أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين محمود التلاوي - الإنسان إذ يواجه ذاته... وقد ينتصر!














المزيد.....

الإنسان إذ يواجه ذاته... وقد ينتصر!


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4145 - 2013 / 7 / 6 - 23:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من النصائح المأثورة في مواقف الخصومة والنزاع النصح بالحذر من الصديق الذي ينقلب عدوًا؛ لأن هذا الصديق السابق يكون أكثر دراية من غيره من أي عدو آخر بنقاط ضعف صديقه السابق، وبالتالي يكون أكثر خطورة. نصيحة سديدة ولا شك في ذلك. ولكن يمكننا أن ننقلها إلى مستوى أعلى بأن نقول إن العدو الأخطر من الصديق السابق هو النفس!
نعم، إنه النفس الإنسانية!
فالنفس الإنسانية أخطر أعداء أصحابها، إذا دخل في مواجهة معها. لماذا؟! لأنها لا تدري فقط نقاط الضعف وحتى نقاط القوة، بل تدري أيضًا خطوات الإنسان المقبلة، وبالتالي تصوغ من الإجراءات ما بكفل التصدي لهذه الخطوات التي قد ترى فيها تهديدًا.
بالفعل هي أصعب أنواع الحروب تلك التي يدخلها الإنسان في مواجهة نفسه محاولًا التغلب عليها. ولكن ألا تعتبر هزيمة الإنسان لنفسه هزيمة له هو شخصيًا؟ كلا، ففي رأيي أن النفس تمثل الشخص المضاد؛ النسخة السلبية من الإنسان؛ الكائن الضدي الرامي إلى التخريب والإزاحة ومن ثم السيطرة على الإنسان. إنها الآخر الذاتي — أو الذات الأخرى ربما — الكامن في الظلام، والذي يتحين الفرصة للسيطرة على الإنسان وجذبه إلى العالم الظلمات.
ولكن النفس الإنسانية لا تقف بمفردها في مواجهة الإنسان؛ فهناك الكثير من المقاتلين الآخرين الرامين إلى تحقيق هدفها نفسه بجر الإنسان إلى عالم الظلام. ومن بين هذه القوى المرض.
المرض...
ذلك الكائن الشيطاني الذي يتسلل إلى جوف الإنسان، ويتخذ منه مستقرًا ليبدأ في تحطيم الوعاء الحاوي له، وهو الإنسان نفسه. إنه المرض... ذلك الكائن الشيطاني الذي يمارس لعبته بذكاء شديد، فيتقمص روح المقاتل مرة مندفعًا ليضرب بكل قسوة، ومرة أخرى يتبنى روح المخطط الإستراتيجي فينسحب انسحابًا تكتيكيًا من القتال، عندما يشعر باشتداد الوطأة عليه... وغير ذلك من الصور والأقنعة التي يرتديها المرض ليصل إلى هدفه النهائي وهو... دمار الإنسان وإفنائه.
المرض يدفع الإنسان إلى التمرد على صاحبه، في محاولة لجعله شخصًا آخر، فيبدأ التغير في داخل الإنسان، وقد يؤدي هذا التغير إلى إيقاظ تمرد النفس، وهنا يبدأ التقاطع بين المرض والنفس ضد الإنسان في تحالف هو الأكثر سوءًا وشيطانية ضد الإنسان الفرد بغية إسقاطه. ففي هذه الحالة، يواجه الإنسان ضربات النفس التي قد تضعف الجسد فاتحةً الطريق أمام المرض ليغزو الجسد. وكذلك قد يواجه الإنسان مرضًا يجعله أكثر هشاشة من أن يحتمل هجمة واحدة من هجمات النفس وتمردها.
هنا بكل تأكيد، لا يمكن وصف المرض بالنزاهة، ولا النفس بالخيرية. فماذا يفعل الإنسان؟!
يقاوم.
نعم... ذلك كل ما هو مطلوب من الإنسان...
ويا له من مطلب!!
فالمقاومة تعني تلك العملية الثلاثية من الصمود والتصدي ثم التغلب على الأعداء. ولكن هل من السهل ممارسة هذه العملية في ظل هجومك ذلك التحالف الثنائي الشيطاني الذي يضرب ما هو مادي ومعنوي في الإنسان؟!
فيس ظل هذه الصيغة القوية للسؤال، تبدو الإجابة واضحة، وهي النفي. كلا، ليس من السهل أن يتصدى الإنسان لهذا الهجوم. ولكن، لنقف قليلًا هنا... لقد قلنا إنه ليس من السهل، أو ربما من الصعب. ولكنه ليس من المستحيل... ليس من المستحيل على الإطلاق.
ما سر هذه الثقة؟!
الإرادة... نعم... إنها الإرادة الإنسانية؛ تلك الخاصية التي تميز الإنسان، ولا ندري ما هو العضو الذي يحتويها. ولكنه يبدو عضوًا غير مرئي ويخفى على النفس والمرض... عضوًا يقبع في جزيرة معزولة داخل الإنسان، تنطلق منه الإرادة مُهاجِمةً الأعداء، عندما تزداد وطأة ضرباتهم لدرجة تهدد الإنسان ماديًا ومعنويًا. فوقتها، تنطلق الإرادة لتسحق الأعداء.
أو هكذا تكون النية!
فليس من الضروري أن تنجح الإرادة في سحق الأعداء؛ إذ ربما تكون الهجمات على درجة من الحدة لا تستطيع معها الإرادة التصدي.
ويسقط الإنسان.
وتنتهي الحكاية؟!
كلا، ليست الأمور بهذه البساطة هنا؛ فحتى إذا نجح هذا التحالف الشيطاني في التغلب على الإرادة، لا يعني ذلك نهاية الحكاية. فطالما أعلنت الإرادة عن وجودها، لن تنتهي حكاية الإنسان. سقوط الفرد لا يعني انقراض النوع، وخسارة جولة لا تعني خسارة الحرب؛ فالإنسان الذي قال عنه الفيلسوف السفسطائي بروتاجوراس أنه "معيار الوجود"، لا ينتهي بهذه البساطة.
سوف تستمر الحرب بين الإرادة وسفراء عالم الظلام مثل المرض والنفس وغيرهما... تكسب الإرادة تارة، وينتصر الظلام أخرى.
ولكن الحرب سوف تستمر...
وطالما استمرت، فهذا يعني استمرار الإرادة، وبقاء الإنسان صامدًا يرفض الانسحاب إلى عالم الظلام.



