|
الباحث وخيانة الأدوات المعرفية-عبدالإله بلقزيز أنموذجاً
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4122 - 2013 / 6 / 13 - 07:58
المحور:
الادب والفن
الباحث وخيانة الأدوات المعرفية عبدالإله بلقزيز أنموذجاً
ليس أخطرمن المثقف المتمرس في عالم الكتابة، عندما يتناول موضوعاً إشكالياً، كي يأخذ وجهة النظرالتي يؤمن بها، مغفلاً الجانب الآخر، بعيداً عن الواقع، وبعيداً عن الوفاء لأدوات البحث، ويكون الأمرأكثرخطورة عندما يعرف حقيقة الواقع المتناول، كي ينطلق من بعض الفرضيات التي تعزز تزويره الكتابي، في الوقت الذي نجده فيه يتحرك تحت وطأة حمل ثقيل، وهوإغفال كل ما يدحض وجهة نظره. كما أنه قد يكون الأمرفي حدود الاعتيادي حين نكون أمام كاتب عادي، يسرد وجهتي النظرالمتناقضتين، في قضية معرفية، إشكالية، ليركز على رؤاه الخاصة، وقد يكون ذلك من حقه، بيد أن الأمر لن يبقى في حدود هذا الوصف، إن كانت هناك حقوق الناس، بل يغدوالأمرخيانة معرفية، عندما تكون هناك مساومة على نقطة دم واحدة، وقد يرتفع الخطّ البياني- هنا- أمام من نجده يتصرف ببهلوانية، في بتسرة المعلومات، وتقديمها انتقائياً، للإمعان في عملية التزوير، حيث تبلغ خيانة الأدوات المعرفية ذروتها أمام مسيل الدم، كماهوحال مايجري الآن في سوريا، منذ سنتين ونيف..!. وكما هومعروف، أن تجربة"الربيع العربي" لم تستنفر مجرد دكتاتوريات في عالم السياسة- فحسب- بل إنها طالت- في المقابل- الكثيرمن النخب الثقافية، لارتباط مصالح هذين الطرفين مع بعضهما بعضاً، كي نجد أن الطاغية الدموي يواصل تحويل وطنه إلى طللٍ مكانيٍّ، خالٍ من العمران- كما هوحال الأنموذج الأسدي- بعد الإقدام على هدردماء صاحب المكان- وهومواطنه- مالم ينخرط في جوقة التصفيق باسمه،لاستمرارية ديمومة سلطته، وملكه، بل إن بعض هذه النخب الثقافية راحت تسوِّغ كل هذا الخراب والقتل، بأشكال متعدِّدة، منها ماراح يفتح نيران كتاباته- بشكل مباشرإلى جانب آلة السلطة، حيث لامجال هنا للنوايا الطيبة، مادام هناك طرفا ثنائية: القاتل والضحية..! يأتي مقال عبدالإله بلقزيز*المعنون ب" مؤتمرجنيف2" في امتحان معركة القصير، ليصنف نفسه، ضمن إطارالكتابات التي تغض نظرها عن أية إيجابية للثورة، ومشروعتها، أو أي تناول لفضائها المتجسد في أنها ثورة شعب مظلوم، ضد نظام استبدادي، أمني، فاسد، وصل إلى سدة الحكم على ظهرالدبابة"، واستطاع عبرعقود أن يوازن بين أطراف المعادلة الخارجية، كي يعززاضطهاده لمواطنه، وممارسة الانتهاكات الفظيعة بحقه. ويتفاجأ قارىء المقال، بالمصطلحات التي اعتمدها الباحث في مقاله- العابر-حيث يسمي "الثورة"" أزمة"، وهو"الباحث" في أقل توصيف، وأن بشارالأسد هو"الرئيس"، وأن شرط المعارضة" تعجيزي"، وأن المطالبة بتعطيل سلطات الأسدغيردستورية، وأن "الثورة" السورية- التي لايسميها- كلها قد اختزلت في" هزيمة" القصير- رغم أهميتها- وهي تعني انقلاباً في الموازين، وأن الجيش النظامي قد انتصرعلى المعارضة ومن معها، مغفلاً ما تبجح به حزب الله، وحسن نصرالله، ورآه العالم كله، أمام عينيه، وهناك قوى"راعية للمعارضة"، بل وإن طرفي ماتمَّ في سوريا هما" أمريكا والنظام السوري"- ليضع أمريكا بديلاً عن المعارضة وهومالم يفعله النظام نفسه- وإن راح يتمنن على المعارضة لأن هناك أطرافاً عربية ودولية أخرى تقاتل معها، من دون أن يذكر أي دور مباشرلإيران التي صرَّح أكثرمن مصدررسم فيها أن مايجري في سوريا إنما هومعركتها في الوجود أواللاوجود، بل إن النظام متماسك، بينما أمشاج المعارضة متنافرة، وأن استخدام الغازالكيماوي مجرد مزاعم، لأن أمريكا لم تقرّباستخدامه، بيد أنه بعد انتصار" الجيش النظامي"، سيجعلها تضغط على حلفائها: بريطانيا وفرنسا،لتسليح المعارضة أملاً في استعادة التوازن. ثمة إحراج كبير، يحسُّ به القارىء النبيه الذي يعرف مدى ثقل خطاب بلقزيز- معرفياً- كيف أنه