أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عبد اللطيف - هارولد بنتر، الغائب الكبير في الفن المسرحي البريطاني















المزيد.....

هارولد بنتر، الغائب الكبير في الفن المسرحي البريطاني


سعدي عبد اللطيف

الحوار المتمدن-العدد: 4125 - 2013 / 6 / 16 - 17:04
المحور: الادب والفن
    




في الايام الاخيرة من 2008 وعشية أعياد الميلاد، اصيب الوسط المسرحي البريطاني بالصدمة اثر الأعلان عن وفاة أعظم كاتب مسرحي انجبته بريطانيا في الأزمنة الحديثة، حائز نوبل للآداب 2005، هارولد بنتر وعن عمر يناهز الثامنة والسبعين، والذي اعتبر البعض ان قامته الابداعية تقف ندا او بمصاف الكبار جيمس جويس، وصموئيل بيكيت والبير كامو، فيما وصف قاموس جامبرز للغة الأنجليزية مفهوم البنترية (نسبة الى هارولد نبتر) بانه اسلوب مسرحيات بنتر في رسم الشخصيات والمواقف المسرحية المعقدة...الخ وتتسم أعماله، بشكل خاص، بالحوار المتلعثم، وباثارة الشكوك حول الهوية وباجواء التهديد بالخطر.

ولم تقتصر أعماله على الكتابة للمسرح، فقد قرض الشعر وخاض في حياته معرك سياسية لمناصرة المضطهدين اينما كانوا بل حتى انه رفض اداء الخدمة العسكرية عام 1948 على اعتباره لأستنكافه ضميريا حمل السلاح أو الخدمة في القوات المسلحة لأعتبارات تتعلق بالمبادئ الأخلاقية مما عرضه للأعتقال وتقديمه للمحكمة.

بدأت شهرة بنتر عندما كتب أول أعماله " الغرفة " لقسم المسرح في جامعة برستول عام 1957 لتعقبها سلسلة من المسرحيات مثل: حفلة عيد الميلاد 1957التي شن عليها النقاد هجوما ساحقا واوقف عرضها بعد اسبوع واحد فقط ليتم الأحتفاء بها مجددا بعد 50 عاما على اعتبارها عملا مسرحيا فذا. يقول بنتر في رسالته التي قرأت بدلا عنه لمرضه عند تقديم جائزة نوبل له:" أعتقد اني سمحت لطائفة واسعة من الخيارات ان تعمل عملها في وسط غابة كثيفة من الأمكانيات قبل التركيز أخيرا على فعل الخضوع " ، الوكيل 1959 والتي حققت نجاحا تجاريا كبيرا، العودة الى البيت 1964 وتدور حول بروفسور للفلسفة امريكي يعود مع زوجته الى شقته الواقعة في شمال لندن ليتحول الى ديوث حين تخونه زوجته مع اخوته، الأيام الخوالي 1971 والتي تدور حول شخصيتين تتنافسان للهيمنة الفكرية على شخص ثالث، الخيانة 1978 والتي تدور حول علاقة بنتر الغرامية مع جوان بيكويل بين عامي 1962 و 1969 ومن الرماد الى الرماد والتي تدور 1996 حول التوليتارية ففي القرن العشرين. يقول بنتر عنها في نفس الرسالة:" تبدو المسرحية لي بانها تدور تحت الماء: أمرأة تغرق، يدها تظهر عبر الأمواج ثم تختفي عن النظر في محاولة للوصول الى الآخرين لكنه لا تجد احدا هناك لافوق المياه او تحتها، لا تجد غير الظلال والانعكاسات تطفو. لقد فقدت المرأة شكلها البشري في مشهد الغرق، امرأة لاتستطيع الفكاك من القدر المشؤوم الذي يبدو انه لاينتمي الا للآخرين ".

من الصعب جدا الأحاطة بشخصية ثرة مثل بنتر الذي خاض في ميادين عديدة. فقد عمل ممثلا مسرحيا في بداية حياته في عدة مسرحيات مثل ماكبث و روميو وجولييت. وعندما قبل طالبا في معهد رادا ( الأكاديمية الملكية للفنون الدرامية ) وهو من أرقى المعاهد المسرحية في بريطانيا ترك المعهد بعد فترة وجيزة احتجاجا على انغلاقه الطبقي والتحق كممثل لمدة سنتين في فرقة جوالة في ايرندا وادى مختلف الادوار في المسرحيات الأغريقية، الشكسبيرية وانتهاء بمسرحيات اوسكار وايلد وأغاثا كريستي. وانصرف بعدها لكتابة رواية الأقزام (والتي اعدها للمسرح بعد ذلك). وألف ثلاث مسرحيات وأشرف على عرض مسرحيتن سابقتين هما الغرفة و النادل المغفل.

انتقل بنتر في الستينات الى العمل في برودواي مع المخرج البريطاني الشهير سير بيتر هول. واصبح هناك كاتبا لسيناريو مسرحياته الوكيل عام 1964 وحفلة عيد الميلاد عام 1968 اضافة الى اعداده سينمائيا لأربع روايات مثل الخادم، حادثة والوسيط من اخراج جوزيف لوزي أعوام 1963، 1967 و 1971 .

عمل بنتر مخرجا للمسرح الوطني عام 1973. وأعد للمسرح مالك المال الأخير من تأليف سام شبيغل وايليا كازان عام 1974. وعرضت مسرحيته المنطقة الحرام عام 1974 . وأخرج مسرحية (الروح المرحة) لنوئيل كوارد ومسرحية (الطابور الخلفي) لسايمون غراي.

