|
ماركس والتحليل النفسي/تجربة فيلهلم رايخ..نموذجا(4)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 13:44
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في فيينا وبالرغم من تداعيه النفسي،وقتامه شعوره بالمرارة والخيبه،شرع رايخ بتأليف كتابه الاشهر والاهم(سيكولوجية الجماهير الفاشية),وهو انعكاس,ان لم يكن ولادة لتجربته ومخاضه المرير في المانيا،داخل الحزب(البيورتاني)!،وداخل(هيكل) وبين كهنة التحليل النفسي!.شن فيه هجوما عنيفا،ولكن مبررا،ضد كل البيروقراطيات المنحوته!والمؤسسات المتكلسه!،وبضمنها(بيروقراطيا)الاحزاب الشيوعية،ووجه سهام نقده للاتحاد السوفيتي،ونال من (الاخ الكبير)!ستالين،واطلق على نظامه(الفاشية الحمراء)!.وفي كتابه هذا حلل البنيه النفسيه للافراد والجماهير،والذين يخضعون لسلطه:نازيه..فاشيه..دكتاتوريه..مستبدة..متسلطه..قهريه..الخ.وأكد على اهمية العلاقه الوثيقه،والتي تربط بين دوافع التسلط الغريزيه،وبين الايديولوجيه الفاشيه،وان التربيه العائليه التسلطيه هي نواة وآس الدوله التسلطيه،وبمعنى اخر،انه حاول دراسة بنية الشخصية التسلطية،والعوامل المؤثرة التي تجعلها سريعة الاستجابه والتأثر بالدعايه الفاشية المضادة للديمقراطيه حيث تسود ثقافه القطيع،واشار لدور الكبت الجمعي الذي يلازم المجتمع الرأسمالي،وخاصة في العائلة البطرياركية،وحاول تطبيق تحليلاته النظرية على طبيعة الشخصيه الفاشيه،والتي تمثل في نسيجها النفسي تجليات الشخصيه التسلطيه.فمفهوم التسلط،لايعني السلطة التي يملكها الشخص،ولابمعنى ان يملك خصائص،وصفات جسمانيه وغيرها تجسد التسلط،انما يشير الى ان التسلط هو علاقه،علاقه بين اشخاص،يكون تطلع الشخص الى الاخر،على انه اعلى منه،اي ان تكون العلاقه فوقيه،وبمعنى آخر علاقة تسلط وخضوع،وليس من الضروري ان تكون السلطه شخصا او مؤسسة او غير ذلك،فمن الممكن ان تظهر كسلطه خفيه،تحت اسم الضمير او الواجب او الاعراف او الخضوع للوصايا والتلقين الاخلاقي،والتي تفرضها التقاليد الاجتماعية السائدة بالقسر والاكراه المموه،والتي لايستطيع الفرد التمرد عليها او مجابهتها،تحت طائلة الادانه والعقوق والانحراف والخروج على التابوهات من كل الانماط:دينيه..ثقافيه..سياسيه..جنسيه..قيمية..الخ.هذا ماتمثله السلطة الخفيه او المقنعة بوسائل الاعلان والدعاية والتلقين والتوجيه والتربيه واللوائح الدينية والاخلاقية،والتي يباركها المجتمع وهي السائدة والتي يعاد انتاجها على مدى زمني ممتد،والتي من الصعب الوقوف بوجهها او معارضتها..اهمل رايخ الجدلية الطبقية:برجوازية-بروليتاريا،واهتم بالجدلية السايكولوجية:رجعية-تحررية."مع انهما جدلية واحدة متشعبة في تمظهرها وتجلياتها،ولا وجود لتعارض بينهما لانهما واحد"..بات وجود رايخ في النمسا عسيرا،فالصراع بينه وبين الحزب الشيوعي غدا سافرا،ومتحاملا من طرف الحزب.واعلن فرويد بأن رايخ لم يعد عضوا في(محفل)!التحليل النفسي،وعلاقته بزوجته انتهت.فعلام البقاء في فيينا؟!.والفاشيه(النازيه)بدأت بالتكشير عن انيابها،واخذت تمد مخالبها في كافة المجالات:الاجتماعية والثقافية والسياسية.