|
الكتل السياسية بين الصراع الطائفي والسياسي
صبحي مبارك مال الله
الحوار المتمدن-العدد: 4115 - 2013 / 6 / 6 - 14:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يواجه الشعب العراقي الآن نتائج الأزمات السياسية المستعصية وتداعياتها على المشهد السياسي العراقي ، وعلى الأوضاع الأجتماعية والأمنية التي تفاقمت في الآونة الأخيرة حيث أعادت الى الأذهان أجواء عام 2006 ، 2007 الدموية وأن التوجهات تشير الى أن العراق يتجه الى منزلقات خطيرة تهدد كيان الشعب العراقي ووحدته الوطنية بعد أن تصاعد الصراع الطائفي بشكل ملفت للنظر والذي كان نتيجة أرساء سياسة الحكم على أساس المحاصصة الطائفية منذ فترة مجلس الحكم بعد التغيير الذي حصل في 2003 م ، لقد توافق الصراع الطائفي والصراع السياسي في مجال سياسة نظام الحكم وأخذ الأمر يزداد سوءً كلما أبتعدت سياسة نظام الحكم عن أسس النظام الديمقراطي الحقيقي والذي يضمنه الدستور الدائم ، لقد أنعكس هذا الصراع على المؤسسات الدستورية وأصابها بالشلل حيث تطور الى صراع بين السلطة التنفيذية والتشريعية ومن ثمَ ألى صراع مع السلطة القضائية كذلك أنعكاسه على العلاقات السياسية بين أحزاب الكتل حيث جرى سباق بين الجميع للأستحواذ على المناصب والمراكز الحكومية والمصالح والأمتيازات فحصل الأستقطاب لهذا الطرف أو ذاك . وأن الأنشغال بالصراع الطائفي والسياسي شجع أعداء العراق على التدخل بشكل سافر في شؤون العراق ، وخصوصاً القوى الأرهابية والسلفية الدينية بدعم من الدول الأقليمية ودول الجوار والهدف هو أشاعة الفوضى وأجهاض تجربة الحكم الديمقراطي الذي تخافه حكومات المنطقة المحيطة بالعراق . ولهذا عندما تراكمت الأزمات دون حل ودون الأقدام بجرئة لوضع الحلول ، وتقييم للعملية السياسية في مؤتمر وطني يضم كافة أطراف الكتل السياسية الحاكمة مع دعوة القوى السياسية الموجودة في الساحة العراقية ، أدى ذلك ألى أنفجار الموقف في عدد من المحافظات ومناطق عديدة في البلاد ، فكانت المظاهرات والأعتصامات والتي كان لها مطالب مشروعة ألا أن عدم الأستجابة السريعة لها شجع القوى الأرهابية الى التدخل وأستغلال هذه المظاهرات وتوجيهها وجهة طائفية ورفع شعارات ضد العملية السياسية وأدارة الحكم ، فكانت ردود فعل الحكومة ضرب هذه الأعتصامات والمظاهرات بالقوة المسلحة فحدث قتال بين الطرفين وهنا تعَقد الموقف أكثر فأكثر، ولكن أكتشاف المخططات الهادفة الى أثارة الحرب الأهلية الطائفية والدعوة الى تقسيم العراق جعل الجميع يعيد حساباتهم السريعة وتوجهوا نحو التهدئة . أن أنسحاب عدد من الوزراء وأعضاء من مجلس النواب في بداية الأحداث وخصوصاً التحالف الكردستاني على خلفية عدم موافقتهم على أقرار الموازنة العامة وكتلة العراقية على خلفية أحداث الحويجة والأنبار وكذلك موقف التيار الصدري المعارض وتعقد الموقف بين البرلمان والتنفيذية أدى ألى أصابة البلاد بالخدر وتوقف المشاريع والخدمات الى الحد الأدنى مع زيادة تدهور الوضع الأمني . ولما كان التحالف الوطني يُعتبر الكتلة السياسية الكبرى الحاكمة في البلاد وأنها