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الهيمنة إلى الفناء... الثقافة كعامل فناء وإفناء
- الأخلاقية في الفعل السياسي... الحالة المصرية والتشيّؤ!
- تأملات... في حاكم سقراط!!
- سفر الخروج... تأملات لا دينية!!
- لماذا يخاف الإخوان من (تمرد)؟!
- التعديل الوزاري المصري.... عندما يتجسد الفشل!!
- بين عمرو دياب وأم كلثوم... عن التأثير المصري نتحدث!
- حلوة بلادي...!! إفطار في الجمالية...!!
- بعد 9 أشهر... ألم يولد مشروع النهضة بعد؟!
- هل الإنسان -الحر- أسطورة؟؟!! الذات الإنسانية قيدا وقائدا
- القومية العربية... ألا تزال حية؟!
- الثقافة العربية الإسلامية... هل نحن أمام خطأ تعبيري؟!
- الخطايا... كيف تخسر الطبقة الوسطى صراع بقائها بالنيران الصدي ...
- الطبقة الوسطى... العميل السري لأنظمة القمع العربية!
- 3 أرغفة لكل مواطن... 3 عمارات لكل مالك!!
- ملاحظات خاطفة على الفكر الهيجلي
- إحسان عبد القدوس... لماذا الآن؟!
- هند والدكتور نعمان... والحالة المصرية عربيًا!
- الثورة المصرية... ثورة لم تكتمل
- الحكاية الأحوازية المنسية عربيا


المزيد.....




- سوريا: -سوء التغذية الحاد- يحدق بأكثر من 400 ألف طفل جراء تع ...
- ماذا يحدث في الأردن؟ ومن هي الجماعة التي تلقت تدريبات في لبن ...
- إصابة ثلاثة أشخاص في غارة بمسيرة روسية على مدينة أوديسا الأو ...
- انقسام فريق ترامب حول إيران: الحوار أم الضربة العسكرية؟
- حريق يستهدف أحد السجون بجنوب فرنسا ووزير العدل يصف تصاعد اله ...
- المبادرة المصرية تحصل على رابع حكم بالتعويض من -تيتان للأسمن ...
- تصاعد الخلاف الفرنسي الجزائري مع تبادل طرد الدبلوماسيين.. فإ ...
- حادث مرسى مطروح: روايات متضاربة بين الأهالي والشرطة المصرية ...
- رشيد حموني : التحول الإيجابي في العلاقة المغربية الفرنسية خي ...
- ما وراء سحب الجيش الأمريكي بعض قواته من دير الزور السورية؟


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين محمود التلاوي - الإنسان إذ يواجه ذاته... وقد ينتصر!