أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - سمات الخطاب المستور للقوى المقهورة















المزيد.....

سمات الخطاب المستور للقوى المقهورة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1187 - 2005 / 5 / 4 - 12:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يستمد الخطاب المستور للقوى المقهورة سماته من خطاب ونهج سلطة الاستبداد الساعية لفرض هيمنتها على المجتمع عبر استخدام أساليب القهر والعنف المفرط، بغرض بث الرعب والخوف في نفوس أفراد المجتمع وإجبارهم على تقديم فروض الطاعة والخضوع.
ونظراً لاختلاف موازين القوة بين القوى المقهورة والقاهرة، تلجأ الأولى لاعتماد أساليب نضالية متنوعة لتمتص من خلالها حالة الاستنفار الدائم لأجهزة القمع لأصابتها بالشلل التام على المدى البعيد، حيث تعلن ولاءها الكامل لنهج السلطة وتبدي فروضاً من الطاعة والخنوع ما يفوق متطلبات السلطة ذاتها. لتوحي للسلطة، بعجزها الدائم وضعف قواها على المواجهة وقبولها بالواقع المفروض باعتباره قدر سماوي مفروض عليها.
هذا الادعاء والخطاب المستور للقوى المقهورة، يصيب أجهزة القمع والاستبداد بعطالة وشلل تدريجي ويمنحها شعوراً بالانتصار والرضى التام عن أدائها وقدرتها على فرض نهج السلطة بالكامل على المجتمع. وإن خططها الأمنية محكمة، لأنها تمكنت من فرض توجهاتها على المجتمع وغيبت كل أشكال المعارضة.
وتدرك سلطة الاستبداد جيداً تداعيات هذه العطالة، وتأثيرها على أداء أجهزتها القمعية. لذا تعمد إلى افتعال الأزمات في المجتمع من خلال إعلانها عن وجود مؤامرة تستهدف وجودها تارة، وتارة أخرى افتعال الأزمات الأمنية والحدودية مع دول الجوار بغرض إعلان حالة من الاستنفار الدائم في صفوف أجهزتها الأمنية ومطالبتها بالكشف عن ذيول المؤامرة (الكاذبة) فتشن هذه الأجهزة الأمنية حملة من الاعتقالات بمن يشك في ولائهم للسلطة وتعمل على انتزاع الاعترافات الكاذبة منهم وتحت صنوف من التعذيب بكونهم مشتركين بالمؤامرة الكاذبة ويتم إعدامهم بغرض إقناع سلطة الاستبداد بمدى يقظتها ودفاعها عن النظام.
وبهذا تحقق سلطة الاستبداد هدفين هما: معالجة عطالة أجهزتها الأمنية بالصدمة والترويع لبث روح الاستنفار الدائم فيها، وتعميق مظاهر الرعب والخوف في نفوس أفراد المجتمع ليبدي فروضاً أكثر من الطاعة والخضوع.
يعتقد ((جيمس سكوت))" أن ممارسات السيطرة والاستبداد غالباً ما تؤدي إلى توجيه المزيد من المهانة والإذلال للكرامة الإنسانية لتجعل منها ممارسة روتينية يعتاد عليها المجتمع. مما يسفر عن بروز خطاب اجتماعي مستتر كرد فعل عن الشعور بالمهانة اليومية".
تعمد سلطة الاستبداد على خلق عدو وهمي يحيك المؤامرات المتتالية للإطاحة بسلطتها، وتوكل أمر البحث وإلقاء القبض على هذا العدو الوهمي لأجهزتها الأمنية لرفع درجة جاهزيتها واستنفارها الدائم بغرض عدم إصابتها بالعطالة والشلل والوهن الذي يخدم المعارضة في الأجل الطويل.
هذا العدو الوهمي، قد يكون قومية أو طائفة دينية بذاتها، تسعى بعددها وعدتها للتآمر على السلطة. مما يتوجب على الأجهزة الأمنية لسلطة الاستبداد التعاطي معها بالعنف والقسوة وإجبارها على الاعتراف بما تحيك من مؤامرات (مفترضة) ضدها. وحينئذ يكون جميع أبناء القومية أو الطائفة الدينية، موضع الشك والريبة ويفترض التعامل معهم بقسوة كونهم أعداء دائمين ولا يؤمن جانبهم مهما تظاهروا بالطاعة والخضوع!.
ومن خلال إشاعة نظرية المؤامرة تسعى سلطة الاستبداد لغرز روح الكراهية والحقد في نفوس منتسبي أجهزتها القمعية ضد القومية أو الطائفة الدينية المخالفة لهم، بغرض الإمعان في اضطهادهم وقهرهم من أجل تحقيق هدفين هما: الهدف الأول، زرع بذور الحقد والكراهية القومية والطائفية بين أبناء الوطن الواحد، وتوريط منتسبي أجهزتها الأمنية (من القومية والطائفة المخالفة) بمزيد من جرائم القتل وانتهاك المحرمات والإيحاء لكلا الجانبين بأن الصراع، صراعا قومياً وطائفياً وليس صراعاً على السلطة. والهدف الثاني، إضعاف الأواصر بين مكونات المجتمع من أبناء القوميات والطوائف المختلفة لإحكام السيطرة عليهم ولأمد طويل!. تلك الأهداف وما تسعى إليها سلطة الاستبداد، تفرز سمات جديدة من الخطاب المستتر للقوى المقهورة.
