أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عدنان اللبان - مسرحيون في ذاكرة النضال ضد الفاشية















المزيد.....

مسرحيون في ذاكرة النضال ضد الفاشية


عدنان اللبان

الحوار المتمدن-العدد: 4131 - 2013 / 6 / 22 - 14:28
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    



كان يناقش بطريقة المخاصمة وتغلب عليه نزعة الهجوم , ومن لا يعرفه يعتقد انه يعاند ويكابر , كانت لديه القدرة العالية في السلوك الاجتماعي , مؤدب وسهل المعشر , لكنه لا يمتلك الوسيلة التي توضح توجهه العام والرومانسية الثورية هي الغالبة في طروحاته . متوسط الطول , اسمر وسيم , ونظارة طبية بإطار اسود سميك . ترك دراسته الاكاديمية في السنة الثالثة قسم المسرح وسافر الى فرنسا , ولم يواصل دراسته الاكاديمية هناك بل توجه لدراسة تراث الحركة الثورية , وباريس في سبعينات القرن الماضي كانت لا تزال تحت تأثير ثورة الشباب التي انطلقت في جامعاتها عام 1968 , واستمر تأثيرها نتيجة الزخم العالي لبطولات الثورة الفيتنامية , وارتفاع راية الجيفارية وتنظيراتها .

بعد اكثر من عقد عاد ماهر يطرق ذاكرتي بشدة , وكأنه عاد للتو من باريس التي استمر فيها لما يقارب العامين , وعاد لدراسته المسرحية في اكاديمية الفنون الجميلة , ولكنه لم يعد يشارك مثل السابق في الاعمال المسرحية رغم ثقافته الفنية العالية وموهبته المتميزة في التمثيل . كان يشتعل بالثورية , ويعتقد ان ادراك الناس لفاشية البعث كفيل بقلب الموازين , ولا يقر ان البعث رغم دمويته قد سار عدة خطوات يمكن ان تكون قاعدة لإصلاحه كما توقع الكثيرون , او , لماذا لا تكون هذه الخطوات وسيلة للتستر على حقيقة توجهاته الفاشية كما اكد ماهر وآخرون عن حق . كان ماهر على خلاف مع الحزب , وطروحاته تحمل البعض من طروحات القيادة المركزية , ولكنه كان حريصا على ان لا يعرف الاخرون بهذا الخلاف الا البعض من القريبين , وفي اغلب الاحيان بسبب مجاهرته بغدر البعث وفاشيته .

كنت نصيرا في كردستان يوم طرق ذهني ماهر بأسئلته الحادة بعد انتهاء المؤتمر الوطني الرابع للحزب مباشرة , وهو المؤتمر الذي شكل نقطة خلاف كبيرة بين الشيوعيين في تقييم نتائجه , وكشف بشكل جلي عن طبيعة الصراعات الشخصية التي تتحكم بتوجهات بعض المتنفذين من القياديين . في بداية السبعينات من القرن الماضي كنا شبابا ونحاول استيعاب اسباب الانشقاق , وكنا نحسب جميع رفاق قيادة الحزب تتحرك وفق نسق مبدئي واحد , كنا لا ندرك اسباب التماهل المقصود طيلة الفترة التي اعقبت مجازر شباط 1963 , والتي استمرت لعدة سنوات في عدم التئام قيادة الحزب التي اعقبت قيادة الشهيد سلام عادل في هيئة متناسقة تبحث في انعقاد مؤتمر وطني يثبت الشرعية الحزبية , ويعالج تثبيت الوجهة النضالية لعمل الحزب , بدل الاجتهادات والطروحات التي تأثرت بشكل كبير بزخم ثورة الشباب الفرنسي وتنظيرات ريجي دوبريه حول انتصار الثورة الكوبية , ورومانسية الجيفارية التي اصبحت نهج يشعل الرغبات الثورية , اضافة للضعف المغري لسلطة عبد الرحمن عارف . وكلها كانت حاضنة للكثير من الشيوعيين العراقيين الذين تراكمت عندهم اسباب التفجر , وخلقت موجة ثورية عارمة , تصدى لها من لم يكن قادرا على تحمل مسؤولية عنفوانها , فانهار هو , ومعه الانشقاق . ووسط ذلك التشتت ضاعت فرصة اخرى لاستلام السلطة , واستغلها البعث بعودته الثانية , وأوغل بدماء الشيوعيين جميعا .

كان الجميع في حالة انتظار , وتسريبات اخبار قرب قيام الجبهة بين البعث والشيوعيين تولد التريث والخدر رغم الاغتيالات التي طالت الكثير من الكوادر الشيوعية . كان ماهر لا يعير اية اهمية لما يمكن ان تكون عليه حالة العراق
لو قيض النجاح للجبهة , كان يهاجم البعثيين علنا وفي اغلب الاماكن التي يتواجد فيها , اكاديمية الفنون الجميلة , مسرح بغداد مقر فرقة المسرح الفني الحديث , المسرح الشعبي , , فرقة مسرح الصداقة في المركز الثقافي السوفيتي , نقابة الفنانين , جمعية التشكيليين , نادي التعارف , وجميعها اماكن تجمعات فنية زرعت سلطة البعث عيونها بشكل مبكر فيها , مما ولد الكثير من الاحراج والقلق لعائلته وللحزب . ماهر من عائلة بصراوية ديمقراطية معروفة , اخوه الكبير عادل كاظم من كبار كتاب الدراما العراقيين , والثاني نداء نحات معروف من بين اعماله تمثالي السياب والفارابي , والثالث نضال شخصية اجتماعية عرفت بنبلها وأخلاقها العالية , ولعلاقتي المتينة بماهر طلب مني ان اتحدث معه للتقليل من شدة اندفاعه .

