسعى لتكريسه ، بحصر اهتمامها في كثير من الأحيان بغواية الرجل ، أو الاهتمام بالسفاسف من الأمور ، أو المباريات الإنجابية ، ومما زاد في ذلك عزلتها وانقطاعها عن أي تأثيرات اجتماعية ثقافية ، وفي هذه الحال ليس من المستغرب اقتناع الرجل ، بمكانته الأعلى إنسانيا ، مادام ذلك الأمر في صالحه . وهنا لا بد من التأكيد أن تصوير الرجل عدوا للمرأة ، وأن النضال في سبيل تحريرها ، عداء للرجل هو تصوير مشوه ساذج للأمور ، فأول من نادى وناضل في سبيل تحرير المرأة هم النهضويون العرب ، وعلى رأسهم علماء الدين ، الذين توصلوا بعد دراستهم لبؤس الوضع العربي الذي جعلنا في أدنى درجات السلم الحضاري ، أن لا سبيل للنهوض بالمجتمع دون النهوض بالمرأة ، وبداية الطريق تغيير نظرة المرأة لنفسها ، ونظرة الرجل إليها . وهنا لابد من التأكيد أن الأساس في المطالبة بحقوق المرأة هي المطالبة بحقوق الإنسان ، فالحضارة الإنسانية بلغت حدا من التطور جعلت المقياس لتطور أي مجتمع حصول كل فرد فيه على حقوقه الإنسانية والمواطنية . المرأة والقانون : أقر دستور الجمهورية العربية السورية ، الذي صدر عام 1973 ، للمرأة بكافة حقوقها كمواطنة ، في مواده التالية المادة 3 : المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات المادة 25 : 1- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم . 2- سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة 3- المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات . 4- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين . المادة 44 : 1- الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة 2- تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه وتعمل على إزالة العقبات المادية والاجتماعية وتحمي الأمومة والطفولة وترعى النشا والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم . المادة 45 : تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي . إلا أن هذه المواد الدستورية التي تتعامل إيجابيا مع حقوق المرأة ، تتناقض تناقضا كليا مع الكثير من مواد قانون الأحوال الشخصية ، وبعض مواد قوانين العقوبات وقانون الجنسية . ( و الأمر الدائم لوزير الداخلية رقم 876 لعام 1979 والذي يحدد انتقال وسفر الزوجة دون موافقة الزوج ) ،والتي تحمل تمييزا واضحا ضد المرأة . يستند قانون الأحوال الشخصية في سورية في جلّه على القانون الذي كان مطبقا أيام الدولة العثمانية ، الصادر باسم مجلة الأحكام الشرعية سنة 1293 هجرية ، ثم سنة 1336 هجرية ، والذي يستمد أغلب أحكامه من المذهب الحنفي ، آخذا بالمذاهب الثلاثة الأخرى في بعض الحالات ، وقد جرت عليه بعض التعديلات الطفيفة ، والتي مسّت السطح لا الجوهر ، تحت ضغط المطالبات التي لم تتوقف ، كان آخرها عام 2003 الذي أقر رفع سن حضانة المرأة لأولادها ل15 سنة للبنت و13 سنة للولد، دون إقرار أي من حقوق الحاضنة التي طالب بها المدافعون عن قضايا المرأة، والتعديل قبل الأخير كان قد سبقه ب 28 سنة !! أي عام 1975 ، تناول أيضا رفع سن حضانة المرأة لأولادها بحيث أصبحت 9 سنوات للولد و11 سنة للبنت وبعض القيود على الزواج الثاني أو زواج الكبير من صغيرة في السن ، وغير ذلك من تعديلات طفيفة ، غير مدعومة بمؤيدات جزائية ، ولم تجد لها ترجمة على أرض الواقع ، لأن القاضي ملزم بتثبيت أي زواج عرفي ، إذا ادعت المرأة أنها حامل ، وهذا ما يحدث عادة . وخلال السنوات الثلاثين الماضية انحصرت المطالبات في معظمها في رفع سن الحضانة – على أهميته الكبيرة ، لما يحمل القانون المتعلق به من ظلم وإجحاف بحق الأم والأطفال – ، لكن ذلك عنى بصورة غير مباشرة ، أن ليس هناك عشرات المواد التي تحمل تمييزا واضحا ضد المرأة بما يتعلق بحقوق الولاية والقوامة والوصاية ، و حقوق الزواج والطلاق والإرث ، وجميع الحقوق المدنية المتعلقة بحق المرأة في صحيفة مدنية مستقلة ، وحقها في العمل والتعليم والإقامة والسفر والتنقل ، ومنح الجنسية لأولادها ، وقوانين العقوبات المجحفة بحق المرأة كالعقوبات المخففة في جرائم الشرف وإسقاط العقوبة عن المغتصب في حال زواجه من المغتصبة ، وغيرها . وهنا لابد من الإشارة إلى أن القانون السوري للدولة السورية الحديثة ، وبخاصة القانون المدني وقانون العقوبات ، استقى معظم مواده من القوانين الغربية الحديثة ، في حين احتفظ في قانون الأحوال الشخصية بمواد مستقاة من القانون الذي كان مطبقا في العهد العثماني دون تغييرات هامة . فقد ألغيت العبودية ، كما استبدلت حدود القتل والسرقة والزنا في القانون السوري ، بأحكام تتناسب مع روح العصر دون اعتراض يذكر . وعوملت المرأة معاملة مساوية للرجل في مواد القانون المدني ، في حين بقي قانون الأحوال الشخصية لا يحمل تلك المساواة ، مما خلق تناقضا مضحكا مبكيا في بعض الحالات ، فشهادة المرأة في القانون المدني مقبولة كشهادة كاملة ، في حين تعتبر شهادة امرأتين في بعض الحالات مساوية لشهادة واحدة في قانون الأحوال الشخصية . والمرأة تعامل كمواطن كامل الحقوق والواجبات في القانون المدني ، و تبقى مخلوقا ناقص الأهلية ، في بعض مواد قانون الأحوال الشخصية ، التي تفرض عليها الولاية ، وتحرمها من الوصاية على أولادها ، حتى لو كانت هي وحدها المتكفلة برعايتهم وتنشئتهم ،بل إن القاضية ولية من لا ولي له بحكم القانون لكنها ليست ولية على نفسها وأولادها، وزوج الوزيرة يحق له نظريا منعها من السفر إذا رغب في ذلك . تصطدم المطالب بأي تغيير في قانون الأحوال الشخصية ، بحجة جاهزة ، هي أن هذا التغيير يتعارض مع الشريعة الإسلامية ، رغم أن العديد من الدراسات الإسلامية في العصر الحديث بدءا من فتاوى الشيخ الإمام محمد عبده في نهايات القرن التاسع عشر ، وحتى اليوم أثبتت بما لا يدع مجالا للشك ، أن الشريعة الإسلامية ليست هي العائق أمام هذا التغيير . إن ما يمنع تعديل القانون ، هو فقط العقلية الذكورية البطريركية ، التي لازالت تسيطر على مجتمعاتنا في جميع مناحيها .