يحدد ((جيمس سكوت)) سمات الخطاب المستتر للقوى المقهورة بثلاث نقاط:
1-" يختص بفئة اجتماعية معينة، وبجمهور محدد من المؤدين.
2-لايقتصر فقط على بعض الممارسات المرفوضة، وأنما ينسحب على كافة الممارسات المستورة مثل: الغش والاختلاس والتهرب من دفع الضرائب والرشوة..وغيرها.
3-يعتبر ميدان للصراع بين المسيطر والخاضع وبدون أي جدار سميك يفصل بينهما".
إن حجم العنف والاستبداد وما توظفه سلطة الاستبداد ضد المجتمع، يحدد نوع القناع وسمكه للقوى المقهور لخداع القوى القاهرة للحفاظ على الذات المهددة بالفناء. وتلك الأقنعة غالباً ما تكون أقنعة سميكة للتمويه والاختفاء خلفها لممارسة شكل من أشكال الخداع المستور الموحي بضروب الطاعة العمياء للسلطة والولاء المنقطع النظير لها تحقيقاً لأهداف ورغبات سلطة الاستبداد.
يرى ((جيمس سكوت))" أنه بمقدار ما يكون حجم التفاوت كبيراً بين القوى القاهرة والمقهورة في امتلاك وسائل القوة، بمقدار ما تكون علاقات القوة بينهما توحي بالقسوة والتعسف وتفرض على المقهورين ممارسة طقوس الإذعان والخضوع. أي أنه كلما كان المهيمن يشكل خطراً أكبر على حياة الخاضع، كلما استخدام الخاضع قناعاً أكثر سماكة.
وحالما تبرز مؤشرات على انهيار سلطة الاستبداد، يتبادل (المهمين والخاضع) القناع بينهما. وتعاد صياغة مفردات القهر والعنف لتكون من نصيب الخاضع ضد (المهيمن) المهزوم من منتسبي سلطة الاستبداد. وحينئذ يتماهى الخاضع بدور الجلاد (المهيمن) للاقتصاص وبقسوة شديدة من منتسبي أجهزة سلطة الاستبداد المنهارة.
وهذه الدائرة من العنف والقهر المتبادل بين الجانبين، تستمر (لأمد غير محدود) بغرض تصفية الحساب المفتوح بينهما. وقد تتسع دائرة العنف والقهر لتطال كافة أبناء قومية وطائفة سلطة الاستبداد تحقيقاً لوهًّم عمدت سلطة الاستبداد على ترسيخه في ذهنية الجمهور من إن الصراع، صراعاً قومياً وطائفياً وليس له علاقة بالسلطة بتاتاً!.
ولايمكن تقليص حجم دائرة العنف والقهر إلا من خلال انتزاع مبررات العنف والعنف المضاد والاحتكام للثوابت الوطنية من أجل إحلال الوفاق الاجتماعي. ويتطلب هذا الوفاق، الاحتكام للقانون بغرض إجراء تسوية عادلة تضمن حقوق الجميع وتعمل على تقديم مجرمي سلطة الاستبداد المنهارة للمحاكمة بتهمة ارتكابها للجرائم وانتهاكها لحقوق الإنسان وتعويض المتضررين عًّما أصابهم من حيف وإذلال من سلطة الاستبداد.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردًّ الفعل الشعبي ضد ممارسات القهر والاستبداد
- الصراع السياسي المستور بين القوى القاهرة والمقهورة
- الكراهية والحقد الكامن في ذات الإنسان المقهور
- السياسيون القردة
- صراع القدر والإرادة بين السماء والإنسان
- نشوء الدول القديمة والحديثة
- صلاحية الحاكم والمحكوم
- صراع العاطفة والجمال بين المرأة والطبيعة
- التأثيرات السلبية للفقر والجهل على المجتمع
- استحقاقات الرئاسة القادمة
- مَلكة الإبداع بين العبقرية والالهام والفطرة
- قيم الراعي والقطيع السائدة في الكيانات الحزبية
- الحكمة والحقيقة في الفلسفة
- مراتب المعرفة عند الفلاسفة
- ماهية الإحساس والمعرفة في الفلسفة
- صراع القيم والمبادئ بين الفلاسفة والملوك
- تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي
- دور علماء الاجتماع في تقويم المجتمع
- موقف الفلاسفة من الحاكم والحكومة
- العلم والجهل في المجتمع


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - سمات الخطاب المستور للقوى المقهورة