|
التامل..والاسترخاء......والدخول الى فضاءات العقل البشري
وليد مهدي
الحوار المتمدن-العدد: 1180 - 2005 / 4 / 27 - 08:18
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن ما يحدث فقط هو الاعتقادات..وكلما كانت معتقداتك متناقضة _ وهذا هو حال معظمنا_ امتلأت حياتك بالصراعات جون ليلي *1
إن جل ما يحتاجه الإنسان في حياته هو الهدوء …والاسترخاء في بعض الأوقات ليعيد صياغة مفردات حياته من جديد…مدخلا التعديلات على نهجه كي يعيش في الأفضل …هذا النهج ببساطة يتمثل في المعتقدات…والتصورات…التي تقود الإنسان بخطى نحو المجهول…وفي موضوع الباراسايكولوجي أو السايكوفيزيا فان مبادئ تطوير القوى والمهارات النفسية يعتمد على مدى الانسجام بين المعتقدات كي تؤدي عملها على اكمل وجه ..إن هذه المعتقدات هي بمثابة منظومة داخلية غير مرئية …لا يمكنها العمل بصورة سليمة مادامت ملآى بالتناقضات …ما هو التناقض……وكيف يؤثر على عمل ( المنظومة الداخلية للعقل البشري ) ..؟؟ التناقض هو عدم توازن بناء المعتقدات … على سبيل المثال…فهناك من يعتقد إن الإنسان مسير في سلوكه..لكن طبيعة النفس البشرية أصلا …مناقضة لهذا الاعتقاد……؟؟ فالإنسان محب للحرية..كاره للقيود بطبيعته…وهنا ينشا أول صراع للإنسان مع معتقداته …الإنسان يحتاج إلى بناء جسر الثقة مع طاقاته وقدراته أولا قبل أن يعمد إلى تطوير المهارات النفسية التي لديه…لان المنظومة الفكرية للإنسان تتأثر بالتناقضات كون البيانات الأساسية للفكر البشري عبارة عن مفاهيم مستمدة من أحداث الحياة…فإذا ما خالفت المفاهيم المستمدة من ( تقليد ) أو مسايرة قيم سائدة في المجتمع …يبدأ الصراع…وتتشوش القدرة ..؟؟
ليس المهم أن تكون معتقداتنا صحيحة…لكن يجب أن تكون منسجمة متناسقة فيما بينها كي تؤدي بإتقان عمل المنظومة الداخلية
إننا نخشى من الحقيقة … مع إنها متعددة الوجوه… لذلك فليس من المهم أن تكون مفاهيمنا أو معتقداتنا صحيحة كي نطور مهاراتنا النفسية …بل المهم أن تكون منسجمة متوافقة……ويمكن أن نقول كباحثين …فان ضعف المهارات في العصر الحالي يرجع إلى هذا السبب…التناقض بين مفاهيم الأجيال..بين قيم المعايشة والأحداث المكتسبة بالتعلم …والقيم التقليدية التي غذاها في نفوسنا المجتمع …ومنها طموحاتنا التي رسمناها في بادئ حياتنا دون أن ندرك إلى أين نحن سائرون ..؟؟ مالحل….وكيف نستعيد ( أنفسنا ) من ربقة أوهام الاعتقاد….وكيف ننقذها من معارك النزاعات الداخلية الدفينة التي تجري في اللاشعور دون أن ندرك….؟؟
معرفة المشكلة أولا :