سورية واتفاقية إلغاء جميع أنواع التمييز ضد المرأة ( السيداو ) : بعد سنوات عديدة من المطالبة المستمرة من قبل النساء وأنصارهن بتوقيع سورية على اتفاقية السيداو ، صدر المرسوم التشريعي الذي حمل الرقم 333 بتاريخ 26 / 9 / 2002 ليعلن انضمام سورية إلى هذه الاتفاقية ، دون أن تتاح الفرصة للنساء كي تكتمل فرحتهن ، فقد أتت التحفظات ، التي وضعتها سورية على هذه الاتفاقية ، لتلغي أي أمل للنساء في سوريا بالاستفادة من هذه الاتفاقية في تحسين أوضاعهن ، خاصة على الصعيد القانوني . يرد في مقدمة الاتفاقية أن الدول التي تصادق عليها ملزمة ليس فقط بشجب جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، وإنما باتخاذ الإجراءات المختلفة للقضاء على هذا التمييز ، وأن عليها كذلك تجسيد مبدأ المساواة في دساتيرها الوطنية أو قوانينها الأخرى ، وتبني التدابير التشريعية بما في ذلك الجزائية منها ، والامتناع عن الاضطلاع بأي عمل أو ممارسة تمييزية ضد المرأة ، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام ، واتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة ، والعمل على تغيير الأنظمة والأعراف والممارسات القائمة والتي تشكل تمييزا ضد المرأة . التحفظات : وقد تحفظت سورية على المواد التالية من الاتفاقية : المادة 2: والتي تتضمن تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدساتير الوطنية والتشريعات والقوانين ، وضمان الحماية القانونية لها من أي فعل تمييزي يصدر عن منظمة أو مؤسسة أو شخص ، والعمل على تبديل القوانين والأنظمة والأعراف بما يتناسب مع ذلك . و المادة 9 ، فقرة 2 ، المتعلقة بمنح المرأة حقا مساويا للرجل في منح جنسيتها لأطفالها . والمادة 15 فقرة 4 : التي تمنح المرأة حقا مساويا للرجل فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم . ومادة 16 ، بند 1 ، فقرات ج ، د ، و ، ز ، والتي تمنح المرأة حقوقا مساوية للرجل في الزواج والطلاق والولاية والقوامة والوصاية ،كذلك الحق في اختيار اسم الأسرة ، والمهنة ، والوظيفة ، وتحديد سن أدنى للزواج ، وتسجيله إلزاميا . كما تحفظت سورية على المادة 29 : فقرة 1 المتعلقة بتحكيم أي خلاف ينشأ بين دولتين فيما يتعلق بهذه الاتفاقية . كمبدأ يعتبر أي تحفظ على اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة بحد ذاته تمييزا ضدها . وقد اعتبرت إحدى المشاركات في أعمال مؤتمر" اتفاقية السيداو: بين التوقيع والتطبيق " ، والذي عقد في بيروت ، أيلول 2002 ، أن كل دولة عربية أبدت تحفظها على المادة الثانية من الاتفاقية تعتبر دولة غير موقعة على هذه الاتفاقية التي تتجسد روحها ومغزاها في المادة الثانية منها . تتطابق هذه التحفظات مع كل ما يحمل تمييزا ضد المرأة في القوانين السورية كمواد قوانين الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات ، ومع الأمر الدائم لوزير الداخلية رقم 876 لعام 1979 والذي يحدد انتقال وسفر الزوجة ، و التي تتعارض أصلا مع المادة 25 من دستور الجمهورية العربية السورية التي تساوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات ، والمادة 45 التي تكفل للمرأة مساهمتها الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية . والحقيقة أن جهود المطالبة بالتوقيع على الاتفاقية في السنوات السابقة ، لم تهدأ بل تحولت بعد توقيع الاتفاقية ، إلى المطالبة بإلغاء التحفظات المجحفة عليها . وفيما يلي رصد لبعض الجوانب المتعلقة بقضايا المرأة في سورية ، مع ملاحظة عدم توفر إصائيات دقيقة ، أو دراسات ومسوح اجتماعية ، يمكن ان تعطي الدارس فكرة دقيقة ، ورؤية حقيقة لواقع المرأة في سورية.
