أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم الماهية لدى توما الأكويني















المزيد.....


نقض مفهوم الماهية لدى توما الأكويني


هيبت بافي حلبجة

الحوار المتمدن-العدد: 4145 - 2013 / 7 / 6 - 08:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



ليس من السهل الحديث عن مفهومين أحدهما هو الوجود والثاني هو الماهية سيما وإن تعريفهما مرتبط ، حنماُ وبطريقة جدلية مستغرقة ، بالأساس الفلسفي العام وليس بالأساس اللغوي ولا بكيفية التعبير عنهما ، فالماهية لدى أفلاطون ، مثلاُ ، جزء لايتجزأ من المثل ، وهي تتماثل مع الشيء في ذاته في الفلسفات التي تستند في تصورها على هذا المحتوى ، ناهيكم عن الإشكالية الكبرى في المعتقدات السماوية التي لايمكن أن تركز على ( الوجود أو على الأشياء ) وتتغافل عن الماهية وإلا فقدت العلاقة الجوهرية ما بين ( الكلي والمطلق ) وما بين الغاية من وجود الوجود المتناهي .
وتوما الأكويني الذي جنح نحو أرسطو وأبن رشد وأبن سينا مخالفا القديس أوغسطين في توجهه نحو أفلاطون ، ألتقط تلك العبارة الشهيرة من أبن سينا ( إن الوجود عرض للماهية ) ، وأدرك تماماُ معنى قول ابن رشد وهو يتحدث عن فلسفة أرسطو حول وحدة العقل ( إن الروح في الفرد هي شيء خاص به ، ولكنها ليست أبدية بل فانية وزائلة ، وإن الخاود ، الذي تشارك فيه كل الكائنات العاقلة من خلال نشاطها ، يعود فقط للنفس الإنسانية الكلية ، الروح الشاملة لجميع البشر ) ، برتراند راسل تاريخ الفلسفة الغربية ص 443 .
إن هاتين الفكرتين تجلوان بقوة عمق الشرخ مابين الوجود والماهية ، لكن كلتاهما ، بالنسبة لنا ، بحاجة إلى مزيد من الخطوات الأولية كي نستطيع بعد ذلك نقض هذا المفهوم لدى توما الأكويني .
يمكن القول إن الوجود لايحتاج إلى تعريف ، لأنه ، بكل بساطة ، أكثر بداهة من أي تعريف ، فالوجود ينكشف كما هو دون أن يدري ، دون أن يدعي وجوده ، فهو صارخ واضح في حده العام ، كما في حده الخاص ، أي في الأشياء والموجودات ، تلك الأشياء التي نبصرها نحسها نعقلها تتخالف فيما بينها وتتماثل أيضاُ بنفس المعنى وبنفس المضمون .
وإذا تخالفت أو تماثلت ، فإن تلك الأشياء أو الموجودات تكشف عن جوهر قد يكون ، هو ، سبب هذا التخالف أو هذا التماثل ، بمعنى إن هذا الجوهر هو الذي يحدد ( ما وراء الشيء ) ، كونه معطى أولي سابق على تلك الأشياء أو الموجودات ، يرسم حدودها ، يرسم حدها الفاصل الثابت فيما بينها ، مثلما تفعل المورثات ( الجينات ) ، أو مثلما هو عدد الكروموزومات ، فحينما نتحدث عن الإنسان ، فنحن لانتحدث عن ( هيجل ، ماركس ، توما الكويني ، محمد باقر الصدر ) إنما نتحدث عن ماهية سبقت هؤلاء وولدتهم ، وكانوا هناك لأنها كانت هناك ، وهكذا الأسود ، والنمور ، والمثلثات ، والكراسي ، والنباتات .
بهذا المعنى أو قريب منه ، كانت الماهيات موجودة في ذهن الإله ( أشكالية المعتقدات السماوية ) قبل أن يكون الوجود ، قبل أن تكون الموجودات أو الأشياء ، كانت هي المثل الأفلاطونية ، كانت الشيء في ذاته ، كانت ثم أصبحت الأشياء تتماهى معها محاكاة مطلقة ، بحيث لو أزيلت الماهية عن الوجود وعن تلك الأشياء لفقدت هذه الأخيرة ( محتواها ) ، أي لبطل المثلث أن يكون مثلثاُ ، والشجرة شجرة ، والإنسان إنساناُ ، وحتى الوجود وجوداُ .
دعونا نشير إن هذه المسألة أعقد من ذلك في بعض الأطروحات التي سوف ننتقدها في حينها كما هي الحال لدى أبن سينا ، لكن لامناص من الإشارة إلى جانبين قبل عرض أهم نقاط مفهوم الماهية لدى توما الأكويني :
