|
عسل دافىء يناوىء النائم في إفساده لجمال موته
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4133 - 2013 / 6 / 24 - 15:21
المحور:
الادب والفن
تمايلوا في النسيم وحدهم وهشَّموا زمالتنا لهم ...
أزمنة شاحبة تعاقب فيها على إذلالنا الأدلاء في عبوديتنا لهم . التعرَّف الى إشارة المعجزة في الطرق المتضوّعة بسموم الشمس ، تسمح للغرباء بسلبنا الاعتمادات التي ندخرها في الشجرة المصفرَّة لرحلاتنا صوب أسرارنا المصفدّة . جوهر كثير ثبَّتناه بأرضهم ورغبنا أن نشاركهم خلاصنا من السجن ، لكنَّهم تمايلوا في النسيم وحدهم وهشَّموا زمالتنا لهم . حَفْرنا للآبار في الصيف ، وحرثنا الأرض المحتشمة بأظفارنا ، أمران لا يلقيان أيّ تجاوب من المسعفين الذين يريدون العودة الى ديارهم ، وكلّ تطوّع في الاغتسال والتسليم بمشيئة المرض الملسوعة بالعفونة ، يلوِّث حياتنا بمُناخ رثائي طويل ، ولا تنجدنا الأعطية المغبرَّة . أصداء مفترسة نسمعها من الخائرين وهم يقْصون شهامتهم في بحثهم عن مركب للإبحار الى أعماقهم ، نشاطرهم الشكوى من ألم المفاصل الذي يمزّق تبجَّهم ونذكّرهم بمواثيقهم معنا ، لكنَّهم يقلبون مجاذيفهم وينصاعون لحمقهم . يجوّفون أسلحتهم ويواظبون على الاتصال بالجواسيس .
الرغائب التي يأمل الانسان العيش فيها ...
شعوب عدوانية تعيش بين جراثيم من جنسها ، نتنحَّى عنها في طريقنا الى الآبار ونتغاضى عن توفيرها لنفسها مثابات تدفن فيها الغرقى . فقدان عظيم للقدرة على اصلاح الفظاظة العتيقة للطبيعة والتاريخ ، ونحنُ ننضوي مع الذين ينضَّدون ريش موتهم ونشاركهم الإصغاء عبر الفتْحات المتقلّبة في السقم . يلجأنا الزمن في غطسنا بالإثم الى معازل نجدَّف فيها ضد إلهنا الأبكم ، ونحتفظ للميت بما أضاعه في تسرّبه منّا . سبل كثيرة للتخلصّ من الضرر ، نلحظها بإطراء العائدين من حقولهم الى الأكواخ . نومىء اليهم في تلوثهم بإثمهم لكنّهم يتباطؤون ، والجاذبية فن المحبّين في الوصول الى درب التبَّانة . حرارة مطبوعة في اللحظات التي يفجَّرها البركان المتذمَّر للصيف . نُنقّب فيها بهمَّة عن النعمة ونترصَّد النجوم التي تخْلي منازلها للذين يوارون أنفسهم عن حتفهم . لما يتأثر في فقدانه للأشياء النفيسة ، ولما يعوقه الزمن عن اللحاق بنفسه ، قواعد نتحوَّط عليها ونسهر بين الحجارة التي نغدقها فوقها ، وكلّ الرغائب التي يأمل الانسان العيش فيها ، نهزّ لها نسيم المادَّة ونطويها في عودته لفطرته .
تخضيبنا لقباب الآبار ...
الرضا والطمأنينة والتصديق بكلام المرء في الثوباء بموته ، أشياء متجذَّرة في عقول العامة ، ونحنُ يلزمنا أخذ الحيطة والحذر في دحضنا لوجود إله يحشو نفسه بإيماننا به . اقرارنا بفضيلة الشقاء في العالم ، تتمثَّلُ بإفراطنا في طلب العون من الشرذمة التي تتفادى جرأتنا في موتنا غرقى اليأس الذي يتضافر ضدَّنا . الرهان على المجد في نهاية عمل الانسان ، أحجية جهنمية تليق بالعجائز وهم ينسلّون خفية الى الهوّة التي تجتذبهم بسأم عظيم . يخلق المُتلفَّت في حلمه ما يروّعه ، ولا يكترث بالزمرد المصفوف على الطريق . نصيب فقير يلفحنا بخسارة نضرب فيها اعتقادنا بأفضلية الآباء على الحجارة العظيمة في الزمن . تخضيبنا لقباب الآبار في سنوات الجفاف ، حيلة ننفصل فيها عن عطشنا الى الرغبة ، وكلّ ما نخلطه في جروحنا ، رماد قليل ينبعث من الروث الذي ركضنا خلف سرابه في برَّية حياتنا .
عسل دافىء يناوىء النائم في إفساده لجمال موته ...
