|
أيّام العزاء على النسَّاجين
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4128 - 2013 / 6 / 19 - 01:28
المحور:
الادب والفن
تعدَّيهم على الأضرحة الموقَّرة للعدل ...
تعوزهم أسانيد كثيرة في تخمينهم لما نخفيه ونحنُ نتوسَّل الآلهة . يجرّون أبنيتهم خلفهم وتحدوهم الرغبة في الانتقام من التماثيل التي نصلَّي لها في انجذاباتنا العشقية . المتشابهون مع ماشيتهم يعانون صعوبة جمَّة في التفاهم معنا ، وليست لهم القابلية في الاستجمام بشواطىء الكلام . نوازع مهلكة يعكَّرون فيها البئر الزرقاء لحياتنا ولا يتنكَّبون شيِّم الفضلاء ، إشارات لامعة نلصقها في الطريق ونزيِّنها بساعات الشجرة ، وهم يخلعون أجنحة السفن وينصبون في كلّ علامة انشوطة للشمس . الاحساس بالضعة لا يبرَّئهم من تلبيتهم لمطالب الوقحين . يشهدون على أنفسهم بتضرَّرهم من عدم التزامهم بالشهامة ومن تعدَّيهم على الأضرحة الموقَّرة للعدل ، وفي تلهَّفهم وإيمانهم بمبادىء السلب ، يذخرون غنائمهم ببلاهة في مراكب عدوَّهم ، ويتوسَّدون القطران مفزوعين في المفازة التي يطير فيها الفيل والكركدن .
في تزلّفهم لموتهم الجمعي ...
مرايا مثمرة في سقوف جباههم ، نصفها لهم في الليل وجداول النجوم تسيل في أرضهم الحمَّادة . مصافحتهم لنا ومشاركتهم في دهننا لقبور العشّاق ، تحتَّم عليهم إزالة الشامة من يومهم الذي تعروه صدمة الكهرمان . هم أشباهنا في تشيِّيعنا لجنائز الأيّام ، لكنّهم لا يفزعون لإصابة الثمرة بالحمَّى ويغدقون الكثير من العناء في تعرّضهم للأسقام . التحايل على النظام العام للطبيعة ، يمدّهم بالقليل من الغبطة ، ويتجافون في أعقاب كلّ خسارة ، نصحنا لهم وتذكيرهم افتقارهم الى الموهبة في تزلّفهم لموتهم الجمعي . التضرّج في الزرقة الأسيانة لنسيم الفجر ، جاذبية عظيمة تخلّصنا من الاستشاطة بالغيظ ، ومن التورَّط في الصراع مع الحبّ والشرّ ، وإساءة الفهم مع أشياء النهار ، تُضلّنا ونعجز عن التوافق مع المنشدين . وصفات مكتملة قدَّمناها لهم ولم نتبرم من عدم قبولهم لها ، لكن ما لا نحتمله ويشُقُّ علينا ، تثمينهم المريع لاعتدالنا معهم في طيشهم وامتعاضهم من الخيّرات التي بمُكْنَتِها أن تخفَّف الشروط عن موتهم في الظهيرة الفاغرة بالبرَّية .
أيّام العزاء على النسَّاجين ...
تُصيبنا خسائر مُروَّعة في دفننا للنسَّاجين في الصيف ، والأقليات التي تجاورنا لا تقايض صوف أغنامها بالزبيب . تنصَّل دائم من الأخوَّة ولا يحفلون بالكارثة التي تضيق علينا . مرتكب الإثم لا يُؤَرِّقهُ ما يمليه عليه ضميره ، ينسى صنوف جرائمه في إدماجه لليله ونهاره في اللذَّة ، ويزيدُ في النقصان الذي يعتِّم على حياته . اقتصاد شعري أفلحنا فيه أن نكبح جماح الغزاة ، ولتجنَّب شرورهم ، أغريناهم دائماً بقبول الإتاوات ، لكنَّ الموت المحيِّر للنسَّاجين في فصول الجفاف ، يمنعنا من إمكانية خرقنا للمواثيق مع الذين نتوسَّم فيهم الخيّر . تربيتنا لأولادنا المصحوبة في الأمل بزيادة الانتاج ، تنقصها معارف كثيرة في التنبؤ بما يضمره لهم موت النسَّاج ، وإصلاح الأنوال وشراء الصوف والقطن والكتَّان والحرير من الشعوب الأخرى . بمقدورنا التناغم مع مضايقات المستعمرين ، وتحمَّل أفعالهم الشرّيرة في خدشهم لكرامتنا والتعدَّي علينا ، لكنَّنا نريد التمثيل عليهم في إمالتنا لثمار أريافنا عليهم وهم يضطجعون في متاهة غيّهم . أسلحتنا المطواعة لبروق الموت ، لا نفلتها في كلّ اساءة الينا ، وننتظر نهاية أيّام العزاء على النسَّاجين ،
السلطة والطبيعة ...
صيِّغ عديدة للوكيميا الشعرية في قتلها الشاعر الفاشل ، وكلّ الخلط الذي نصنَّف فيه الأجيال الأدبية وهي ترتع في ما تسمَّيه ، زمن الجماعاتيين ، يتضمَّن البرهنة الخاطئة في إصابتنا للهدف . ارتداء اللغة الناقصة والمستعملة ، والتبجَّح في لمس الذهب السرّي للوجود ، والتوكَّل على الكرب في معانقة الأنثى ، وصداقة اليربوع في الموئل الضحل للثقافة . كلّ هذه الأشياء مخاط ديناصور ولا تعين الموهبة على التماسك في شهيق وزفير الكلمة . أصهارنا الذين وقعوا في البئر منذ البداية ، تجرَّعوا سمّ خديعتهم للفن والأدب ، والآن هم دمى تحركها فضلات الطائفية . يفضي البريق الأزرق للفن الشعري الى قيمة حقيقية واحدة . توقير الحياة ومواساة الناس الذين نعيش بين ظَهْرانيهم ، وعدم الخيانة للأرض التي يفلحها خصوم الله ، ونبذ الارتياب من الجمال ، وأهم مطلب ، هو الاخلاص الدائم لعذاب الكلمة في ما تحرمنا منه السلطة والطبيعة .
18 / 6 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحلة طفلة يطرزون لها أغطية تشبه أيّامهم
-
الحيطة لكلّ طارىء
-
الشراك التي أضاعوها في شبابهم
-
ولادة الشجرة لطفلها أثناء الفجر
-
مجابهتنا لما ينحاز الى موتنا
-
الجمال الانساني
-
الأغصان المصفوفة للأيّام
-
أسلاف الهاوية
-
الشعوب التي تعيش معنا
-
العوالم الأخرى
-
صلاتنا الصيف كلّه
-
العادي والزائل
-
الجمال النسوي
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
-
احتياجنا للكتَّان في يوم العيد
-
العصي التي يضربنا بها الكهنة
المزيد.....
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
-
محاضرة في جامعة القدس للبروفيسور رياض إغبارية حول الموسيقى و
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|