أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - السويد والآذان !!















المزيد.....


السويد والآذان !!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4106 - 2013 / 5 / 28 - 20:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



إذا وقفت يوم الجمعة قرب مسجد فيتيا ظهراً وامتلأت آذانك بصوت المؤذن، فقد تتصور أنك موجود في القاهرة أو بغداد أو الرباط لكنك في الواقع واقف قرب مسجد في ضاحية من ضواحي ستوكهولم في مملكة السويد، ففي سابقة تاريخية سمحت دولة السويد الاسكندينافية لرفع الآذان جهراً لصلاة الجمعة من مئذنة لجامع إسلامي في ضواحي العاصمة ستوكهولم، بعد جدل وحوار طويلين وأخذ ورد مستمرين!
وبالرغم من أهمية " الخبر" للعالمين العربي والاسلامي، لكنه لم يستثير الاهتمام الكافي من جانب المسؤولين في الدول العربية والإسلامية بما فيها الأوساط التي كانت صرختها عالية، بل وانفعالية حين تم نشر صور كاريكاتورية مسيئة للرسول قبل سنوات في الدانيمارك من جانب صحيفة مغمورة أو في هولندا في وقت لاحق أو ردًّا على البابا بنيديكتوس السادس عشر أو غيرها.
لعلّ خبر مسجد فيتيا يستحق التوقف عنده من جانب الأوساط المهتمة بالحوار الحضاري والتفاعل الثقافي ومدّ الجسور بين مختلف الشعوب والأمم وعلى أساس المشترك الإنساني، وذلك لعدد من الدلالات التي تربط العرب والمسلمين بدولة السويد بشكل خاص والغرب بشكل بشكل عام، لا سيما للعلاقات الإسلامية- المسيحية.
فالسويد تضم أعداداً كبيرة تصل إلى نحو نصف مليون من اللاجئين العرب والمسلمين، وتتعامل معهم باعتبارهم في الغالب الأعم مواطنون، اكتسبوا الجنسية السويدية، لهم حقوق وواجبات المواطن السويدي أو مقيمون بصورة دائمة يتمتعون بما يتمتع به المواطن السويدي والاسكندنافي، بل من دول الـ Shingen باستثناء بعض الحقوق السياسية المحدودة (كالترشيح والانتخاب وغيرها).
وثانياً إن القبول من جانب السويد برفع الآذان هو شكل من أشكال الاعتراف بالآخر وبالتعددية الدينية والتنوّع الثقافي لا بدّ أن ينعكس إيجابياً على علاقة الجاليات العربية والمسلمة بسكان البلاد الأصليين، طالما أن هناك حماية قانونية لذلك، خصوصاً وأن دولة مثل السويد تشعر أنها تكتسب بُعداً جديداً بمثل هذه الاضافات من خلال تلاقح الثقافات وتفاعل الحضارات وتقارب الأديان، وهو ما يسهم في تقليص دائرة التعصّب والتطرّف ويساعد في تخفيض ردود الفعل التي قد تؤدي إلى العنف والارهاب بسبب الشعور بالتهميش والإقصاء أو غير ذلك.
وثالثاً إن السويد ترتبط بعلاقات ودية مع غالبية البلدان العربية والإسلامية، فهي دولة لم تستعمر بلادنا العربية أو الإسلامية في السابق والحاضر، ولذلك فإن تعزيز العلاقات معها أمرٌ مهم، تأييداً ودعماً ليس لهذه الخطوة الإيجابية فحسب، بل لمجمل العلاقات المتكافئة القائمة على أساس المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة من خلال توثيق العلاقات الاقتصادية والتجارية، والاستفادة من خبراتها في مجالات العلوم والتكنولوجيا والطب وبناء الهياكل الارتكازية والبنى التحتية وغيرها، وهي حقول تحتاج لها بلداننا العربية والإسلامية، بدلاً من الاعتماد على دول استعمارية عانت منها ومن ارثها شعوبنا العربية والاسلامية ولا تزال، بما فيها دعم " إسرائيل" والتنكر لحقوق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.
رابعاً إن خطوة من هذا النوع تساعد في توطيد العلاقة السياسية من خلال فتح مجالات جديدة للحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة والمتنوعة في إطار الحضارة الكونية المشتركة والموحدة والمتعددة في آن، لا سيما بفتح نوافذ مهمة للعلاقة بين المثقفين العرب والمسلمين وبين المثقفين السويديين ومن الدول الاسكندنافية، فضلاً عن تبادل الزيارات، والاستفادة من الترجمات المتبادلة، والاطلاع على التجربة السويدية المتطورة في ميدان الصحة والتعليم، القائمة على التسامح والاعتراف بالآخر، وهو الأمر الذي نحتاج إليه وينبغي أن يكون أمراً متبادلاً في علاقاتنا، كما أنه يساعد على بناء الجسور بين أبناء الوطن الواحد ويعزز لديهم الشعور بالمواطنة (سواء كانوا من أصل عربي أو إسلامي أو أصًول اسكندنافية ومسيحية) ومن جهة أخرى فإن منهج التسامح يساعد في تعزيز علاقة المهاجرين بالمجتمع الجديد السويدي من جهة، ومن جهة ثانية بمجتمعاتهم الأصلية، خصوصاً وهم من حملة الثقافتين العربية- الإسلامية والأوروبية الغربية، لا سيما الجيل الثاني.
