أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - تداعيات سَفْرة














المزيد.....

تداعيات سَفْرة


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4095 - 2013 / 5 / 17 - 11:35
المحور: الادب والفن
    


...عاد أحد أصدقائنا الأعزاء من أول سفرة له خارج البلاد،وكان السفر آنذاك في الستينات من القرن الماضي دليل حب الثقافة و الإطلاع من جهة؛و القدرة المالية من جهة أخرى،فهما شرطانِ للسير مع القافلة..وإلا المقاهي ملاذنا في العطلة الصيفية،و طالما كنّا نشتاق الى هذه النافذة الذهبية التي تزيد من أفق معارفنا و ثقافتنا،وها صديق عزيز يطلّ منها،واشتقنا لرؤيته ليسرد لنا مشاهداته و حكاياته عن هذه الرحلة .. زرناه في منزله و كلّنا في شوق و تلهف لسماع مذكراته و انطباعاته وحديثه الطريف،كانت سفرته لإحدى دول الجوار برّاً..قدّم لنا المرطّبات و فيها نكهة السّفر.و الإبتسامات تعلو الوجوه بسبب و بدون سبب..و هذا من آداب المجالسة .. الهشاشة و البشاشة ..والمهم دخلنا في صلب الموضوع لنسمع ما هو غريب عن بيئتنا العراقية من العادات، و التقاليد، و المشاهد، و المناظر،و هندسة المباني، و التطور في وسائط النقل،و شكل العملة،و طراز المعيشة، و غيرها و هي كثيرة..تنحنح صاحبنا المسافر..ويا ليته لم يتنحنح و باقٍ على صمته في ثوبه الفضفاض، حين سأله أحدنا ..و كان مراد كلِّ الجلساء عمّا شاهده في تلك البلدة خلال تواجده ..و نحن لا نريد منه أن يكون مثل ابن بطوطة في وصفه للبلدان و الأنهار و الدروب،ولا مثل ابن خلدون في سرده للممالك و الأجناس و الحروب،لأني شخصياً لا أتوقع منه ذلك لمستوى ثقافته،و اهتمامه المتواضع بهذا الجانب؛رغم أنَّه يحمل شهادة علمية لا بأس بها..ولكنْ لابّد من ناظريه أن رصدا شيئاً من خلال تواجده لمدة شهر كامل هناك، ما لم نره نحن في بلادنا،و نحن بلهفة لفكِّ الطلسم .. إعتدل في جلوسه وقال بزهو مفتعل:
- لا فرق بين بلدينا..
صمتَ قليلاً .. و نحنُ بانتظار المخاض .. ثم أردف قائلاً:
- ألا أنَّ الكباب لدينا أطيب.
يا ليتني لم أسمع هذه العبارة، صدمتُ.و كأنّ عزيزاً عليَّ قد فارق الحياة حرقاً أو غرقاً في تلك اللحظة..ونحن جلساؤه العشرة،أصاب الذهول بعضنا،و إثنان أو ثلاث منّا قد تحدّثوا معه (مجاملة) على كلامه و لفكّ رمز المعادلة و المناظرة بين (كبابنا و كبابهم)،و أنا أخذتْني الذاكرة بعيداً عن المجلس، حين سألوا أحد مشايخنا بعد عودته من الهند للتنقيب عن بعض المصادر من المخطوطات النادرة لتكملة مشواره العلمي،عن حالة الجو و الطقس هنالك،أجاب:
- لا أعلم بذلك؟
- كيف .. يا شيخّنا الجليل و مكثتَ هناك أشهراً.
- لأنّي لم أكن إلا في المكتبة للبحث و المطالعة،أو في المنزل بين القلم و الدواة للكتابة..
كما تذكرتُ موقفاً مشابهاً لما ذكرنا ..كنّا – أنا و صديقي- في سفرة الى بعض الدول المجاورة و عند عودتنا من تركيا الى البلاد،و ذلك في صيف عام 1980م،و نحن نستقل حافلة من نقليات شركة العزاوي للسفر و السياحة،كنّا وسط الحافلة..وفي المقاعد الخلفية كان ثلاثة من الشيوخ يتحدثون عن الكتب التي اقتنوها من اسطنبول،وطوال الطريق ما بين تصفح للكتب أو التحدث عنها بقراءة العناوين أو الفهارس..وهكذا الى عبرْنا الحدود و نزلوا قرب مدينة الموصل.
وهممنا بالخروج من دار صديقنا المسافر..وقلْتُ لا إرادياً سُفْرة سعيدة ..إبتسم أصدقائي على هذا الخطأ بالحركة (سَفرة - سُفرة)..وابتسمتُ أنا أيضاً معهم لأني لم أخطأ؛و لم يفهموا قصدي!!
- إنّها حقّاً سُفرة و ليست سَفرة..
- آه .. لقد ولجتُ في بحر ثلاثية (السَّفْرَة - و السُّفْرَة – والسَّفَرَة)،و كررْتُ مع نفسي هل وصلَتْ حضارة الإنسان لدى البعض الى درجة لا يميز بين لذّة الكباب،و لذّة الكتاب..ربما نحن الآن نعيش في ثنايا حضارة الكباب..أحدنا يلهثُ وراء الكباب..و الآخر يلهفُ وراء الكتاب !!..و ما أوسع البون بين الإثنين.
مندلي -25/5/1981م



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوره: الغناء الكوردي الأصيل
- حلبجة يا أميرتي الغالية
- مامه دوو كورز - ذو هراوتين
- الكُرسي و القبلةُ المؤجلةُ
- سياحة غراب
- كانَ لي دارٌ هنا في مندلي..
- حلبجة جرح مستدام
- الكورد الفيليون في الركب الثقافي و الحضاري /القسم الأول
- قصيدة بمناسبة عيد المعلم


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - تداعيات سَفْرة