|
اللعبة المصرية واحراق المرجعية
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4144 - 2013 / 7 / 5 - 19:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اللعبة المصرية واحراق المرجعية ********************** احراق كل المرجعيات وتزوير المشروعية ، وتغطية الانقلاب العسكري بوشاح مدني ، والباس الثورة المضادة لبوس الجماهيرية ، سيناريو مصري بامتياز . هذا اذا عدنا الى جذور ما يسمى بحركة "تمرد" التي تم تأسيسها من قبل خمسة شباب حسب ما تتداوله جميع المتابعات لنشوء هذه الحركة ، وهي رؤية سطحية . لكن هذا لايعني أنها من قامت بكل هذا الحدث العظيم ، فقد استطاع الحزبيون أن يركبوا موجة حركة "تمرد " ، ويقودوها الى الأهداف التي عجزوا هم عن تحقيقها ، وبذلك ينكشف مشهد الركوب على الحركات الشعبية والشبابية ، فبعد ركوب جماعة الاخوان على ثورة 25 يناير ، فان جماعة الانقاذ وجدت القطار في طريقه لمحطة الوصول ، ولم تعمل الا على ركوبه ، ثم قيادته . والمتابع لأحداث ما جرى البارحة 3--7--13 ،في مصر ، وهو يوم سيدخل التاريخ من بابه الواسع ، سيدرك أن بروز وجوه عديدة للمحسوبين على النظام المباركي المخلوع فجأة ودون سابق انذار أو اعلام ، كان ينذر بحدوث مثل هذا السيناريو وأكثر . فتهاني الجبالي وهي من أشد مناصري نظام مبارك ، وأحمد الزند وهو من أهم اتباع مبارك ، وعودة فريد الديب محام الرئيس ، وغيرهم من أقطاب النظام البائد هي اشارات واضحة ، أن نظام مبارك ما يزال يحتفظ بكثير من الأوراق في اللعبة المصرية . كما أن اعادة النائب العام المصري قبل لحظات من سقوط مرسي العياط ، لم تكن عودة اعتباطية أو مجرد صدفة ، فعبد المجيد محمود من أكثر الشخصيات القانونية في مصر المعاصرة مثارا للجدل ، وفي عهده السابق لم يتم ادانة أي من قتلة شهداء ثورة 25 يناير ، وهو الذي سيتولى مساءلة الرئيس المطاح به محمد مرسي ، وبعد اعتذاره عن منصب النائب العام ، واختياره التوجه الى القضاء فان اللعبة أصبحت واضحة ولا تحتاج الى كبير عناء لفهمها . واذا كانت اقالة مرسي عن طريق العسكر ، عوض فصله عن جماعة الاخوان ، وهو الخطأ الفادح الذي ارتكبه آخر رئيس لمصر باستمرار انتمائه لجماعة دينية ، بعدما تنازل عن رئاسته لحزب العدالة والحرية ، وهو خطأ تنظيمي فادح ، فهل كان على الجميع ان يتضامن من أجل ارتكاب خطأ أفدح ؟ ، وهو الانقلاب على الشرعية الانتخابية الديمقراطية . وهذا ما يعيدنا الى التجربة الجزائرية التي راح ضحيتها أكثر من نصف مليون قتيل ، والتجربة الفلسطينية التي قسمت ما تبقى من بلاد مغتصبة الى امارتين ، امارة اسلامية وأخرى بلا وجه ولا صفة . ان القضية لا تكمن في تعداد أخطاء مرسي او جماعة "الاخوان المسلمون "، وهي طبعا اذا ما تم مقارنتها بأخطاء السادات ومبارك ، فانها ستبدو كنقطة في بحر . لكنها تكمن في تشويش المشهد السياسي المصري ، ونزع المشروعية من أي كان ، المهم أن تسطيع أي قوة أن تحشد ملايين من الغوغاء والعاطلين ، ليروحوا عن أنفسهم باطلاق شعارات عالية وضخمة ، واشباع جوعهم الحركي والعملي في رفع الشعارات ، وحين عودتهم الى بيوتهم ، سيخرجون ثانية عند أول نداء ضد الحاكم ، لأنهم سيجدون مطابخهم فارغة ، وجيوبهم نظيفة ، وأطفالهم تصرخ من الجوع وقلة ذات اليد . نعم مع ترشيد العمل السياسي العربي ، وخاصة المصري ، لكن لا بد من نضج ثمرات هذا العمل ، نعم لاصلاح أخطاء الزعماء والساسة ، رغم اني أشتبه كثيرا في هذا اللفظ ، اذ لم يعد في العالم العربي ولو سياسي واحد يشرع طريقا للخلاص من هذا العبث السياسي الذي ترزأ تحت وطأته جميع الشعوب العربية . الى درجة أنها أصبحت شعوب أقصى طموحاتها الخروج والولولة والصدح بالشعارات الصوتية دون معاينة تطبيقاتها الواقعية ، ليسقط النظام ، ارحل أيها الحاكم الضال ، وماذا بعد . أين البديل الكفيل باخراجنا من أوضاعنا الاجتماعية المزرية ؟ ، أين البديل لتأسيس عمل سياسي جاد ؟ . فاحراق المرجعية الانتخابية الديمقراطية ، تم على مستوى أعلى سلطة سياسية في مصر ، وهي مؤسسة الرئاسة ، وقد كان بالامكان عزل الرئيس عن جماعة "الاخوان المسلمون " ، والحفاظ عليه كرئيس صوري او رمزي حسب الطرح الأمريكي ، وتعزيز الترسانة القانونية بقوانين تمنع الدعوة الى تكفير الاخر ، والدعوة الى الكراهية ، والدعوة الى القتل ، او الى تفكيك لحمة الشعب المصري الذي عاش آلاف السنين في ظل تعايش انساني راقي ، ولم تطفح افرازات التفكيك الا مؤخرا بشكلها العلني الذميم ، وبالتحديد قبل نصف قرن ، لكنها تصاعدت في الاونة الأخيرة بشكل هستيري . ولعل صعود التيارات الدينية المتطرفة واستحواذها على المشهد الديني ، يعتبر احراقا للمرجعية الدينية المعتدلة ، وتهميشا لدورها التنويري والقيادي والتوعوي ، ولعل متابعة فيديوهات أدعياء الدين والمتاجرين به ، ستكشف بما لا يدع مجالا للخلط او التحامل ولحربائيتهم وتلوناتهم واصطفافاتهم السياسوية دون أي ارتكاز مبدأي وخلقي وأخلاقي ، وهو ما يجب كشفه بكل موضوعية وعلمية ، لكي يتبين تهافتهم للجميع . ان الشكل الذي تم به الانقلاب على مؤسسة الرئاسة ، واحراق رمزيتها وسيادتها هو احراق للعمل السياسي في حد ذاته ، والاحتكام الى الشارع هو احتكام للغوغائية ، فنفس الشارع هو الذي أسقط مبارك الذي تراكمت أخطاؤه لما يزيد عن ثلاثين سنة ، وهو نفس الشاارع الذي خرج ضد الجيش حين استولى على الحكم ، وهو نفس الشارع الذي هلل عند تسلم مرسي الحكم ، وهو نفس الشارع الذي احتج بشدة ضده ، وتم استخدامه واستغلاله للانقلاب على رئيس غفل ومندفع ولا يثبت عند رأي ، وهو نفس الشارع الذي سيخرج غدا ضد أي رئيس سيعجز عن تلبية متطلبات الواقع المصري العويص . فعملية احراق المرجعية عملية خطيرة . لأنها تتم استنادا الى مرجعية " الحشود دائما مجنونة " la folle est folle - كما يقول المثل الفرنسي . فعندما ننضم الى القطيع نصبح بطريقة أو أخرى جزءا منه . وأرجو أن تتم القراءة من منظور علم الاجتماع ، وليس من منظور الذاتية .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر والاختيار الأصعب
-
غياب المثقف ، والمثقف الانسان
-
البحث عن الغائب الحاضر -14-رواية
-
اليسار المغربي وحدة من أجل موت جماعي
-
عوربة الاقتتال
-
العرب ومجتمع الزيف
-
واقع الشعر من واقع العرب
-
ايران ولعب الكبار
-
الصمت بين المعنى والوجود
-
لاتصدقي تجار الدين
-
تحريف الجهاد
-
الحداثة هدف مؤجل
-
البيان حلم والممارسة واقع
-
ثمة أغنية في الحنجرة
-
الانسان ذلك المنحرف -1-
-
القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار
-
قصة الدمعة -قصة-
-
مؤتمر جنيف-2- الميت
-
ريق السحلية
-
البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
المزيد.....
-
محمد رمضان يثير الجدل مجددا بفيديو ساخر.. -رمضان أحلى-
-
نتنياهو يغادر إلى واشنطن ومكتبه يوضح الهدف من الزيارة
-
بوتين: ترامب سيعيد النظام بسرعة كبيرة والنخب الأوروبية سترضخ
...
-
الشرطة البريطانية تعتقل رجلا حرق القرآن في بث مباشر غداة مقت
...
-
ترامب وزوجته ونائبه -يرثون- حسابات أسلافهم على السوشيال ميدي
...
-
مكالمة السيسي وترامب في الإعلام المصري: -التوتر يتراجع ودعوا
...
-
اتفاق مصري جيبوتي على استعادة الأمن وحركة الملاحة في باب الم
...
-
لبنانيون يحاولون العودة إلى بلداتهم رغم وجود الجيش الإسرائيل
...
-
بوتين: ترامب سيعيد النظام بسرعة كبيرة والنخب الأوروبية سترضخ
...
-
إسرائيل تستأنف الإثنين المفاوضات مع حماس بشأن المرحلة الثاني
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|