|
قراءة في رواية 6000 ميل لمحمد مهيب جبر
جمعة السمان
الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 18:58
المحور:
الادب والفن
بداية أرى في رواية"6000 ميل" للأديب محمد مهيب جبر"فذكر إن نفعت الذكرى" لكل من عاش النكبة والنكسة وجميع ما عاناه الشعب الفلسطيني من هزائم وويلات ومؤامرات.. وفي نفس الوقت توعية وصمودا وثقافة للجيل الجديد حامل راية التحرير. الغلاف: الغلاف مناسب.. أرى فيه لسان حال الرواية.. طائرا مهاجرا يعود الى أرض الآباء والأجداد. التمهيد: التمهيد كان مقدمة جيدة.. فيها أمل وتفاؤل بالعودة .. وتشجيع للصمود.. وأجاد الكاتب حين أعطى لكل مدينة من المدن الفلسطينية ميزتها.. رام الله والثلج يغطي جبالها في فصل الشتاء.. أريحا مشتى فلسطين وجوها الدافئ حين يجتاح فلسطين البرد وموجات الصقيع.. الخليل وعنبها.. أجواء مواسم قطاف الزيتون الفلسطيني.. كان في هذا التمهيد تعريف بالمدن الفلسطينية.. ومعلومات مشجعة لكل من جهل طبيعة أرض الوطن. قرأت هذه الرواية ولكنها تركت في النفس سؤالا صعبا لم أجد له حلا.. إذا كنا نرث عن الأب والجد المال والعقار.. تُرى هل تُورّث روح الأب والجد التراث والتاريخ الى روح الإبن والحفيد..؟؟ يقول الكاتب أن بطل الرواية بيت مرتنيك أن والده.. أو أي أحد لم يخبره عن أي معلم من معالم مدينة يافا.. مثل برج الساعة .. أو جامع حسن بك.. أو الشوارع القديمة.. مثل شارع العجمي.. أو المنشية.. أو ابو كبير.. ولكن روحه كانت تسير به الى كل هذه المعالم معلما معلما كأنه كان يعيش فيها.. قد يكون خيال الكاتب أوحى له بذلك.. ولكنني عندما أقارن هذا بقصة شاعرنا الكبير أحمد دحبور الذي هُجّر من مدينة حيفا طفلا عام النكبة سنة 1948 ولم يتعرف بعد على أي معلم من معالم مدينته.. لتمر السنون ويتعدى عمره الستين عاما.. ويعلنها متحديا أنه يستطيع أن يعود الى داره في مدينة حيفا دون الإستعانة بأي مرشد أو دليل.. وينجح ويصل الى داره وعيون المحتل الغاصب تملؤها الدهشة قبل ابن المدينة.. والعالم كله لا يكاد يصدق.. ترى هل هناك صلة بين أرض الوطن الأمّ.. وبين الإنسان الذي سوّاه الله من ترابها..؟؟ ترى هل هذه الصلة الخفية التي لا نعرف لها تفسيرا.. هي التي تجعلنا نضحي بالروح من أجل الوطن الأمّ..؟؟. لا أدري ولكنها تكاد أن تكون حقيقة. إن الصراع العربي الإسرائيلي الذي هو محور هذه الرواية .. أرى أنه يتلخص في حوار دار بين بطل الرواية بيت مرتنيك .. وأوري ليفي.. الذي يصرّ على أن الجذور تموت في الأرض أحيانا.. أو تصبح هشة لا حياة فيها.. وستون عاما دون ماء كانت تكفي لتجفيفها.. بينما كان يعارضه بيت مرتنيك متحديا.. الجذور لا تموت يا أوري .. ولا تصبح هشة.. والأمثلة على ذلك كثيرة.. البابليون.. الأشوريون الفنيقيون.. فراعنة النيل وغيرهم كثيرون.. سحقتهم الكوارث.. أو أباد الغزاة جميع سكانها الأصليين.. كما حصل لشعوب المايا.. أو الهنود الحمر.. لكن الحجارة ظلت تشهد أن روح تلك الشعوب لم تغادر أمكنتها..وأنها ما زالت تعيش فيها وعلى أرضها ولو بالنبوءات والأساطير.. أو حتى اللعنات.. وكل حضارة انتهت رسمت صورة بعثها للحياة مرة أخرى في المكان نفسه.. في الوطن نفسه وهذه المدينة بناها الكنعانيون من الألف الرابع قبل الميلاد. ليعود ويتجدد الحوار مرة أخرى حين عاد يتذكر قول أوري ليفي.. لا حقيقة للتاريخ.. فحقائق التاريخ قد تكون أشد ثباتا وأكثر وضوحا.. لكن قوة الواقع قد تغيرها.. أو تزورها.. وما لم يكن بمقدورك إلغاء هذا التغيير أو التزوير.. فما عليك إلا الإستسلام لحقيقة الأمر الواقع.. فلا توجع قلبك بذكريات اندثرت وابتلعها الواقع. لكنه كان للفتاة اليافاوية السمراء رأي آخر مضاد تماما لرأي أوري ليفي حين قالت أن كل ما فعله الإسرائيليون هو أنهم سرقوا وطنا ..ثم خاطوا علما.. وطبعوا جوازات سفر.. وأنشأوا جيشا مدججا بأحدث الأسلحة.. إلا أن الأرض ظلت مكانها.. والسماء والبحر كذلك.. وتعايشنا أعداء.. وجديد الحجارة والإسمنت لم ينجح رغم كل هذه السنين في تغطية قديم الماضي بأصالته وعراقته الفلسطينية نحن ما زلنا فلسطينيين رغم هويتهم الإسرائيلية.. وهم ما زالوا غرباء رغم تناسلهم في بيوت بنوها فوق ما هدموه من البيوت التي سرقوها.. لإخفاء معالم الجريمة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن.. هل حقا أن الواقع يمحو الماضي.. وعلينا ما لم يكن بمقدورنا أن نغير الواقع بالقوة.. أن نستسلم كما قال أوري ليفي.. لأن القوة هي سيدة الموقف في جميع المتغيرات التي حدثت على مدى عمر التاريخ.. وأنه بات علينا أن نعمل بقول الزعيم عبد الناصر "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".. أم أن الحكاية لا تزيد عن أنهم سرقوا وطنا.. وخاطوا علما .. هل الموضوع بهذه السهولة؟.. وأننا نحن من أعطى القضية أكبر من حجمها بكثير..؟؟كما فعلت جميع الدول العربية .. حين كان الذي يسمى اليوم بجيش الدفاع الإسرائيلي مجرد عصابات.
#جمعة_السمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظات حول رواية -هوان النعيم-.. للكاتب جميل السلحوت.
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|