هناك الكثير من الامور التي نقرها في العقل , ولكن في التطبيق تتغلب العادة , او الايمان , او العاطفة , او الموروث والتقاليد , وجميعها قد تكون بعكس الاقرار العقلي . في احدى المرات شاهدنا سوية مسرحية جميلة , وعندما ارتفعت الستارة ذهل الجمهور بلوحات فنية جميلة رسمت بفرشاة رسام متمكن , وشكلت الديكور لخلفية المسرحية . وبعدها , كلما تطور الفعل المسرحي اخذ الجمهور يشعر بالانزعاج من خلفية الديكور التي ادهشهتم عند رفع الستارة . كانت اللوحات رومانسية عن نخيل بغداد ومنائرها , وأحداث المسرحية تجري في الحواري الضيقة وبؤسها , كان هناك تعارض , الممثلون لا يتصرفون كما يجب ان يتصرفوا ضمن الظروف المرتبطة بهذا الديكور , والديكور لا يعبر عن مكان الفعل المسرحي , وفقد التوافق بين الطرفين , وبسبب فقدان التوافق فقدت المسرحية نجاحها . حاولت ان اقنعه بهذا المثل , وكون العمل الفردي مهما كانت روعته لا يكفي ما لم يوظف لصالح عمل الحزب , كان ماهر يقر هذا تماما , وفي نفس الوقت كان اكثر دقة عندما عكس هذا المثل على واقع عمل الجبهة الوطنية . اختطف ماهر من الشارع في اواسط سبعينات القرن الماضي من قبل مفرزة تابعة لمديرية الامن العامة كما اكد رفيقه وصديقه حسن حنيّص .

حسن حنيّص , ذلك الكادح النبيل الذي يرفض الحصول على اي شئ ما لم يكن من عرق جبينه , ولو كتب العيش له لحد الآن لمات كمدا , بعد ان زحفت قيم الرأسمالية وغطت اغلب العلاقات , وأصبح الدولار الدين الذي يريد مصادرة جميع الاديان , حنطاوي نحيل وملامح الكدح ترتسم على محياه , تخرج من اكاديمية الفنون الجميلة عام 1976 , وكان مسرحي متميز وعمل في فرقة المسرح الفني الحديث . تلقائي في سلوكيته , وبذات العفوية يتعامل مع اساتذته وكبار الفنانين ومع الكادحين الذين تربى في وسطهم . كانت سعادته ان يعيش بتكافؤ مع محيطه الشعبي , ولا تغريه الحفلات والنوادي والقاعات الراقية , كان يفضل عليها مقاهي الطرف في الثورة والتعليقات الشعبية على اعقد الامور لأبناء مدينته من الكادحين . تعامل بحذر كبير مع البعثيين طيلة سنوات الجبهة , وتعرض لضغوط كبيرة من النظام وهو يعمل في التدريس . وبعد ان شن النظام حربه على ايران سحبت مواليده لخدمة الاحتياط , ولكنه رفض الالتحاق , وظل مختفيا لفترة طويلة . اعتقل وحكم عليه بالإعدام بتهمة هروبه من الخدمة العسكرية , ونفذ فيه الحكم ومنعوا اهله من اقامة مجلس الفاتحة .
ماهر بعد اختطافه من قبل الامن العامة , عرف اهله وأصدقائه بعد سنوات باستشهاده , ولا احد يعرف قبره لحد الآن .



#عدنان_اللبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلام كان يمكن تجنبها
- أوميد
- أم علي والحلم المغدور
- بين عزيزين
- علي خليفة وأبنائه الشهداءاحد معالم النضال الوطني
- ذكريات لها رائحة الورد( يحيى عزيز الحميدي )
- في قلب الحدث
- احتفال انصاري
- عندما سمعنا ان النظام آيل للسقوط
- بين سنوات الجمر ونابليون بونابرت
- كان شهيدا وهو في عز الشباب
- بعد ربع قرن-رأي في حركة الانصار الشيوعيين( 2 )
- بعد ربع قرن - رأي في حركة الأنصار الشيوعيين


المزيد.....




- رسالة جديدة من أوجلان إلى -شعبنا الذي استجاب للنداء-
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 31 مارس 2025
- حزب التقدم والاشتراكية ينعي الرفيق علي كرزازي
- في ذكرى المنسيِّ من 23 مارس: المنظمة الثورية
- محكمة فرنسية تدين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في قضية ا ...
- القضاء الفرنسي يدين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان باختلاس ...
- م.م.ن.ص// في ذكرى يوم الأرض: المقاومة وجرح الكون النابض
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ضي ...
- في ذكرى يوم الأرض: شعب يستشهد محتضنا أرضه لن يُهزم
- مسيرات بإسبانيا تضامنا مع فلسطين بذكرى يوم الأرض


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عدنان اللبان - مسرحيون في ذاكرة النضال ضد الفاشية