الجانب الأول : ثمة من الفلاسفة من أعتبر إن الوجود هو الأصيل وإن الماهية هي التبعية ، كما وجد كثيرون منهم من أعتبر إن الماهية هي الأصيل وإن الوجود هو التبعي .
الجانب الثاني : ثمة من أدرك إن مفهوم الماهية يخلق حالة أستثنائية لذلك أرتأى أن يعتمد على مفهوم وكأنه يدمج ما بين الوجود والماهية ، أو ما بين الماهية والجوهر كمقولة ، وأكتفى هذا الجانب باللعب على صياغة الجمل والمفردات . فالمدارس الفلسفية التي أعتمدت على محتوى العقل النظري والعملي لم يكن لها الخيار سوى هذا الدمج لأنها لاتستطيع الخروج ، في النهاية ، عن إرادة ( العملي ) كما هو الحال لدى ديكارت .
والآن إذا عرفنا الماهية ، حسب التعريف الأرجح ، وقلنا إنها مابه الشيء هو هو ، فإن توما الأكويني أخذ هذا المفهوم كمبدأ أنطولوجي بنيوي لاهوتي عقائدي ( بما أنها ماهية للوجود فهي التي يكون الوجود بمقتضاها ومن خلالها وفيها ما هو عليه ) على حد تعبير هربرت ماركيوز في مؤلفه فلسفة النفي .
لكن لو أقتصرنا في تحليلنا على هذه الفكرة فقط ، كما فعل هربرت ماركيوز ، لأجحفنا بحق القديس توما الأكويني ، لإن هذه الفكرة مرتبطة ، حقيقة ، بأنواع الوجود لدى أرسطو ( وليس بأنواع الوجود لدى الأكويني نفسه ) ، و لدى أرسطو نوعان للوجود ، الوجود الواقعي كوجود الجوهر الذي يحوي على الماهية ، تلك الماهية التي تجعل الوجود واقعياُ ، وتضفي إليه طبائعه ، والوجود الذي يرتبط بالكينونة ويستدل عليه من خلال فعلها .
وكل مافعله توما الأكويني هو تأكيده إن الجوهر طبيعة أي ماهية ( النوع الأول من الوجود ) أي ما به يقوم الشيء من خلال المركب الناتج عن أرتباط مبدأي الصورة والمادة معاُ ( العائدتين لأرسطو ) ، وليس لأحدهما دون الآخر .
لكنه أدرك إن الماهية قد تتفارق عن الجوهر كمقولة فلسفية ، كما فعل فارابي ، المعلم الثاني ، وبالتالي فإن قول أرسطو إن الماهية هي نفس معنى الوجود قد يشكو من تناقض في أساسه الفكري ، كما أنه قد يتضارب مع أعتقاده ( إن الماهية هي الأنموذج الأصلي للوجود في العقل الإلهي ) .
وإذا ما تمسك بإعتقاده كما هو دون تعديل فقد يجنح نحو الأفلاطونية كما فعل القديس أوغسطين ، الأمر الذي لايروم إليه مطلقاُ ، فأنتبه إن أبن سينا يقيم حاجزاُ ما بين الماهية والوجود ، فأدرك على أثر ذلك إن الماهية ( بما أنها ماهية الوجود ، هي التي يكون الوجود بمقتضاهها ومن خلالها وفيها ما هو عليه ) قد تفسر ضمن حد توافقي ، حد يجعل الماهية موازية لذاتها في ذهنية الإله ، ولصيقة بمقولة الجوهر دون أن تتباعد عنه أو تتطابق معه ، ومتناظرة مع الوجود دون أن تتماهى به أو أن تتماهى عنه .
في الحقيقة إن الأكويني ، ورغم إنه يناصر الفلسفة على حساب اللاهوت ، يتشبث بالمعتقد الكاثوليكي وينطلق منه ليؤصل محتوى الماهية لديه ، لذلك فإن ذلك الحد الذي أشرنا إليه قبل قليل يحوم حول فكرة اساسية نختزلها في التمايز ما بين الوجود كوجود لامشخص ، والأشياء التي يستحيل فيها التجريد .
توما الأكويني ، الذي يعتقد بوجود الماهية في ذهن الإله ، لايستسيغ باطنياُ وجود الأشياء فيه ، ويمزج الماهية في الوجود كنسيج داخلي له وينفيها عن الأشياء .
وفي الفصل ما بين الوجود والوجود المتناهي ، يتم الفصل ، بنفس الدرجة ، ما بين الوجود والماهية على الصعيد الأنطولوجي ، لإن الأشياء والماهية تلتقيان مثل الأحداثيات في نقطة تجمع بينهما ، وهذه النقطة هي معنى الوجود ، وهكذا نؤوب إلى النوع الأول من الوجود لدى أرسطو .
والان كيف يمكن أن ننقض هذا المفهوم لدى توما الأكويني :
