أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل خليل الحسن - انكشاف الباطنية















المزيد.....

انكشاف الباطنية


اسماعيل خليل الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 23:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أريد تعريف الباطنية لغة ومفهوما ولكنّي سأذهب مباشرة إلى مفهومها الدارج وهو دخول بعض الطوائف في مرحلة الستر أي ستر عقائدها والتمظهر بوشاح عقيدة الآخر وممارسة بعض طقوسه بغية تأجيل الصدام مع هذا الآخر والتعايش معه.
لقد مرّت بعض الطوائف بمرحلة الستر بسبب استقالتها من مواجهة خصم عنيد ممسك بتلابيب السلطة والقوّة معا. وبعد خضمّ صراع طويل تبدّى لطرفي الصراع أن التعايش هو السبيل الأفضل لاستمرار الحياة.
فالباطنية والباطنية المضادة كانتا بمثابة صمّام أمان لنزع فتيل النزاع وتأجيل العمل بالعقد المذهبية والتاريخية, كما إنها تؤجل صعود الشحن الغريزية في المذاهب للمصلحة العقلية التي تطلبها الحياة بأن يقبل الطرفان الأقلوي والأكثري بعضهما دون المحص في ماهية كل منهما.
قلت إن الشحنة الطائفية هي حالة غريزية تتمترس وراء معتقد قديم قد لا يكون موثقا توثيقا تاريخيا علميا, بل هو مجرّد هلوسات تاريخية يتحكم من خلالها الأموات بالأحياء, والطائفية كحالة غريزية يتحكم بها شعور الغلبة فإن لم تكن غالبا فأنت مغلوب بالضرورة, وتلك النظرة تفضي إلى الاحتراب الديني والمذهبي الذي هو من أسوأ الحروب قاطبة لأنه يجيّر الطائفة برمتها في أتون حرب تخدم القلّة التي تتحكم بالصراع وتجّر لها العوام والفقراء والجهلة من الطائفة الذين توهّموا أنهم يقاتلون من أجل وجودهم التاريخي والعقيدي لا من أجل تلك الفئة من رجال السلطة والدّين الذين يخدمهم سفك الدماء, ولم لا؟ ألا يلقي الآخرون بأنفسهم إلى التهلكة من أجلهم؟ بينما يتنعمّون هم بالسلطة والثروة ويتحوّلون إلى رموز كهنوتية!
الطائفية كحالة غريزية يتحكّم فيها شعور الغلبة, فإن لم تكن غالبا فأنت مغلوب بالضرورة, وهي نظرية تفضي إلى الصدام والحرب ولو بعد حين, والعكس حين يجنح مجتمع الطائفة الى تحكّم العقل فهي تتخلّص من طائفيتها وتتفوّق على نفسها وتندمج في الحياة المدنية دون الذوبان في الآخر, فالحل لها وللآخرين هو سلوك طريق التمدّن لا التمديُن.
لقد حاصر البروتستانت بابا روما في ردهات قصر الفاتيكان وكادت أن تودي به طلقة من ثائر بروتستانتي, وجرى التنكيل بالقساوسة والراهبات الكاثوليك, وعلى دويّ مدافع الحروب الأهلية سقط النظام الطبقي الذي كان قائما لتبدأ مرحلة التوحيد القومي بصعود البورجوازية حاملة فكرا جديدا في أوروبا ونظاما طبقيا جديدا.
في سوريا عندما أمّنت سلطة طائفة الأقلية الغلبة هتكت سترها وأعلنت عن ذاتها عبر ممارسات طائفية صريحة, رغم الطلاء القومي والممانع والمقاوم الذي لم يكن ينطلي على الجميع, لقد سقطت تلك السلطة في الأخطاء التاريخية نفسها التي كانت تأخذها على تاريخ الآخرين من حيث العسف والتنكيل, لقد نزعت عنها قناع الباطنية وأخذت تعبّر عن ذاتها صراحة من خلال الممارسة ولكن باستفزاز أدى إلى خضات وجولات عنفيّة خرجت منها منتصرة فازداد تغوّلها إلى أن فاض الكيل وحصدت ما زرعت ثورة وحربا ضروسا لا يعلم إلا الله أين ستنتهي.
ينظر العقل الطائفي إلى التاريخ نظرة إرادوية فهو في الماضي صراع إرادات وفعل أشخاص وتدبير مؤامرات, لكي لا يجيب على التساؤل المشروع: لماذا كسب (م) معركة الاحتفاظ بالسلطة ولم يستطع (ع) فعل ذلك؟ ولماذا استفاد (م) من الشروط الموضوعية بينما لم يحسن(ع) إدارة الصراع وكسب الجائزة؟
إن الشعور الأكثري أو الأقلوي يصبح غريزيا إذا نمّ عن عقد أيديولوجية أو تغطّى بشعارات أيديولوجية فيحط ّمن شأن المجتمع والدولة, لتتحوّل إلى سلطة أو عصبة حاكمة, وبما أنها أقلية فإنها ستكون استبدادية بالضرورة ويكون مجالها الحيوي ممارسة السياسة والحكم لإخضاع الآخر وليس إقناعه حيث لا يمكن الركون إلى الرضا خارج محيط دائرة الطائفة.
وبما أنها أقليّة فستبحث عن سند خارجي يدعمها في مواجهة مجتمعها لأنها تعيش في حالة انعدام ثقة مع الجميع وهذا ما يفسر تسليم النظام السوري قراره لروسيا وإيران حيث وجدتا فيه ضالتهما: نظام ضعيف اجتماعيا يديرون من خلاله مشكلاتهم مع العالم.
لكن مفهوم الأكثريّة والأقليّة يصبح رافعا ومصعدا للمجتمع نحو التمدّن عندما يصبح مفهوما سياسيا حيث تتمثل الطوائف في الأكثرية السياسية أو الأقلية على قدم المساواة سواء كانت أحزابا أو موالاة أو معارضة ويختفي التمييز على أساس العرق كلما تعمّقت التجربة السياسية وتراكمت خبراتها وتشرّشت جذورها في المجتمع.
لم ينس الكاثوليك والبروتستانت التاريخ بما فيه من حروب ومذابح, لكنهم تناسوه لصالح بناء المجتمعات فهم يعيشون باطنية إيجابية فكان العمران ثمرة لها, وحين تكون الباطنية سلبية ستكون ثمرتها الخصومة والاحتراب.
كان ينبغي على الشعور الأقلوي ألا يكون سلبيا فيتخلّى عن باطنيّته ويخرج أحقاده التاريخية باعتبارها ملاذه الأخير حيث كانت فترة التجهيل والتثقيف للأجيال طويلة وكافية لغرس فوبيا تجاه الأكثرية وأن لا حياة لهم إلا برد الفوبيا إلى نفوس تلك الأكثرية ولو أدى ذلك إلى تدمير البلاد والمجتمعات واقتراف المجازر والممارسات الساديّة فتدخل البلاد عندئذ في حلقة معيبة من العنف والعنف المضاد وربما الحرب الأهلية أو التقسيم والتفتيت الذي هو الملاذ الأخير لوقف رحى الحرب والتدمير عن الدوران وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
أرى في ختام المقال أن أهمس بألم وعتب على إخواننا العلويين الذين تقاسمنا وإياهم رغيف الخبز في سجون حافظ الأسد:
كنا نراهن على اليسار العلوي ألا يقف مكتوف اليد لكنه بدا عاجزا كليا وبعضه التحق بالنظام متنكرا لمبادئه بحجة أن في المعارضة تكفيريين. لقد سقط اولئك في الامتحان كما سقط دعاة الفكر المتحوّل في التاريخ العربي باعتباره يمثل التقدّم في هذا الفكر في مواجهة الثابت في التاريخ الذي هو العقل السنّي. لقد تمخّض العقل المتحوّل عن شبيحة أين منهم التكفيريين؟ ومن يضاهيهم في الوحشية والمغالاة, ونسأل لماذا يدفع أصحاب تلك النظرية الغالي والرخيص من أجل الذهاب إلى دول الخليج التي بنت من خيم مدنا تضاهي لندن وباريس بينما حول الشبيحة المدن إلى خيم بعد أن ماتت اقتصاديا وحضاريا قبل أن يسرفوا بتدميرها واقعيا, فمن يمثّل التحول ومن يمثل الثبات؟ ولماذا يحن المجتمع السوري اليوم إلى ثبات الخمسينات من القرن المنصرم ؟ حيث لم يكن فيه القادة السياسيون استثنائيين وضرورة بل كانوا أناسا عاديين وقد يتلقون ضربا بالنفايات من جمهور غاضب متذمّر لكنهم لم يرتكبوا المجازر بحقه.



