|
بدون مؤاخذة-الفتنة القائمة في سوريا
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 4098 - 2013 / 5 / 20 - 11:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقول تعالى: "وَاتَّقُوا فِتْنَة لَا تُصِيبَن الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب" وقد أثبتت الأحداث الدامية في سوريا منذ آذار-مارs- 2011 وحتى يومنا هذا أن عربان ومتأسلمي الناتو لم يتقوا الله في سوريا وشعبها، ولم يتقوا نيران الفتنة التي أشعلوها في سوريا، ولم يحسبوا أن نيرانها قد تصل شعوبهم وأقطارهم، فقد كان دورهم هو تحقيق أجندات أجنبية لا يتعدى دور بيادق على طاولة الصراع الذي أحرق الأخضر واليابس فس سوريا، فدمر مدنها وقراها ومصانعها، وقتل عشرات الآلاف من شعبها واستنزف جيشها وشرد الملايين من أبنائها. بالتأكيد أن النظام السوري له أخطاؤه، وقد كان أولى هذه الأخطاء هو توريث الرئاسة، في نظام جمهوري يحكم بحزب هو حزب البعث العربي الاشتراكي، وكأن الحزب ومن خلفه الشعب السوري عاقرون ولا يستطيعون انجاب رئيس للبلاد الا من خلال أسرة واحدة. وهذه الخطيئة يشارك فيها الحزب الحاكم أيضا. لكن الفتنة القائمة في سوريا لا تستهدف تغيير الرئيس فحسب، بل تستهدف سوريا وشعبها وجيشها، واقتصادها ومقدرتها وتحالفاتها الاقليمية والدولية، فالحديث عن تقسيم سوريا لم يعد يقتصر على مخططات خلف الكواليس، بل أصبح متداولا في وسائل الاعلام، وعلى ألسن قادة وسياسيين من دول معادية. ولا أحد يستطيع أن ينكر دور الجامعة العربية في تأجيج نار الفتنة القائمة في سوريا منذ بدء الأزمة وحتى الآن، وبدلا من محاصرة النيران واخمادها فقد قام عدد من دول الجامعة بالتنسيق مع جهات أجنبية لتزويد من يدمرون سوريا ويقتلون شعبها بالمال والسلاح، ولم يرفّ جفن لناطق باسم المعارضة السورية عندما ظهر على التلفاز الاسرائيلي مباركا القصف الاسرائيلي لمنشآت عسكرية سورية، مما يشير الى توجهات من يزعمون أنهم ثوّار، ويؤكد من جديد أهداف مخططي الحرب الأهلية في سوريا، وهو انهاك سوريا وجيشها واخراجها من دائرة الصراع العربي الاسرائيلي تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني التوسعي، وفرض هيمنة اسرائيلية على المنطقة برمتها. واذا كان النظام العربي الرسمي قد رهن ارادته لجهات امبريالية لا تسعى الا لتحقيق مصالحها على حساب دول وشعوب المنطقة، فإن المتأسلمين الجدد لم يخرجوا عن نفس الاطار وان رفعوا شعارات مختلفة، والمتأسلمون الجدد لم يتعلموا من تاريخهم ولا من تاريخ غيرهم، ولا من تاريخ أم~تهم، فبعد الحرب الكونية الأولى وهدم دولة الخلافة، وتجزئة العالمين العربي والاسلامي الى دويلات متناحرة، انضم المتأسلمون الجدد الى القوى الاستعمارية في محاربة الاتحاد السوفييتي، واعتبرتهم تلك القوى"الجدار المنيع في التصدي لخطر الشيوعية”، وصدقوا أنفسهم، وتفانوا في خدمة المشروع الغربي دون حسابات للنتائج، وعندما انهار الاتحاد السوفييتي ومجموعة الدول الاشتراكية في بداية تسعينات القرن الماضي، ارتأت الامبريالية الغربية أن عدوها القادم هو الاسلام والمسلمون، ولم ينتبه المتأسلمون الجدد لذلك، وان انتبهوا