|
الأسلام دين السلام والسماحة واليسر
طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 4145 - 2013 / 7 / 6 - 17:06
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
يشا ع اليوم الكثير عن ثورات الربيع العربي التي ما فتأت تصارع من أجل البقاء وبعضها قد بان أنحرافه واضحا ً لشعبه ،فأعاد الكرة مرة أخرى رغم خطورة الوضع فليست الثورات بهذه السهولة لتستولد كل يوم ،وهذا ما يحصل للشعب المصري الذي انتفض ثانية بعد ان أحس أن ثورته قد سرقت وحرفت عن مسارها في خدمة شعب مصر . ان من أكبر أخطاء هذه الثورات سهولة حرف مسارها الى ما يشابه الأنغلاق وأدعاء طرف بأحقيته بها وكأن دكتاتورية بلباس جديد تولد ، هي أشد وطأة على الناس من الحكام السابقين و الذي ثار الشعب للتخلص منهم ومن عقدهم وجهلهم وعدم مقدرتهم على الأخذ بالبلاد الى ساحات الحداثة والتقدم والبناء والأستقرار المنشود . يتجه العالم اليوم الى الكتل الكبيرة وعلى مستوى اكبر الدول الموجودة في عالمنا اليوم ،فالولايات المتحدة الأمريكية المصنفة على أنها الأمبراطورية الأولى في عالمنا الأرضي اليوم ، يجاهر مسؤوليها وعلى أعلى المستويات أن اليد الواحدة لاتصفق وأن عليهم أن يبقوا على علاقات متينة مع ِشركاء كبار كأوربا مثلا ً لأجل أستغلال ما موجود من ثروات على الأرض وبالتالي المحافظة على ما هم فيه من أولوية وقدرة على أسعاد شعوبهم والأستمرار بالتمييز والتقدم في مجالات الحياة التكنلوجية وفي السياسة والأقتصاد وطرق إدارة الحيا ة وغيرها . بينما يتجه عالمنا العربي بقيادة ثوراته الجديدة الى التشرذم والأنغماس الى الأذقان في مسميات طائفية وفئوية تجزئه الى كتل صغيرة متصارعة ينهش بعضها البعض الآخر ، وهي تحمل للمواطن العربي الصابر المزيد من الهم والقيح الذي يملئ صدره ونعتقد ان هذا ماحصل للشعب المصري والذي من المعروف عنه طول البال وأن ثوراته كانت تأتي بعد استنفاذ كافة السبل ، غير أنه هذه المرة فقد صبره وهو يرى ثورته الوليده وقد تحولت الى خنجر يغرس في صدره ويعزله عن أمتداده العربي والعالمي بأتجاه الفئوية الضيقة . لقد كنا نصب غضبنا على أولئك الساسة الذين تسلطوا في بلاد العرب ونتهمهم بالتخلف والعمالة والجبن ، لأسباب عديدة ولكن هناك سببين رئيسيين يلخصان كل ما تحتهما من أسباب : - بروز دويلة الصهاينة في فلسطين على حسابهم ، وأغتصابها المستمر لأراضي العرب وتصريح قادتها أنهم ماضون قدما ً في قضم ارض العرب كلما تهيات الفرصة لذلك ،وعملهم المستمر في انهاك دولها . - والثاني هو التخلف الكبيروالمستمر الذي يشمل حواضر العرب ومدنها وتفشي الجهل والفقر الذي ظل المواطن العربي يرزح تحت نيره رغم ما يجري تحت قدميه من ثروات . ولكن بعد ثورات العرب في أغلب البلاد العربية المهمة ، رأينا مراجعهم وقد شمروا السواعد عن أكبر مشروع نهضوي للتشرذم والتقاتل الداخلي بحيث أنهم أصبحوا دكاكين تتقاتل ويسب بعضها البعض ليل نهار بعد أن كانت في عهد الدكتاتوريات دول ولو أنها غير متعاضدة،وقد ساعد تخلف العربي ومحدودية أطلاعه على متغيرات الدنيا ، في أنغماسه الى النخاع في هذه الشرذمة وأنقياده السهل الى هذا النوع من القادة . المصيبة الكبرى أن هؤلاء المفتين ممن يسمع لهم العربي يسيئون الى ديننا العظيم فهم متأسلمين يرتدون قناع الدين وهم أبعد مايكون عن فكر الأسلام التنويري الذي جاء كفكر ثوري الى أمة ظلامية جاهلة مفككة متقاتلة تمتلك من العادات الجاهلية الذي يجمع الغث والسمين ، فشملها بالنور والعلم والجاه والغنى والتسامي ووحدها على الفضائل وبث فيها روح جديدة ،فسادت كل ما جاورها من أمبراطوريات كبرى وأمم عظيمة . أن الأسلام الذي أختاره الله تعالى ليكون خاتم الأديان السماوية ، هو نور متجدد يشمل بريقه وسحره كل امم الأرض ، وشاهدنا في ذلك أنتشاره الواسع اليوم في كل الأرض ، ومن يحجره في قوالب جاهزة ومنكفئه الى حيث القرون الماضية ، هو جاهل ومتحجر ومن يسمع له ويطيعه هو مثله أيضا ً جاهل يضر نفسه ويضر الأسلام كونه يقدم مثلا ً سيئا ً بعيد كل البعد