|
غناء في مأتم
علي شبيب ورد
الحوار المتمدن-العدد: 1178 - 2005 / 4 / 25 - 05:18
المحور:
الادب والفن
لعل( المأتميّة ) في بلادنا ( بلاد ما بين النارين ) نار القومية ونار الطائفية الآتيتين من وراء الحدود ، ستصبح مثل ( خط الثورة ) ذلك الشعار المرعب والكوارثي الذي رفعه البعثيون في بداية تسلمهم السلطة لتركيع الشعب وذبح الفرحة والفكرة لدى الآخرين ، اعتمادا على المبدأ القمعي ( الذي ليس معنا ضدّنا ) . والمأتميّة هي جملة المظاهر والممارسات والطقوس المتطرفة التي تحرق الزرع والضرع . والتي راح يتباهى في التصيّد بها ( المتزلفون المنتفعون ) على اختلاف أقنعتهم وأمكنتهم في ( ماراثون العدو النّفعي ) الذي يفوز فيه دائما الحفاة وذوو الحوافر . ما الذي يحدث في بلادنا غير الخراب والعتمة ؟ انه إخطبوط لا مرئي لخلط الأوراق في العتمة لتمرير دكتاتورية الأقوى . الذي استمدها من غلبة ( الرأي الخام ) . المأتمية أصبحت موضة للتزلف فأغلب الأحزاب وبالذات المصابة بلعنة ( الأغلبية ) تجمّع حولها كل المتزلّفين من مبدّلي الأقنعة . وهؤلاء سيصبحون قادة المستقبل لهذه الأحزاب الجماهيرية والظلامية حتما . بفعل متاريس القمع النازحة من الشارع إلى الدولة . تصوّروا إن أغلب المسئولين الجدد ( كسابقيهم ) عندما يبدأون خطبهم التعبى لديهم ( ديباجات مأتمية ) تبدأ من ( بسم الله ) لتنتهي إلى ( بسم الدولار نحارب الاستعمار ) فيفرش ليصنف بالمعيّة وينفش ويبطش وبعدها يكرّش ، وعلى العراق وكفاءاته السلام . وستضيع الدولة على أساس المحاصصة الحزبية ( الطائفية والقبلية والتزلفية مرجعيا ) وهذا ما تريده ( الأغلبية ذات الحس المأتمي ) المخدوعة بالمشاعر القومية قبل التغيير والمشاعر الطائفية بعد التغيير . بعد هذه البانوراما المأتمية لعراق ( ما بين النارين ) أتساءل متى ينتهي التحزب الأعمى للرأي ؟!! متى نتخلص من دكتاتورية الأغلبية ( المزعومة ) ؟ ما هذا الهجوم البربري ( للحس المأتمي ) على دوائر الدولة ؟ ومن هؤلاء الذين يأتون من الشارع ليفرضوا رؤاهم المأتمية على المؤسسات ؟ أما من رادع للظلاميين وأبناء الليل ؟ متى تستقل الدولة عن مرامي دكتاتورية الأقوى ؟ متى يذهب الطفل إلى المدرسة ولا يرى فيها مظاهر المأتم ؟ متى يذهب الموظف إلى دائرته ليجد مديرا لا (روزخونا ) تابعا للطنطل ؟ ومن هذا ( الطنطل ) الذي يخيف ( المسئولين الجدد ) من أداء مهامهم الطبيعية في إدارة وتصريف شؤون الدائرة ليتحول واحدهم إلى ( حديدة عن الطنطل ) لا يكش ولا ينش ؟ متى يفرغ الشارع من أتباع الطنطل الذين أبدلوا الزي الزيتوني بالأسود ؟ !! لا أعني بقولي هذا أحدا بعينه . أو جماعة بعينها . بل التمادي والإفراط في محاولة سن ممنوعات ومحددات بحجة القيم والتقاليد . والتي تصور للبعض وكأنّهم أوصياء على الناس دون وجه حق أو واعز من ضمير . نحن جميعا بتنا نعيش متهيّبين من وهم لا مرئي يفرض وجوده علينا دون إن ندري . ولا ندري من أين تأتي إلينا سلة الممنوعات هذه ؟ هي ولا شك يصنعها المتزلّفون لدكتاتورية الطنطل الحزين . والمستمدة وجودها من مشاعر الحزن السائدة بين الناس . بسبب موجهات الأسى للذاكرة الجمعية الرافضة دوما لآليات أداء الدولة على كل المستويات . إن دكتاتورية الشارع ( ذي المشاعر الدادائية ) نحو مؤسسات الدولة وآليات أدائها صوب التحضّر . ستؤدي ولا شك إلى إعادتنا إلى مواضينا القروسطية وحضارتها القائمة على الخيمة والسيف والجمل . لو لم يوقف ( المأتميون ) عند حدهم خارج مدى التأثير على عجلة التطور المعرفي للدولة . بمعنى أن تستقل الدولة عن تأثيرات ( بني مأتم ) الانفعالية والسوداوية الرّعناء . ما ذنب أطفالنا لنفرض عليهم مشاركتنا في مأتميّتنا الزائغة ؟ ما الجدوى من عدم تشجيع الأدب والفن على ممارسة نشاطاته الإنسانية ؟ لماذا تحول حمل الآلة الموسيقية في مدينة القيثارة السومرية إلى جريمة مخلة بالشرف ؟!!! لماذا لا نبعد خنادقنا السود عن آفاق الدولة البيض ؟ كفى زيفا وإمعانا مفتعلا في المأتمية . كلنا أخوة ونعرف بعضنا جيّدا . وهذه هي الحياة حزن وفرح ذبول وتفتّح موت وولادة . دعوها تسير على سجيّتها وقانونها الأزلي والإلهي الذي لا يرد . لا فضل لأحد على أحد كيما يكون قيّما وموجها وقحا ومتماديا في فرض رأيه عليه . من أنت كي تقمع خليفة الله على الأرض ؟!! متى نعمل وننشد للعراق قبل كل شيء ؟ متى نخرج من قمقم القمع للحريّات ؟ من المسؤول عن تعطيل الثّقافة في بلد الحضارات غير التطرّف والتزلّف موضتي العصر المفتعلتين و النفعيّتين ؟ لماذا يعاني الموسيقيون من دوامة ( التحجيم ) ؟ ما الضرر في إن نسمع أنشودة عن العراق ( لا تسب العنب الأسود ) مثل أنشودة العراق أوّلا كلمات الشاعر خالد صبر وألحان علي عبد عيد ، الرائعة والوطنية في معانيها وتوقيتها الذي كسر جدار القمع الذي يفرضه المأتميّون أبناء الليل وأتباع الطنطل المرعب ؟!! والتي عرضها علينا المخرج في تلفزيون الناصرية الصديق على عبد النبي مشكورا . ترى أيسمع قولي هذا ؟ أم تراني لا أسمع ؟ لأنّ ذوي النّفوذ لاهون في تركيز مواطيء أقدامهم على رقابنا بفضل الأكثرية ( الطا قرويّة ) والحمد لله . أو باعتبار أننا لسنا في العراق الذي أنهكنا الانتماء إليه . نتيجة بلاوي الساسة المتقاولين للإطاحة به إلى أبد الآبدين . بل في بلد حوّلته الدكتاتوريات إلى مذبح للفرح ومدفن للرؤى والجمال . ومن يبدع ويميل إلى الموسيقى تلك اللغة الكونية الأكثر إيصالا ورقيا بين البشر ، من ذوي المفاسد وهو مواطن من الدرجة الثانية في سلم (النفاق الاجتماعي المعاصر ) أخلص للقول ما هذه المظاهر المأتمية المزيّفة التي أحالت أقصى التجمّعات والحفلات الاجتماعية فرحا وبهجة .. إلى مآتم ؟ هل نحن في العراق أم في مأتم مقام على الدوام ؟ وهذا ما يحيل قولي إلى ما يشبه الغناء في مأتم ؟!!!!!!!!!!!!
#علي_شبيب_ورد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتخابات اتحاد الغرباء في ذي قار
-
أبطال ما بعد الحفرة
-
حرية الصحافة العربية
-
( قصيدة ( صيادون
المزيد.....
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|