المرأة والسياسة : كانت سورية من أوائل البلدان التي منحت المرأة حق الانتخاب عام 1949 ، وقد تمثلت المرأة للمرة الأولى في مجلس الأمة في عهد الوحدة بنائبتين عام 1960 ، ومن المعروف أن انتخابات مجلس الشعب تتم اليوم على أساس القوائم التي تضم عددا من مرشحي الجبهة والمستقلين بحيث تم توزيع المقاعد في الانتخابات الأخيرة على الشكل التالي : 250 نائبا منهم 131 من حزب البعت بنسبة أي 52.4% 32 من أحزاب الجبهة بنسبة 12.8% 87 مستقلين بنسبة 34.8% ويفترض نظريا أن تكون نسبة تمثيل المرأة في المجلس متوافقة مع هذه النسب ، ولكن ما نجده أن عدد المقاعد التي احتلتها المرأة في المجلس الأخير 30 مقعدا أي بنسبة 12% ، منهن 27 نائبة بعثية ، ونائبة واحدة مستقلة ، وأخرى من الجبهة الوطنية التقدمية – حزب الاتحاد الاشتراكي - ، ونائبة من الحزب القومي السوري الاجتماعي ، أي أن البعثيات يشكلن نسبة 90% من النساء الممثلات في مجلس الشعب ، مما يدل أن وجود النساء في السلطة التشريعية ، لا يعكس مشاركة للمرأة من القطاعات والاتجاهات المختلفة ، تتناسب مع نسبة تمثيل القطاعات والاتجاهات السياسية المختلفة ، وإلا كان يجب أن تتطابق نسبة البعثيات في المجلس مع نسبة المقاعد المخصصة لحزب البعث ، أي بنسبة 52,4% وليس 90% ، هذا من ناحية ، من ناحية أخرى لم تستطع أي من النساء العضوات في مجلس الشعب أن تثير أو تطالب أو تنجح في إقرار حق من حقوق المرأة. أما في السلطة التنفيذية ، فأول وزيرة عينت في سورية كانت السيدة نجاح العطار التي استلمت وزارة الثقافة في السبعينات ، ، ومن ثم ارتفع تمثيل المرأة في الثمانينات إلى وزيرتين ، واستمر ذلك حتى اليوم ، فقد ضمت الوزارة الحالية وزيرتان من أصل 30 وزيرا ، أي بنسبة 6% ، واقتصر استلام المرأة في الوزارات المتتالية على الحقائب غير السيادية ، فعدا عن وزارتي الثقافة والشؤون الاجتماعية والعمل ، واللتان باتتا في السنوات الأخيرة بمثابة الوزارت النسوية ،استلمت المرأة مرة واحدة حقيبة وزارة التعليم العالي ، ومؤخرا وزارة المغتربين المحدثة . أما في مجالس الإدارة المحلية ، فهنالك ما يدعو للدهشة فعلا وهي أن نسبة وجود المرأة في تلك المجالس ثابتة على 3% في المجالس المتعاقبة جميعها مما يدل على أن النسبة محددة سلفا ، ولا تدل على مشاركة حقيقية للمرأة . يبلغ عدد المنتسبات الإناث إلى حزب البعث العربي الاشتراكي ، والذي ينص الدستور في الجمهورية العربية السورية أنه قائد الدولة والمجتمع ، 30% من كوادره ، ولكن كلما صعدنا في التراتبية الحزبية ، يتناقص عدد النساء ، حتى ينتفي وجودها تماما في القيادتين القومية والقطرية ، وينطبق ذلك على بقية أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ، فنسبة النساء مثلا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري ، بشقيه الممثلين في الجبهة ، لا تتعدى 6% . من ناحية أخرى أثبتت المرأة جدارة في الحقل الديبلوماسي حيث تبلغ نسبة العاملات فيه 11% من مجموع العاملين وهنالك ثلاث سفيرات سوريات حاليا في روما وباريس وأثينا ، وناطقة باسم وزارة الخارجية السورية . الاتحاد النسائي والجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة: الاتحاد النسائي نظريا هو مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني ، والتي تضم تعريفا الأحزاب والنقابات والاتحادات والجمعيات ، ووظيفتها تمثيل قطاع معين من المجتمع ، يتشارك في المصالح والتطلعات ، وواجبها تشكيل ما يسمى بجماعات الضغط على الحكومات باتجاه سن القوانين أو اتخاذ الإجراءات التي تضمن مصالح القطاع الذي تمثله ، إلا أن تطلعات وأهداف وقررات الاتحاد النسائي منذ إنشائه عام 1967 وحتى اليوم ، كانت متطابقة مع القرار السياسي ، ولم تشكل يوما ضغطا على الحكومات المتتالية باتجاه سن القوانين أو إصدار القرارات التي تخدم مصلحة المرأة ، وفي نفس الوقت صادر الاتحاد النسائي دور الجمعيات النسائية واستقلاليتها في العمل لصالح المرأة ونصب نفسه وصيا يناط به " رسم سياسة الجمعيات النسائية القائمة وتوجيه نشاطاتها وتطويرها بما يتفق وأهداف الاتحاد تمهيدا لانضواء سائر فعاليات المرأة في المنظمة " ( هدف 11 ) . إلا أنه من الإجحاف بالتأكيد إنكار دوره في مجال محو الأمية ودورات التدريب المهنية ، وإنشاء دور الحضانة لأبناء العاملات . بالمقابل منع ترخيص أي من الجمعيات التي تسعى لتحقيق ذات الأهداف التي شكل من أجلها الاتحاد النسائي ، وهي دعم قضايا المرأة والنهوض بها، فقانون الجمعيات في سورية لا يسمح بقيام أي تجمع مدني دون ترخيص مسبق من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، وبذلك حرمت المرأة من أي تمثيل لها على مستوى مؤسسات المجتمع المدني، واليوم بدأت بعض التجمعات المدنية غير المرخصة وناشطات نسويات، بالقيام ببعض النشاطات التثقيفية التنويرية المحدودة، والمطالبة بنفس الوقت بالترخيص للجمعيات غير الحكومية.
