أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - ارهاق مجتمعي يؤدي إلى انتحار وطني















المزيد.....

ارهاق مجتمعي يؤدي إلى انتحار وطني


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 4148 - 2013 / 7 / 9 - 12:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ارهاق مجتمعي يؤدي إلى انتحار وطني
كتب مروان صباح / على عجل ، أولها شرارة لكنها سرعان ما تحولت إلى عاصفة نار ممتدة ، وبعد غفوة ، نتيجة مباغتة ، احتاجت إلى بضع سويعات كي تخرج الذات من الحريق التي اضرم بها ، وتعود بعد صحوة ، بإمساك طرف النار الموازي للأخر ، وتعلن من جديد أن هناك انصار ومؤيدين للرئيس مرسي بأعداد قد يختلف المراقبون حولها ، تماما كما اتضحت المعارضة أنها تتمتع بذات القدر التى لا تقل أهميتها عن نظام مجهول المصير ، ليؤكد الواقع أن ما يجري في مصر ، خلاف شعبي حاد المصير ، يتحمل تدافعه أولا وأخيراً السياسيين من كلا الجانبين لما حُشد خلال السنتين الفائتتين من مواقف متباينة تسللت بشكل تعبوي إلى أذهان الجماهير المُتسمرة على شاشات المختلفة ، فتحولت من دون أن تقرر ذلك إلى طرف لديه الاستعداد الكامل أن يدفع بحياته مقابل الانقضاض نحو من يقاسمه الوطن .
الانتقال بالمراحل ليس مستحيلاً لكنه صعباً ما دام الماضي ، ترك من المستنقعات اللئيمة التى طالما ، منّ اقترب نحوها ، بهدف تقليل مديونيتها ، كشفت عن انيابها وكمائنها ، لهذا ما يبينه الحاضر الضرير بأن الجميع وخصوصاً المصريين يسلكون الطريق الأسهل للوصول إلى غايتهم ، ابتداءً بالجماعة التى اقتصرت الجهد في الحوار مع شركائها بالوطن ، تماماً كما تفعل المؤسسة العسكرية ومن يتوارى من معارضين سابقا خلفها ، في قطع المسافة للوصول إلى ما اخفقوا إليه في صناديق الاقتراع ، والإصرار على ممارسة الاقصاء للأخر من المشهد السياسي بطرق تؤدي إلى مزيد من التهيِّج وإشباع الذات الفردية في حب الانتقام ، فكان وقُوع المعارضة أمراً سهلاً في ذات الفخ ، يماثل لوقوع الاخوان في الاونة الاخيرة ، هو الافتتان في القدرة على السيطرة لخيوط الميادين ، حيث توقعت المعارضة البارحة بأن جموع الشعب المصري نزلوا إلى الميادين ولن يبقى للإخوان المسلمين إلا الملتزمين بالتنظيم ، مما يدلل أن جميع التحركات جاءت على عجل دون أي حسابات تستطيع أن تطل برأسها إلى المستقبل ، وتلوح في الأفق بأن هناك تعطش مزمن للوصول إلى الحكم بأي وسيلة ، فالفطن هو من يرى الفتنة قبل أن تطل بإطلالتها ، لكن يبدو ما من مفر أن يحصل ما حصل من اندفاعات متبادلة ادت إلى سقوط قتلة وجرحه وذلك مؤشر أولي لما يمكن أن يكون لاحقاً من تكوين حالة مشابهه من اقتتال أهلي في كل من العراق وسوريا ، حيث ينتقل الانقسام المصري من سياسي إلى شيء ، بدأ ، تُلفظ اسمائه وتترسخ على شفتاه المتنازعين ، فاليوم الاخوان المسلمين بات يطلق عليها من قِبل جبهة الانقاذ ، اخوان مجرمين ، مقابل ذلك ، هناك تفنيد من قبل الاخوان لرموز جبهة الانقاذ وارتباطاتهم مع الغرب تاريخياً واتهامهم بالعمالة المركبة ، مما يعني بأن السياق بدأ ينجرّ إلى حيز التخوين المتبادل ويتسع مفترق الطرق ، ليعطي كلا الطرفين ، حق ، خوض اقتتال دون أن يشعر القاتل بأي ذنب يقّتل والمقتول أنه ضحية قناعته .
