رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4140 - 2013 / 7 / 1 - 16:06
المحور:
الادب والفن
محاضر
يشد على نواجذه كلما اخرج حرف السين في كلامه، يخرجه بصوت ممزوجا بين الشين والسين، وتتبعثر في الفضاء ذرات فضية من فوه، كانت تفاصيل شفتيه تجذبني، حتى إنني أخذت اعد الحروف التي تخرجها تلك الشفتين، متجاهلا فحوى المحاضرة، تجاوزت الحروف العشرة في اقل من ثلاث دقائق، تابعت مخارج الحروف حتى أخذتني بعيدا .
لم أكن ادري لماذا جل المحاضرون يرمون المستمعين بتلك الابتسامة، وكم تساءلت، هل هي رسالة التفوق المعرفي عند المحاضر إلى هؤلاء المستمعين ؟، أم هي ابتسامة ( المولينيزا ) للواقع الذي نعيش ؟، أم تراها بسمة أمل نحو المستقبل ؟.
إن الابتسامات تأسرني بقوة لا استطيع الإفلات منها، مضت الأيام وآنا ألاحق تلك الحروف والبسمات، ثم أخذت حركة يديه يسرقان مني متابعة وجهه، كانت اليد اليمنى تتحرك نحو اليمين واليسار، إلى أعلى والى أسفل وبكل خفة، حتى تراءى لي بأنه براقصهما . ولكي لا أكون طالبا مهملا في دروسي فقد عكفت على نسخ محاضراته من دفتر صديقي، كنت اسعي لنيل اهتمامه لما ترك في من إعجاب وتأثير، ودفعني ذلك إلى فكرة حمل المادة حتى أجد عنده بعض الاهتمام، إلا إن صديقي
ـ لماذا لا تعمل على جذبه إليك من خلال عمل متميز .... انه يحب ويقدر العلم، ألم تسمعه وهو يتغنى بأمجاد الماضي ( أن حجم الإنفاق المادي على العلم والأدب وصل إلى حد أن يوزن المؤلف بالذهب .... ) وأنت لا ينقصك الإبداع ولا الموهبة .
وذهبت مع ذلك الماضي والذهب الذي كان، سعيت جاهدا لأعمل كتابا يخرجهم من التقليد البائس إلى الإبداع الخلاق، وليقربني من ساحري، وبعد أن اجتهدت في رسم الواقع وإيجاد الاقتراحات لمعالجة وللخلاص لما نحن فيه، عصرت أفكاري وجيوبي لأخرج باكورة أعمالي إلى الحياة، ... حملت مولودي الجديد إلى آسري وقدمت له المولود البكر، حدثته عن فكرته، العوائق التي تخطيتها، دور النشر التي رفضت طباعته بحجة ـ غير معروف في السوق الأدبي ـ مما دفعني إلى الإستلاف، ومن ثم نشوتي بمشاهدته حيا بأعداده الثلاث مائة نسخة، وكم غبطت نفسي عندما أرسل ابتسامته التي طالما سحرتني، وحدثني خلدي الآن ستنال احترامه وإعجابه وتكون .... ، وما كدت انهي أفكاري حتى استيقظت على كلامه
ـ اعتذر وقتي ضيق أراك مرة أخرى
ردت عليه ابتسامته وضعت كتبي في حقيبتي وابتعدت
رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