أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - الجعفري والمسيرة وسط حقول الألغام















المزيد.....

الجعفري والمسيرة وسط حقول الألغام


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 1185 - 2005 / 5 / 2 - 12:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالرغم من الفرح الذي غمرني بتشكيل الحكومة الجديدة وعودة عجلة العملية السياسية بالدوران من جديد، وبالرغم من استبعاد البعثيين عن هذه التشكيلة ما جعل من الفرح حالة لم تعد تتسع لها الدنيا، لكن كان هناك ما ينغص، فالقبول بالمحاصة الطائفية والقومية التي جرت بها العملية، ما يمكن أن يعد نوعا من الرضوخ مرة أخرى لقبول مبدأ المحاصة على أنه نوعا من الواقعية التي لا مناص منها، وكل ما أخشاه أن يكرس هذا الأمر ليكون هو المعيار الأخير في الوقت الذي نستعد به لكتابة الدستور وتأسيس منظومة القوانين الجديدة التي تنظم العلاقات في العراق الجديد.
البعثيون، ومنذ أن كانوا في سدة حكمهم الدموي، أوجدوا لهم أبعادا أخرى كالبعد الطائفي والعرقي، وكان لهم تاريخا دمويا طويلا بسفك الدماء وارتكاب أبشع الجرائم بحق الشعب العراقي ودول الجوار والإنسانية عموما، كل هذه الجرائم كانت ترتكب باسم الطائفة والقومية، وبعد السقوط لم يتوقف هذا الأمر، بل كان الأكثر وضوحا في أدائهم السياسي والدموي الإرهابي، وكان الأمر واضحا بالكثير من وثائقهم، وحتى تلك الوثيقة التي عرفت بوثيقة الزرقاوي، لم تكن إلا واحدة من وثائق البعث، حيث أن هذا المسخ الأخير صناعة بعثية صرف.
البعثيون يريدون من السنة العرب أن يتحدثوا باسم البعث رغما عنهم، وبقوة السلاح، حتى لو ذهب جميع السنة العرب ضحايا لهذا البعث المقيت، ومما زاد من المسألة تعقيدا هو الفراغ السياسي الذي تركه نظامهم البغيض بعد أن صفى جميع الأحزاب والنخب السياسية العراقية المستقلة وترك الساحة العراقية فارغة إلا من البعث والدين، حيث كان هذا الأخير مفروضا عليهم ولم يكن باستطاعتهم التخلص من تأثيره، وإن سعوا لتحجيمه وتصفية رموزه الكبيرة.
ما أفرزته الانتخابات الأخيرة من نتائج كانت تعبر عن حالة من الاصطفاف الطائفي على مستوى الطيف العربي في الوسط والجنوب، والاصطفاف القومي على مستوى كوردستان، لم تكن هذه الحالة إلا نتاجا لذلك الخوف الرهيب من عودة البعث بصيغ أخرى، فربما تكون إحداها عن طريق استغلال الآليات الديمقراطية، ذلك النظام الذي يعتبر العدو اللدود للبعث أو أي حزب أو تيار شمولي النزعة، لذا لم تأتي نتائج الانتخابات إلا كنوع من التعبير عن هذه الخشية التي كانت مسيطرة على الكثير من العراقيين وهم يدلوا بأصواتهم، ويجب الاعتراف هنا، من أن هناك طيفا واسعا من العراقيين أيضا قد أدلوا بأصواتهم تلبية لدعوة المرجعية الدينية في النجف، خصوصا أبناء المذهب الشيعي الذين لا تربطهم رابطة مع التيارات السياسية، تلك الرابطة التي كان البعث قد قطعها يوم كان في السلطة بعد أن غيب الأحزاب السياسية عن الساحة طيلة عقود طويلة، وكذا غياب منظمات المجتمع المدني، وتوقف تام لعجلة الإنتاج الصناعي والزراعي، وبالتالي غياب الولاء الطبقي أو أي ولاء آخر يمكن أن يكون مرجعية للعراقي غير المرجعية الدينية التي بقيت هي الوحيدة الصامدة أمام سونامي البعث المدمر.
هذه الحالة المعقدة كانت هي الواقع الموضوعي الذي جرت من خلالها الانتخابات، وما الواقع الحالي إلا تعبيرا عن تلك الحالة الطائفية التي فرضتها الأجندات الطائفية المختلفة، ونتائج الانتخابات التي لم تكن تختلف من حيث المضمون عن أشكال الصراع الحالي، فليس من السهل الفصل بين هيئة علماء المسلمين عن البعث، ولا الكثير من اللجان التي تم تشكيلها لتكون مرجعية سنية، وهي في واقع الأمر تحمل مشروعا واحدا فقط وهو اعادة تأهيل البعث، نشطت أكثر هذه المرجعيات بسبب تراجع دور كتلة علاوي البعثية وكامل التيار العلماني لتنتصر المشاريع الطائفية عموما ومن ضمنها والواجهات البعثية التي ترتدي الجلباب الطائفي، على الرغم من أن السنة العرب لم يشاركوا بالانتخابات، وفي المقابل انتعشت أجندات طائفية أخرى لتحمل لواء اجتثاث البعث وأن تعيد الأمن والأمان للعراق والعراقيين وأن تعيد عجلة الإنتاج للدوران من جديد وكذا تضع اللبنات الأولى لتعمير العراق بعد أن تخرب بالكامل. ليت الأمر ينتهي عند هذا الحد، فنحن لا نشك أبدا من أن الساسة الجدد سيقومون بمهمة اجتثاث البعث، بل هم الأصلح والأجدر لهذه المهمة، ولا نشك بأنهم سوف يعيدون الكثير من أمن العراق وتدوير عجلة الإنتاج، ذلك أن موضوع اجتثاث البعث يجب أن يأتي أولا ومن ثم تأتي باقي الأمور تلقائيا، وهذا ما أتوقعه، بذات الوقت نرى أن البعث لم يلقي السلاح بعد، ومازال يناور ويدفع بواجهات جديدة مختلفة في المظهر ولكن ذات مضمون بعثي واحد لا يتغير، وهنا يأتي السؤال المهم، من الذي سوف ينتصر في النهاية؟ البعث أم إرادة الشعب؟ الإجابة تكمن باستمرار العملية السياسية على أسس سليمة لصناعة المستقبل على أساس من دستور متوازن، يسن هذا الدستور على أسس لا يمنح للطائفة أو العرق امتيازا غير ما يمنحه النظام الفدرالي من امتياز لهذين البعدين الواقعيين، فأنا لا أشك أن الحكومة سوف تعمل على هذا الأساس، ولكن الذي أخشاه هو نجاح محاولات الجانب الآخر، أي البعث، حيث أنه سوف يسعى جاهدا لجر أرجل الساسة الجدد لصراع يبدو وكأنه صراع طائفي وقومي.
