أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نعيم عبد مهلهل - حمامة بيكاسو وحمامة كاظم ابو زواغي














المزيد.....

حمامة بيكاسو وحمامة كاظم ابو زواغي


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1181 - 2005 / 4 / 28 - 10:16
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



يوم رسمها بيكاسو .. طفرت دمعة من جفن العالم ، لأنها بقدر ما رمزت للسلام ، فهي أيضاً تذكر بمصائب الحرب .. والحمامة كائن جميل ، وله أنسيابية متقنة في شكله الذي يتناسب مع طبيعته الكونية ، أنه طائر للألفة والبريد ، وساكن أزلي لسطوح بيوتنا ، ويوم فكر الرسام الكاتلوني أن يجعله شكلاً مفترضاً لعاطفته التكعيبية ، كتب في أوراقه المبعثرة على أجساد الموديلات التي يرسمها ثم يقترن بها بعد حين : أن الدهشة في الحمامة ، أنها حين تنظر أليك تشعر هي بالأمان ، وكان من المفروض أن نشعر نحن بالأمان ونحن ننظر أليها .
وللحمام علاقة لاتنسى مع طفولة الكثيرين ، فهو حلم طائر لطفولة الفقر ، وأحدهم قال : أن تربيته هي تعويض عن الدمى المفقودة ، وكانت أسرابه الملونة بأصناف ومراتب القيمة ترتبط بثقافة ما لايعرفها سوى البراج وهو . الذي من أول نظرة يعين لك ذكر الحمام من أناثه ، ورغم أني لم أربي حمامة في بيتي سوى مرة واحدة في طفولة قديمة ، لكني كنت أنظر الى هذا الطائر بأسطورية خاصة ، وأعده فألاً حسناً حين يصادفني في رؤيا أحدهم وقد طلب مني تفسير لحلمه .
فالسومريين يرون في الحمام نسخة أخرى لعشتار ، وتقول ألواحهم : أن التوجه للألهة بهدوء طبع الحمام وأنسيابته وألفته البيتية يجعلها تلتفت ألينا جيداً .
الهنود قالوا عنه : أنه صديق بوذا وأنيسه ، اليابانيون يقولون : اللوتس والحمامة من فصيلة واحدة . الصينيون يقولون : خط سير سورنا العظيم حدده مسار طيران حمامة .
وعند العرب أرتبطت عذوبة الحب بكتاب أبن حزم < طوق الحمامة >وهو كتاب يشد الحب اليه كما تشد المرأة جسدها الى حبيبها الغائب في متون الحرب عدة شهور .
هذا الطائر الذي لايكتمل نضوجه إلا حين يلامس جناحاه الفضاء يقترن بذاكرة العرب بشجون يساريتهم المقتولة بين أنهيار السوفيت ونمو التطرف الديني الحاد ، لهذا تراهم يأخذون من حمامة بيكاسو التي أفتخر بها أراغون حين قال قبل أن يبتعد عن الشيوعية الفرنسية : بيكاسو رسمها لكم أيها الماركسيون الحمر . رد عليه بيكاسو :أنا رسمتها لكل أحرار العالم وأولهم ، أولئك الذين بضعهم فرانكو في السجون .
ورغم هذا ظلت هذه الحمامة ترسم‘ على رايات الحلم في مسيرات اليسار ، حد الي جعل بينوشت يقول : سأشرع قانوناً في شيلي يعدم بموجبه كل من رسم على قميصه حمامة .
لاأدري نحن في العراق مالذي تعنيه ألينا حمامة بيكاسو ، فيوم وصل قطار السلام الى الموصل في زمن الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ، أطلقت حمامات بيض في فضاء المحطة ومعها أطلق رصاص مذابح الشوارع .
يومها قالوا : لاندري من قتل الحمام ، الشعوبيون أم الشيوعيون ؟ وظل هذا العراك واحداً من ألغاز تأريخنا المعاصر ، فكل باحث يرويه بطريقته الخاصة ، ولكن في كل الأحوال فأن بعض من الحمام الذي جاء من جنوب ووسط العراق أطلقت عليه النار ومات مذبوحاً في حارات الدواسة والسرج خانة ووادي حجر . وحتى قاتلي الزعيم في الفورة الهمجية في شباط 63 لم يسألوه عن مجريات الحدث ذاك ، أرادو قتل كثير من الحقائق ، ولو كان حمام ذلك القطار ينطق بهديل العربية لقال لنا شيئاً عن فوضى تلك الأيام التي حملت من تأثيراتها الأجتماعية والسياسية كل ماحصل لنا بعد ذلك الى لحظة دخول دبابات اليانكي وأنهيار أعتى ديكتانورية عربية منذ الحجاج وماتلاه من ولاة حكمة السيف . وقيل : كان المنصور أذا أراد أن يتسلى ، أطلق سرباً من الحمام على المساجين ، ومن تحط على رأسه حمامة قطع رأسه وفي ذلك مفارقة حتى مع الحلم الذي فسره يوسف عليه السلام لصاحبيه في سجن الفرعون .
هكذا أدخر في ذاكرتي من تراث الحمام ، وأتذكر أن بيتنا في الناصرية كان ولايزال يقع قرب سوق الطيور ، كانت الحمامة كما يقول هيجو : دمية الطفولة .
فهي الدمية الرخيصة والحية التي يقتنيها الفقير . وكان والدي رحمه الله ، بفضل راتبه الأسطوري المتكون من تسعة دنانير لايوفر لي حتى الدمية الرخيصة ، ولكنه تشجع هذه المرة وذهب الى < البراج > كاظم أبو زواغي ليشتري لي حمامة وبالأقساط ، تصوروا حمامة وبالأقساط ! كانت رمادية ، نحيفة ، وترتجف من الجوع . أستنكرت ، وغافلت أبي وذهبت الى كاظم أبو زواغي وقلت : أريد حمامة بيضاء .
رد علي : ملعون أيها الطفل ، هل تريد أن تصبح شيوعياً!
من يومها ألتصقت تلك المفردة بذاكرتي ، وعرفت أن الحمال الأبيض حولته ميثولوجيا السياسة الى حمام شيوعي ، وهكذا ظللت أذكر كلمات أبو زواغي في كل هجراتي وقراءاتي حينما تذكر الحرب وبيكاسو والمقابر الجماعية ، فالحمام أرتبط بكل هذه الأشياء بل وصار في سياقات الحدث تعبيراًعن حرية يراد أطلاقها الى الفضاء رغم أني لم أشاهد منذ سقوط النظام وحد هذه اللحظة مسيرة من مسيرات المطالبة بحق أو استنكار لتعذيب معتقل أن أحداً قد أطلق في فضاء الشوارع حمامة ، وذلك لعمري نقص في رؤية الأحتجاج من اجل الوصول الى غايته .
بين حمامة بيكاسو ، وحمامة كاظم أبو زواغي شوطاً من أحلام زمن مشبع بالحروب والحصارات وبطاقات التموين ولكنه رغم هذا فهو زمن خصب .
كل ما أتمناه أن تصبح الحمامة شارة بدء لكل جديد ، هكذا مثلما تخيلها عمنا الأندلسي بابلو بيكاسو .