يتهاوى إلى هذا الدرك ، المتهافت، ليس من خلال الوقوف في الخندق الآخر، الذي لايليق بقامة عالية- افتراضياً- وهوشأنه، وإنما من خلال خيانة أدواته المعرفية، حيث أن كل حججه، وأدلته، راح يحشدها- على النحوغيرالمرئي لميليشيات نصرالله وإيران- بيدأنه لايدري أنه مهما بلغت بهلوانيات الباحث، وحتى المفكر، فإنه غيرقادرالبتة على إخفاء حقيقة شمس الثورة، بالغرابيل، وقد بلغ التزويرلديه أنه يجد أن "أمريكا" هي التي تواجه "النظام"، وقد هزمت في سوريا، وأنها تديرتسليح المعارضة، مقابل الجيش السوري، صانع المعجزات- المنتصروحده في القصير- بيدأن واقع الحال هوأن أمريكا وغيرها من دول العالم هي التي تقف في وجه انتصارالثورة، وإن مايصل من السلاح إلى الثورة إنما هو" مقنن"، يخدم ديمومة العنف، من دون حسم الثورة، وإسقاط النظام، ولقد رأينا تصريحات الجهات الاستخباراتية العليا التي رأت أن" الأسد رجل إسرائيل" في المنطقة، وهذا هوواقع الحال، فهونفسه الذي ارتعدت فرائصه، وبطانته، وجيشه الذي يخلب أنظاربلقزيز-بعيد جدية وقوف العالم ضده عقب مقتل الحريري 14 شباط 2005- ولايرى أن الاستعانة بالطائرات وصواريخ روسيا في" القصير" كانت وراء الانسحاب الموقوت للمعارضة، بل ولايرى انسحاب النظام عن سبعين في المئة من التراب السوري، انتصاراً للمعارضة..!-لاسيما في ظل إطلاق أمريكا"المعارضة" وحليفاتها أيدي الأسد لتدمرطائراته وصواريخه شعبه- والأكثرألماً أنه يصف المعارضة ب"الإرهاب" وإن على لسان النظام-وكأنه ممثله- دون أن يورد أي وصف من قبل المعارضة للنظام الذي تراه مجرماً-باللغة نفسها- خائناً، بل إنه يواصل تفكيك تصورات النظام، كي يقدمه بمظهرالقوي الذي سيديراللعبة في " جنيف 2" كمايريد، بل إنه إذ يقرُّ بثقل روسيا في معركة جنيف، لاينعتها بأنها خارجية، بينما يجد أن المعارضة داخلية ومستقدمة، إضافة إلى تشتتها، وهزالها، وليست هي من يحاربها النظام، بل إنه يحارب معسكراً دولياً وإفليمياً تقف الولايات المتحدة على رأسه"، كما أنه يتحدث في نهاية مقاله عن" انتصارسوريا" وليس" النظام"،"بدعم روسي" وكأن النظام لم يدمرسوريا أرضاً وشعباً. وأخيراً، لا أعرف ما الذي سيجنيه باحث- يكاد يكون مفكراً في لغة التسويق المعرفي- مثل عبدالإله بلقزيز، وهويجد نفسه في مواجهة من قتل كتاباً سوريين، من أمثال: مشعل التمو ووليد المصري وإبراهيم الخريط ورشيد الرويلي ومحمد نمرمدني..إلخ، وقتل عشرات الصحفين، إن خلال صواريخه، أومن خلال رصاص "شبيحته"، في السجون أوفي الساحات والميادن والشوارع، و كأنه ليس من اقتلع حنجرة إبراهيم قاشوش، وبترالعضوالذكري لحمزة الخطيب، وهدم ويهدم المنازل فوق رؤوس آسكانها كاملين، في إطارتسوية سبعة ملايين منزل سوري بالأرض- وفق أحدث إحصائية- ومن بينها آلاف المدارس، والجوامع، والمستشفيات، كي يرضي بذلك نظاماً سقط- فعلياً-منذ بداية الثورة، وها هويعيش بمجرد" سند كفالة" إسرائيلية روسية دولية، وهوموقف ينال من درجة مصداقية خطاب الرجل، كاملاً، منذ بدايات مشروعه، وحتى الآن.....!؟
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استقراء الالتباس
-
ثلاثية المكان الكردي: 1-عفريننامة..
-
على هامش اجتماعات المكتب الدائم لاتحاد الكتاب والأدباء العرب
...
-
دمشق الياسمين
-
ملحمة القصير..!
-
دويُّ الكلمة
-
رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان والهيئات الحقوقية الدولية في الع
...
-
معشوق الخزنوي صوت لاينطفىء
-
دم الكاتب
-
الكاتب وأسئلة المكان:
-
أسماء متفق عليها: إليهم يزلزلون زنانزينهم........!
-
هزيمة المثقف وأسئلته الجديدة
-
ثلاثتهم والآخرون..!
-
سايكولوجيا الحرب:
-
موت الكتابة بين الواقع والوهم
-
ساعة دمشق:1
-
ساعة دمشق:
-
أسئلة اللغة:
-
الكتابة في زمن الثورة.1.:*
-
الكتابة في زمن الثورة..:
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|