بالرغم من اعتراضنا على أداء الحكومة المؤقتة، لكن لم بالإمكان أن تحسب الحكومه بأي حال من الأحوال على أنها شيعية أو عربية، لكن وبعد أن إنتهت ولايتها وترك أمر الدفاع عن البعث بأيد تلك الواجهات المشبوهة وبظل حكومة تحسب على أنها طائفية الطابع، سوف يكون هذا الأمر بمثابة بيئة صالحة لتغذية ذلك المخلوق المسخ الذي يسمى بالطائفية. لذا أدعو القارئ لمراقبة أداء البعثيين خلال الساعات التي سبقت أو تلت تشكيل الحكومة المنتخبة، ففي اللحظات الأخيرة، خرج علينا صالح المطلق رئيس لما يسمى بمجلس الحوار الوطني حاملا مشروعه السياسي الجديد القديم لكي يفرض علينا البعث من خلاله، ولكي يعود من الباب بعد أن خرج من الشباك، بل عبر جحور الجرذان. فالمشروع السياسي الذي حمله المطلق يتضمن إعادة بناء الجيش القديم بالكامل، وإلغاء قانون اجتثاث البعث، وإطلاق سراح جميع المعتقلين ليعودوا لممارسة الجريمة والمساهمة بالفتنة الطائفية التي سوف لن تقوم ما لم تخرج القوات المتعددة الجنسية من العراق، وهذا ما طالب به المطلق أيضا، لكي يهيئ بذلك الظروف الموضوعية لدخول قوات دول الجوار بذرائع مختلفة، وأهمها حماية الطائفة السنية أو حماية حدودها لمنع انتشار الإرهاب إلى بلدانها. وقف المطلق ليعلن أنه بدون القبول بهذا المشروع الكارثي سوف لن يشارك السنة العرب في تشكيل الحكومة!!! أضف إلى ذلك أن الشخصيات التي تم اختيارها لتولي المناصب الوزارية كانت من السنة العرب ولكن ذات تاريخ بعثي طويل!!! من جانب آخر يقف مشعان الجبوري مطالبا بإسقاط التهم الأربعة عشرة التي وجهت له، والتي يقال عنها إن أخف هذه التهم عقابها الحكم عليه بالإعدام، يقف هذا الرجل مطالبا الجمعية الوطنية أن تسقط كل التهم عنه وعن كل المجرمين الذين أغرقوا العراق بالدماء، وإذا لم يفعلوا ذلك، ويبرؤون ساحته، فإن الجمعية الوطنية هي الأخرى طائفية!!!!! كل هذا وغيره من العهر السياسي الذي تمارسه هذه الواجهات يأتي وسط هجوم همجي يبدوا على أنه طائفي الطابع متمثلا بعاصفة غير مسبوقة من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وعمليات الاغتيال ضد طيف عراقي محدد، الشيعة، في الوقت الذي يمسك بالسلطة التنفيذية، ومن يجب أن يتصدى لهذا الإرهاب المنظم، هم شيعة، فإن أي رد على هذه الهجمات يمكن أن يعتبر طائفيا هو الآخر، مما سيغذي هذا الهدف البغيض ويجعل من الطائفية واقعا موضوعيا سوف يستمر لسنوات طويلة، وهنا تكمن الخشية من تكريس الطائفية كنظام سياسي لا نرغب به.
أريد أن آخذ مثلا آخر، بالرغم من أن نائب الرئيس غازي الياور يعتبر شخصية متوازنة ولم يبدي اهتماما كبيرا للطائفية، إلا أنه قد انجر قسرا إلى اتخاذ موقف طائفي واضح في تصريحاته الأخيرة بقوله التشكيلة الحكومية بنيت "على أساس محاصصة قومية طائفية، وليس حكومة توافق وطني" وإنها، أي الحكومة، كانت "نوعا ما أقل من مستوى الطموح ومازلنا ننتظر ماذا سيحصل بموضوع وزارة الدفاع" ولم يكتفي بذلك لينجر إلى ما هو أبعد من ذلك ليساهم مساهمة فاعلة بالمشروع البعثي بقوله "أهل السنة لن يقبلوا ان يفرض عليهم أحد أي مرشح حتى وان كان هذا المرشح من أبناء السنة" وهو يقصد بذلك أن يكون هؤلاء السنة ممن يدفع بهم البعثيون للواجهة الأمامية للسلطة التنفيذية من خلال عدة مقاعد وزارية إحداها وزارة الدفاع ومنصب نائب لرئيس الوزراء، ولم يكتفي بذلك ليبرر مصادقته على الحكومة للذين هاجموه من العثيين، من أن الأمر لن ينتهي بعد بقوله إن الوزارة قد تشكلت "مع شرط وهو أن باقي الوزارات (الخمسة) يجب أن يوافق عليها مجلس الرئاسة بالاجماع قبل أن تعلن وإلا فان الموافقة الحالية للتشكيلة الحكومية ستكون ملغية"
السؤال لماذا يجب أن تكون الواجهات البعثية هي من يسمي المرشحين السنة؟! في الوقت الذي يعرف به الجميع أن هناك الملايين من السنة العرب لم يتلوثوا برجس البعث، بينهم عشرات الآلاف من التكنوقراط الشرفاء والأسماء اللامعة التي باستطاعتها تتولي هذه المناصب؟ هذا المثال يمكن أن يليه أمثلة كثير تشكل في نهاية المطاف تراكما كميا هائلا قد يجعل من الإقرار بالطائفية السياسية أمرا ممكنا، بل الأكثر واقعية، هذا إذا لم يذهب الطائفيون بعيدا بانتصاراتهم على إرادة الشعب العراقي ويحققوا تلك الفتنة التي يهدفون إليها، والتي لا نهاية لها إلا بتفتيت العراق.
فهل يستطيع الجعفري ووزراءه المرور من خلال حقول الألغام المزروعة بطريقهم أينما ذهبوا؟ وهل سيسلم المشروع العراقي الكبير بإقامة نظام ديمقراطي من الأذى بظل هذه التحديات؟