جدير بالذكر أن جامع فيتيا إكتمل بناؤه العام 2007، وحصل جدل حول السماح برفع الآذان، وكانت إدارة الجامع قد تقدمت بطلب إلى البلدية التي أحالته إلى دائرة الشرطة، التي قامت بمنح حق الآذان (يوم الجمعة لمدة 3 إلى 5 دقائق) بين الساعة 12:00 و 13:00 ظهراً، حيث يبلغ عدد المصلين في هذا الجامع نحو 7000 مصلي. وهكذا تم إلغاء الحظر الذي اعتمدته السلطات المحلية عند الترخيص ببناء الجامع، وقام التلفزيون السويدي بنقل الآذان مباشرة عبر شاشات قنواته المختلفة، فضلاً عن قنوات أخرى، وكانت " جمعية الثقافة الإسلامية" قد تقدّمت بطلب لرفع الآذان في العام 2012، وتمت الموافقة عليه في شهر نيسان (ابريل) 2013 أي بعد نحو عام واعتبر الكثير من المسلمين أن ذلك حدث تاريخي مهم في حياتهم في السويد .
وبالرغم من احتجاج الحزب الديمقراطي السويدي وهو حزب يميني معروف بعدائه للمهاجرين ومحاولاته المستمرة لاستئناف القرار لدى المحاكم الإدارية، الاّ أن الاحتكام إلى سيادة القانون في مجتمع تعددي وديمقراطي هو الذي قاد إلى هذه النتيجة الإيجابية والتي بالإمكان أن تعمم على نحو 200 مسجد في السويد قسم منها فيها مآذن ولكن لا يوجد ترخيص بالآذان وقسم منها مبني بشكل مؤقت، فضلاً عن إمكانية إدراج أحد الأعياد الإسلامية (الفطر أو الأضحى) ضمن الأعياد التي تحتفل بها الجالية العربية- الإسلامية ووفقاً لاعتراف رسمي من جانب الدولة، مثلما يحتفل المسلمون في هذه البلاد بعيد ميلاد السيد المسيح وغيره من الأعياد المسيحية.
وكنت قبل نحو عام التقيت بالسفيرة السويدية بريجيتا هولست العاني مديرة المعهد السويدي بالاسكندرية، من خلال ندوة نظمها مركز دراسات الوحدة العربية في تونس بالحمامات، وكانت الندوة تحت عنوان " الدين والدولة" شارك فيها عدد من الباحثين والمختصين من تيارات مختلفة، بمن فيهم عدد من الأجانب، ودارت حوارات ساخنة وغنية إزاء مستقبل علاقة الدين بالدولة بعد التغييرات التي حصلت في تونس ومصر وليبيا واليمن، بل وعموم المنطقة.
وكنت قد سألتها عن معنى وجود معهد سويدي بالاسكندرية، فقالت انه ملتقى للخبراء والفاعلين السياسيين والمدنيين بين منطقتي البحر المتوسط والشرق الأوسط ولا سيما العالم العربي ودول أوروبا من ذوي الرؤية المشتركة، وذلك تحت عناوين " الحوار من أجل التغيير".
وبعد صدور قرار إجازة الآذان في جامع فيتيا التقيتها مجدداً، في الاسكندرية وكانت مرتاحة لصدور مثل هذا القرار معتبرة ذلك جسراً لتعزيز الثقة بين المهاجرين والمجتمع السويدي، من أجل مواطنة متساوية وحقوق متكافئة، واحترام الخصوصية الثقافية في إطار الهوّية السويدية.
لعلّ هذه الخطوة تأكيد على الاختلاف والائتلاف في الآن ذاته واحترام متبادل وفهم الآخرين ووجهات نظرهم وعاداتهم وطقوسهم ومقدساتهم.
إن بناء مستقبل العلاقات السويدية – العربية والإسلامية، يتطلب البحث في المشترك الإنساني في إطار احترام الثقافات والتعدديةوالتنوّع، بما يؤدي إلى تقليص الفوارق بين الجنوب والشمال والاستفادة من الثورة العلمية- التكنولوجية التي تسهّل على التواصل وتبادل الخبرات وتبني الجسور واختصار المسافات بما يعزز دور الشباب والمرأة ويساهم في تقديم صورة إعلامية جديدة للعلاقات الدولية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن العدالة الانتقالية
- الدستور مليء باختلالات وألغام انفجرت بعضها وستنفجر غيرها
- عن الكرد والنجف والثقافة
- الطائفية وانعكاسات الجغرافيا السياسية
- التفكير الديني وفقه المعرفة
- حكاية الحوار العربي- الكردي
- المثقف ونقد الثورة
- -إبادة- التعليم!
- بول وولفويتز ورسائله المثيرة
- حقوق الإنسان: سلاح ذو حدين
- بغداد عاصمة الثقافة العربية!!
- الثورة ومبادرة حكم القانون
- حلبجة ورائحة التفاح
- التغيير والتنوير
- 10 سنوات على احتلال للعراق العملية السياسية على الحافة
- سلاح أميركا ضدها!
- تديين الدولة أم - دولنة- الدين!؟
- هوبسباوم وتغيير العالم
- تشيلي في الزمن العربي
- العولمة والإعلام .. أثمة مبالغات؟


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - السويد والآذان !!