أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أثر الدلالة














المزيد.....

أثر الدلالة


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4103 - 2013 / 5 / 25 - 12:03
المحور: الادب والفن
    



"الصبغة المورقة لتولد الدلالة "-1 ، هكذا يعبر رولان بارت عن لعبة القراءة بين حافة المتعة وحافة اللذة . والقراءة عند "بارت " هي قراءة ذهنية ككل القراءات ،لكن الاشتغال على القراءة ومزاولة القراءة لمدة طويلة تمنحك هبة استشراف سراديبها وأغوارها ، لتصير مستكشفا من نوع آخر ، مستكشف يحمل في ذهنه معاول وأزاميل العقل للتنقيب عن مكنونات اللغة عبر انثيالاتها البلاغية ، كما يحمل في ذهنه مصباحا دقيقا يركز بشدة على الكلمة المفردة واللفظة اليتيمة ،قبل أن يعكس الضوء الدقيق على باقي المفردات ، لتتفجر الدلالات وتورق حسب بارت .
القراءة اذن ليست مسحا سطحيا ، انها توغل واختراق حسب التعبير الأثير لأدونيس ، فأنت لكي تقرأ قصيدة ما أو رواية أو قصة أو شذرة ، عليك أن تتأهب لمستوى معين من القراءة .
كثيرا ما نقف عند عنوان مؤلف ما ، فلا نقترب الى محتواه ،لأن صاحبه ظل في عتمات الاشهار الاعلامي الثقافي أو الاخباري . لكننا اذا تجرأنا وقرأناه ، ستمتلكنا الدهشة الى غناه الذي نفتقده عند سدنة الكتابة المفروضين على القارئ العربي بواسطة اعلام مستلب ومستعمَر ، كاستلاب الشعوب العربية واستعمار بلدانهم . لماذا أضحى المثقف العربي كائنا متخلفا علائقيا ،يبحث عن انقراضه المحتمل ، تماما مثل الحيوانات المنقرضة طبيعييا لتحولات في البنية المناخية وانحسار مجالات رعيها ؟ . لكن مجالات الرعي في الكتابة تزداد غنى بازدياد اهتمامات الانسان وتكاثر ابداعاته في مجالات لم تكن مطروحة بالنسبة للكتابة في عهود قريبة . بما يمنح الدلالة تضعيفا لامحدودا ولانهائيا .
لعبة الدلالة اذن ، لاتقف عند حد قراءة النصوص الابداعية ، بل هي تتجاوزها الى قراءة الخطب والمواقف السياسية ، والعلاقات الاجتماعية . ليست هناك قراءة منعزلة ، الكاهن نفسه ، والصوفي المنعزل لا يهربان من مجتمعاتهما الا لأسباب معينة ترتبط بقناعاتهما . هذه القناعات نفسها مأخوذة في علاقتهما بتلك المجتمعات . ثمة علاقة دائمة اذن بين الانسان ومحيطه . وأي ادعاء بالعزلة هو ادعاء فاقد لمشروعية الانعزال .
من ينعزل عليه أن يقطع كل علاقاته بالمنعزل عنه . ثمة لغط وخلل في مفهوم الانعزال ، أو على الأقل هو لفظ استعاري بامتياز ، يتلاعب بنا كيفما شاء ، لقد امتلك سطوة كبيرة عبر التاريخ البلاغي للغة ، فحين ننقل اللفظة الى مجال علمي بحث كالفيزياء ونعزل مكونا ما ، فاننا نحدث انفصالا تاما بينه وبين باقي المكونات الأخرى ، بمعنى انه يشكل عالما آخر خاصا به ، ولاتبقى له علاقة بالبنية السابقة وقد تنشأ له علاقات جديدة تكتشف لاحقا . لكن لحظة العزل تظل فارقة لأنه يستقل بذاته دون اي ارتباط بالعلاقة السابقة . هنا فقط يمكن الحديث عن العزل .
هكذا تعلمنا اللغة في ارتباطها بأفعالنا ومواقفنا أن كثيرا من الألفاظ التي نتداولها ، نتداولها توقيفيا وليس اصطلاحيا ، ونحن ما نزال ندعي بتبجح فظ انخراطنا في حداثة موهومة ؛ حيث التشظي والانفجار ،تشظي العقل الانساني وانفجار علاقاته .ان الحداثة في تعريف بسيط هو خصب الدلالة الانسانية عندما يعيد الانسان استكشاف طاقاته الذاتية ، ويعيد النظر في علاقاته القديمة بالكون ،بالوجود ،بالماهية ، بالممكن ، بالذات حتى .
ثمة دائما ممكن في هذا الوجود الانساني مادامت الدلالة لم تستنفذ بعد ؛ ولو جزءا بسيطا من قدراتها على الابداع . والابداع لاعلاقة له بالالهام . الابداع عملية شاقة ، حتى بالنسبة لأولئك الذين لم ينخرطوا في القراءة الأكاديمية أو لم يأتوا عبر المسالك الأكاديمية . فقد كانت لهم قراءات أخرى ،قراءة أكثر تعقيدا ،فرغم أن أب خورخي لويس بورخيص حاول الكتابة وهو المحامي وأستاذ علم النفس الا أنه فشل ، لكن ابنه سيصبح أشهر كاتب دلالي في القارة الأمريكية .
ارادة الدلالة غير الانخراط في الدلالة ، فتجربة ألبرتو مورافيا تعلمنا أن للدلالة فعل وأثر المسكن من الأوجاع ، فهو عبر القراءة كان ينسى آلامه التي سببتها هشاشة عظامه لفترة طويلة من حياته ، واتخذ من الدلالة علاجا هرمونيا فريدا من نوعه حين بدأ الكتابة ز هناك علاقة طردية بين قوة الذهن وقوة أعضاء الجسد ، ليس بمعنى قوة الممارسين لرياضة كمال الأجسام ، بل تساعد قوة الذهن على افراز هرمونات غير مستكشفة طبيا وعلميا للآن على منح كل المكونات المرتبطة به بعض قوته *.
يقول ألبرتوا مورافيا عن روايته الأولى "لقد كان الجسر الأول الذي حاولت رميه فوق الفراغ ، هاوية حياتي " -2-
الهاوية كلمة ترد عند كثير من الأدباء العمالقة ، بودلير ،بورخيص ، دوستويفسكي ، مورافيا ، ايكو ، كاموس و سارتر ...الخ . والملاحظ أنهم جميعهم مبدعون ،أي أنهم من مملكة الدلالة . محمود درويش كثيرا ما حام حول لفظة الهاوية ، واستعملها بلفظها المباشر "ويحملني طائرانْ الى الجهة الخاليةْ من الأوج والهاويةْ " ؛ " يقول لها: انتظريني على حافة الهاوية " ، وحين نحذف هذا الجدار الفاصل في كلمة "هاوية " وهو الألف الممدودة ، تصبح" هوية " ؛ ولعل هناك نسب قوي بين الهوية والهاوية ، سندركه نحن المتأخرون الذين نشتغل على انثيالات الدلالة لغويا ، أي في صلب اللغة نفسها ، قبل أن نقفز الى حوافي الدلالة الغنية ، فهل يمكن أن نتجاوز سحر الدلالة وأثرها في القراءة والكتابة والتلقي ؟ .
.
الهوامش والمراجع
*************
* سوف اعود الى هذا الموضوع بتفصيل .
1- لذة النص .. رولان بارت ...ت: فؤاد صفا والحسين سبحان ..ط:1- 1988 ، دار توبقال المغرب ..ص: 21
2- Entretien avec Alberto MORAVIA .....Jean duflot ..1970 ...Edition pierre belfond ..France



