|
حزب العمال في قنديل .. ملاحظات عامة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4096 - 2013 / 5 / 18 - 18:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عدا بعض ضباط الجيش التركي ، المُستفيين .. وبعض الأحزاب التركية المتطرفة الشوفينية الصغيرة .. فأن لا أحد ، ضِد تكريس السلام بين حزب العمال الكردستاني والنظام التركي . وحتى خارج تركيا .. فأن الكُرد عموماً ، يطمحون الى حَل القضية الكردية في تركيا ، بالطُرق السلمية والوسائل اللاعُنفية . ولكن ما يجري اليوم على الساحة ، من خطوات عملية ، يستدعي العديد من المُلاحظات : - كما يبدو ، فأنه ليسَ هُنالك [ إتفاق مكتوب ] بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني .. وتقول أوساط الحكومة والصحافة التركية ، بأنه لم تَجرِ مُفاوضات [ رسمية ] بين الطرفَين أساساً ! .. بل ان كُل الذي جرى ، هو لقاءات بين المُخابرات التركية ، والزعيم المُعتَقل " عبدالله أوجلان " .. وإتفاقهما على سحب مُقاتلي حزب العمال ، من الأراضي التركية ، الى شمال العراق .. كخطوةٍ أولى .. على طريق التفاهُم لحل المشكلة الكردية سلمياً . - من الواضح ، ان إدارة أقليم كردستان العراق ، ولا سيما السيد مسعود البارزاني رئيس الأقليم ، قد لعبَ دوراً في تهيئة الأجواء ، منذ البداية .. في عملية التقارب بين أوجلان والحكومة التركية . - ان المجموعتَين الللتَين وصلتا ، الى أقليم كردستان ، من مُسّلحي حزب العمال ، خلال الأيام الماضية كتنفيذٍ عملي للإنسحاب ، في يومَين مُتعاقبَين .. والتي كانتْ وسائل الإعلام وعدسات الكاميرات ، في إستقبالهم عند نقطة قريبة من الحدود في محافظة دهوك .. كانتا تضُمان ثلاثين عُنصراً .. عشرون من الذكور وعشرة من الإناث .. وتحدثَ مسؤولا المجموعتَين ، قائلَين .. أنهما إستغرقا عدة أيام حتى وصلا الى هنا ، وان ظروفاً مناخية قاسية صادفتْهم ، الى جانب ، إضطرارهم الى الزوغان من ربايا الجيش التركي المنتشرة في المنطقة . كان المُقاتلون يحملون أسلحتهم وعتادهم . من المؤكَد ، ان الإستخبارات التركية ، كانتْ تراقبهم عن كثب ، منذ تحركهم داخل الأراضي التركية ، لحين وصولهم الى جبال قنديل او غيره من المناطق الجبلية . ومن المُتوقَع ان يُسيطر الجيش التركي ، على الأماكن المهمة التي ، ينسحب منها مُقاتلوا حزب العمال وان يُجّفِف مصادر دعم وإدامة نشاط ، مُقاتلي حزب العمال ، في القرى والمناطق الجبلية في تركيا . أي ان مُقاتلي حزب العمال ، سيفقدون عملياً ، البيئة الحاضنة لهم داخل تركيا . وحتى الطُرقات التي يسلكها المقاتلون داخل أراضي الأقليم ، لحين وصولهم الى مقراتهم في قنديل والجبال الأخرى .. فأنها ستصبح تحت رقابةٍ تركية أكثر صرامة من ذي قبل .. لو جرى إنسحاب المقاتلين ، حسب الوتيرة البطيئة الحالية ، فانها ستستغرق أشهراً حتى إنتهاءها ( بمُعدل خمسة عشر مُقاتل يومياً .. فإذا كان عددهم أكثر من ألف مُقاتل داخل تركيا ، فأنهم بحاجة الى ما يقارب الثلاثة أشهُر ) . أعتقد انه لو تمتْ عملية الإنسحاب كاملة .. وتجمع المقاتلون في جبال قنديل والجبال الأخرى المتاخمة ، فأن ذلك يعني : [ نجاح عملية جمعهم في مكانٍ جغرافي واحد ، مما يسهل مُحاصرتهم بإحكام .. وهو بالضبط ما يريده النظام التركي ! ] . قد يكون من الصعب فعلاً ، الإستيلاء عسكرياً على معاقل حزب العمال ، في المناطق الوعرة في قنديل .. لكن سيكون من السهل ( مُحاصرتهم