غادر رايخ فيينا بصحبة عشيقته الالمانية الزا لندنبرغ،وكان قد تعرف عليهافي مظاهرات الاول من آيار عام1932واقام معها علاقة صداقه تطورت الى علاقه جنسية،وكانت الزا مثقفه يساريه وناشطة،ارتبطت بالوسط الفني الالماني من خلال عملها كراقصه،وقد تلائمت شخصيتها الحيوية والمرحه مع شخصية رايخ المزاجيه والفوضوية الطفولية،وكانت علاقتهما تتسم بالشبق الجنسي العارم،وارتبطا دون زواج.وصل رايخ والزا الى الدنيمارك في اواخر عام1933.واجه رايخ صعوبه في الحصول على عمل،حيث لحقته بل سبقته اصداء تصريح فرويد البابوي! حول حرمانه من الانتساب ل(حضيرة)التحليل النفسي البالغة القداسة!!.ترك رايخ الدنيمارك وسافر الى انكلترا،والتقى ببعض المحللين النفسيين،ومن ضمنهم ارنست جونز مؤلف كتاب(حياة فرويد)الشهير.لم تعجبه برودة الحياة السياسية والفكرية هناك مقارنة بحراك وخصوبه ذلك في النمسا والمانيا،وايضا لم تلقى افكاره ونظرياته ترحيبا حتى في وسط المحللين النفسيين في لندن.قرر العودة الى الدنيمارك مارا بتشيكوسلوفاكيا،ودخل المانيا بسريه وتخفي،ومكث فترة في برلين،ونشر كتابه الشهير(ما الوعي الطبقي؟)،وقد وقع طبعته الالمانية بأسم مستعار هو ارنست باريل،وكان غرضه تضليل السلطه النازيه،واخفاء دخوله الى المانيا،ولان اسم باريل ذو دلاله علميه تغطي على الدلالة السياسية لعنوان الكتاب.في عام1934وبعد جولته القلقة والخطرة،سافر الى السويد،وسكن في مدينة مالمو وبصحبته الزا.طالبته جمعية التحليل النفسي بالاستقالة-يبدوان عضويته في جمعية التحليل النفسي قصة لاتنتهي؟!!-منها،لان وجود اسمه في لائحة الجمعية يحرجها،ويشكل خطرا داهما من قبل النظام النازي،والي كان يعتبر شخصا رجيما،ومعاديا للنازيه وخاصة بعد نشره لكتاب(سايكولوجية الجماهير الفاشية) والذي يعتبر كنبؤةعلى عودة المانيا الى البربرية.الا ان رايخ رفض الامتثال للطلب،وبعد فترة اقيم المؤتمر الثالث عشر للجمعية العالميه للمحللين النفسيين،وعندما حضره رايخ،اخبره الوفد الالماني بأنه لم يعد عضوا بالجمعية لاسباب سياسية!!!وقد اتهم رايخ آنا ابنة فرويد،والتي كانت ضمن الوفد،بانها تقف وراء تدبير هذه المؤامرة ضده.وكانت تلك القطيعة النهائية لرايخ بالجمعية وبمجموعة من اصدقائه وزملائه ورفاقه القدامى،فكانت لحظة صعبه فاقمت من عزلته وشعوره بالوحدة،ولكن لقوة شخصيته وتفاءله وصلابته وعناده،قام بتأسيس جمعية للتحليل النفسي خاصة به،وضم اليها مجموعة من الاطباء الاصدقاء الشبان،ومنهم صديقه اوتو فينشل،والذي كان منفيا في اوسلو،والذي سرعان ماتركه مهاجرا الى الولايات المتحدة.كان عام1934عاما هادئا لرايخ فقد قضى ردحا طويلا منه بأجازهفي سويسرا بصحبة الزا وابنتيه،بعد انتهاء الاجازة سافر الى اوسلو لحصوله على عمل هناك،فقد دعاه مدير معهد علم النفس لالقاء مجموعة من المحاضرات.اكتسب رايخ سمعة علمية،ومكانه مرموقه،وكانت الامكانيات الماديه والعلميه تحت تصرفه،لاجراء بحوثه وتجاربه اللازمه حول الموضوع الذي شغلهوهو(الطبيعة الكهربائيه-العضويه للجنس والكابه).