أبنية حيوية مضادة يشيِّدها البشر في افراطهم بهوسهم في الخلود ، ويأملون البعث بعد تهافتهم على كربهم واضمحلالهم في الهاوية ، والخلود يتعارض مع كلّ شيء في وهم النشور . مسوّغ فظيع يدفعهم الى النوم في بركان عجزهم عن اللحاق بالفناء . أضحية عظيمة قُدمت على مدى العصور الى نفاية الأبدية ، والى غبار العناصر التي تتحلَّل في الطبيعة ، والاستعانة بصلاتنا الى بيت العنكبوت ، ترضية لفزعنا من الأشياء التي ليس بإمكاننا مقارعتها . شغل كثير نهمله في الرحلة المرهقة الى أرض العظام ، ونتكىء على ميولنا في مجانبتنا للصواب . ما يلقي به الفاني في نهاية عمله ، لا يعظنا ولا يشعرنا بالخطر . ننسى اللحظة العابرة في ثقبها لنفسها ، ونُعلَّي شأن من يحيا أيّامه في عطله عن الوعي . عسل دافىء يناوىء النائم في إفساده لجمال موته ، يهزّ الريح في البراري ويقيِّض للمتحفَّزين الوثوب الى العلو . ميتة حصرية تضربنا بفحش ، والموت والميلاد ثمرة قذرة تغالي في تجنّبها لشمس الوجود الخالدة .
تثبيتنا لرماح من احترقوا في نوافذ الأشجار ...
جوع وفزع عظيم نتلقَّاه من المتوحشين . ضروعنا المُغذَّية أبيدت في السباخ التي استولوا عليها ، وحجر الصوّان الذي نركمه الى جانب من تتلَّمذنا عليهم في طفولتنا ، تذرق فوقه الطيور وتهرف بإبادتنا ان لم نمتثل للطاعة . يلزمنا الآن حفظنا لنوعنا ونحن نتريّض في إخفاء الإبر التي نأسرها بقيعان النجوم . ريش مفتول ننذره الى القتلى في المسالك المتثائبة والمهجورة ، ونؤجّج الشُعل في الصوامع المقضومة للسنة . تثبيتنا لرماح من احترقوا في نوافذ الأشجار ، تعزية مكتظَّة بأخوّة تبرق في كلّ فجر ، وللعاشق الوسنان الذي يموت وهو يحتضن اللفافة البيضاء لميثاقه مع محبوبته ، نحرّك صنوج متزاحمة فوق قبره الذي تسيل على وروده ساعات الربيع .
إعانتنا للنجوم في إزاحتها اللثام عن سفكهم للدماء ...
المتزمَّتون والذين يتعيِّن علينا إخصاؤهم لتبريرهم الدائم لإثمهم ، وكراهيتهم للبشرية ، والذين تسلَّطوا وهيْمنوا على الأشرعة الزرق لإيماننا . يتحالفون مع القوى الجهنمية ويهجمون علينا بأقنعتهم الدينية التي تحطَّم كلّ نسيم في شرائعنا . نهاية السياسي ، بضاعة مهرّبة يتاجر فيها شيخ المسجد الإمعة ويساوم طويلاً في بيعه لربّه في السوق . عصبة تفني عصبة ، ورهط يتقدَّم إثر رهط ، والارهاب نفاية شاملة تتضوَّع فيها الشمس المريضة للوجود . إنقاذاً للألوهية ولكلّ ما حقَّقه الانسان في التاريخ ، يتوجَّب علينا الاقتران بقانون الجاذبية ، وتوجيه السفلِة الأوباش صوب الهاوية . نفايات فظيعة تجب تنحيتها من السماحة الدائمة لصباحنا والمساء . إعانتنا للنجوم في إزاحتها اللثام عن سفكهم للدماء ، وتحليلهم قتل الانسان وسلبهم الكلمة – الزمردة . تحرّضنا الآن على اللائتلاف مع الأٌقليات التي تشاركنا العيش في أرض الله .
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعوب مطعونة وتتعرّض لليتم في البراري
-
المنافع التي يحقّقها لنا البخت
-
الضيوف الذين مرَّوا سريعاً في الوهاد
-
أيّام العزاء على النسَّاجين
-
نحلة طفلة يطرزون لها أغطية تشبه أيّامهم
-
الحيطة لكلّ طارىء
-
الشراك التي أضاعوها في شبابهم
-
ولادة الشجرة لطفلها أثناء الفجر
-
مجابهتنا لما ينحاز الى موتنا
-
الجمال الانساني
-
الأغصان المصفوفة للأيّام
-
أسلاف الهاوية
-
الشعوب التي تعيش معنا
-
العوالم الأخرى
-
صلاتنا الصيف كلّه
-
العادي والزائل
-
الجمال النسوي
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|