|
الأمازيغ و ليس البربر
ابراهيم فيلالي
الحوار المتمدن-العدد: 4120 - 2013 / 6 / 11 - 16:35
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الأمازيغ و ليس البربر كتبت في احدى المقالات، أناقش" أموتل " و يمكن قراءته على هذا الموقع نفسه. و علق أحدهم قائلا "... المهم ان الكلمة اصلها بربري وليس عربي" ثم أضاف " ... ان كلمة برابرة ليست سبا ولا قدفا ، بل هي تدل على العرق او الاثنية . و أضاف " ... و الا كيف نفهم تشلحيت و تمازيغت و تريفيت... ان ما يوحد بينهم انهم بربر أقحاح يجمعهم حب المغرب." ... ما أريد أن أقول هو : أتحداه أن يكون لكلمة بربر أي معنى خارج التمييز العنصري . ثم أن الأمازيغ لا يسمون أنفسهم بربر ، انما هي تسمية اخترعها الذين اعتبروا أنفسهم متحضرين و الأمازيغ متوحشين. لذا فالأمازيغ هم أمازيغ و ليسوا يرير . و لم يغزوا أرض شعب ما. بالعكس ، أرضهم هي المستباحة عبر قرون من الزمن ، حتى فقدوا جزءا مهما من ثقافتهم و دمرت حضارتهم و احتلتهم شعوب بربرية فعلا، باسم الحضارة المزيفة. حضارة السيوف و البنادق. الفرق بين المتوحش و المتحضر هو الفرق بين العنف و اللغة في التواصل مع الآخرين. الشعوب المتحضرة لا تلتجئ إلى العنف كي تخضع الآخرين و تستعبدهم و تدمر حضارتهم . إنما تستعمل اللغة للتواصل ، للإقناع و للعيش سويا... أما الشعوب المتوحشة فلا تعطي للغة قيمة و لا تعترف بالآخرين و لا تكون وسيلة تعاطيها مع الأشياء سوى العنف. على هذا الأساس من المتوحش الآن في القرن الحادي و العشرين و ما قبله ؟ من هم البربر ؟ من يقطع رؤوس الناس ؟ و من يدمر مدنا شيدت منذ مئات السنين ؟ من ينهب تراث الإنسانية ؟ من يغتصب النساء و يقتل الأطفال ؟ من يشرعن الدعارة باسم زواج المتعة ؟ من يقتل الأطفال ؟ من ؟ و من؟ و من؟ و من؟ ... صاحبنا لم يفهم لماذا تشلحيت و تمازيغت و تريفيت ؟ لأنه ببساطة يجهل أن اللغة كائن حي ، تتطور و تنمو و تموت . و تتغير الكلمات و نطقها من هنا إلى هناك حسب المجال . يجهل اللسانيات . يجهل أن اللغة مثل نقطة ماء إذا سقطت من فوق ، ماذا سنلاحظ ؟ سنلاحظ دائرة صغيرة على سطح الماء تتسع و تتسع بقدر ما تبعد عن مركز أو مكان سقوطها. نفس الشيء بالنسبة للغة . يتبدل النطق كلما ابتعدنا عن مركزها . من سوس إلى ورزازات سنلاحظ ذلك و من الأطلس المتوسط حتى الجنوب الشرقي نفس الشيء و من الريف إلى حدود ملوية كذلك. غير أنها نفس اللغة هنا و هناك. هي أمازيغية في كل تمظهراتها الا أن المجال و التفاعلات داخله هي التي تلعب الدور . هنا نستعمل مرادفة و هناك أخرى. و لكن المعنى هوهو . على هذا الأساس فان اللذين يتذرعون بهذه الاختلافات البسيطة و العادية تماما كي يستنتجوا أن الأمازيغية ليست لغة هم جهلة . لا يفهمون في العمران البشري بلغة ابن خلدون أي شيء. العلم و الايديولوجيا حقلان مختلفان . لا يجوز استعمال نفس الأدوات في مقاربتنا لظاهرة ما. ثم أضاف صاحبنا قائلا :" ما كان لك أن تجهد نفسك وتكتب بالفرنسية المتراجعة إلى الهاوية ، فكان لك أن تكتب باللغة الالمانية أو الانجليزية أو الاسبانية أو العربية أو بحروف تيفاناغ التي أتقنها جيدا ". أقول بدوري ان التخلف لا يمشي على الاثنين ، هذا هو بأم عينيه . الحكم على اللغة الفرنسية بهذا الحكم لا معنى له بالنسبة إلي . و ليس لهذا القول أية مصداقية، لأنه غير مؤسس. الأمازيغ بربر و اللغة الفرنسية إلى الهاوية و النموذج بالنسبة إليه هو الألمانية و الانجليزية ؟؟؟؟ و يقول أنه يتقن حروف تيفيناغ ؟؟؟؟ تلك لغات و هذه حروف ؟؟؟؟؟ في التحليل النفسي نقول إن الأعراض تتكلم ، يعني تعبر يدون الحاجة إلى اللغة ، هكذا صاحبنا يعبر عن التمييز الذي قلنا من دون أن يدري. ليست لديه الجرأة ليقول اللغة الأمازيغية بل قال حروف تيفيناغ. بينما الألمانية و الاتجليزية لغات ؟؟؟؟؟ هذه عقلية الموضى ليس إلا . و لا يفهم أن اللغة لا تنفصل عن الواقع و عن علاقات القوى الموجودة في العالم. لماذا هذا القول ؟ لأنه لا يدرك أنه يسوق للنموذج الألماني و الأمريكي و للهيمنة الاقتصادية و السياسية و الايديولوجية بنظرته هذه للغة ، دون أن يدري. أما أنا فقد أكتب باللغة العربية أو الفرنسية ، و لي مقالات باللغتين و أتقن طبعا لغتي الأم و لا أصفي حسابات معينة مع و في داخل أية لغة مع شعب ما ، بل أكتب ليعرف اللذين يتحدثون اللغة التي أكتب بها قضايا شعب و مجتمع أنا جزء منه. أعرف بالقضية و أدافع عنها من خلال اللغة و من خلال الكتابة ، فالكتابة قضية بالنسبة إلي. إن فكرتي الأساسية هي أنني أريد أن أناقش بعض الكلمات المستعملة في الحياة اليومية . يعني أن أمارس نقد لغة الحياة اليومية . أن تكون هذه المفردات و الكلمات و المفاهيم مفكر فيها، من أجل أن نفهمها و لا نعيد استعمالها و نحن لا نعي دلالتها العميقة حيدا. أو بلغة أخرى أحاول، بتناول لغة الحياة اليومية بالتحليل و النقد، أن أرسم مسافة بيني و بين اللغة المتداولة، كي أكشف عن العقلية التي تحملها. و هذا النقاش الآن بيني و بين صاحب تلك الردود هو جزء من نقد هذه العقلية. هو يجسد العقلية التي تنتج و تغذي أوهام عديدة. و في الحقيقة فأنا سعيد بمثل هذه النقاشات لأن هدفي هو أن أناقش مع الناس . سواء اللذين أتفق معهم أو اللذين لا أتفق معهم. المهم أن نخلخل أشياء و ندمر أخرى. حين أقول إن هذه العقلية متخلفة فإنني واع بما أقول، هي العقلية التي تنبهر و تنساق مع قول الأغلبية و لا تحلل و لا تفكك ة لا تنتقد . إنما تتبع . إنها عقلية القطيع. قلت و لازلت أقول إنني إنسان أولا و قبل كل شيء . أرفض أن أحاصر نفسي داخل حدود وهمية: القبيلة و العرق و البلد. و لكنني في نفس الوقت لست إنسانا معلقا في السماء خارج الزمان و المكان. أنا إنسان . جذوري هنا في هذه الأرض . ولدت في مكان محدد و كبرت فيه و تربيت فيه و تعلمت فيه و نسجت فيه علاقات... ولدت في أرض أمازيغية من أم أمازيغية و أب أمازيغي و اخوتي أمازيغيون و أصدقاء الطفولة و كل شيء في البداية بعد أن حققت و اكتسبت هويتي كانسان. ترعرعت في محيط و في أرض أمازيغية . تعلمنا لغات و ثقافات أخرى بدون عقد، رغم أن الآخرين لا يتعلمون لغتنا ، لأنهم عنصريون. لا تهمهم لغتنا و لا تاريخنا. هذا التاريخ الذي دمر عبر قرون من الزمن. احتلال تلو احتلال. منع و نبذ و تحقير و غسل لدماغنا و محو لهويتنا. أنا إنسان و لكنني لست طوبويا و لست ساذجا و ليست لي ذاكرة مثقوبة. أمازيغبي أنا . أتكئ على ذاكرة أجدادي ليكون وجودي إنساني . فلا إنسان فوق الأرض بدون جذور. جذوري هنا، في هذه الأرض و إنسانيتي في هويتي، و هويتي ليست خارج لغتي . لغتي أمازيغية ، ضحكتي أمازيغية ، غضبي أمازيغي و فرحتي أمازيغية و أمي أمازيغية و أبي و اخوتي و أصدقاء الطفولة و كل شيء هنا هكذا و لا يزال . و أنا فوق كل اعتبار إنسان. تضامني و تبني لقضايا الشعوب الأخرى عبر الكرة الأرضية تابع من كوني إنسان . و مساندتي و دعمي لنضالات الشعوب التواقة للحرية نابعة من كونها قضايا إنسانية و ليس لاعتبارات قومية أو دينية أو عرقية. قضية فلسطين ليست قضية العرب . هم اللذين أضروا بها و باعوها. هي قضية إنسان و شعب محتلة أرضه . قضية الطوارق ليست قضية الأمازيغ . هي قضية كل إنسان حر. كل قضايا الشعوب المقهورة هي قضايا إنسانية . أتبناها و أدافع عنها ، لأن من حق أي إنسان أن يكون هو نفسه على أرضه ، و أن لا ينفيه الآخر تحت أية ذريعة كانت . أتمنى أن يكون كلامي واضحا و أن لا أكون غير أنا . و كما قال محمود درويش : " أنا لغتي".
#ابراهيم_فيلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أموتل
-
السلطة و التربية و الحرية
-
بيان الى الرأي العام الوطني و الدولي
-
المشعوذون
-
حوار مع محمد شمي النائب الاقليمي للتربية و التعليم تنغير - ا
...
-
بيان إلى الرأي العام الوطني و الدولي
-
بعض التوضيحات
-
-فيلالي راه براني و ماخصكومش تخليوه ابقى يهدر مع العيالات-
-
تقرير- موجه الى وزير التربية و التعليم المغربي-
-
تسمية وضع
-
بيان
-
إضراب عن العمل يوم الاثنين 26 مارس و الثلاثاء 27 مارس 2012 ا
...
-
الأوهام المشتركة أو الموزعة
-
السلطة و الذاكرة
-
لن تمروا ! No Passaran
-
دفاعا عن الطفولة
-
في امسمرير –إقليم تنغير صيدلية فريدة من نوعها
-
الجرح القديم
-
الجماعة القروية لامسمرير – ورزازات-
-
الكتابة كما اراها
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|