أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - الحرية والإغتراب














المزيد.....

الحرية والإغتراب


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 02:08
المحور: الادب والفن
    


نحن ننتمي إلى الثقافة العراقية ، وتطور اللغة والفكر والوجدان في العراق . لكننا لا ننتمي للعراق كمواطنين ، لا نعيش فيه ، ولا نحمل أوراقه الثبوتية ، ولا نتأثر بشكل مباشر بظروفه و طقوسه . نحن نعانيه بصفته جزءا من تكويننا ككتاب مغتربين ، جزءا من عذابنا و جوهر ذاكرتنا الرمزية والجمالية كمثقفين فقط . ربما نكون قارب نجاة الحقيقة ، والصدق ، حين تكون الظروف هناك ، لا تسمح بالفكرة الشجاعة بسبب القمع . ربما نحن كريات الدم البيض المتبقية في جسد العراق المريض الهالك . نمتلك اغترابا برجوازيا ، وكآبة فقراء ، و نعاني أوجاعاً فلسفية لا يمكن تفسيرها بلا طفولة ، و لا عراق و لا لغة عربية .ربما بدافع الوجود ، والحنين ، والإبداع الفني نمارس هذه القدرة الخلاقة العجيبة ، التي هي الإبداع والتفكير الحر الوطني و الكتابة . لا هدف لنا سوى جوهر الكتابة نفسها . الغربة منحتنا الإنعتاق من الجاذبية ، و فيزياء الواقع ، نعيش حرية و خيالا باستمرار . قد تعصف ببلادي حرب أهلية ، وقد يسقط عليها نيزك أسود ، قد يبتسم الله يوما بوجهها فيبرد التاريخ ، ويمتليء دم العراق بالأمل والأوكسجين النقي ، قد يولد المستقبل بين ذراعيّ امرأة عراقية يوما . هذا كله لا يُغَيّر من مصيري ككاتب . لأن هدفي الوحيد هو الموت حتى الكتابة ، والكتابة حتى الموت . ربما مشكلتي ، لا علاقة لها بما يحدث اليوم في العراق ، ربما هي متعلقة بإبادة الخوارج ، أو بالدعوة الصفوية ، أو بأخوان الصفا والمعتزلة . إن الزمن الذي نتذكره هو موضوع الكتابة ، حتى لو كان في حالة لا وعي مطلقة . ومهما كان الواقع جميلا ، يبقى حلم الإبداع في صناعة واقع آخر ، في حرية كبيرة تجعلنا كالآلهة ، بمعنى كتاباً حقيقيين . حتى الله العظيم ، لم يتجاهل الأبجدية ، بل كتب كتابا . الغريب حقاً ، ونحن نعيش عالما بعيدا جدا ، ومختلفا منذ عقود ، مع هذا ، تجد مَن يتوقع منك الرضوخ في كتابتك لقوانين المجتمع الأبوي ، والمقدس والحرام ، والقمع الشعبي أو الحكومي في بلداننا . رغم أن لائحة العقوبات البدائية لا تشملنا ، ولسنا جزءا منها ولا من منطقها . نمارس على أنفسنا موتا حقيقيا ، بحيث لا يظهر من وجودنا العدمي ، تحت الشمس ، سوى الكتابة واللغة . أنا مجرد كتابة ، لأنني كشخص غير موجود ، كل يوم أُشعل قبري بحرارة الجحيم و أكتب . كما قال السياب :
(( مِنْ قاعِ قَبْرِيْ أَصِيْحْ

حَتّى تَئِنَّ القبور

مِنْ رَجْعِ صَوْتِيْ وَهْوَ رَمْلٌ و ريحْ

مِنْ عالَمٍ في حُفْرَتِيْ يَسْتَرٍيْحْ

مَرْكومَةٌ في جانِبَيْهِ القصور

و فِيْهِ ما في سِواهْ

إِلّا دَبِيْبُ الحياةْ

حتى الأغاني فيهِ حتى الزّهورْ

و الشَّمْسُ إلا أنها لا تدورْ

و الدّود نَخّارٌ بها في ضريحْ

من عالَمٍ في قاع قبري أصيحْ ))
الموتى لا يكذبون ، ولا يكتبون مقابل دولارات ، ولا يريدون شيئا بكتابتهم الجنائزية ، سوى تمجيد الحياة ، والنور ، والحرية . الكاتب ليس جزءا من صراع الحياة ، بل هو حقاً جزء من تمزق الذاكرة الثقافية ، جزء من المستقبل الذي هو الفناء الأخير في الله أو الطبيعة .
......................................
للأمانة والدقة سعدي يوسف يرى أن هذه الحالة من الإغتراب والإنعتاق من الواقع تشمل الشاعر والفنان العراقي الذي يعيش في العراق أيضا . لأنه مختلف و مسافر دائماً عن ما حوله .



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رَحْمَةُ الله
- حلاوَةُ أَقْدامِكُنَّ ، التَّمرُ المچبوس
- الشاعرة العراقية سوسن السوداني
- الشاعر علي محمود خضيّر
- ذاكرةٌ لِشَيْءٍ يَتَكَرَّرُ
- المحاصصة مقترح إيراني في العراق
- حرب القبور و المراقد
- رسالة شخصية إلى هادي المهدي في قبره
- خمسة مايو عيد ميلاد كارل ماركس
- الجمال
- الشيطانة
- الفن / الشعر / الحياة
- ثمن القصيدة
- لا بُدّ من كاتم صوت
- نعم نحن بحاجة ماسة إلى ماركسية و ماركسيين عراقيين
- الوجود / الكتابة / الجحيم
- اليسار السوري واللعبة الطائفية
- الغطس الدائم تحت تراب العراق
- السوريون لا ينتظرون البرابرة
- نهاية التاريخ


المزيد.....




- فيلم -ماينكرافت- يتصدر شباك التذاكر ويحقق أقوى انطلاقة سينما ...
- بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافق ...
- انتقادات تطال مقترح رفع شرط اللغة لطلاب معاهد إعداد المعلمين ...
- -روحي راحت منّي-.. أخت الممثلة الراحلة إيناس النجار تعبّر عن ...
- -عرافة هافانا- مجموعة قصصية ترسم خرائط الوجع والأمل
- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...
- بعد انتهاء تصوير -7Dogs-.. تركي آل الشيخ يعلن عن أفلام سعودي ...


المزيد.....

- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - الحرية والإغتراب