عن عميق تعاليم الأسلام وشموليته وأعداده من الله تعالى ليستوعب كل أمم الأرض وأهواءها المختلفة ، أنه دين السلام واليسر والعدل والسماحة الذي بشر به رسوله البشر على هذه الأرض ،وقد حوله الكهان الجدد الى مسلخ يكفر و يفترس فيه المسلم أخاه المسلم بينما يقف العدو الذي أغتصب ارض العرب والمقدسات الأسلامية متفرجا ً في راحة ودعة وسلام وهؤلاء يسيئون الى الأسلام أكثر مما يستطيعه أولئك المأجورون للنيل من الدين الحنيف . لنعد الى المدينة المنورة حيث قائد الأسلام يستقبل الناس وهي تدخل أفواجا ً بالدين الجديد : ({إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} [النصر : 1 - 2] ولنساءل أنفسنا عن أسباب هذا الدخول والتحول الجماعي الى الدين الجديد وبكامل الأرادة والرغبة الذاتية ، مما لاشك فيه أن عظم شخصية الرسول الكريم وما أشتمل عليه الدين الحنيف من تعاليم ومبادئ ومثل ،دعمت المثل القيمة التي كانت موجودة في المجتمع العربي وألغت العادات والأعراف الجاهلية التي لا تمت الى الأنسانية بصلة وبشرت بمجتمع يتآخى فيه المسلمون ويشد بعضهم البعض وأضاف ما يعجز عن تعداده من المثل والقيم التي تتفاخر بها الأنسانية الى اليوم : دعا الأسلام الى الأيمان بكل الأنبياء والرسل ،و الى فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق وامر بالعدل والأحسان وبر الوالدين وصلة الأرحام والمودة بين الناس ،والأحسان للجار واكرام الضيف والتعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأصلاح بين الناس وأحل النكاح الحلال واكل الطيبات وحث على الصدق والوفاء بالعهود وامر بتجنب النجاسة وحث على النظافة . حرم البغي والعدوان والظلم واكل أموال الناس بالظلم وحرم الربا وأكل أموال اليتيم بغير حق وحرم الكذب والنميمة وحرم الزنا والفاحشة ،وقتل النفس بغير نفس أو فساد في الأرض وحرم الأحتكار والربا ...الخ ، ونادى قائد الأسلام بالوسائل الاعلامية المتوفرة في ذلك الزمان : (أن من مات وترك مالا ً فلورثته ) ، أي أنه الغى أي ضريبة أو أتاوه على الأرث ،حيث كانت الدول أو قادة العشائر يفرضون حصة في الأرث ،وليس هذا فحسب بل أنه أعلن : ( من مات وترك دينا ً أو ضياعا ً فأليّ وعليّ ) ( المصدر كنز العمال ) أي ان من مات فقيرا ً فأن الرسول الكريم هو من يتكفل بعياله من بعده ،وقد استوعب الناس أن هذا الرسول أذا قال صدق ،وانها لاتشابه دعاياتنا الأنتخابية في هذه العصور ،فأطمئنوا الى قيادته والى الدين الجديد الذي يدعوهم الى كل فضيلة ولا يمنع عنهم لذائذ الحياة ما دامت حلالا ً طاهرا ً وقد وصل بالمـجتمع المـكي بعد ذلك الى أنهم كانوا يكـسرون الذهب بالفؤوس . اذن يجب أن نسائل أنفسنا لماذا أولادنا يغادرون اليوم أوطانهم ونحن نملك ثروات الدنيا ،ولماذا نغرر بالأخرين منهم فندفعهم لقتل بعضهم البعض فيفقدون الدنيا والآخرة ، بدلا ً من ان ندفعهم للعلم والمعرفة الصحيحة التي تجعلهم نافعين في الحياة وتدفعهم الى بناء وتعمير اوطانهم التي هي بحاجة اليهم اليوم ،اننا بحاجة ماسة الى الأسلام المحمدي الذي كان أنقلابا ً على الواقع الفاسد ،وكان نورا ً أضاء ما حوله وليس الى المتأسلمين الذين جعلوا من ديننا ظلاميا ً يختزن في أحشائه التكفير والأنطواء والقتل .
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوباما.. ووترغيت جديدة
-
سنودن يكشف حقوق الأنسان الأمريكية
-
مصر لن تخطأ هذه المرة
-
حدود 67 وحدود 2013
-
مصر من ثورة العولمة الى الفوضى
-
فرحة 1988 وفرحة 2013
-
مصر الجديدة الى أين ؟
-
محنة بلد يملك آخر برميل نفط
-
لحظة السلام يكون الوقت قد فات
-
الديمقراطية في العراق
-
البطل من يربح السلام
-
السياسة والطوبة
-
أزمة ثقة وليست سانت ليغو
-
سوريا ..حرب كونية جديدة
-
بين الجميلي وبرلمانيوا الناصرية
-
مشكلة فلسطين .. الحل الوحيد
-
هل اصبحت لدينا سياسة ؟
-
الأحزاب في العراق بين المكابرة والتصحيح
-
الأرهابيون والمسالمون
-
حزيران ذكرى لأستعادة الأمة وعيها
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|