أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - الجرح الملالي














المزيد.....

الجرح الملالي


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 23:07
المحور: الادب والفن
    


-1-

الحب الذي بيننا مات ... إلى اللقاء ...

-2-

قرب جدار، وهو على وشك الانهيار ؛ جلس رجل يرتدي الأسمال ؛ تنطق شفتاه بضع كلمات..كلمات تنهل من العطف والحنان...على ركبتيه ثقوب جوع وآلام، وعلى قميصه المتقطع تنمو بوادر ثورة وفوران...آه في رأسه صلوات، ودعوات، وفي دماغه تخلف يجاور توسلات وتبركات .
قرب ذاك الجدار ؛ يمنح المارة صكوك الغفران، مقابل بضعة أقراش، لا تقتني حتى حزمة نعناع ...
أيها الرجل المنبطح قرب الجدار، أما وقد آن لك أن تغمض عينيك المصوبة نحو السماء، وتنظر إلى الجدار الذي يوشك على الانهيار ؟ أما وقد آن لك أن تنظر نحو الأديم، وتتحد مع رفاقك المتسولين، وجموع المنسيين ؟ أما وقد آن لك أنت تنظر نحو القريب من أجل وحدة المصير ؟
أجل يا هذا الذي يجمع بضعة أقراش، مقابل دموع من الدعوات ...لا تكفي الدموع ..ستنسكب كالأنهار، وستذيب ثلوج الفوران، وتطيح بالجدار، وتؤدي بالمتسولين نحو الهلاك، ولكن لن يحاسب من كانوا سبب البؤس والدمار....فلتتحدوا يا بني الفقر...على أجسادكم يبنى هذا الوطن .
بني ملال / 01/06/2013

-3-

كان الفصل خريفا، وكانت الغلال المسوسة تتطاير ...كانت الشمس صفراءا ترتدي لون القيح ...وكان حمارنا الأسود متهالكا على مشارف الموت...كان...وكانت...كان الكل كئيبا...غرقت أمي في الصمت ولم تتكلم، أما حبيبتي، فقد انزوت قرب الرصيف، وهي تتمنى من كل قلبها من حافلة الوداع بألا تأتي .
أووه ...أتوقف لحظة والدموع، لا تكاد تفارق العيون ؛ وضعت جزماتي على الرصيف ؛ لقد أحسست أن شيئا ما يقتلعني من أرضي، ويجردني من طفولتي ؛ " آه، فلتنظر إلى تلك المنازل المتناثرة التي ستختفي في غضون لحظات ؛ أنت ستختفي كذلك، ستختفي هذه الوجوه الواجمة...ستختفي...ستختفي...ها أنت تتنهد التنهيدة الأخيرة ...وها هي الحافلة قد اقتربت...فيظهر لك الحمار كحفار قبور...حاملا فأسا ....في حين أمك فقدت كل الدموع، وتحولت إلى جلمود...أدخلت في الحافلة، وأهيل عليك التراب، وحبيبتك تطايرت مع حبوب اللقاح "
...هناك بدأ الجرح يرتسم على جبيني ؛ بدأ يتمدد دون أن يندمل، وأتذكر تلك اللحظات، فلا تفارقني وأنا أغادر منزلنا المديني ؛ كانت بداية حزينة، حتى وإن بدأتها بالقبلات، وبالعناق، لكن ما أتعس الوداع، أجل لقد رميت في غابة افتقدت للظلال، وزرعت فيها الأشواك، وفي كل لحظة أحاول أن أتمشى، حتى تنغرز في جسمي أشواك، وما أن أقتلع واحدة حتى تنغرز أخرى ....أجل لقد كان جرحا ...أسميته جرحا ملاليا ....
" تركب الحافلة، ودموع الأرض لا تفارقك ؛ لقد كنت تريد أن تفعل مشاريعا كثيرة مع رفاقك القرويين، والمدينيين للدفع بالتنمية قدما، ولكن ها أنت تقتلع نحو المجهول ؛ آه أيتها الحافلة تجرفينني دون مقاومة ؛ تبا لي، وتبا لك ؛ أنت أصبحت قبري، وعالمي الوحيد ؛ إلى متى يعود العصفور إلى عشه ؟ إلى متى يعود إلى وردته الذابلة فيسقيها بنقراته ؟ آه تطنين ! إلى متى ينتهي طنينك ؟ "
جرح أنت يا بني ملال ؛ ظننتك جنة بمياهك المدرارة، ولكنك كنت جرحا يلدغني من حين لآخر، كنت أبكي كطفل صغير، ولكنك لم تشفقي علي كجدة لم تلد أولادا...أتمنى أن أغادرك إلى الأبد، ولن أرجع إليك ثانية ؛ إنك شوك لا يعرف الرحمة غاية، والحب مسلكا....
" كان الفصل صيفا، وكان الشهر حزيرانا، وها أنا أغادرك، فأخرج من كهف ...تجري الحافلة، فترميك بالغبار ؛ تبكين خلفي، لكن لا أهتم ...وداعا ...وداعا..حتى وإن كنت لا تستحقين الوداع ...تبا لك أيتها الجدران السوداء..الذابلة ...التي آويت بينها ...شكرا للوجوه القليلة ...الجميلة ...تبا لك أيها الكهف الأسود بوجوهك القاتمة التي لا تعرف الحب طريقا " .
" ..ها أنت تدخل إلى ثانوية العامرية ...ها أنت تخرج منها ...ها أنت تبتسم، فيتراءى لك الأستاذ محسن، فتشكره على حسن المعاملة، فتقول له : " لقد كنت ينبوع الحياة والتفاؤل، وحسن المعاملة...حولت المأساة إلى ملهاة، وكنا نتفاءل داخل كهف، وكانت ظلمته تغرقنا في متاهة "
وداعا لأرض لا تستحق الوداع .
عبد الله عنتار - الإنسان - / بني ملال - المغرب / 03 حزيران 2013 .



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضة
- مدينة ... ترتدي نعش الذكرى (2)
- مدينة...ترتدي نعش الذكرى
- الأجنحة المترنحة
- السراب الملالي
- المأساة
- عائد من لحدي
- وردة
- أقوال
- المحطة
- إنخرامات
- شطحات
- الذبول
- الدموع
- أقواس
- همسات
- رسالة إلى صديقي هشام
- كلمات من صميم الحوار
- منزلنا الريفي (3) / رسالة إلى جدتي العزيزة
- الصرخة الكرزازية


المزيد.....




- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - الجرح الملالي