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن الغائب الحاضر-12- رواية
- تذكرة السيرك
- ليس دفاعا عن العلمانية
- عاشق الفوضى
- عرق الريح.......
- الخوف من انبعاث الحضارة العربية ثانية
- البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية
- ابتسمي
- هاري كريشنا
- المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة
- البحث عن الغائب الحاضر -10-رواية
- سليل النار
- رعشات تائه
- البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية
- السلطة الرابعة ...السلطة الأولى -1-
- التفكير بالدين والتفكير في الدين
- روسيا تنتصر
- البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
- أنت الصباح
- فنجان قهوة مر


المزيد.....




- تصوير 4 أفلام عن أعضاء فرقة The Beatles البريطانية الشهيرة ...
- ياسمين صبري توقف مقاضاة محمد رمضان وتقبل اعتذاره
- ثبت تردد قناة MBC دراما مصر الان.. أحلى أفلام ومسلسلات عيد ا ...
- لمحبي الأفلام المصرية..ثبت تردد قناة روتانا سينما على النايل ...
- ظهور بيت أبيض جديد في الولايات المتحدة (صور)
- رحيل الممثل الأمريكي فال كيلمر المعروف بأدواره في -توب غن- و ...
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- رحيل أسطورة هوليوود فال كيلمر
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- - كذبة أبريل-.. تركي آل الشيخ يثير تفاعلا واسعا بمنشور وفيدي ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أثر الدلالة