المرأة والأعراف الاجتماعية : إن أكثر المظاهر تميزا ضد المرأة هي العادات والتقاليد التي تجعل من الأسرة أداة قمع للمرأة في كثير من الحالات ، بدل أن تكون حاضنة إنسانية دافئة ، وتتعرض الفتيات بالأخص إلى عنف مضاعف ، ناجم عن الاضطهاد الممارس على المرأة وعلى الطفل في مجتمعاتنا ، فبحجة التربية ، والحفاظ على الفضيلة ، يطبق على الفتيات عنف جسدي ونفسي ، يصعب تصديقه في بعض الحالات ، بدل اتباع أساليب التربية التي تتبع الموعظة والأسوة الحسنة والرفق والعطف ، ففي استبيان على عينة عشوائية( 1200 امرأة ) من نساء سورية تبين أن 31.1% من النساء تعرضن للعنف من قبل الأم في الطفولة ، وتستمر حالة التعرض للعنف من قبل الأب والأخ ، ومن ثم الزوج لتبلغ نسبة النساء اللاتي يضربن من قبل أزواجهن 38.3% ، ولا تختلف النسبة كثيرا للأسف بين الأميات وحاملات الشهادات العليا . قليلا ما نسمع بحوادث العنف الجنسي ضد الأطفال , ولا أدري إن كان ذلك يعود إلى قلتها , أو لأن الأهل يحاولون التستر عليها خوف الفضيحة , وهو الأرجح . وفي استبيان قامت به لجنة نسائية مدنية على 1100 عينة عشوائية من نساء سورية أجابت 18,8 % من النساء بالإيجاب على سؤال تعرضهن للتحرش من قبل رجل ناضج في الطفولة ، و5,2% من النساء أنهن تعرضن للتحرش من قبل أحد المحارم . (دراسة اتجاه الرأي العام النسوي حول قضايا المرأة – دراسة ميدانية من واقع المجتمع السوري : دار الشموس ) . عدا عن ذلك تتعرض المرأة وبخاصة الفتيات إلى عنف اجتماعي ناجم عن التمييز بينهن وبين الذكور واعتبارهن أقل منزلة منهم ، وليس غريبا مشهد البنت التي تعود من المدرسة مع أخيها الذكر لتبدأ بمساعدة الأم في العمل المنزلي في حين يقضي أخوها الوقت في اللهو واللعب ، ولتنسحب هذه الحالة إلى ما بعد الزواج حيث يعود الزوجان من نفس مكان العمل في بعض الأحيان ، لتبدأ المرأة بالعمل المنزلي الشاق في حين يتحول الرجل إلى سيد ينتظر منها خدمات لا بد أن تصل لعنده ، دون أي شعور منه بضرورة مساعدتها في أداء أعمالها المنزلية ، ولو من باب التعاطف الإنساني . وتحرم الكثير من الفتيات من التعليم ويزوجن باكرا ، أو تعطى أفضلية فرص التعليم لأخوتهن من الذكور ، ويعود قرار الإستمرار في تعليمهن إلى رغبة ومزاج الأهل ، وينسحب ذلك على عملهن ، من ناحية الرغبة في العمل أو اختيار نوعه أو مكانه أو التصرف بمردوده . هذا عدا عن النظرة الاجتماعية التي تلصق الصفات السلبية بالأنثى ، والإيجابية بالذكر ، وتلصق ذلك بالنوع الاجتماعي والفروق الفيزيولوجية بينهما ، ، فالأنثى هي الضعيفة المستكينة المراوغة المداورة ...الخ ، والرجل هو الشجاع الكريم ، الشهم ...الخ . علما بأن ذلك غير صحيح علميا ، فهذه الصفات لها علاقة بالإرث التاريخي ، لا بالفروق الفيزيزلوجية . نظريا المرأة في القانون والشريعة مالكة لأموالها ، حرة التصرف بها ، لكن الواقع يظهر في كثير من الحالات ، عدم حريتها في ذلك ، وخضوعها للضغوط الممارسة عليها من قبل الأهل أو الزوج . وكما ذكرنا تقوى الأعراف والتقاليد في كثير من الأحيان ، وبخاصة في الريف على القانون ، بل وحتى على الدين ، كما في حالات حرمان المرأة من نصيبها في الإرث ، أو تزويجها دون موافقتها . وتحرم المرأة في كثير من الأحيان بقرار من الأهل أو الزوج ، من ممارسة النشاطات الاجتماعية أو الرياضية ، أو الاستمتاع بأي نشاط ثقافي أو اجتماعي أو ترفيهي ، بل تحرم حتى من حق المساهمة في النشاطات الاجتماعية أو الخيرية المنظمة . و ليس من المستغرب كل ما ذكرنا ، إذا كانت تحرم حتى من الخروج من المنزل ، في بعض الأحيان ، بقرار أسري ، وكأن الحياة بالنسبة للمرأة ليست سوى سجنا كبيرا . وهذا غيض من فيض الضغوط الاجتماعية الممارسة على المرأة .