والتحكُم بما يصل اليهم من مواد غذائية وأدوية وعتاد .. الخ ) . - أكثر ما لفتَ إنتباهي ، في التصريح الذي أدلى بهِ قائد إحدى المجموعتَين المنسحبتَين ، حين وصوله الى المناطق الحدودية في دهوك : " ... لم آتي الى مكانٍ غريب .. فهذا وطني أيضاً وهذه تربتي .. ولا فرق بين أجزاء كردستان ...! " . قد يكون هذا الكلام جميلاً ، حين يَرِدُ في قصيدة شعرية أو خطاب سياسي رَنان .. ورُبما يُدغدغ مشاعر الكُرد في كُل مكان .. لكن التمعُن فيهِ بهدوء .. قد يُحّمله معانٍ اُخرى ، بعيدة عن الرومانسية القومية ! . فهذا مُسّلحٌ قادمٍ لكي " يستقر " في جزءٍ من أقليم كردستان .. ( قد يستغرق هذا الإستقرار ستة أشهر أو سنة فقط ، في أحسن الاحوال .. أو رُبما يمتد الى مُدةٍ أطول كثيراً ) . وعادةً تحصل مشاكل عديدة جراء وجود مُسلحين مُنظمين جيداً في منطقةٍ ما .إذ " ماذا سيفعل كُل هؤلاء ، خلال فترة مكوثهم ؟ علماً انهم متعودون على القتال والمواجهة ، ولديهم قابليات كبيرة ، بإعتراف اعداءهم قبل أصدقاءهم ، على تحّمُل الظروف بالغة الصعوبة ، سواء المناخية أو نُدرة المواد الغذائية .. ولهم إستعدادٌ عالٍ للتضحية والمقاومة " .. وعلى إفتراض ، ان السُبُل ضاقتْ بهم ، لأي سببٍ من الأسباب ، ولا سيما .. إذا فرضتْ القوات التركية والمخابرات التركية ، حصاراً جدياً عليهم أو قطعتْ الطريق الواصل من الأقليم الى كردستان سوريا ، وذلك مُحتمَل على الغالب .. فما هو رَد الفعل المُتوقَع من مُسلحي حزب العمال ؟ بالطبع ، ستحصل معارك عنيفة ، على أرض أقليم كردستان ، بين القوات التركية وحزب العمال .. ولن يكون شعب الأقليم ولا حكومة الأقليم ، بمنجى عن النار المندلعة في الدار ! . - إذا إكتظ قنديل وجبالٌ اُخرى .. بأعداد كبيرة من مُسلحي حزب العمال .. وطالتْ فترة بقاءهم بسبب تأخر مُعالجة القضية الكردية في تركيا ، من النواحي القانونية والرسمية [ مثل إجراء تعديلات دستورية مهمة / العفو عن أوجلان / إصدار عفو عام عن مُقاتلي حزب العمال / رفع صفة الإرهاب عن حزب العمال .. الخ ] .. ومن المتوقع ان تتأخر هذه الإجراءات " حتى مع وجود نوايا حسنة " .. رُبما لأشهرٍ طويلة أو حتى سنوات . فَمَنْ يضمن إنضباط كُل هذه المجاميع المسلحة ، ومن يضمن عدم تدخلهم في شؤون الاقليم ؟ - أرى ان القنبلة الموقوتة الخطيرة ، في هذا الملف الشائك .. تكمن في : الإمتدادات " السورية " وتداعياتها . إذ من المعلوم ، ان هنالك دعماً مُتعدد الجوانب ، من الفرع الرئيسي لحزب العمال في قنديل .. لمقاتلي حزب العمال الفرع السوري .. ذاك الفرع السوري ، الذي يمتلك نفوذا حقيقياً على الأرض ، في معظم مناطق كردستان سوريا . في حين ان تركيا تستميت ، من اجل إضعاف دور حزب العمال في سوريا ، بإختلاق المعارك والمشاكل بواسطة جبهة النصرة ، ضد حزب العمال . في هذه النقطة بالذات .. هنالك ما يشبه الإلتقاء ، بين توجهات الحكومة التركية ، وإدارة أقليم كردستان ، ولا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني .. فالديمقراطي يطمح الى لعبِ دورٍ أساسي في كردستان سوريا .. ولن ينجح في ذلك ، إلا من خلال إرباك وإضعاف حزب العمال ! . قد تكون توجهات أحزاب أخرى في أقليم كردستان العراق ، مُختلفة في هذا الصدد .. لكن وجود تنسيق بين الحكومة التركية والحزب الديمقراطي ، يُرّجح كّفة الديمقراطي على هذه الاحزاب . - الإعتراضات الرسمية العراقية ، على دخول مقاتلي حزب العمال الى