تمثل الأسلام السياسي المذهبي ، فأن أدارة البلاد أصبحت بيد دولة القانون لذلك تقع المسؤولية الأولى في مواجهة التحديات وتنفيذ حكم الدستورعلى هذا التحالف ولكن الصراع السياسي والطائفي حال دون ذلك ولم ينجح التحالف الوطني في حل الأزمات المتراكمة فلجأ الى الحلول الوسطى والأنفراد بمكونات كل تحالف وحل الأشكاليات التي تجمع بينه وبين طرف منفرد وهذا ما رأيناه من سير المباحثات مع أطراف من القائمة العراقية ومع التحالف الكوردستاني . أن الصراع السياسيي والطائفي لم يظهر في تحالف من التحالفات فقط وأنما في كل حزب أو مكون من مكونات ذلك التحالف . أن الحسابات التي أجرتها التحالفات وجدت المصالح المشتركة بينهم هي أكثر من نقاط الخلاف وأن المحافظة عل المصالح هو الأفضل وهذا ما وجدناه في عقد الأتفاقية بين الحكومة الأتحادية وحكومة الأقليم ، والتي بموجبها جرى تشكيل اللجان لحل جميع الأشكاليات حيث مهد ت الطريق لعودة الوزراء والنواب الكورد الى أعمالهم ، كما أن مبادرة السيد عمار الحكيم التي عالجت في الظاهر الخلاف ومن ثم المصالحة بين السيد نوري المالكي والسيد أسامة النجيفي . وهنا يبادر الى الذهن مجموعة من الأسئلة المرتبطة بمواضيع سياسية ذات محتوى طائفي وهي 1-كيف ستعالج الأزمات السياسية المستحكمة ؟ وماذا عن أنقسام القوى السياسية الداخلة في العملية السياسية ؟ 2-ماذا عن تأزم الوضع الأمني والأنفلات الأمني ؟ 3- ماهو الهدف من تصعيد الهجمات (الدوافع – المستفيدين – الموقف الدولي والأقليمي ) 4-مبادرة الحكيم هل تستمر ؟ 5-تغيير القيادات الأمنية هل تحل مشكلة الهجمات الأرهابية ؟ 6-ترحيل الخلافات والقوانين الى الدورة التشريعية القادمة هل تنهي المقاطعة مع البرلمان ؟ هذه تصورات من خلال هذه الأسئلة وأن المناقشة تبدأ من حيث المبدأ ، هل نريد نظام ودولة مدنية ديمقراطية دستورية بعيدة عن تدخل الدين السياسي أم دولة وسطية حاملة مشروع طائفي وسطي بين الدين والسياسة ؟ إن معالجة الأزمات تأتي من خلال مسؤولية الجميع أمام الشعب عن العملية السياسية الديمقراطية وعن التخطيط لبناء الدولة العصرية الحديثة ، ولابدَ من أجتماع للقوى السياسية ووضع معالم الطريق الجديد ، من خلال الحوار والمشتركات والأستناد الى نبذ المحاصصة والطائفية وتطبيق الدستور .كما أن هناك واقع أنقسام القوى السياسية الداخلة في العملية السياسية وما تتركه تلك الأنقسامات من تعقيدات على مستوى الحوار. أذن يبقى المؤتمر الوطني السياسي هو الحل أضافة الى عقد مؤتمر شعبي مسا ند. تأزم الوضع الأمني :- لقد أجتاحت البلاد موجة من العمليات الأرهابية حيث دلل ذلك على هشاشة المواجهة لتلك الهجمات بالرغم من الجهود التي بُذلت والسبب الرئيس هو أختراق أجهزة الأمن ووجود عناصر كثيرة متعاونة لغرض الدعم المخابراتي ، وكما نؤكد أن هذه الهجمات تزداد كلما أزدادت الخلافات والصراعات السياسية والطائفية وكأنها جاهزة في كل وقت ، لقد أشارت أرقام بعثة الأمم المتحدة والتي نُشرت مؤخراً بأن 1045 عراقي قتلوا في أعمال عنف متفرقة في البلاد خلال شهر مايس (أيار)وأصيب 2397 مواطن