فانهم لم يفهموا ولم يستوعبوا ما يُحاك لهم. لذلك برز اسلام أردوغان وصفق المتأسلمون الجدد له مع علمهم المسبق أن تركيا عضو رئيس في حلف الناتو، وحليف استراتيجي لاسرائيل، وكأن وصول أردوغان للحكم في تركيا، ووصول الاخوان المسلمين للحكم في مصر قد أكمل مع باكستان أضلاع المثلث"الاسلامي" المخطط له للهيمنة على المنطقة تحت العباءة الأمريكية. ولتأمين الاستقرار لهذا المثلث لا بدّ من تدجين سوريا، أو تدميرها وتقسيمها، وسيتبع ذلك تقسيم لبنان، وبعض الدول العربية الأخرى الداعمة للحرب الأهلية في سوريا، تمهيدا لتنفيذ "مشروع الشرق"الأوسخ" الجديد، وواضح أن بعض القادة العرب لم ينتبهوا لما قاله القذافي في نوبات غطرسته وجنونه عندما تساءل في مؤتمر القمة العربية بعد اعدام الرئيس العراقي صدام حسين، "على من سيكون الدور القادم"؟ ولم يكن يعلم أن الدور سيكون عليه هو نفسه، تماما مثلما أن بعض التنظيمات والأحزاب المتأسلمة التي تقاتل وتدمر وتقتل في سوريا، لم تتعلم من تاريخ سابقاتها كتنظيم القاعدة، التي أسستها وموّلتها وسلحتها دول عربية وغربية لمحاربة السوفييت في أفغانستان، وعندما انتهى دورهم انقلبوا على سادتهم كما انقلب سادتهم عليهم، فجرت مطاردتهم ومحاربتهم، لكن التاريخ سيسجل أن المتأسلمين الجدد لم يشحذوا أسلحتهم، ولم يعلنوا "جهادهم" إلّا على دول وشعوب اسلامية، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول من يقف وراءهم، وكيف يستغلون حماس شباب لا يعي أمور دينه ولا أمور دنياه ليكونوا وقودا لحروب خاسرة. ولقد بات واضحا أن الحرب القذرة الدائرة رحاها على الأرض السورية لن تحسم عسكريا لصالح أحد، واذا ما استمرت فقد تؤدي الى تقسيم سوريا، وهذا ما لا يتمناه عربي عاقل، فهل يستجيب من يملكون مفاتيح الحلّ والربط لنداء العقل بالجلوس على طاولة الحوار وتطويق الفتنة القاتلة، وليتفقوا على أن صندوق الاقتراع هو من سيفرز الرئيس القادم، وطبيعة النظام القادم؟ فما جرى ويجري في سوريا من دمار وتخريب وقتل يفوق التصور. 20-5-2013
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدون مؤاخذة-التمثيل بالجثث
-
رواية 6000 ميل في ندوة مقدسية
-
بدون مؤاخذة- للغة دلالات وتيهنا اللغوي
-
رواية 6000ميل والبحث عن الذات وعن الجذور
-
من عادات الشعوب -فاكهة الطيور- بقلم:جميل السلحوت
-
من عادات الشعوب بقلم:جميل السلحوت
-
رواية برد الصيف في اليوم السابع
-
ديمة السمان شخصية القدس الثقافية للعام 2013
-
بدون مؤاخذة-الأقصى خط أحمر
-
اليوم السابع تناقش ديوانين شعريين لسوسن غطاس
-
بدون مؤاخذة- ودّع أهلك...
-
عندما تحلق سوسن غطاس في فوضى الذات ومتاهات الدّنى
-
بدون مؤاخذة-سامر العيساوي وزملاؤه -عرب طيبون-
-
-خطوات على الثلج- في اليوم السابع
-
بدون مؤاخذة- تقبلوا العزاء بأمتكم يا أسرانا
-
نقاش لا برّ لمن لا بحر له في اليوم السابع
-
بدون مؤاخذة-عولمة الثقافة باسم الاسلام
-
ثنائية ديمة السمان الروائية في اليوم السابع
-
نقاش -سباحة بين الحروف-لكاملة بدارنة في اليوم السابع
-
بدون مؤاخذة- ما يجري في مصر مخيف
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|