إذا تمكنا من تحديد سياق اصل التناقض في المفاهيم…نتمكن بسهولة من التعديل …ولكي نفهم لا بد أن نرى داخلنا بوضوح كيف نرى الداخل بوضوح ..؟؟ إن تمارين الاسترخاء ..والتأمل هي أساس التبصر في فضاءاتنا الداخلية الاسترخاء …يتمثل بالهدوء…والعزلة…في مكان ملائم بعيد عن مصادر الإزعاج أو أماكن عمل ممكن أن تحبط هذا الاسترخاء ..الذي يمكن أن نلخصه بأنه حالة من التهدئة عامة يمارسها الكيان البشري بكامله …الجسمي والعقلي…وهو مثال على ضرورة التوازن بين الكيان النفسي والجسمي…لان كليهما يعمل وفق مغيرات عمل الآخر….؟؟؟ ولهذا السبب …فان الاسترخاء يبدا بأخذ وضع جسمي مريح..في مكان مريح الإضاءة ..بأجواء توحي بالاطمئنان..ويفضل أن يكون الأشخاص المحيطين بك ممن يزرعون الثقة في داخلك بأنك ستقوم باسترخاء ناجح…وان لاشيء يستحق التفكير ..إلا الاسترخاء …؟؟ إن أوضاع الاسترخاء مختلفة…ولا نحبذ هنا تقسيم هذا الأوضاع وتسميتها على ما جرت عليه العادة في كتب السايكوفيزيا أو الباراسايكولوجي ..لأننا نعتقد بالمثل الذي يقول ( نام على الجنب اللي يريحك ) ..بمعنى أن ندرك إن رسم ملامح خاصة عن الاسترخاء من شانها أن تكرس في الذهن مفاهيم جديدة ..تناقض المفاهيم القديمة…التي نحن بصدد مجاراتها وفهمها للوصول بالعالم الداخلي إلى حالة من الهدوء ..والتأمل والإدراك لحيثيات دقيقة هي السبب في العديد من مشاكلنا دون أن ندرك لسبب ، أهم مفهوم قد يلقي بظلال فكرة خاطئة على الذهن إذا ما عمدنا إلى التقسيم وإملاء خطوات خاصة للاسترخاء هو… افعل هذا …ولا تفعل ذاك..؟؟؟ إن هذا المفهوم مقيد لأساس جبلة الإنسان الطبيعي المحب للحرية..المتغير..مع البيئة والظروف والمجتمع..وبالتالي..فإننا نريد من الفرد أن يكتشف بنفسه بعد تأمل بسيط كيف بإمكانه الاسترخاء..؟؟ ومتى يشعر بالراحة الفكرية التامة…ومتى يجد نفسه ذو قدرة ذهنية عالية على التركيز……؟؟
التأمل والتفكر Meditation contemplation
التأمل Meditation ((هو عنوان لحالة من الوعي يتوقف فيها نشاط الدماغ ))*2 إن توقف الدماغ عن العمل لا يعني توقف الوعي..إنما السماح للإدراك بدخول العالم الباطني..وهي أول خطوة للدخول إلى الفضاء الداخلي للعقل البشري . إن ما ينطبق على الاسترخاء ينطبق كذلك على التأمل ..فلكل شخص وضع خاص عليه أن يكتشفه لكي يصل إلى حالة التأمل…ونحن مضطرين الآن إلى ذكر أمثلة..نرجو أن لا تكون مذاهب يجب الالتزام بها مستقبلا..إنما نذكرها لتقريب الصورة لا اكثر. هناك من الناس من يفضل أن يصل بالتأمل عن طريق تركيز نظره على شيء معين..كان تكون مزهرية جميله..أو شجرة جميله..وهناك..من يصل إلى حالة التأمل عن طريق الجلوس تحت شلال مائي لطيف..أو حتى تحت ( الدوش ) في الحمام…؟؟ أحيانا يفضل بعض الأشخاص التأمل والاستغراق عن طريق الاستماع للموسيقى …ورؤية المناظر في وقت واحد أو كل على حده ….المهم في موضوع التأمل ..لماذا نتأمل…؟؟ إننا نفعل ذلك لكي نرى الداخل بوضوح ..دواخل أنفسنا..لكي نعرف حقيقة من نحن…وماذا نريد ..ولماذا ..؟؟ إن التأمل يوصلنا إلى حالة من الشمولية والاتساع ..يجعلنا نستمع لخرير الماء بطريقة أخرى غير الطريقة التي ألفناها مثلا..