أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صائب خليل - القطيع والراعي الجديد















المزيد.....

القطيع والراعي الجديد


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1185 - 2005 / 5 / 2 - 13:00
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


"الانسان ليس تسمية فحسب, بل هو لقب, ولقب رفيع" (رسول حمزتوف – داغستان بلدي)

وصف البابا الجديد البشرية بأنها "خراف ضالة لا تجد سبيلها في الصحراء".

لا يقصد البابا من ذلك ان يعبر عن انزعاجه من انقيادية البشر ولا دعوتهم الى الثورة على واقعهم القطيعي واستعمال ادمغتهم البشرية المتطورة, بل يذكرهم فقط بتلك "الحقيقة", ويدعوهم الى ان يتبعوه مثل اي قطيع, فهو كما اشار: "الراعي" الذي سوف يرشد تلك الخراف.

عندما تولى البابا الجديد بينديكت السادس عشر منصبه, حاول ان يطمئن الناس القلقة من ماضيه الرجعي المتعصب. فمواقف هذا البابا من المرأة وتنظيم العائلة والاجهاض وحبوب منع الحمل, اقرب ما تكون الى مواقف مسيحية القرون الوسطى المظلمة.

ذكرني "تطمين" البابا للبشر, بانهم يجب ان "لايخافوا" من تأريخه ومواقفه السابقة, ذكرني بتعيين بولتون سفيرا للولايات المتحدة في الامم المتحدة. حينها حاول بولتون المعروف بعنجهيته اللامتناهية وكرهه للامم المتحدة والقانون الدولي, حاول تطمين البشرية الى انه سيتصرف بشكل افضل مما يتوقع من شخص له مثل تأريخه. ولعل البشرية لم تكتف بتلك التطمينات وهي تستمع الى بينديكت السادس عشر وباتت ليلتها قلقة, مثلما فعلت بعد ان استمعت الى بولتون المتعجرف, فتأريخ المرء يدل عليه اكثر من حركاته الدبلوماسية حين يعتمد موقعه عليها.

حين سمعت بولتون تساءلت, واليوم اتساءل ايضا: لم يتوجب على البشرية ان تعيش غالبا تحت سلطة من تخشى اذاهم بدلا من قادة تأمل فائدتهم؟ لم يفترض بالبشرية ان تتحمل قادتها بدل من ان تسر بهم؟ لم نحصل على قادة يتطلب منهم ان يطمئنوا الناس المتخوفة منهم ومن تأريخهم؟ لم لا تستطيع البشرية ان تحصل على الانسان المناسب فكرا وتأريخا للاماكن الحساسة المهمة ليخدمها بافضل شكل؟

لسبب ما لا يبدو البشر مهتمون بذلك!

في العراق صوت الناس لطائفيتهم او قوميتهم او تعصبهم فحصلوا على ما صوتوا عليه. لم يصوتوا للانظف تأريخا واحسن طباعا واكثر علما, فان حصلوا على حكام بتلك الصفاة فليس الفضل لهم, بل هي الصدفة وحدها التي يطلبون منها ان تقدم لهم ذلك مجانا. فهذا يهمه ان يكون الحاكم شيعيا, ويتمنى لو كان مثقفا ايضا, وذاك يشترطه كرديا, ويأمل ان يكون نظيفا ايضا, واخر ينتخب سنيا دون ان يعرف عنه شيء, لكنه يصلي ان يكون عادلا. كم عراقي قارن بين برامج ومرشحي قائمتين لينتخب رأسه منهما من هو اكثر اقناعا؟

كيف يستطيع انسان له القدرة على "فك الخط" ان يقول لاخر "انت قل لي من انتخب وسأنتخبه"؟

اذا توخينا العذر للعراقيين في انتشار الجهل والخوف والخبصة في كل شيء, فكيف نفسر وجود نفس المرض في اكثر بلدان العالم تنظيما وانفتاحا وغنى وتعلما واستقرارا – الدول الصناعية الغربية؟
ما هو السر الغريب في استعداد الكثير من البشر في التنازل عن حقها في دورها ككائنات مفكرة في تقرير مصيرها ومصير العالم الى اخرين؟ وهل هؤلاء الاخرين فعلا افضل منهم واكثر علما؟

قبل سنوات كنت انتظر في مكتب احدى الشركات نتيجة مقابلة طلب عمل, ورأيت عنوانا بالخط العريض على الصفحة الاولى لصحيفة او مجلة في غرفة الانتظار, كان يقول ما معناه "لم يعد هناك شك في ان البابا عميل للمخابرات المركزية الامريكية". وقصة علاقة البابا السابق بالمخابرات المركزية الامريكية, رغم انها معروفة, لكنك لا تجد الاشارة اليها في الصحف حاليا الا بصعوبة بالغة, فهي من الحقائق التي قرر الكبار القضاء عليها. ومن الحقائق غير المحبوبة في الاعلام, الموت المفاجيء الغريب للبابا السابق للبابا بولص الثاني, حيث مات ذلك الرجل المتواضع بعد اسابيع من توليه منصبه, ليحل محله اول بابا من خارج ايطاليا من زمن طويل, ورجل معروف بعلاقاته القوية باليهود في بولونيا. كان من اولى مهمات البابا بولص القيام بزيارة الى امريكا الجنوبية لتغيير مسار الكنيسة التي كانت تقف بجانب الفقراء ضد الحكومات العميلة للولايات المتحدة التي كان نيكروبونتي يقودها من سفارته في هندوراس, والتي وصل الامر ان تصف اميركا قساوستها "بالشيوعية"!

