جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4110 - 2013 / 6 / 1 - 19:21
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
نعمة لغة الشر
انه حقا يثير الاشمئزاز و السخرية ان نكتشف بانه لو حل الصدق محل الكذب و ساد السلام و العدالة في العالم لفترة زمنية طويلة نسبيا لتوقفت عجلة التقدم في كل نواحيها بسبب قلة ديناميكية المسائل الاخلاقية و هدوئها و لوقع العالم في ملل قاتل و احباط و خيبة الامال.
نعم يتفشى الخداع و الكذب و الغش في الطبيعة اينما ذهبت. هذه صفات حياتنا الديناميكية منذ اللحظة التي تحولت فيها كرتنا الارضية الى بيئة صالحة للعيش.
لو كانت لغة الانسان دقيقة لتحولت الى عمليات رياضية آلية و قضت على جمال الغموض و قوتها. ليست اللغة قوية بدقتها بل بغموضها لان الغموض يفتح المجال للمناورة و التفنن و تعدد المعاني و المزح و النكات و السخرية تمكنك ان تقول شيئا و تعني العكس تماما. مفتاح التطور يقع في يد الغموض و الشر. لا تجد هذه القوة الا في لغة الانسان كمرآة لنفسيته الشريرة. احتار كيف يمكن ان ادعو للشر لكي لا نقع في سبات طويل و نختفي من الوجود؟
كم كانت لغاتنا البشرية فقيرة لوفرغت من المفردات الحربية و الغش و النميمة و النفاق و الدجل و الكذب. معظم مفردات اللغة حربية الطبيعة:
تغلب على / انتصر على / نافس / هزم
وقف اطلاق النار/ هجم على / ضد
الجبه / الجناح / الجيش
الحرب / المقاطعة / الحصار / المحاربة / اسلحة / السيف / الهدنة
الفرقة العسكرية / الكتيبة (من - كتب - لان المعنى الاصلي لكتب لا يتعلق بالكتابة بل بالربط و الجمع و التشكيل لذا يمكن تشكيل كتيبة و ربط الورق الى كتاب). تمتليء الكتب المقدسة بمفردات العنف و القتال. هناك مئات بل الاف الكلمات بضمنها التي لا تحس بها مثل (القوم) من (قام) و نهض للحرب و (الفتى) في المعنى الحربي الاصلي (شباب الحرب). لا توجد هناك لغة تستطيع الاستغناء عن مفردات الحرب. كثير من الاختراعات الرائعة هي حربية الاصل مثل الانترنيت و اللوجستيك logistics رغم ذلك نحاول دائما التوصل الى سلام عادل قاتل.
http://en.wikipedia.org/wiki/Conceptual_metaphor
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