أو أن نتفاعل مع الطبيعة تفاعلا جديدا وليس تقليديا ..كذلك صوت الموسيقى سيكون له وقع آخر أثناء التأمل….إن التأمل ببساطة محاولة تركيز في جوهر ماهيات الأشياء ..فهو يحرر خبايا الجمال والسعادة من الباطن..ويطلقها في فضاء الخارج من الوعي الإنساني ..ويوصلنا إلى مستوى عال من الطاقة والسعادة لم نصل إليها من قبل . التفكر contemplation وهي إحدى الحالات الشعورية المتغيرة..تساعد على السيطرة على الذهن والوعي . فعلى سبيل المثال..اختر كلمة معينة…كان تكون..الحياة..كلمة بسيطة..حاول أن تركزها في ذهنك وتستعرض كل الأفكار ( البسيطة ) التي تعلق بها..وعندما تصل إلى حالة التأمل التي توقف كل نشاط ذهني واقع تحت السيطرة..تقفز أمامك..هكذا فجأة..فكرة جديدة..أو إحساس بصوت جديد ..أو حتى مشاهدة صورة معينة…كل هذه الأحاسيس..تنبثق من الداخل…ولا تقع تحت السيطرة. أنا شخصيا..على سبيل المثال …أتوصل في نهاية تأملاتي ..حول هذه الكلمة إلى صورة لكوب الأرض وهو يتحرك في الفضاء….لكنه لم يكن يدور حول الشمس…؟؟ إنها ربما تكون رؤية خاصة لفرد ما..لكنها مغايرة..للواقع الذي تعلمه هذا الشخص..فهو يعرف إن على الأرض أن تدور حول الشمس…لماذا تخرج هذه الرسالة من الأعماق وهي تحتمل هذا الالتباس…؟؟ قضية تفسير ذلك يمكن أن تتشعب إلى عدة مجالات..ومنها ..تجلي واضح..للبناء المتناقض الذي بنيت عليه أفكاري…أو ..إن اللاوعي يطلق رسالة مشفرة تشير إلى حدث مستقبلي ..تكون الأرض فيه رمز..للحياة..أو الإنسان…وكيف إنها تتقدم إلى أمام أو تتطور……!
ماذا بعد التأمل …؟؟؟ في المقال القادم سوف نتناول ذلك .
المراجع :
1* تطوير المهارات النفسية، انايد هو فمان ، ترجمة فوزية ناجي الدفاعي ، مطابع التعليم العالي/ بغداد 1985 . ص 45 _ 57 * 2* نفس المصدر السابق *
#وليد_مهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بابل......والتوراة.......وما خلف هذه النظارات ..؟؟
-
للاستاذ كامل السعدون مع التحية.......تعرف الحقيقة بعديد وجوه
...
-
التحكم عن بعد..بين بابل القديمة..والقرية العالمية المقبلة...
...
-
الباراسايكولوجي والاحلام……السايكوفيزيا الحلقة الثالثة
-
التخاطر...والسايكوفيزيا - الحلقة الثانية
-
مشاكل الديمقراطية في العالم العربي....العراق والجهاد الاكبر
-
- التخاطرالتلباثي......في اطار السايكوفيزيا- الحلقة الاولى
-
الصحافة العربية في زمن العولمة
-
جيل الحقيقة
-
رواية: سيرة مناضل في سبيل الجمهورية سيرة مناضل في سبيل الجمه
...
-
العمال في عالم المستقبل ...رؤية سياسية في اقتصاد المستقبل ال
...
-
سيرة مناضل في سبيل الجمهورية - الحلقة الأولى : ضياع في غابات
...
-
منظومة المعرفة البشرية والعقل الكوني
-
ما هي حقيقة القانون..؟؟
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|