جبال قنديل ، هي في الواقع " قنابل صوتية " لاتُقدِم ولا تؤخر . وهي للإستهلاك المحلي ولا تعدو كونها مُزايدات في البازار السياسي . فطالما كانتْ سلسلة جبال قنديل ، عاصية على جيش صدام ، ولا سيما في الشتاء .. فلا الطائرات ولا المدفعية ولا الجحافل العسكرية ، إستطاعتْ الإستيلاء على هذه المناطق .. حيث ان القوات الامنية العراقية الحالية ، تعجز في الحقيقة عن حمايةٍ جيدة للمنطقة الخضراء وسط بغداد نفسها ، فكيف ستستطيع القبض على مُقاتلي حزب العمال ؟! . وفي الحقيقة ، فان تركيا ، بِكُل ترسانتها الضخمة ، ودعمها من قبل حلف الاطلسي .. وخوضها لحملات كبيرة خلال السنوات المنصرمة ، وحتى تحت حُكم أردوغان .. فشلتْ فشلاً ذريعاً ، في القضاء على قواعد حزب العمال في جبال قنديل وغيرها .. ولو توّفرَ لها ذلك .. لما لجأتْ الى " التفاهم السلمي " مؤخراً ! . ناهيك عن ، قوات ألحزبَين الحاكمَين في أقليم كردستان ، التي خاضت معارك شرسة ضد مسلحي حزب العمال ، خلال التسعينيات ، ولم تستطع " طردهم " من قنديل والمناطق الاخرى . إذن ان تواجُد مسلحي حزب العمال في قنديل ، هو واقعٌ " مفروض " وليسَ " إختيار " ، حسب وجهة نظري ! . - " الكِبار " الذين يتلاعبون ويتحكمون بمصير المنطقة عموماً .. هُم فقط الذين يعرفون ماذا يجري بالضبط ، ويعرفون ملامح المرحلة القادمة ، سواء في أقليم كردستان والعراق عامة ، وكردستان سوريا وسوريا عموماً ، الى تركيا وإيران . أما مَنْ هُم الكِبار ؟ فالجواب : الولايات المتحدة الامريكية والغرب ، الذين يستخدمونَ المخلب التركي بصورةٍ مُباشرة ، والقبضة الإيرانية بصورةٍ غير مُباشرة .. لترويض المنطقة ورسم خريطةٍ جديدة ! . أما حُكامنا عموما وقادة أحزابنا .. وبغياب وحدة الموقف وبغياب وحدة الكلمة .. ولعدم وجود إستراتيجة موحدة وطنية واضحة المعالم .. فأنهم لايعدون ان يكونوا أدوات وبيادق ، أقصى ما يسعونَ إليه .. هو توسيع نفوذهم هنا وهناك وتكريس مصالحهم الضيقة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
( طالباني ) يوم الدِين !
-
منصب رئاسة أقليم كردستان
-
الجهاز العجيب
-
الأمور المعكوسة
-
أحاديث في التاكسي
-
الثابت والمُتغّيِر .. كُردستانياً
-
الفرق بين يوخنا وشموئيل
-
أبو فلمير
-
العنزة .. والخروف
-
ضُعفٌ وهَشاشة
-
بعض القَساوة
-
التعبُ من فعلِ لا شئ
-
ملاحظات على نتائج إنتخابات مجالس المحافظات
-
العراقيين .. والخيارات الضيقة
-
إنتخابات رئاسة أقليم كردستان
-
تصعيد خطير في - الحويجة -
-
اللعب بالشعوب والأوطان
-
سَفرة ربيعية ، للشيوعيين وأصدقاءهم
-
- السارقون - في دهوك
-
مبروك .. عيد الأربعاء الكبير
المزيد.....
-
ماكرون يطرد 12 موظفا في الدبلوماسية ويستدعي سفير بلاده في ال
...
-
ابنتا بوعلام صنصال تطالبان ماكرون السعي لإطلاق سراح والدهما
...
-
الجميع -هدف مشروع-.. محللة توضح أهمية الفاشر لـ-الدعم السريع
...
-
إسرائيل: لن تدخل أية مساعدات قريبا إلى غزة للضغط على حماس
-
عباس إلى دمشق الجمعة المقبل للقاء نظيره الشرع
-
الداخلية التركية تعلن القبض على 89 إرهابيا يشتبه بهم بالانتم
...
-
إسرائيل تفرج عن 10 أسرى فلسطينيين من قطاع غزة
-
الحكومة اللبنانية تطلق مشروع إعادة تأهيل طريق المطار
-
شاهد.. -سرايا القدس- تعرض مشاهد من قصف استهدف الجيش الإسرائي
...
-
بكين تمدّ جسورًا مع جنوب شرق آسيا
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|