صباح نيسان
الحوار المتمدن-العدد: 4109 - 2013 / 5 / 31 - 00:44
المحور:
الادب والفن
في ذكرى السياب .. بأختصار
مطر .. مطر .. مطر
هذا ما ردده الشاعر الكبير بدر شاكر السياب في قصيدتهِ الرائعة ( انشودة المطر ) ، التي رثى من خلالها العراق ، وجعل من المطر رمزاً لهواجس النفس الانسانية ، ورمزاً للحياة الرغيدة التي يحلم بها لمجتمعهِ السابح في بحار الفقر ..
وكم ذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوفَ أن نُلامَ - بالمطر
مطر
مطر
ومنذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطلُ المطر
وكلّ عامٍ - حين يعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ والعراقُ ليسَ فيه جوع
مطر .. مطر
مطر
في هذا التصوير الدقيق لواقع الحال في العراق ، والذي تعاقبت فيهِ الاحوال السيئة ، والظروف القاسية للحياة ، والحروب ومخلفاتها من الصراعات السياسية ، والاستهداف الدائم للشريحة الواسعة ، المكونة لبلاد وادي الرافدين والتي تسمى اجبارياً ( الشعب ) يشير السياب الى ان العراق في محنة دائمة ، وأن كل يوم جديد فيه بمثابة تأكيد على ديمومة الفقر ،وسوء الحال والاحوال ، الا ان المطر في العراق عنوان ( الخير ) ، وهو حسن طالع للمواسم الزراعية حسب التقويم الريفي لأرض السواد ، وهو ما تصحو لأجلهِ الانهر من سباتها ، وتتنفس البحيرات به ، وتتجمل الجبال ، وتفرح الارض ، وتتبتهج الون السماء ، وينبت الكمأ ، ويمنح السابتون الحلم بغد اجمل .
واستمرت امطار السياب تهطل كل عام ، حتى وصلنا هذا العام ، والمطر يحمل لنا قصيدته الجديدة ، المكتوبة بماء جديد ، والتي اضاف لها لحناً غائماً بألوان حزينة ، حزن المساكن الغارقة ، والاحياء الرطبة ، والشوارع المقفلة بكتل كونكريتية ، حزن المدراس الموحلة ، والمستشفيات التي يسكنها المرض ، حزن الطرقات الخاوية التي مر بها اهلنا ولم يعودوا اليها ، حزن الابواب التي فقدت اسيجتها وظلت تنتصب وحيدة خائفة ، حزن السياب الذي تمنى .. وتمنى .. وتمنى.. ولايزال يتمنى : ان لانذكر ابداً مطر قصيدتهِ كلما هبت نسائم آخر عشرة ايام من آب وهي تغادر الى ايلول في طريقها الى موسم آخر قادم .
افرح ايها السياب فأن اعداءك يخلدونك في آلامنا كل يوم ، فقد اقسموا ان لاينقطع مطر قصيدتك .
#صباح_نيسان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