ولم تثنه انشغالاته في المسرح عن المشاركة بالمظاهرات احتجاجا على التورط الأمريكي في الأطاحة بالرئيس الماركسي المنتخب اليندي، موقفه المعرض للحصار الامريكي على كوبا، التدخل في شؤون نيكارغوا وازدراءه لسياسة الولايات المتحدة الخارجية وتواطوء الحكوبة البريطانية في قصفهم ليوغسلافيا، العراق وافغانستان. والحقيقة ان رسالته المشهورة اثناء فوزه بجائزة نوبل انطوت على حملة شعواء ضد تاريخ السياسة الأمريكية والبريطانية.

كان بنتر يتمتع بجرأة استثنائية أخافت الصحافة والاعلام. ففي زيارة له الى تركيا مع عملاق المسرح الأمريك آرثر ميلر انفجر في مشاجرة مع صحافي اثناء دعوة غذاء في السفارة الأمريكي ادت الى منع من دخول تركيا مرة اخرى. ففي الزيارة التي استمرت اسبوع اكتشف مع ميلر اعمال التعذيب التي يتعرض لها آلاف السجناء "السياسيين" في تركيا تحت انوف البريطانيين والامريكان مما دفع لاحقا الى كتابة مسرحية (لغة الجبل) والتي تدور حول الأضطهاد الوحشي للأكراد. ومن المفارقات ان الممثلين الأكرادالذين كانوا يؤدون تمرينات على المسرحية في شمال لندن اعتقلوا جميعهم من قبل الشرطة البريطانية فيما كانت طائرات الهليوكوبتر تحوم على المكان لظن الشرطة ان الممثلين كانت بحوزتهم اسلحة حقيقية وليست مجرد تقليد خشبي ومنع الممثلون في مركز الأعتقال من التحدث باللغة الكردية فيما بينهم، وهذا بالتحديد موضوع المسرحية. ويوم افتتاح المسرحية طوقت وسائل الأعلام بيته للسخرية منه لتأسيسه جمعية القرن العشرين، وهي جمعية للبحث وانقاش تضم كتابا واذاعيين وشخصيات ليبرالية ويسارية مما يعكس حالة اللاتسامح التي كانت تسود وسائل الأعلام أيام تاتشر.

يقول بنتر في رسالته الشهيرة: " وضع مؤلف المسرحية غريب حقا. فشخصياته، بمعنى ما، لا تلاقيه بالترحاب. وهذه الشخصيات تقاومه، وليس من السهل العيش معها، ومن المستحيل تحديدها. ولا تستطيع، بالتأكيد، ان تملي عليها أي شيئ. وأنت تلعب معها، الى مدى ما، لعبة لاتنتهي أبدا، لعبة القط والفأر أو لعبة الغميضة. لكنك تجد، في النهاية، اناسا من لحم والدم على كفيك، اناس ذو ارادة ، ووعي فردي بذاته، مكون من
مركبات أنت غير قادر على تغييرها، استغلالها أو تشويهها.

عرف العالم قبل أعوام من وفاته اصابة بنتر بداء سرطان المرئ. وقال بنتر في شهر شباط/فبراير من عام 2005 :" أعتقد اني توقفت عن كتابة المسرحيات الآن ... لقد ألفت 29 مسرحية. أليس هذا كافيا؟"

وهارولد بنتر (مواليد 1930) أعطى أعمالاً مسرحية كثيرة (ترجم بعضها إلى العربية) منها "الغرفة" (1957)، "حفلة عيد الميلاد" (1957)، "ألم صغير" (1958) "الحارس" (1959)، "الاقزام" (1960)، "العشيق" (1968)، "العودة" (1964) "صمت" (1968) "كان بالأمس" (1970)، "مونولوج" (1978) "أرض اللا أحد" (1974)، "خيانة" (1978)، "واحد للطريق" (1984) "لغة الجبل" (1988) "سهرة بين الأصحاب" (1991)، "ضوء القمر" (1993)، "احتفال" (1999).


انتهى

* سعدي عبد اللطيف: كاتب وناقد واعلامي عراقي مقيم في المملكة المتحدة واستاذ سابق للادب الانكليزي في العراق والجزائر. ترجم ونشر عشرات النصوص الفلسفية والشعرية والوثائق السياسية الى جانب ما له من دراسات ومحاولات في النقد الادبي المعاصر والفن.



#سعدي_عبد_اللطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- سعدي عبد اللطيف يحاور شاكر لعيبي عن قصيدة النثر المقفاة
- حضارة بابل اضفت على لندن بهجة عميقة
- الكتابة واللغات في العراق القديم
- في ذكرى معرض بابل: الاسطورة والحقيقة في المتحف البريطاني
- نبذة موجزة عن تاريخ المتحف البريطاني
- الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف
- لماذا تجاهل العالم.. الآثاري العراقي الكبير هرمز رسام
- زمن لا تستيقظ فيه الطيور
- ابنة -تشي- تجاهد للحفاظ على صورته كثوري مثالي !؟
- الموسيقى توحد العراق دائما...
- كتاب : كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ ترجمة س ...
- كتاب : كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ الفصل ا ...
- كتاب : كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ ترجمة س ...
- كتاب : -كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ الفصل ...
- كتاب : -كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين
- من أجل السلام الذي ترعاه: أحمد مختار مشرفاً موسيقياً في مشرو ...


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عبد اللطيف - هارولد بنتر، الغائب الكبير في الفن المسرحي البريطاني