وكانت تلك التجارب متقدمه زمنيا على ذلك الوقت،ونشر ابحاثه وتجاربه بكتيب صغير وبعنوان"نتائج تجريبية حول الفعالية الكهربائية للجنس والكأبه"واصل رايخ بحثه العلمي مستفيدا من ظروف حياته الهادئه،فقد تمتع ملبين العامين1935و1937 بحياة مستقرة،تفرغ فيها لمتابعة اعماله التجريبية والنظرية في مجال البسيكولوجيا والبايولوجيا،ونظم حلقات بحثية دراسية لمجاميع من الباحثين.كان رايخ يهوى الطبيعة على اختلاف تضاريسها ويقضي اجازاته مستمتعا بالبحر والمناطق الساحلية،والريف والمناطق الجبلية،ولانجذابه الوله بالطبيعة نرى نوستاليجيته الدائمة لسنوات شبابه الاولى والتي امضاها مزارعا في الريف بعد موت الاب،وارتباطه بالعمل الزراعي وحياة الفلاحين المتداخلة مع الطبيعة والبعيدة عن صخب المدن.ويذكر صديقه عالم الاجتماع اوغست لانغ،والذي كان رايخ يقضي في بيته الجبلي معظم عطله الجامعيه مع الزا،يذكر:ان فيلهلم كان شخصا تلقائيا مرحا وسعيدا في ايام العطل،بعكس ماهو عليه عندما يكون منخرطا في ابحاثه واعماله العلمية،كان وديا وحميميا في علاقاته باصدقائه،وكان لديه الكثير من احلام اليقظة،والتي يطمح لتحقيقها في الواقع،ولم يكن يتردد في الافصاح عنها رغم لاواقعيتها وطفوليتها وسذاجتها،الامر الذي كان يثير دهشة لانغ:عندما يرى رجلا حاد الذكاء وواسع الثقافة كرايخ،ويملك هذا المخزون من الاحلام الطفولية،ولكن لانغ كان معجبا في نفس الوقت بشجاعته عندما يتحدث عن احلامه،وهذا دليل على الافق الانساني المشرق والرحب،الذي تنطوي عليه شخصيته الفريدة........ ......................................................................................................................................................................... يتبع في المقال القادم......
وعلى الاخاء نلتقي.....
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماركس والتحليل النفسي/تجربة فيلهلم رايخ..نموذجا(3)
-
ماركس والتحليل النفسي/تجربة فيلهلم رايخ..نموذجا(2)
-
ماركس والتحليل النفسي/تجربة فيلهلم رايخ..نموذجا(1)
-
ورأيت الناس يخرجون من التاريخ افواجا!!!
-
شرعنة وقداسة القتل!/رجم ثريا..طقوس بربرية!!!
-
الموت الخجول!
-
يعقوب ابراهامي في اخر واسرع مراحله!/مرحلة الهروله من الامبري
...
-
يعقوب ابراهامي في اخر واسرع مراحله!/مرحلة الهروله من الامبري
...
-
يعقوب ابراهامي في اخر واسرع مراحله!/مرحله الهروله من الامبري
...
-
يعقوب ابراهامي في اخر واسرع مراحله!/مرحلة الهروله من الامبري
...
-
هوامل في يوم عامل!!!
-
وردة حمراء لشهداء آيار الاحرار...
-
مخاض البروليتاريا العسير الطويل...
-
نسر الماركسية الذي هوى مضرجا بالدم!/روزا الحمراء..(3)الاخير
-
نسر الماركسية الذي هوى مضرجا بالدم!/روزا الحمراء...(2)
-
نسر الماركسية الذي هوى مضرجا بالدم!/روزا الحمراء...(1)
-
رامبو المنفصم!/من متاريس الكومون الى حضن التجارة المصون!!!(3
...
-
رامبو المنفصم!/من متاريس الكومون الى حضن التجارة المصون!!!(2
...
-
رامبو المنفصم!/من متاريس الكومون الى حضن التجارة المصون!!!(1
...
-
القيامة المعطلة!!!
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|