أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - رحيل يوسف عبد الكريم البيض ( عبدول ) في مدينة هورن الهولندية














المزيد.....

رحيل يوسف عبد الكريم البيض ( عبدول ) في مدينة هورن الهولندية


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1183 - 2005 / 4 / 30 - 11:02
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


لقد عرفته قبيل موته بقليل ، أو أثناء تعطله الجسدي التام والمؤلم وحظوره الذهني البالغ .غيابه الجسدي الحاظر بيننا والمجسى فوق سجادة زمن الإنتظار الطويل بين الحياة وبين الموت أو الغياب ، تلك الحالة العجبية التي يتعلق فيها الإنسان بين عالمين من الصعوبة والإرتباك المر ، لكنني عرفته أكثر بعد موته ، من خلال إستعراض حياته المليئة بالتجارب والتحولات الشخصية والعامة والتغيرات والصعوبات الجمة ، منذ الشباب الى الكهولة والمرض والموت .. فهو رجل صلب كالإنسان ، ورقيق وشفاف كالإنسان أيضاً. لكن كيف جمع بين تلك المعادلة المعقدة والنادرة والصعبة ؟؟ يبدو إن ذلك هو أهم أسراره ، وهو سر قوته الخاصة والمشعة التي أبقته زمناً طويلاً بيننا ، لايملك غير إشارات مبهمة لكنها كاملة الوضوح والتعبير عن المعنى الوجودي والحضور الحي لإنسان غائب عما قريب ، أو بعد حين أكيد ، أوإنسان تقرر مصيره في الغياب الأكيد مسبقاً ؟؟ إذن كيف أستمر تحت المرض والفقدان التام للوظائف الجسدية أن يتابع ويتماسك فكرياُ وذهنياً وعاطفياً ؟؟
لقد فقد جسدة تماماً ، لكنه تمسك بروحه وذاكرته المشعة وقواه الذهنية المتوقدة ، وبعض عضلات وجهه للتعبير عن الفرح والحزن ، أو القبول والرفض ، ولكم كان يرفض ؟؟ وهكذا كان يستمر في الحياة بين الغياب الملح ، وبين التمسك بالحياة .
لقد رحل الرجل الصلب ، الرجل الشفاف ، الذي أمسك بذاكرته وعواطفه ومشاعره العارمة ، إتجاة الحياة والناس والوطن والمرأة والسياسة بشكل إستثنائي.
لقد تنازل عن جسده منذ حين ، ذلك الجسد الفاني ، الجسد الطاريء ، الجسد المتراجع ، والخوان ، كما يقول المتصوفة ، وبقت روحه وأنفاسه وفكره المشع بين جنبات البيوت والمستشفيات والمدن ، روحة الهائمة بين المدن الغربية ، والمطارات والمستشفيات الأنيقة ، و بقيت روحة وذهنه الطائر المحلق ، المتعالي ، يسافر حيث يريد ، ويرحل الى حيث يرغب ، ويحط على إي غصن يحب ، وينظر الى مايريد أن ينظر أليه ، حتى لو كان على سرير الإنتظار الطويل لغياب الجسد المحطم !! في إنتظار رحلته الأخرى في بقاء أبدي في ذاكرة الناس والوطن والمدن والأشياء !!
الجنازة كانت كبيرة وجميلة ومهيبة ، الحزن العراقي كان حاضراً ومهيباً ، حضر الجميع ، ولقد تكلم الجميع ، أصدقاء الطفولة ورفاق وأصدقاء الحزب والسياسة ، وأصدقاء المنفى ، وأصدقاء المدن الجديدة في هولنده ، وكانت فيروز حاضرة بصوتها الملائكي العجيب ، وسط صمت الحضور في الأغاني التي أحبها عبدول في حياته ، وأسمعها لصديقته خري الهولندية في بداية تعارفهما ، لقد حضر صديقة القديم والحميم جاسم المطير وألقى كلمة موثرة وبالغة الجمال والخصوصية ، وقد ترجمت الكلمة الى الإنكليزية مباشرة رنا اليونس صديقة العائلة ، وألقى كمال الشاطر كلمة الحزب الشيوعي العراقي – منظمة هولنده ، كما ألقى صديقة الخاص مؤيد الخليلي كلمة مؤثرة ، بكى وبكاه مطولاً ، ولقد تحدث روبرت صديق العائلة عنه ، كما بكته صديقته سيسي ، و بكته ممرضتاه مونيك وفمكه .
غنت فيروز في مقبرة هولندية ، وفهمما الجميع ، الأجانب والعرب لإنها عالمية ، لقد رثته فيروز، وكأنها ترثي العراق ولبنان وفلسطين في كل حين . فيروز تغني :
في ظلام الليل أناديكم هل تسمعون ؟؟ مات أهلي ، وعيونهم محدقة في سوداء السماء .... الويل لإمة كثرت فيها طوائفها وقل فيها الدين .. الويل لها الويل لها ( لآ أدري هل تحاكي فيروز العراق ( الأمريكي الجديد ) أم بغداد أخت بيروت ، عجيب ذكاء فيروز ) !!
الويل لأمة مقسمة والكل ينادي أنا أمة !! الويل لها .. الويل لها ..
يأبى السلاسل وطني ... أرض السنابل وطني ... وطني الفلاحون .. وطني البناؤون ... والغار والزيتون ... وطني الإنسان !! كيف إختار عبدول مرثية البليغة هذه ، وكيف مزج بين الراهن والخاص ؟؟ ثم إختار عبدول أغنية الواداع ، وهي أغنية عاطفية لفيروز أيضاً ، وهي ( عدروب الهوى ) من ألحان المبدع الجميل زكي ناصيف .
يوسف عبدالكريم البيض / عبدول ( أبو يعقوب ) مواليد عام 1933 في مدينة الزبير / البصرة ، العراقي الجميل ، خريج كلية التجارة ، الذي كافح الإستعمار البريطاني والحكم الملكي الرجعي ، وتحمل ما تحمل من عنت وترهيب الدكتاتوريات المتعاقبة ، وخاصة الحكم الجائر للفاشية المندحرة ، وكم تمنى ذلك اليوم الذي يعود فيه الى وطنه ، لكنه ربما يعود كرفات يتلمس طرقات الوطن، ويشتم رائحة الأرض ... لقد وقفت الى جانب عبدول ، خري المرأة الهولندية التي تشبعت بقيم الإنسانية واليسار ، ساعدته في حياته الباقية ، ورافقته الى اللحظة الأخيرة ، والى المكان الأخير ، والذي ربما يكون مؤقتاً ، حيث ينقل رفاته الى أرضه الأولى ، وسماءه الأولى وحيث يريد أن يمكث !! وداعاً يوسف عبد الكريم البيض / عبدول أبو بعقوب .. ستبقى معنا دائماً ، رجلاً صلباً وشفافاً لم يهزمه أحد !!