#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب وأجنحة الفراشات ..فصل من مذكرات العريف كاستون باشلار
- عقيل علي طائر لن يتوارى وآدم باق في جنائنه
- مارواه الطبري عن العشق السومري
- ماركيز يكتب عن شاكيرا وأنا أكتب عن ماركيز وشاكيرا
- الأصول الأرضية والسماوية للطائفة المندائية
- الحرب بين تهديم الذاكرة وبناءها
- البيت المندائي أشعل قلب الوردة بالحب
- الاهوار ذاكرة البط والميثولوجيا ..الحرب
- غاليلو يتأرجح من بندول ويتصل بالهاتف المحمول
- السابح في العطر
- ماتخيله ماكس مالوان في مقبرة أور المقدسة..محاكاة لعودة الأنك ...
- يوم تولد الشمس علينا أن نفطم القمر
- لتفاصيل السرية للحظة موت أبي
- تصور بنزرتي لموت روائية وأميرة
- أناشيد مندائية ..عندك يتوقف رقاص الساعة وينسى العالم أوجاعه
- المندائية ..(الماء والطهارة والأيحاء )..المدونات أتموذجا
- رسالة انترنيت الى القديس البابا يوحنا الثاني
- .. بابا من الورد ..بابا من الآس ..بابا من خبز العباس
- كيف تولد الأعنية .. الطور الصبي أنموذجاً
- أغنية البرتقالة ومدينتنا العزيزة دبي


المزيد.....




- ما الطريقة الصحيحة لاستخدام الشوكة والسكين أثناء تناول الطعا ...
- مصر.. القوات البحرية تنقذ 3 سائحين بريطانيين بعد فقدانهم خلا ...
- لماذا تريد أوكرانيا ضرب العمق الروسي باستخدام صواريخ غربية ب ...
- فون دير لايين تكشف عن أعضاء المفوضية الأوروبية الجديدة
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
- المجر تكشف كيف تحمي مصر أوروبا
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 3 عناصر في -حزب الله- (فيديو)
- -حماس- تدين بأشد العبارات قصف إسرائيل لمربع سكني مكتظ شرق مخ ...
- بفيديوهات جنسية.. ضجة في العراق وتحرك أمني إثر ابتزاز شبكات ...
- روسيا.. إطلاق أقمار صناعية للأغراض العسكرية


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نعيم عبد مهلهل - حمامة بيكاسو وحمامة كاظم ابو زواغي