البابا بولص الثاني, والذي تفوق على بريجنيف في تشبثه بالسلطة حتى بعد فقده القدرة على الكلام والحركة, حرص منذ بداية "سلطته" على استغلالها لاجراء تغييرات هيكلية واسعة على الكنيسة الكاثوليكية, فاقال الكثيرين وعين اكثر منهم محلهم, ليضمن من جاء به, ان من سيخلفه بعده سيسير في نفس الطريق.

ذلك كان الراعي السابق, اما الراعي الجديد, والذي كان يتبع الاول كظله اكثر من عشرين عاما في افكاره عن المرأة والمجتمع, وهو مؤمن متعصب للكنيسة الكاثوليكية التي يرى كل ما عداها من المذاهب والاديان خطأ, رغم انه اضطر الى تغيير لهجته و"تطمين" البشرية بعد استلامه للبابويه واعدا انه لن يتصرف كما اعتاد الناس منه سابقا, وانه سيسعى الى التفاهم بين الاديان كما فعل سابقه, لكنه لم يضف المسلمين الى قائمته الا في احاديثه الجانبية فقط بعد أن تجاهلهم بقداس تنصيبه الرسمي.

نضيف الى هذا ان البابا الالماني الجديد, بينديكت الـ 16, كان منتميا في شبابه الى منظمة شباب هتلر النازية. ولكن هل لاضافة ما ان تؤثر في الجماهير الغفيرة التي تفغر فاها مذهولة وهي تنظر الى السماء وكل منهم يكاد يجن لو اتيح له ان يتبارك بلمسه من البابا الجديد او القديم او اي بابا اخر تقرره المخابرات المركزية الامريكية؟

"لكن احدا لم يضحك هنا!" قال جومسكي متألما, وهو يروي الحكاية التالية:
عام 1960 استدعى البيت الابيض سفير المكسيك في واشنطن ليعرض عليه التعاون لردأ "الخطر الكوبي" على المنطقة, فقال السفير المكسيكي: " بودي ان البي دعوتكم, لكن المشكلة هي انني لو قلت للشعب المكسيكي اننا نخاف من كوبا, لمات 50 مليون مكسيكي من الضحك!"
لكن اميركا الجبارة لاترى مشكلة في تخويف شعبها من كوبا الصغيرة, دون ان يموت احد من الضحك فيها.
هذه الظاهرة اقلقت جومسكي كثيرا, لانها تعني ان الشعب الامريكي تعود قبول الكلام الفارغ الذي يصدم المنطق, دون ان يحس به.

ويبدو ان البشرية تعودت مثل تلك الاهانات الشديدة من جهات معينة فلم تعد تشعر بالاهانة منها. فلو قال لك احد ما "انك خروف" لما تركت الامر يمر بسلام, او لربما ضحكت منه, لكن هاهو البابا يقولها للبشرية جميعا, بل يصفهم بانهم خراف ضالة ايضا, فلا ينزعج احد, ولايغضب احد, ولا يضحك احد!

كيف ولمَ يفقد الناس قدرتهم على استعمال عقولهم للتمييز والاختيار؟

لكن هل للخراف ان تختار راعيها؟ وماذا تقول لانسان لا يجد ضيرا ان يصفه اخر بانه خروف؟ هذا الرجل يقول بوضوح وصراحة انه يعتبر البشر خرفان ضالة, فمن يجد نفسه خروفا فهو مدعو الى اتباع البابا بينديكت 16.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انليل: ذات صباح رطب في روتردام
- لقاحات ضد الجنون:الحلقة رقم صفر- مدخل الى الجنون
- سيف ديموقليس الجديد
- مسرحية يارة الصامتة
- بياع الخواتم وصحبه الكرام
- مهمات الحكومة القادمة: لكل معركة خيولها
- من يخجل مِن مَن؟ : دعوة لتجربة احترام طوعي للقانون
- هل كان السادات متخلفا عقليا؟
- ااشرف عبد الفتاح والسادات مرة اخرى, واصول الرد على كتابات ال ...
- بعض الناس يحس بالنقص
- التعامل الفعال مع ازمة الاردن
- الطلبة والعصابات والنكتة الايرانية: حول احداث جامعة البصرة
- تفجير الحلة مؤامرة اردنية عمرها اكثر من عام
- لبنان يكتشف دواء للسرطان
- ايكاروس: مضطهدي الشعوب يدرسونها, لكنها لا تدرسهم
- الاقناع المعكوس: حول قائمة الائتلاف والجلبي والقرارات العشوا ...
- اسئلة قبل نتائج الانتخابات
- نظرية الخونة الابطال لاسحق رابين واشرف عبد الفتاح
- ليس من السهل على ابو مازن ان يكون في شجاعة السادات
- رهان الديمقراطية الخطير


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صائب خليل - القطيع والراعي الجديد