#اسماعيل_خليل_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا: السلطة المعبودة والدولة المقهورة
- هل صيغة لا غالب ولا مغلوب صالحة للوضع السوري؟
- مبادرة للحوار الوطني في سورية
- سوريا: نحو هبوط آمن للوطن
- مصر المحروسة: أدخلوها بسلام آمنين(نوستالجيا)
- هل انطلقت ثورة الشباب العربي؟
- هنيئا للبشير بانفصال السودان
- ما لم يقله أبو الطيب المعري
- الواطي
- أنشودة الملل
- من يتذكر البيرسترويكا ؟
- جمر الكلمات
- حكاية سقطت سهوا من ألف ليلة وليلة
- يوميات السجن هو شي منه شاعراً
- ملامح من الفكر النقدي عند ياسين الحافظ ( منهج الشلف التأويلي ...
- لمحات حول المرشدية
- شهوة الشعار
- عودة الروح القدس إلى دنيا الكروب
- البغل والناعورة
- ما بين التكفير و التخوين شعرة: في السجال حول مقالة ياسين الح ...


المزيد.....




- اتفاق وقف إطلاق النار بين -حزب الله- اللبناني وإسرائيل يدخل ...
- مباشر: بدء سريان هدنة لمدة 60 يوما بين إسرائيل ولبنان بعد أش ...
- اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين إسرائيل وحزب الله يدخل حي ...
- بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل
- ترحيب دولي باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
- بيان أمريكي عن قصف -منشأة لتخزين الأسلحة- تابعة لجماعة موالي ...
- مسؤول أمريكي: لم نهدد إسرائيل بوقف تزويدها بالأسلحة
- محكمة أمريكية ترفض قضية وثائق ترامب السرية
- فينر: نأمل أن يخلق اتفاق وقف النار في لبنان مساحة للتوصل لات ...
- بوتين: روسيا وكازاخستان تحميان تجارتهما من خلال التحول إلى ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل خليل الحسن - انكشاف الباطنية