|
خطة شارون – نتنياهو الاقتصادية عمّقت فجوات التقاطب الاجتماعي
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1177 - 2005 / 4 / 24 - 10:56
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
تقرير مؤسسة التأمين الوطني: خطة شارون – نتنياهو الاقتصادية عمّقت فجوات التقاطب الاجتماعي عشية عيد الفصح اليهودي الذي يصادف بعد غد الاحد 24/4/2005 نشرت مؤسسة التأمين الوطني تقريرها السنوي عن حالة الوضع الاجتماعي في اسرائيل في العام الفين واربعة وخاصة عن حالة الفقر في اسرائيل. ومعطيات هذا التقرير تعتمد بالاساس على معطيات دائرة الاحصاء المركزية. ولعل نشر هذا التقرير، بمعطياته الصارخة كما سنرى لاحقا، عشية بدء الاعياد اليهودية بعيد الفصح الذي يرمز الى "الحرية" حسب المعتقد الديني اليهودي، قد جاء كنذير صارخ يعكس حقيقة ان البهجة بالعيد لن تدخل بيوت وقلوب مئات الالوف من الجماهير الواسعة من المحتاجين والفقراء الذين حرمتهم سياسة السلطة الاقتصادية – الاجتماعية من امكانيات توفير "حرية" العيش الكريم بشكل انساني. قد يسأل البعض ان مؤسسة التأمين الوطني تنشر بين حين وآخر، بشكل مرحلي وقبل صدور التقرير السنوي، المعطيات عن حالة الفقر وتدهور الاوضاع الاجتماعية في اسرائيل، فما هو الجديد الذي يتضمنه تقريرها الجديد بمعطياته الى درجة تقييم مدى اهميته؟ برأيي، ان الجديد البارز في التقرير الجديد عن حالة الفقر في اسرائيل، الذي يكتسب اهمية كبيرة من حيث مدلولاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هو انه لاول مرة في تاريخ اسرائيل منذ قيامها وحتى يومنا هذا توجه مؤسسة حكومية رسمية اصبع الاتهام الى السياسة الاقتصادية – الاجتماعية الحكومية المنتهجة متهمة اياها بشكل صريح وواضح، وبدون تأتأة انها قادت وتقود الى توسيع الفوارق الاجتماعية والى تعميق حدة التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء في المجتمع الاسرائيلي، فالاغنياء يزدادون ثراء والفقراء يزدادون عددا وبؤسا وفقرا. ويوجه تقرير مؤسسة التأمين الوطني بمعطياته سهامه الاساسية الى الخطة الاقتصادية التي تنتهجها حكومة شارون – نتنياهو، الى السياسة النيوليبرالية المنتهجة. فعندما طرحت هذه الخطة وبوشر بتنفيذها ابتداء من شهر حزيران/ يونيو الفين واثنين، ادعى وزير المالية، بنيامين نتنياهو في حينه، انها خطة ستقود الى التنمية الاقتصادية والى انعاش الاقتصاد الاسرائيلي من حالة الجمود والركود العميقين! واعتبر نتنياهو ان اجراء اصلاح ضرائبي خاصة في مجال ضريبة الدخل، في مركزه تخفيض العبء الضرائبي، احد الوسائل الناجعة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية! ووفقا لهذا الاصلاح الضرائبي سينخفض عبء ضريبة الدخل حتى العام الفين وستة بتسعة مليارات شاقل! وكيف تجسد هذا الاصلاح على ارض الواقع خلال السنوات الثلاث الماضية من ممارسته؟ لقد خفضت حكومة شارون – نتنياهو العبء الضرائبي عن ارباب الرأسمال الكبير الذين يتربعون على عرش العشر الاعلى في رأس سلم المداخيل، اذ خفضت نسبة ضريبة الدخل في الدرجة العليا من سلم الضريبة من 61% الى 45% وتحت يافطة تشجيع الانتاج والتصدير الاسرائيلي. وحسب معطيات مؤسسة التأمين الوطني فانه نتيجة لهذا الاصلاح ربح ارباب الرأسمال في العُشر الاعلى من سلم المداخيل ما مقداره خمسة مليارات شاقل من التسعة مليارات، اما العُشرين التاسع والثامن فقد ربحا من الاصلاح (خلال نفس الفترة من الفين واثنين الى الفين وستة) مبلغ مليارين ونصف المليار شاقل! وبالنسبة لذوي المداخيل الدنيا في سلم ضريبة الدخل فان مستوى دخلهم المنخفض والهزيل لا يصل الى الدرجة الدنيا من درجات سلم ضريبة الدخل، ولهذا لا يدفعون الضريبة اصلا، ولهذا فالاصلاح الضرائبي لم يحسن من دخلهم المعيشي والاجتماعي. ومن هنا يمكن التأكيد بان الاصلاح الضرائبي المذكور جاء لخدمة مصالح الاغنياء وكان ولا يزال عاملا كبيرا في تصعيد حدة جدول عدم المساواة الاقتصادية في اسرائيل. قبل مئات السنين ابدع الخليفة الراشدي علي بن ابي طالب مقولة تعبر بمثابة حكمة تجسد الواقع الحقيقي في المجتمع الطبقي، في ظل نظام الاستغلال الطبقي، عندما قال: "ما مُتع غني الا بما جاع فقير"، وهذا ما تؤكده اليوم معطيات مؤسسة التأمين الوطني. فمقابل الارباح التي جرفها الاغنياء، خمسة مليارات شاقل،من جراء الاصلاح الضرائبي لحكومة شارون – نتنياهو، فان حكومة التمييز الطبقي – الاجتماعي خفضت خلال السنوات الثلاث الماضية، من سنة الفين وواحد الى سنة الفين واربعة، مخصصات التأمين الوطني التي تدفع للمحتاجين، بمقدار اربعة مليارات شاقل. فخلال السنوات الثلاث الماضية خفضت مخصصات الاولاد بحوالي اربعين في المئة ومخصصات البطالة بنسبة اثنين واربعين في المئة ومخصصات الشيخوخة وضمان الدخل كل منهما بنسبة عشرين في المئة. وهذا يؤكد ان سياسة الحكومة الاقتصادية – الاجتماعية مبنية علىالاقتطاع من لقمة عيش الفقراء والمحتاجين لتقديمها على طبق من فضة الى الاغنياء لزيادة ارباحهم. وقد ولدت مثل هذه السياسة الاجرامية تعميق وتوسيع الفجوات الاجتماعية بين الاغنياء والفقراء بنسبة 2,4% حسب معطيات التقرير كما انها أدت الى زيادة عدد الفقراء و"سكان" تحت خط الفقر. فنتيجة لخطة الحكومة الاقتصادية قذف في سنة الفين واربعة الماضية الى هاوية الفقر مائة الف فقير اضافي جديد. كما انه حسب التقرير المذكور بلغ عدد من يعيشون تحت خط الفقر من ابناء العائلات العمالية في العام الفين واربعة اكثر من خمسمائة وستة وعشرين الف انسان في اسرائيل، واذا اخذنا بالاعتبار عائلات زبائن مخصصات التأمين الوطني فان عدد الفقراء وضحايا حياة تحت خط الفقر يبلغ اكثر من مليون وثلاثمائة الف ضحية. وبهذا تتبوأ اسرائيل المكان الاول من حيث نسبة الفقراء بين العدد الاجمالي للسكان في الدولة. فقد بلغت نسبة الفقراء في العام الفين واربعة الماضي اكثر من 21% من مجمل عدد سكان اسرائيل، وبين الاقلية القومية العربية في اسرائيل 46,8% كما بلغت نسبة الاطفال الفقراء 26% ، فكل طفل يهودي رابع فقير وكل طفل عربي ثاني من مواطني اسرائيل فقير. ومثل هذه النسبة العالية من الفقراء لا توجد في اية دولة اوروبية صناعية التي تعتبر اسرائيل الرسمية نفسها في خانة جدولها. الدولة الوحيدة من بين الدول الصناعية المتطورة التي سبقتها اسرائيل في "منافسة الفقر" هي حليفتها الاستراتيجية في الجرائم والعدوان – الولايات المتحدة الامريكية حيث تبلغ نسبة الفقراء