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول تأسيس الحركة الشيوعية العراقية / ملاحظات نقدية
- عرض لبيان المبادرة الديمقراطية العراقية
- منتصر لن تموت .. منتصر بيننا أبداً !!
- عن الجريمة والأعمال الإرهابية ضد طلبة البصرة
- بطاقة الى المرأة
- الإنتفاضة الوطنية .. التجربة والدروس .- القسم الثالث والأخير
- الانتفاضة ..التجربة والدروس - القسم الثاني
- الانتفاضة الوطنية .. التجربة والدروس
- توقعات كبيرة وأمنيات صغيرة في العام 2005
- مدينة الموصل خط أحمر وطني وملتهب .
- بطاقة للناس والوطن
- الشهيدان الخالدان سحر أمين منشد وصباح طارش ( ثائر ) . نجمان ...
- دعوة : من أجل كتابة وتوثيق تاريخنا الوطني اليساري ، من اجل ك ...
- السجون والمعتقلات الرهيبة وبارقة أمل مغربية وسط الليل البهيم
- تطورات الوضع السياسي والأمني بين الإرهاب والإنتخابات وحمى ال ...
- نحو تدقيق المصطلحات والمفاهيم والمقولات السياسية . النظام ال ...
- الإعداد والتحضير للعمل الفكري والسياسي في الماركسية . مهزلة ...
- الأهوار : طائر الفينيق الذي عاد إلينا من زهرة الرماد والوجع ...
- الشهيد مناضل عبد العال موسى / مؤيد
- كلمات في عشق النساء . نص من أدب الرسائل


المزيد.....




- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - رحيل يوسف عبد الكريم البيض ( عبدول ) في مدينة هورن الهولندية