المرأة والعمل : نسبة المساهمة في قوة العمل بين النساء 21.4% من قوة العمل العامة، ويقدر أن 63% من قوة العمل النسائية تصرف في التدبير المنزلي، رغم أن الاحصائيات في هذا المجال غير دقيقة ، فهنالك نسبة كبيرة من النساء اللاتي يصنفن كربات منازل، في حين يساهمن في العمل لصالح الأسرة مجانا وخاصة في الريف، وتبلغ نسبة البطالة بين النساء في سوق العمل ضعفين ونصف نسبتها عند الذكور، وتعمل 58.1% من النساء العاملات في قطاع الزراعة، 31% في قطاع الخدمات ، والباقي موزعات على جميع القطاعات الأخرى، مما يخلق توزيعا غير عادل للعمل ، فالقطاعات التقليدية المتخلفة( الزراعة والخدمات) للنساءبشكل أساسي، والقطاعات الحديثة المتقدمة ( الصناعة التجارة المصارف وغيرها) للرجال. نلاحظ أن نسبة أصحاب العمل هي 10.0 % ذكور مقابل 1.3% إناث . 31.5% يعمل لحسابه من الذكور مقابل 10.5% من الإناث . و10.4 %يعمل دون أجر مع ذويه من الذكور مقابل 41.7% من الإناث . يقابل ذلك تساوي نسبة الذكور والإناث تقريبا التي تتقاضى أجورا مادون 4000 ل.س . حتى إذا بلغ الأجر فوق 9000 ليرة سورية تصبح النسبة 8.1% للذكور و2.1% للإناث في القطاع الحكومي . ونسبة 30.6 % من الذكور يتقاضون رواتب دون 4000 ليرة سورية في القطاع الخاص مقابل نسبة 35.3 % من الإناث . في حين تصبح النسبة 7,3% للذكور الذين يتقاضون أجرا يفوق 9000 ليرة سورية ، مقابل نسبة 2.4 % للإناث ( جميع الأرقام السابقة مأخوذة من المجموعة الاحصائية السورية 2004). وهكذا نرى أن أن المرأة التي تعلمت وخرجت إلى سوق العمل بهدف تحقيق الاستقلال الاقتصادي ، الذي يمثل الركيزة الأساسية لتحررها الاجتماعي ، أصيبت بخيبة حادة في سوق العمل حيث بقيت أفضلية المناصب والوظائف ذات الأجور العالية للرجل ، وعانت هي الأمرين من العمل خارج المنزل مثلها مثل الرجل ، مضافا إلى ذلك العمل المنزلي الذي يعتبر مهمتها وحدها حتى ولو كانت عاملة بنفس وظيفة الرجل . ليست هذه دعوة لعودة المرأة إلى المنزل ففي ذلك خسارة على الصعيد الشخصي ، وعلى الصعيد العام ، وعودة للوراء ، وذلك ما يقف التطور التاريخي ضده أصلا ، لكنها دعوة لتغيير النظرة الاجتماعية وإنصاف المرأة إنسانيا ، بمشاركتها بالعمل المنزلي من قبل الزوج والأولاد ، أو من يسكن معها من الأهل ، وإنصافها في سوق العمل أيضا .
المرأة والتعليم : لقد كان قرار رفع سن التعليم الإلزامي حتى نهاية فترة التعليم الأساسي مكسبا كبيرا للمرأة ، فقد حمى ذلك الكثير من الفتيات من حرمانهن من مواصلة تعليمهن وبالتالي زواجهن المبكر ، وإن كان لا يزال تطبيقه الفعلي في كثير من المناطق قاصرا . ْمن مجموع 2904569 طالبا في المرحلة الابتدائية ، يبلغ عدد الإناث 1372113 أي بنسبة 47,2% من المجموع العام . ورغم أن تلك النسبة لا تنخفض كثيرا في المرحلة الإعدادية 45.9% ( 381671 طالبة من أصل831081) إلا أننا نلاحظ تسربا كبيرا من المرحلة الإعدادية حيث تتابع فقط 27.8% تعليمعن الأساسي حتى نهاية المرحلة الإعدادية، وكذلك يتابع فقط 29.3% من الذكور حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي. وينخفض عدد الإناث في المرحلة الثانوية إلى 114911 من مجموع 233838 طالبا في المرحلة الثانوية أي نصف عدد طلاب هذه المرحلة تقريبا - 49.1% - ، وهنا يلاحظ أن فقط 8,3% ممن دخلن المدرسة تابعن التعليم الثانوي ، مقابل 7.76 % فقط من الذكور الذين دخلوا المدرسة الابتدائية يتابعون تعليمهم الثانوي . لتصل نسبة من يتابعن تعليمهن الجامعي إلى 6.4% ممن دخلن المدرسة الابتدائية ، وهن يشكلن 88001 طالبة من أصل 190750 طالبا جامعيا بنسبة 46.1% ، وكذلك يتابع فقط 6.7 فقط من الذكور تعليمهم الجامعي. أي أن نسبة الإناث إلى الذكور في جميع مراحل التعليم متساوية تقريبا مع غلبة بسيطة لعدد الذكور ، ولكن بنسبة تسرب كبيرة جدا من المدارس للطلاب من الجنسين ، فنسبة الإناث اللاتي يتابعن تعليمهن الجامعي لا تتجاوز 6.4% كما ذكرنا ، والحال عند الذكور ليست أفضل بكثير إذ تبلغ نسبتهم 6.7% من الطلاب الذين دخلوا المدارس الابتدائية ْ( المجموعة الإحصائية السورية لعام 2004 - إحصاء الطلاب لعام 2003 ) . مع ملاحظة اختلاف أسباب تسرب الذكور عن الإناث ، ففي حين يعتبر الزواج المبكر السبب الأساسي لتسرب افناث، يعتبر خروج الأطفال إلى سوق العمل السبب الرئيس لتسرب الذكور. كذلك لابد من الإشارة إلى وجود بعض الموضوعات في مناهج التعليم التي تحمل تمييزا ضد المرأة، وتعزز النظرة الدونية لها.