هناك دول عربية كبيرة ليست بحجمها الجغرافي والديمغرافي فقط ، بل كبيرة بحضارتها وما عكسته تاريخياً من ثقافات متعددة للبشرية ، أمثال مصر ، فمن يرغب بحكمها لا بد أن يكون فد بلغ سن الرشد وقادر على الإمساك باللجام ، لأن شعبها على مدار القرون السابقة المتواصلة ، حول العمامة والفن والخوذة إلى ايقونات يمنع المساس بهم اطلاقاً ، لكن الاعوام الثلاثين الأخيرة تراجعت الخوذة لما أصابها من هزائم وخسائر مباشرة افقدتها هيبتها المتفردة وسيطرتها التى تعثرت وتقوقعت داخل شرنقتها ، ليتقدم الفن والعمامة ويتربعا على عرش مصر الشعبي دون منازع ، وهذا ما يبرره لجوء الفريق السيسي والمجلس العسكري إلى رئيس صوري اخر لكن هذه المرة بمحض ارادته ، حيث أنه فاقد لكل ما تعنيه الكلمة من مضمون لمقومات ادارة الدولة ، حتى لو كانت مرحلة انتقالية ، فهناك من يخطئ عندما يعتقد بأنها فترة لا تحتاج إلى من يقودها بدقة وبمزيج من الحكمة والشجاعة ، تماماً عكس ما يتوجب من متطلبات تحتاج لأشخاص قادرين على معالجة حفرياتها بغاية من المهارة وتكوين ثقة بينها وبين المنتفضين على الدوام ، فثمة وقائع لا يمكن لطرف من الأطراف الالتفاف عنها أو اهمالها بشكل مقصود ، لما لديها من امتدادات شعبية قادرة على تحريك الشارع بعواطف منزوعة أصلاً من الوعي ومنقطعة الرباط ، لهذا كان لا بد أن يُفهم بأن للسينما المصرية ادواتها ودورها المختلفة التى استطاعت أن تحتل مساحة داخل التراب السيادي ، حيث تحولَّ اشخاصها بغض النظر عن محتواهم ومضمونهم الثقافي والتربوي ، وحتى تاريخهم المعدل ، عناوين قادرة على التأثير وقلب الطاولة ضمن مساحة اتسمت بالحرية والشفافية ، كذلك ، أصحاب المنابر والمدارس الدين لديهم امتدادات على مساحات شاسعة في مصر ، زُرعت ابجديات ، نمت بشكل أفقي بين جموع الطبقات وخصوصاً هؤلاء ملح الأرض الفلاحين الذين انتموا وينتمون إلى فكرة المشيخة بجميع حيثياتها وإرشاداتها ، ليس سهلاً انفكاكهم أو اقتلاعهم في زمن لم يعد مسموح التعامل بذات الماضي المنبوذ ، لكن يمكن لسائل أن يسأل عن دور السينما الأمريكية وعن محدودية دورها ، نقول باختصار ، عندما تكون السيادة قوية ومتماسكة يصبح جميع من داخلها اداء طيبة ولينة لخدمتها ، وهذا ما هو كائن وواقع في الولايات الامريكية ما دامت السيادة غير منقوصة والضمير الاجتماعي غير مفتت ، يبقى كل ما على جغرافيتها خادم مطيع لها .
تشهد مصر الآن رئيساً لا حول ولا قوة له ، يختار رئيس وزراء ، لديه من الخبرات الدولية ، عالية الشأن والكفاءة بشهادة معظم الجمعيات والمؤسسات الدولية ، لكن الرجل يفتقد بصراحة إلى القاعدة الشعبية ، إذ ما استبعدنا جبهة الإنقاذ التى سمحت لاسم السيد البرادعي أن يتداول اسمه كأقوى مرشح لهذا المنصب في هذا الوقت الحرج والدقيق ، حيث يتطلب من الموُّقِعين الاحساس بالانتماء إلى عظمة الأمة ، أي الرئاسة والوزارة ، لكن سرعان ما ظهر التباين حول المرشح بين الفرقاء مما يعطي دلائل لما يكمن أن تشهده مصر في المرحلة القادمة من تجاذبات داخل التحالف الواحد ليس فقد بين المتخاصمين ، بل ستُفقد القدرة لأي من كان قوته وأكاديميته أن يقود البلاد إلى بر الأمان ، وهنا بيت القصيد وما يريده الغرب من مصر تماماً ، ما رسم من سيناريوهات وخطط تتحقق يوم بعد الأخر بتوالى سلس ورشق ، حيث بات الانقسام والتخندق علني وعمودي ، مدعوم من الخارج ، كلٌ على حدَّ وبذات القدر الذي يتطلب من الطرفين من مهام أن يقوموا بها ، وباستمرارية تكفي من الوقت لتدمير البلد ، فنرى تدفق الأموال نحو الخندقين ، لكن بشروط الأنفاق على الاعلام والمظاهرات التى تخدم في تغذية المجتمع وتزيده انقساماً ، وفي ذات الوقت يتراجع الدعم للأجهزة الأمنية بما فيها الشرطة ، الجهاز المسئول الطبيعي عن حفظ الأمن وضبط الإيقاع اليومي لحياة الناس والدفاع عن حقهم في ممارسة حياتهم بأمان ، لدرجة بات هذا الجهاز عنصر مشطوب من معادلة الدولة ، لا نستثني ايضاً الجيش الذي كما تتضح الرؤية ، سيتم ادخاله في انهاكات متباعدة الأماكن ، متواصلة ، مصحوبة بتقييدات دولية ذات معايير تجعل من الأمور أكثر صعوبة في ملاحقة الفاعلين والمحدثين القلاقل ، ليعم البلد حالة غير مستقرة يصعب لمن يدير شؤونها أن يفرض قانون الطوارئ ، لما تشهده الدول العربية من ربيع عربي ، مما يتيح بتزامن ، للمتواجدين من عناصر مسلحة باتت تتمركز ضمن خلايا نائمة لكنها مفتوحة العيون ، مهمتها الضرب تحت الحزام دون رحمة ولا أخلاق ، كي يندفع المجتمع بأكمله إلى مصيدة القناص ويقبل التمحور تحت هائل الضغوط الذي ينتهي المجتمع في نهاية المطاف إلى الانفصال .