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى الشعلان تعَرَق خجلا من تصريحات النقيب
- الهروب للأمام لم يعد مجديا
- زيارة رامسفيلد تعيد الصراع للمربع الأول
- سقوط النظام الدكتاتوري، هل هو احتلال أم تحرير؟
- هل هي حقا محاصصة طائفية وقومية؟
- النظرية العلاوية في السياسة
- على ذمة المنجمين، غرة ربيع الأول آخر موعد لتشكيل الحكومة
- حارث الضاري يضع البرنامج الأمني للمرحلة القادمة
- أغلال الحرية والديمقراطية في العراق
- هل ستمضي العملية السياسية كما أريد لها؟
- كان على الجميع أن يتوقعوا تأخير تشكيل الحكومة
- مازق الدكتور الجعفري بتشكيل الوزارة
- الثورة اللبنانية بقيادة منظمات المجتمع المدني
- القوات المسلحة هي كلمة السر لتحالفات الفترة الانتقالية
- مشاهد الانتخابات ليست مجرد مشاهد رومانسية
- نصائح كسينجر وشولتز الجديدة للإدارة الأمريكية
- المأزق الحقيقي بعد الانتخابات
- الديمقراطية عدوهم اللدود
- لم لا نحلم معا أيها الصديق؟
- نتائج أولية للانتخابات العراقية


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - الجعفري والمسيرة وسط حقول الألغام