المرأة والصحة: يبلغ عدد سكان سورية الموجودين داخلها 17340000نسمة برجحان قليل لعدد الذكور بالنسبة لعدد الإناث( 101 ذكور مقابل 100 لإناث). معدل النمو في سورية 24.5 بالألف معدل الخصوبة3.4 في المدينة و4.4 في الريف بمتوسط قدره 3.8 ، ونسبة استخدام المتزوجات لوسائل تنظيم الأسرة 46.6% وتتم نسبة 86.5% من الولادات على يد عنصر صحي مؤهل مقابل 11.8% على يد داية، والباقي أيضا بأيد غير خبيرة أومؤهلة، ولا تتجاوز نسبة النساء اللاتي يتلقين رعاية بعد الولادة 23% ، رغم أن نسبة الوفيات التي تحدث بعد الولادة تقدر حسب الاحصاءات العالمية ب 61% من الوفيات بسبب الحمل. انخفضت معدلات وفيات الأمهات حول الولادة في سورية إلى 65 لكل مئة ألف ولادة حية، كما انخفضت وفيات الرضع إلى 18.1 وفاة لكل ألف طفل، والأطفال دون خمس سنوات إلى 20.2 وفاة لكل ألف طفل ( الأرقام السابقة من إحصائيات وزارة الصحة السورية). وما يزال الزواج المبكر ظاهرة شائعة وبخاصة في الريف السوري وذلك في ظل حماية قانونية لهذه الظاهرة تتجلى في قانون الأحوال الشخصية المادة 18. التي تزيج تزويج الفتاة في الثالثة عشر من عمرها والفتى في الخامسة عشر من عمره. ما تزال نسبة الولادات المتقاربة مرتفعة وبخاصة بين الأمهات الصغيرات فـ 46.2% من الأمهات في أعمار من 15 ـ 19 سنة لم يفصل بين حملهن الأول والثاني 18 شهراً. وترتفع النسبة إذا كان المولود السابق أنثى (مسح صحة الأسرة). ما تزال نسبة الزواج بين الأقارب من الدرجة الأولى مرتفعة فهي 25.5% في الحضر و 32.9 في الريف (مسح صحة الأسرة). ويتعرض من يستخدم وسيلة لتنظيم الأسرة للعقوبة القانونية حسب المواد 523 ـ 530 من قانون العقوبات والقانون رقم 23 لعام 1998 . المرأة في دليل التنمية البشرية : لا نستغرب أن تحتل سورية مرتبة متأخرة في دليل التنمية البشرية، فقد احتلت المرتبة 79 بين 102 بلدا حسب مقياس التمكين المرتبط بالنوع الاجتماعي مما يدلل على ضعف درجة تمكين المرأة السورية وعدم تساوي الفرص المتاحة لها للمشاركة عمليا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السورية بالمقارنة مع كثير من بلدان العالم، إذ يقيس هذا المؤشر مشاركة المرأة في عملية صنع القرار في المجالات المهنية والاقتصادية والسياسية التي تتأثر بدورها لحد بعيد بالتمييز الذي يمارس ضدها سواء بموجب الأعراف والتقاليد أو القوانين التي تحتاج إلى إعادة نظر مسؤولة وجادة.
نظرة إلى واقع المرأة العربية اليوم :
يختلف واقع المرأة في الدول العربية في بعض الأمور ، ويتفق في الكثير منها ، فالمرأة العربية تخضع في أغلب البلدان العربية لقوانين أحوال شخصية مجحفة بحقها ، ولكن الإجحاف يختلف من بلد لآخر ، ففي حين تم منذ سنوات تطوير قانون الأحوال الشخصية التونسي لصالح المرأة بما يتفق مع الشريعة الإسلامية ، بقيت المرأة في بعض الدول العربية كالكويت والسعودية مثلا محرومة من حق الترشيح والانتخاب ، بل حتى من حق قيادة سيارتها الخاصة . وتتراوح مشاركات المرأة في المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية من بلد لآخر ، وقد حفلت السنة الماضية بإصلاحات طالت أوضاع المرأة بشكل لم يسبق له نظير تحت تأثير ضغوط داخلية وخارجية ، وهنا لابد أن نشير أن نماء حركة ومؤسسات المجتمع المدني في المغرب أدى إلى تطور مجتمعي حقيقي قاد بشكل منطقي إلى تغيير القوانين لصالح المرأة والذي تبدى واضحا في مدونة الأحوال الشخصية في المغرب التي صدرت العام الفائت ، في حين أن الاحتلال الأمريكي للعراق والذي ادعى أنه يحمل الديمقراطية والحرية للنساء ، لم يفض سوى إلى تعميق الفروق المذهبية والطائفية، لتظهر الدعوات الفجة إلى قانون أحوال شخصية مذهبي ، يعيد المواطن إلى مرحلة ما قبل المواطنة .