فيها 19,8% . كما تسبق اسرائيل الكثير من من الدول الصناعية المتطورة في نسبة البطالة التي تبلغ 10%، حسب التقارير الرسمية، ولكنها في الواقع تتعدى الـ 11%، اذا اخذ بالاعتبار من لا تشملهم التقارير الرسمية من العاطلين عن العمل الذين لا يتسجلون في مكاتب العمل او ابناء القرى الصغيرة اوالنساء اللواتي يقبعن في بيوتهن منذ سنوات طويلة عاطلات عن العمل، خاصة النساء العربيات. مع اهمية تقرير مؤسسة التأمين الوطني، الا انه لا يتطرق بشكل مباشر او غير مباشر الى عامل هام آخر له تأثيره السلبي على الحالة الاجتماعية والوضع المعيشي للفئات الاجتماعية المسحوقة. ونقصد تأثير السياسة الخارجية التي تمارسها حكومة شارون – نتنياهو على الوضع الاجتماعي الداخلي، تأثير سياسة العدوان والاحتلال والاستيطان ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة التي تبتلع اكثر من نصف الميزانية في باب النفقات وعلى حساب التقليص التدريجي من ميزانيات الخدمات الشعبية، الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي ونسف ما يسمى "بدولة الرفاه" بوتائر سريعة مما يعمق اكثر حالة الفقر وصعوبة المعيشة لدى الفئات الاجتماعية المسحوقة من ذوي الدخل الهزيل المحدود. الامر الذي يعكس اهمية الربط العضوي في المعركة الكفاحية، السياسية الجماهيرية، بين المعركة من اجل العدالة الاجتماعية وضد سياسة الافقار الحكومية المنهجية وبين المعركة لزوال الاحتلال وانجاز الحق الفلسطيني المشروع بالدولة والقدس والعودة كشرط لضمان الامن والاستقرار، فبدون استقرار سياسي من الصعوبة بمكان توفير استقرار اقتصادي اجتماعي. ومعطيات تقرير مؤسسة التأمين الوطني بمثابة صرخة تناشد الجماهير، وخاصة ضحايا سياسة التمييز والافقار السلطوية، ان هيّا على تصعيد الكفاح لتغيير هذا الواقع المأساوي، الذي لا يمكن التخلص منه بدون التخلص من السياسة التي تنتجه ومن القوى التي تتبنى مثل هذه السياسة، سياسة افقار الفقراء واغناء الاغنياء، سياسة النيوليبرالية الكارثية.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مدفع نمر وصمدة ذيبة
-
طَرْش العنصريين وصمة عار للرياضة
-
رمانة أم الفهد عصيّة على الموت
-
في ارجوحة المخططات التآمرية التصفوية: ألصراع على الحق بالوطن
-
يوم الأرض مش يوم خبيصة
-
ماذا تمخّض عن قمة الجزائر؟
-
بعد سنتين من احتلال العراق: لا بديل لإنهاء الاحتلال الانجلوا
...
-
الصمود والوحدة والتضامن
-
عنزة ولو طارت
-
على ضوء لقاء الاحزاب الثلاثة في عمان: مبادرة الانطلاقة
-
حين يلعب الاحتلال بالقانون الدولي!
-
ألقاموس الثقافي- لاستراتيجية الهيمنة الامريكية – الاسرائيلية
-
المجلس القطري للحزب الشيوعي الاسرائيلي: قضايا ومهام من منتج
...
-
لإزاحة غمامة الشؤم الكارثية من سماء المنطقة
-
هل تخرج جريمة اغتيال الحريري من اطار مخطط العدوان الاستراتيج
...
-
في مؤتمره السابع عشر ألحزب الشيوعي اليوناني يطرح استراتيجية
...
-
ألانتخابات العراقية في موازنة الواقع وآفاقه
-
-حليمة تواصل عادتها القديمة-!
-
شارون والمختار العربيد
-
ما هو المدلول الحقيقي لتعيين الامريكي ستانلي فيشر مديرًا لبن
...
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|