بجروح ، كما أن 782 مدنياً و263 من أفراد الجيش والشرطة قتلوا في أيار بينما أصيب 1832 بجروح و565 من عناصر القوات الأمنية خلال نفس الشهر وفي بغداد 532 قتيل مدني و1285 جريح لقد كانت عدد الهجمات 560 هجوم على مدار الشهر الماضي و178 هجوم بعبوات ناسفة و82 سيارة مفخخة و245 هجوم بأسلحة رشاشة مزودة بكواتم الصوت ، تقول الأمم المتحدة بأنها تعتمد في أرقامها على التحريات المباشرة وا لمصادرا لموثوقة . ولكن ماهو الهدف من تصعيد الهجمات :- الهدف مرتبط بالخطط الموضوعة لغرض أثارة الخوف والذعر لدى الشعب وأشاعة الفوضى لغرض تمرير تلك المخططات والتي تجري من خلال تعاون داخلي وخارجي (دولي وأقليمي ) وتنفيذ خطة التقسيم مستغلين بذلك ضعف الأجهزة الأمنية والخلافات السياسية وأستعصاء حل الأزمات . مبادرة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الأسلامي العراقي تعتبرأيجابية وجيدة من وجهة نظر المراقبين السياسين حيث وجه السيد الحكيم دعوة لعشرات من القادة السياسيين ورجال الدين لحضور الأجتماع الذي تمَ عقده في يوم السبت المصادف الأول من حزيران /2013 وقد نجح السيد الحكيم بمصالحة السيد نوري المالكي رئيس الوزراء والسيد أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب ، والملاحظ أن السيد مقتدى الصدر رئيس التيار الصدري لم يحضر الأجتماع وكذلك الدكتور أياد علاوي والسيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان وقد خرج الأجتماع بجملة من التوصيات والقرارات حيث أكد الحكيم في كلمته 1- اللقاء في الوسط 2- فتح حوارات جادة على قدر مستوى المرحلة التي يمر بها العراق 3- كلمة شرف على أن يكون الأختلاف تحت سقف الدستور 4- محاربة الأرهاب ودعوات التقسيم والبعث الصدامي 5- تقديم التنازلات المتبادلة 6- أستقلالية القضاء 7- التوازن في الجيش والقوات الأمنية وأبعادهما عن التسيس ومنع أستخدام العنف لقمع الشعب وأن تخضع للسلطة المدنية 8- أن يكون السلاح بيد الدولة حصراً 9- حضر تكوين المليشيات العسكرية خارج أطار القوات المسلحة . كما أكد على محاربة أي نهج يتبنى العنصرية أو الأرهاب والتكفير أو التطهير الطائفي أويحرض أو يمجد أويروج أو يبرر له لاسيما البعث الصدامي . وشدد على أن الدستور هو القانون الأسمى والأعلى وملزم في أنحاء العراق . تعتبر هذه المبادرة بداية للحل وقد علق سكرتير الحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى الذي حضر الأجتماع حيث قال أن الأجتماع أمر أيجابي ومبادرة جيدة تستحق التقدير ولايمكن أن تكون ألا بداية لسلسلة مكثفة وطويلة من الحوارات واللقاءات بهدف تحقيق تقدم ملموس وفعَال في معالجة جذور الأزمة وفتح الطريق أمام التطور الطبيعي للعملية السياسية الديمقراطة. ولكن هل ستستمر مبادرة الحكيم في أجواء التصعيد والأحتراب ؟وهل هي البديل عن المؤتمر الوطني ؟ هذا يعتمد على القبول بهذه المبادرة وتطويرها خصوصاً وأن بعض الشخصيات لم تحضر كما أن هناك العديد من الأتفاقيات لم تنفذ . جوزيف بايدن نائب رئيس الولايات المتحدة صرح بمقولته السابقة مجدداً بأن حل الأزمة في العراق يكمن بأنشاء ثلاثة أقاليم (شيعية ، كوردية ، سنية ) وهذا يرفضه الشعب العراقي وأنما أقامة الأقاليم يجب أن يكون على أساس جغرافي وليس على أساس طائفي وقومي ولكن طرح بايدن هو لتقسيم العراق طائفياً وقومياً . تغيير القيادات الأمنية هل تمنع الهجمات الأرهابية ؟ أعتقد أن هذه الخطوة أحترازية ولغرض تخفيف حالة الغضب تجاه ما يحصل ولكن بالتأكيد لاتمنع الهجمات ألا بحلول جذرية من خلال غلق منافذ الأختراق . لقد أشاد مقتدى الصدر بالزيارة التفقدية التي قام بها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي الى نقاط التفتيش ولكنه دعاه الى زيارة المتظاهرين والأستماع اليهم ، مع الكشف عن المفسدين . وفي أجواء الشحن الطائفي بادر مجلس عشائر الأنبار الى تشكيل وفد للمفاوضة مع الحكومة لأنهاء العصيان والتظاهر . ولهذا نرى أن أجواء التهدئة قد تُخفف من التوتر ولكن يبقى الحل بعيداً وأذا ما تمَ التفاهم والمصالحة حالياً ولكن أسباب التحريض والشحن تبقى موجودة في حالة أستمرار سياسة المحاصصة والطائفية . كما أن مجلس النواب ومن خلال عمله المتقطع قد فشل في حسم الكثير من القضايا المطروحة والتي تستلزم تشريع قوانين بخصوصها نتيجة لتأثير الصراع الطائفي والسياسي الذي عرقل الأستمرار في العمل مرة بمقاطعة جلسات المجلس وتارة بعدم الأتفاق على مشاريع القوانين . والآن تدور تصريحات أذا عجز مجلس النواب عن حسم مشاريع القوانين فسوف ترحل الى الدورة التشريعية القادمة في العام المقبل في 2014م وهذا يعني تأخر الكثير من القوانين منها قانون التقاعد وقانون الأحزاب وقانون الأنتخابات (وحسب المحكمة الأتحادية يجب أن يعدل ) . أن الكتل الساسية مطالبة بموقف تجاه الصراع الطائفي والسياسي وأن تحسم قرارها ليس بالكلمات بل بالأفعال حفاضاً على أستقلال العراق ووحدة شعبه بالضد من التقسيم والمحاصصة والطائفية .
#صبحي_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التيار الديمقراطي العراقي في مواجهة التحديات
-
الأتفاقية بين الحكومة الأتحادية وحكومة الأقليم هل تعتبر مؤشر
...
-
أحداث الحويجة تدق ناقوس الخطر !
-
الحسابات السياسية بين الحاضر والمستقبل
-
الدوران في حلقة مُفرغة !
-
سياسة الحكومة ومسؤوليتها تجاه الشعب
-
أجندات مُعلنة و أجندات مخفية !!
-
هل فقد الشعب الثقة في الحكومة والكتل السياسية ؟!
-
الأزمة السياسية مستمرة تحت دُخان الأنفجارات!
-
القوى الديمقراطية بين الأزمات السياسية والتحضير للأنتخابات
-
عام 2013 والفرح المؤجل
-
التعديل الرابع للقانونرقم 36 لسنة 2008 المعدل
-
ماذا بعد بيان السيد الرئيس ؟!
-
أحداث ساخنة وبرود حكومي !
-
نقد في نقد المشروع الديمقراطي
-
ماذا يجري حول أنتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي ؟!
-
الأنتخابات الأمريكية والأوضاع السياسية في المنطقة العربية وا
...
-
قرار المحكمة الأتحادية العليا وأشكالية التطبيق !
-
الحكومة بين الغالبية السياسية والشراكة الوطنية
-
هل هناك حل عند السيد الرئيس ؟!
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|