تطورات غير كافية: شهدت السنوات الخمس الأخيرة تطورا على صعيد الاجراءات الحكومية بما يتعلق بحقوق المرأة وقضاياها، إلا أنه للأسف لم يكن يشكل إلا رقما أحاديا أمام عشرات المشاكل والاجحاف الذي تعاني منه المرأة ، والتمييز الذي يمارس ضدها على جميع الأصعدة. تضمنت الخطة الخمسية التاسعة( 2001-2005) لأول مرة فصلا خاصا بتمكين المرأة السورية، كما صدر المرسوم التشريعي رقم 330 للعام 2002 ، والذي صادق على اتفاقية السيداو، و صدرت بعض التشريعات لصالح المرأة مثل قانون توريث المرأة العاملة لمعاشها التقاعدي لورثتها الشرعيين ( قانون 78 لعام 2001) والمرسوم التشريعي 53 لعام 2002 والذي زاد مدة إجازة الأمومة المدفوعة الأجر، ثم صدر قانون 42 عام 2003 بتاسيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة، وبدعم حكومي تم في عام 2003 إنشاء مؤسسة تطوير وتفعيل دور المرأة في التنمية الاقتصادية ( مورد) وعام 2001 تأسس الصندوق السوري لتنمية الريف ( فردوس) ، وتم استحداث " وحدة تنمية المرأة الريفية" في وزارة الزراعة عام 2000 . وتم استحداث مديرية المرأة في هيئة تخطيط الدولة، وتعيين ضابطات اتصال لشؤون الجندر في بعض الوزارت، وتشكيل لجنة سيدات الأعمال في غرف الصناعة والتجارة. وعدلت بعض مناهج التعليم، بحيث ألغيت بعض الموضوعات التي تكرس دونية المرأة .
آفاق تطور المرأة السورية في المستقبل : الطريق طويلة وشاقة ، ولكن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة ، وإن كنا اليوم نتعثر بخطواتنا ، فالأجيال القادمة ستتقدم بثبات أكبر دون أدنى شك ، ولتلمس بدايات الطريق للنهوض بالمرأة ، لا بد لنا من وضع العناوين التالية : 1- توعية المرأة بنفسها إنسانا كامل الأهلية ، مساو للرجل في جميع الحقوق والواجبات ، وتوعية الرجل بأهمية تحرر المرأة ليس من أجلها ولحقها الإنساني بذلك فقط ، بل أيضا لأن حريته لن يحصل عليها حقا إلا ملازمة لحريتها ، كما أن حرية المجتمع ونهضته ونماءه لا يتم إلا بالنهوض بنصفه المكبل ، وتتم التوعية عن طريق جميع الوسائل الممكنة : جلسات الحوار الخاصة ، محاضرات ، ندوات ، وسائل إعلام ، والتركيز هنا على التلفزيون ، وبخاصة برامجه الدرامية . 3- رفع حالة الطوارىء وإلغاء العمل بقوانين المحاكم الاستثنائية، لأن ذلك يقف عائقا أمام تمتع النساء بممارسة الحقوق المنصوص عليها في الدستور وفي الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها سوريا، كما أن وجود قانون الطوارئ يلغي العمل بجميع القوانين الأخرى في أغلب الحالات. 4- قانون أسرة عصري بديل : يحل محل قانون الأحوال الشخصية الحالي ، مع تعديل جميع القوانين الأخرى التي تحمل تمييزا ضد المرأة. إن مشروعية مطالبتنا بتعديل جميع مواد قوانين الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات وغيرها التي تحمل تمييزا ضد المرأة ، والمتعلقة بحقوق الولاية والقوامة والوصاية ، والمساواة في حقوق الزواج والطلاق والإرث ، وجميع الحقوق المدنية المتعلقة بحق المرأة في صحيفة مدنية مستقلة ، وحقها في العمل والتعليم والإقامة والسفر والتنقل وغيرها ، تأتي من قناعتنا بالمسلمات التالية : أ- المرأة إنسان كامل الأهلية ، مواطن كامل الحقوق والواجبات ، حسب ما يقر بذلك دستور الجمهورية العربية السورية . ب?- حقوق المرأة جزء من حقوق الإنسان ، التي يجب أن تصان ، وفق ما تقر به جميع الشرائع والمواثيق الدولية ، و هي نتاج تطور الحضارات الإنسانية ، التي ساهم العرب أنفسهم بها في بعض الفترات التاريخية . ج- لا سبيل لحرية مجتمعاتنا وتنميتها وتطورها ، دون تحرير المرأة والتي تمثل عدديا نصفه ، وكتأثير مجتمعي وتربوي أكثر من نصفه بكثير . وخلاصة الأمر أن ليس هناك ما يمنع وجود قانون أسرة ، يمنح المرأة ، بل جميع أفراد الأسرة حقوقهم كاملة ، ولا يتضمن ذلك إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة فحسب ، بل إلغاء جميع أشكال التمييز ضد أي فرد من الأسرة ، بما يتضمن ذلك من حماية للأطفال من العنف والإهمال اللذين يمكن أن يقعا عليهم من الأم أو الأب ، وحماية الرجل أيضا من التمييز ضده في المصاريف الهائلة التي يتحمل عبأها وحده عند تأسيس الأسرة كالمهور الفاحشة وتأمين المسكن وتأثيثه ، حمايته من الظلم الذي يقع عليه في الكد وراء تأمين لقمة العيش لأسرته دون أن تكون زوجته ملزمة بإعانته ، حتى لو كانت امرأة عاملة . إن ما يمنع تطبيق مثل هذا القانون هو فقط العقلية الذكورية البطريركية ، التي سبق أن قبلت بإلغاء الرق و بتغيير الحدود في القانون كحد السرقة و الزنا والقتل ، في حين تقوّم الدنيا ولا تقعدها إذا طالب أحدهم برفع سن حضانة المرأة لأطفالها سنة واحدة ! وأخيرا لابد من الإشارة إلى أن تعديل القوانين لصالح المرأة ، ليس بلسما سحريا يمثل العلاج الناجع لجميع قضايا المرأة ، فكثير من النساء يجهلن حقوقهن المنصوص عليها في القانون ، ولابد من الحرص على تعريف المرأة بحقوقها القانونية ، وتشجيعها على أن تحتمي بها ، كما لابد من الحرص على سلامة تطبيق القانون ، ونزاهة القضاء واستقلاليته ، وتعديل النصوص القانونية بإيجاد مؤيدات جزائية تضمن تطبيق القانون . 