أولاُ : إذا كانت الماهية هي الأنموذج الأصلي للوجود في العقل الإلهي ، فمن المستحيل أن تتحقق الماهية في الوجود نفسه إلا إذا كانت هناك غاية بنيوية ، غاية تقتضي ترميم النقص ، ووجود غاية في ذلك الحد من ( تحقق الحالة ) الموضوعية أمر يثير مليون تساؤل ، وكل تساؤل يطيح بجوهر الإله المطلق الكلي الذي لايمكن أن يسعى إلى غاية لنفسه ، ولا إلى غاية لوجود(ه) الخاص ، ولا إلى غاية لمخلوقاته ، ولا إلى غاية لوجود(ها) الخاص ، ولا إلى غاية للوجود ، ولا إلى غاية لوجود الوجود .
ثانياُ : إذا كانت الماهية هي الأنموذج الأصلي للوجود في العقل الإلهي ، فمن المستحيل أن تصدق هذه الفكرة إلا إذا كانت الماهية خالدة أبدية ، وكذلك ثابتة وذات ديمومة ، ولن تصدق هذه الفكرة الأخيرة بدورها إلا إذا كانت جزءاُ من الإله نفسه .
ثالثاُ : رغم إن الماهية ، حسب طبيعتها وليس حسب تعريفها ، تقتضي نوعاُ من الوحدة ، نوعاُ من المؤتلف المشترك ، إلا أنها تختص بمحتوى الإمكانية المتكثرة التي لا ترضى إلا بالمتعدد الذي لايتعدى الواحد ، وهذا المتعدد هو من حيث مستوى التحليل ، إما أن يكون وهمياُ ، وإما أن يكون حقيقياُ .
فإذا كان وهمياُ غدا الأصل نفسه كذلك ، أي أنطعجت الماهية نحو البطلان ، ومال الوجود نحو الزوغان ، وإذا كان حقيقياُ غدا ( الوجود نفسه ) متعدداُ ، وهذا خلف وبطلان لأننا نعلم جيدا ، أو على الأقل لدى توما الأكويني ، إن الوجود هو واحد .
رابعاُ : هل تستطيع الماهية أن تحقق ذاتها ، من حيث تعريفها و من حيث طبيعتها ، هي لاتستطيع ، وإن فعلت فقد تخطت الأثنين ، ورغم ذلك نطرح السؤال مرة ثانية ، هل تستطيع الماهية أن تحقق ذاتها ، وهي إن فعلت فلا بد أن يكون ذلك من خلال ما هو داخلي ، أو ما هو خارجي .
فإن نجم ذلك نتيجة ما هو داخلي لأنتفت فرضية إن الماهية هي الأنموذج الأصلي للوجود في العقل الإلهي ، وإن نجم ذلك نتيجة ما هو خارجي فإنها أصبحت دارة متكاملة وغدت ، هي بحد ذاتها، جوهراُ خاصاُ بها ، أي جوهراُ لا يرضى أن ينتقل إلى جوهر آخر حتى لو كان هو الوجود نفسه .
خامساُ : ألسنا ، نحن البشر ، ندرك مقولتي الماهية والوجود من خلال محتوى الوجود المتناهي ، بل أدق من ذلك أليس هذا الوجود المتناهي هو أساس ذينك المقولتين ، الماهية والوجود !! ألم يدرك توما الأكويني إن رؤيته تلك ناقضت ذاتها عندما جعل من الوجود المتناهي عنصراُ حيادياُ ، غير فاعل !! ألم يدرك توما الأكويني إن ذلك كانت ضربة نجلاء في محتوى مبحث المعرفة الذي ، وكأنه ، فقد أسباب الحركة في محموله !! ( إلى اللقاء في الحلقة الثانية والعشرين ) .



#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- س مكعب ضرب ص مكعب
- نقض مفهوم الحقيقة لدى سارتر
- نقض ذاتية جان بول سارتر
- نقض مفهوم الذرية المنطقية لدى برتراند راسل
- نقض بسيكولوجية المعرفة لدى أرنست ماخ
- التناقض الداخلي في حكم المرتد
- رؤية نقدية في جدلية الثورة السورية
- السرعة ومفهوم المكان والزمان المكثفان
- نقض أداتية جون ديوي
- نقض فلسفة الطبيعة لدى هيجل
- برهان غليون ... درويش على باب محراب مهجور
- نقض النقض ، هل مات الإنسان ؟ الحلقة الثانية
- نقض النقض ، هل مات الأنسان ؟
- الثورة السورية والمعادلات الصعبة
- المجلس الوطني السوري ... عام من الفشل
- لماذا نلتزم بمنهجية البارتي الديمقراطي الكوردستاني
- الليبرالية .... مأساة الثورة السورية
- بقرادوني .... والخطاب القاصر
- برهان غليون ... والمفهوم الضائع
- مابين الأخضر الأبراهيمي وميشال سماحة


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم الماهية لدى توما الأكويني