قد يكون الجيش المصري قام بتنفيذ قرار ، قضائي شعبي في عزل مرسي ، لأنه الجهة التنفيذية من حيث الموقع ، إلا أن الحكمة تتطلب الصبر والبصيرة معاً بالتعامل مع توترات المنفلتة في الشارع المصري والابتعاد بقدر الامكان عن ما جرى لمبارك وجماعته لما يفقدان من القواعد الشعبية غير قادرة على تحريك الجماهير وتعطليه الحياة بشكل كامل ، مغايراً لما تملك جماعة الاخوان من قدرة على فعل ذلك ، إن بقت في اطارها السلمي ولم تأخذ ابعاد احترابية ، لأن التاريخ القريب يقدم لنا شكل سلس وهادئ لاستقراءات تساعدنا ربط المقدمات التى جرت منذ تعين رئيس وزراء الاول بعد سقوط مبارك بالنتائج المتوالية وبالتالي نستطيع أن نوظف القرائن التى نحتكم إليها لنرجح استقراء على التوقعات ، لهذا لم يكن الرجل الذي تولى المنصب ، إلا ترشيح الميدان لكن الدكتور عصام شرف الذي يتمتع بكافة المقومات وعلى رأسها استيعاب الجميع ، سرعان ما انقلب الميدانيون وتم اسقاطه مع جملة اتهامات عنيفة أولها خنوعه لمجلس العسكري في حينها ، فثمة تقزيم لأي جهد أو مسعى يمكن أن يُحدث تقدم في مسيرة الحريات الاصلاحية التى توضع مصر على سكة الحديد ، فلم يكن التعطيل والإجهاض فقط قد اصاب الرئيس مرسي والجماعة من خلفه ، بل هناك تواطؤ يؤدي إلى وضع هراوات غليظة لمن يقود العربة ، لا نستثني على الاطلاق أحد ، لأن الأنماط السائدة وإيقاع الحياة أصبحا جنوني ، فلكل ليلاه يغني عليه ، لدرجة ، فقدت الجماهير الثقة تماماً بالنخب وأصبحت مرتهنة لما يخطر لها من ظنون وتوقعات من ثم إلى الاعلام المتخندق الذي يحذف ويضيف كما يشاء ، وبالتالي تحول المشهد اشبه بالمثل الشعبي المصري ( أُنّكش يولع ) ، فما دام هناك من يتحكم بعيدان الثقاب الأسود ستظل النار مشتعلة والجحور منفتحة كي تخرج منها الافاعي والعقارب ، تلدغ وتلسع .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بآي بآي يا عرب
- استغاثة تائهة في الصحراء
- عقرها حزب الله
- رحمك الله يا أبي
- ندفع كل ما نملك مقابل أن نعود إلى بكارتنا الأولى
- العلماء يؤخذ عنهم ويرد عليهم
- متى بالإمكان الخروج من عنق الزجاجة
- مهنة المعارضة
- مهنة المعارضة
- الكنفدرالية بعد الدولة
- ألقاب أشبه بالقبعات
- كابوس حرمهم الابتسامة
- أحبب هوناً وأبغض هوناً
- واقع ناقص لا بد من استكماله
- زلازل فكرية
- صمود يؤسس لاحقاً إلى انتصار
- استمراء ناعم
- الردح المتبادل
- ارتخاء سيؤدي إلى إهتراء
- ملفات تراكمت عليها الغبار


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - ارهاق مجتمعي يؤدي إلى انتحار وطني