5- تعديل قانون الجمعيات مما يتيح للناشطات والمدافعات عن حقوق النساء وانصارهن من الرجال العمل بشكل منظم لنصرة قضايا المرأة مما يشكل رديفا وداعما لعمل المؤسسات الحكومية كما أنإتاحة الفرصة لعمل جمعيات حقوق الإنسان لتمكينها من رصد أشكال التمييز ضد النساء، والعنف الممارس ضدهن، شأنه في ذلك شأن امتهان حقوق أي مواطن. 6- تشجيع مؤسسات الدولة وإتاحة الفرصة أمام مؤسسات المجتمع المدني للقيام بإحصائيات ومسوح ودراسات ترصد واقع المراة في سورية 7- إلغاء التحفظات على اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، بما يلزم الدولة الموقعة تغيير قوانينها وأنظمتها النافذة، بما يتناسب مع إلغاء جميع اشكال التمييز ضد المرأة. 8- تعديل قانون المطبوعات ، بشكل يتيح للجميع حرية التعبير مما يجعل المجال متاحا أمام المدافعين عن حقوق المرأة لنشر أفكارهم بكل حرية ، مما يفسح في المجال لاستخدام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، لخدمة هذه الأفكار ومن المعروف تأثير ها وبخاصة التلفزيون الذي يدخل كل بيت. 9- محاربة العادات والتقاليد و الأعراف التي تحمل تمييزا ضد المرأة والتي تكون في كثير من الأحيان أقوى من القانون نفسه . 10- تمكين المرأة اقتصاديا ، بإتاحة فرص العمل لها ، ولعل مشاريع القروض الإنمائية الصغيرة ، التي خاضتها بنجاح بعض دول العالم الثالث ، لخير مثال على ذلك . 11- ضمان حق المرأة في التعليم ، ومكافحة التسرب من المدارس وعمالة الأطفال غير الإنسانية ، والزواج المبكر والأمية، وتغيير مناهج التعليم بإلغاء كل ما يحمل أفكارا تمييزية ضد المرأة ، وإدخال مفهوم الجندر فيها 12- الدفاع عن حقوق المرأة داخل الأسرة بما يتعلق بالإنجاب والخيارات الحياتية في السفر والتنقل والعمل والنشاطات الاجتماعية والعمل المنزلي ، وتأمين رعاية مناسبة لأطفال العاملات . 13- الدفاع عن حق المرأة في المشاركة السياسية ، بحيث يصبح وجودها حقيقيا وفاعلا . 14- تحسين الوضع الصحي للمرأة والعناية خاصة بالأمومة والطفولة والصحة الإنجابية . 15- مكافحة الاتجار بجسد المرأة . 16- الدفاع عن حق المرأة في ممارسة جميع الأنشطة الاجتماعية والرياضية , ومجالات الترويح عن النفس . 17- إيلاء الطفلة اهتماما خاصة، بالتشديد على منع الزواج المبكر، وتعديل القانون بما يتناسب مع ذلك، وتعديل سن الحضانة، وسحب التحفظات على اتفاقية حقوق الطفل، وحماية الأطفال قانونيا من العنف الأسري. 18- إيلاء قضية المرأة الريفية في بلادنا اهتماما خاصا , بدراسة خصوصية وضعها ,وشروط حياتها اللاإنسانية ، باستخدامها كيد عاملة غير مأجورة ، وأداة إنجابية لمزيد من الأيدي العاملة ، وحرمانها في كثير من الأحوال من أبسط الحقوق الإنسانية . 19ذ- إن معاناة المرأة المضاعفة ، إنسانا ومواطنا يجعل لقضيتها ارتباطا صميميا بأي مشروع إصلاحي نهضوي تنموي ديمقراطي ، ويعطي لقضيتها في نفس الوقت خصوصية تستحق اهتماما كبيرا ونضالا متصاعدا .وهنا لابد لنا من التركيز على ضرورة السماح، بل وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني على القيام بدورها في دراسة وضع المرأة والمطالبة بحقوقها ، وفتح المراكز التي تعتني بوضعها وتحسن واقعها . إن مطالبتنا بحقوق كاملة للمرأة ، تدخل في إطار حق كل مواطن في العيش بحرية وكرامة ، حياة عنوانها السعادة والهناء لا الشقاء والقهر ، فضمان حقوق أي مواطن هو الذي يخلق منه شخصية مستقلة معطاءة مبادرة تسهم في مسيرة تنمية الوطن وتطويره .
#مية_الرحبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا فعلتم بأبنائنا؟
-
المشاركة السياسية للمرأة في سورية
-
تجربة لجان إحياء المجتمع المدني في سورية.. انعكاس وتلخيص لمر
...
-
التحفظات السورية على اتفاقيةإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المر
...
-
هل تنتظر المرأة العربية إصلاحا من الخارج ؟
-
حقوق الطفل والتعتيم الشامل
-
العنف ضد المرأة في المجتمعات العربية
-
لا حرية للمجتمع دون تحرر المرأة
المزيد.....
-
الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
-
الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج
...
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال
...
-
المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال
...
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|