ما يجرى فى الشرق الاوسط؟

سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 4123 - 2013 / 6 / 14 - 21:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ليس لدى شك ان الشرق الاوسط يمر بتحولات تاريخيه سيكون لها تاثيرات على مستقبل المنطقه و ربما العالم فى المائه عام القادمه.اذ لم يعد الحديث يدور حول الربيع العربى الذى بات جزء صغير من حراك واسع عرقى و دينى عابر للدول, الامر الذى بات فى راى من شبه المستحيل معرفه اتجاهه و اثاره.

ففى تركيا على سبيل المثال و حتى وقت قصير جدا كان اردوغان يتصرف بكل طمانينه فى ظل نظام قوى و منتخب على الاقل من نصف الناخبين . حتى انه بات متداولا فى الكتابات السياسيه انه يقدم نموذجا اسلاميا يصالح ما بين الدين و الحداثه.و هو امر له دلاله خاصه فى بلد كتركيا التى خاضت تجربه تختلف تماما عن سواها من الدول الاسلاميه. حيث كان اهم رد الفعل التركى على هزيمه الامبراطوره العثمانيه هو القطيعه مع كل تراث الدوله العثمانيه و فرض النموذج الغربى بالاكراه.

و ما نراه الان فى شوارع المدن التركيه من حراك يدل ان النار كانت ايضا فى تركيا تحت الرماد.و ان القوى العلمانيه المتاثره بنهج مصطفى كمال اتاتورك لم تسلم بالامر الواقع و الدليل اندلاع الاضطرابات الواسعه ليس من اجل موضوع حديقه بقدر ما يخفى خلفها من صراعات صامته .و الدليل خروج العدد الضخم فى مسيرات وصلت لكل المدن التركيه.و هناك من يعتقد ان احد اسباب الحراك هو سعى اردوغان احداث قطيعه مع التراث الاتاتوركى الامر الذى يعنى استمرار الصراع بين القوى العلمانيه و الدينيه.

ماذا يجرى فى الشرق الاوسط بات احد اهم الاسئله التى يطرحها الخبراء فى شؤون المنطقه كما يطرحها السياسيين على حد سواء.

و اذا ما القينا نظره على المقالات و الدراسات التى كتبت فى العامين الاخيره مقارنه بما يكتب الان فان اول ما سنلاحظه هو ذلك انتهاء مرحله التفاؤل و القلق و الحيره و احيانا عدم الوضوح مما يجرى الان فى المنطقه حتى بات من الصعب توصيفه بدقه.

و هذه الصعوبه فى التوصيف ليس امرا غريبا فى ظل التغيرات الكبرى فى المجتمعات البشريه حيث تداخل العناصر المختلفه.
و اذا ما اراد المرء وضع خارطه طريق لعناصر الصراع فاننا سنلحظ عده عوامل متداخله من الصعب الفصل بينها لان الاجتماع البشرى ليس كالعلم التطبيقى حيث يمكن فصل العناصر المختلفه فى مختبر.

لا شك ان عوامل الظلم و فساد الحياه السياسيه كانتا المحرك الرئيس فى هذه الحراك.لكننا بدانا نرى بعد ذلك دخول عوامل اخرى مثل , عامل التراكمات و الحساسيات التاريخيه بين المجموعات الدينيه خاصه ان الدوله الحديثه فى الشرق الاوسط لم تنجح فى راى فى علمنه شامله تضعف الولاء الصغيره لصالح الولاء العام.و هكذا بقيت الولاءات الصغيره نائمه حتى تم ايقاظها لدى بداية الصراع سواء بفعل سياسى او برد الفعل الغرائزى .

كما نرى دخول عامل الصراع بقوه بين القوى العلمانيه و الدينيه الذى نراه بوضوح فى عدد من بلدان الربيع فى تونس و مصر و ليبيا.
هذا بالطبع الى التدخلات الدوليه و الاستقطابات التى نشهدها خاصه فى الصراع فى سوريا و التى غالبا من تساهم فى تعقيد الامور لا فى حلها.

ماذا يجرى الان فى الشرق الاوسط سؤال من الصعب الاجابه عليه لانه بات من الصعوبه بمكان معرفه كيف سيتطور الحراك و الى اى اتجاه يسير.فنحن نتحدث عن منطقه تحتوى على ثلثى مصادر الطاقه فى العالم و على منطقه تشهد صراعا مستمرا طوال قرن كامل بين العرب و الصهاينه ,و منطقه استراتيجيه مهمه للقارات الثلاث و مجاوره لاوروبا التى تملك مصالح هائله . و اذا كان من الصعب معرفه كيف تتطور الامور لكن من المؤكد ان الشرق الاوسط يشهد مخاضا عسيرا قد يقصر و قد يطول و سيكون له على الاغلب ارتدادات واسعه فى ارجاء اخرى من العالم .

مفكر و باحث فلسطينى
كتاباته و مترجمه الى اكثر من 15 لغه

#سليم_نزال (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات